أخبار وتقارير

قصة تجربة أكاديمية في تدريس اللغة الصينية بالجامعات والمدارس العربية

في تتويج لا ينفصل عن مساره في تعليم اللغة الصينية بالجامعات العربية، فاز الأكاديمي المصري حسانين فهمي، أستاذ اللغة الصينية والترجمة المشارك في جامعة الملك سعود، بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، في دورتها السابعة العام الماضي.

ونال «فهمي»، الجائزة عن ترجمته لكتاب «ثقافة الطعام الصيني»، لمؤلفه شيه دينغ يوان، والصادر في جزأين عن المركز القومي للترجمة في مصر.

تأسست الجائزة القطرية في الدوحة، في العام 2015، كجائزة عالمية يشرف عليها مجلس أمناء، ولجنة تسيير، ولجان تحكيم مستقلة، بهدف «تكريم المترجمين، ومكافأة التميز والإبداع، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين الثقافة العربية، وبقية ثقافات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب»، كما يخبرنا بذلك الموقع الإلكتروني للجائزة.

ويلقي الكتاب الفائز، الضوء على ثقافة الأطعمة، والمشروبات الصينية، وعادات وتقاليد الأقليات والمناطق الصينية في المأكل والمشرب، بالنظر إلى ما تتمتع به ثقافة الطعام من مكانة خاصة في تاريخ الحضارة الصينية.

تدريس اللغة الصينية في الجامعات العربية

عمل «فهمي» أستاذًا للغة الصينية بكلية الألسن في جامعة عين شمس المصرية، قبل أن يُعار من الجامعة للتدريس ببرنامج اللغة الصينية، في كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود. وعند سفره كان هذا البرنامج هو الوحيد الذي تُدرس فيه اللغة الصينية على مستوى الجامعات السعودية، وكان عدد طلابه «محدود جدًا».

«مع نهاية الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2021/2022، سيتم تخريج أول دفعة من طلاب جامعة الملك سعود، بعد قرار التوسع في تعليم الصينية، والذين يزيد عددهم عن مائتي طالب وطالبة في درجتي البكالوريوس والدبلوم».

حسانين فهمي
أستاذ اللغة الصينية والترجمة المشارك بجامعة الملك سعود

وقد ظل الوضع هكذا، حتى شباط/فبراير 2019، عندما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الصين، حيث وقع مسؤولو البلدين اتفاقيات ثنائية عدة، شملت مجالات التعليم، والثقافة، والنشر، والترجمة، كما يقول حسانين فهمي.

وبحسب الأكاديمي المصري، فإن «الانطلاقة المهمة في تاريخ تعليم اللغة الصينية بالسعودية، جاءت بصدور قرار إدراج اللغة الصينية في التعليم العام، وبالتالي التوسع الكبير في القبول ببرامج وأقسام اللغة الصينية بالجامعات، ليشمل الطلاب من الجنسين بعدما كان قاصرًا على الذكور وحدهم».

ويشارك «فهمي» في تحديث ووضع الخطط الدراسية لتعليم اللغة الصينية، في أكثر من جامعة سعودية، وفي لجنة شكلتها وزارة التعليم بالمملكة حول إدراج اللغة الصينية بالتعليم العام.

وعن تلك التجربة، يقول لـ«الفنار للإعلام» إنه مع نهاية الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2021/2022، سيتم تخريج أول دفعة من طلاب جامعة الملك سعود، بعد قرار التوسع في تعليم الصينية، والذين يزيد عددهم عن مائتي طالب وطالبة في درجتي البكالوريوس والدبلوم. ويضيف أن هؤلاء الخريجين سيكون لهم «دور كبير في تلبية حاجة الهيئات والمؤسسات السعودية، والصينية العاملة بالمملكة، إلى المترجمين والمعلمين المتخصصين في اللغة الصينية».

ويأتي هذا التطور في تدريس اللغة الصينية بعدما كان قسم اللغة الصينية بكلية الألسن جامعة عين شمس، هو القسم الوحيد على مستوى الجامعات المصرية، بل والعربية، في مطلع القرن الحادي والعشرين، قبل أن تشهد المنطقة توسعًا في افتتاح أقسام وبرامج اللغة الصينية، بحسب «فهمي».

معاجم متخصصة

وأمام هذا التطور في تعليم اللغة الصينية بالجامعات العربية، برزت الحاجة إلى توفير المناهج الدراسية، والكتب المساعدة التي تلبي حاجة الدارسين، لإثراء حصيلتهم اللغوية بما يؤهلهم لسوق العمل، ولذلك بادر «فهمي» إلى إعداد ثلاثة معاجم متخصصة في اللغة الصينية، وهي: معجم المصطلحات السياحية، ومعجم المصطلحات التجارية والاقتصادية، ومعجم المصطلحات السياسية.

وخلال مسيرته العلمية، أشرف حسانين فهمي، على إعداد مناهج لتعليم الصينية للناطقين بالعربية. وصدر له أكثر من عمل، بين التأليف، والإشراف، والمراجعة والتدقيق، والترجمة عن دور نشر عربية وصينية. ومنها كتابه «هيا نتعلم الصينية»، والذي اعتمدته وزارة التعليم السعودية كمنهج بالمرحلة الثانوية، وكتابه «اللغة الصينية للمبتدئين»، الصادر عن دار جامعة الملك سعود للنشر.

ويرى الأكاديمي المصري أن المنطقة العربية بحاجة إلى مزيد من التجارب في مجال إعداد المناهج، والكتب المساعدة في مجال تعليم اللغة الصينية، لتلبية حاجة الدارسين. وإلى جانب دوره التعليمي، أسهم حسانين فهمي في ترجمة نصوص من الأدب الصيني المعاصر، من أشهرها:  أعمال مو يان، الفائز بجائزة نوبل للآداب في العام 2012، إلى جانب أعمال أخرى لكتاب بارزين منهم يو هوا، وليوجين يون، وتيه نينغ، وآخرين.

تعاون ثقافي بين الصين والعرب

وشمل نشاط «فهمي»، خلال الفترة الأخيرة، ترجمة رواية جديدة للكاتب الصيني يوجين يون بعنوان: «الموبايل»، وهى أول عمل أدبي يصدر ضمن مشروع التعاون العربي الصيني، لتبادل ترجمة ونشر الأعمال الأدبية والكلاسيكية. وهو مشروع موقع بين جامعة الدول العربية، والصين.

«المنطقة العربية بحاجة إلى مزيد من التجارب في مجال إعداد المناهج، والكتب المساعدة في مجال تعليم اللغة الصينية، لتلبية حاجة الدارسين».

حسانين فهمي  

ويشير خبير اللغة الصينية إلى أن فكرة المشروع مهمة للجانبين العربي والصيني. ويقول إن الأعمال التي صدرت عن المشروع «ذات قيمة كبيرة لكتاب لهم تأثير واضح في تاريخ الأدبين العربي والصيني».

ومع تقديره لتنوع الأعمال المختارة ضمن مشروع الترجمة ذاك، بين الأدب القديم، والحديث، والمعاصر، وشموله العالم العربي جغرافيًا، إلا أن حسانين فهمي يقول إن ما تم إنجازه أقل مما كان مستهدفًا، لأسباب عدة، منها: عدم توفر المترجمين المتخصصين في الترجمة الأدبية، وعدم فتح الباب أمام مشاركة أكبر لدور النشر الخاصة العربية والصينية، فالمشروع بحاجة إلى «مزيد من الاهتمام، والتطوير، والاتفاق على خطط محددة تراعي الإمكانات المتاحة»، بحسب خبير اللغة الصينية.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

الترجمة المتخصصة

ولا يرفض حسانين فهمي فكرة الترجمة المتخصصة، حيث يتخصص المترجم في مجال معين، فهو أمر مهم، من وجهة نظره، لكنه يقول إن بإمكان المترجم الجيد، المتقن للغتين أو أكثر، أن يترجم في أكثر من مجال، طالما أنه يمتلك ناصية اللغتين، وأدوات المعرفة التي تمكنه من تقديم أعمال تضيف إلى اللغة والثقافة التي يترجم إليها.

مقالات ذات صلة:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى