أخبار وتقارير

نوال مامي نائب مدير جامعة سطيف 2 بالجزائر لـ«الفنار»: نحتاج مراجعة برامجنا التعليمية لمواكبة السوق

عبر إقامة شراكات متنوعة مع مؤسسات معنية بالتعليم العالي، على مستوى العالم، تعمل الأكاديمية الجزائرية نوال عبد اللطيف مامي، نائب مدير جامعة محمد لمين دباغين (سطيف 2)، للعلاقات الخارجية، على تعزيز فرص التعاون الدولي للجامعة وطلابها.

في العام 2016، كانت «مامي» الأصغر بين حاملي لقب «أستاذ» في البلاد، وهي في الخامسة والثلاثين من العمر، بعدما شغلت رئاسة قسم علم النفس التربوي، وتعليم اللغات الأجنبية، بالجامعة نفسها، وهي ابنة الثالثة والعشرين، قبل أن تتولى منصبها الراهن، والذي تشغله منذ عشرة أعوام.

في مقابلة مع «الفنار» عبر تطبيق «زووم»، تقول «مامي»، التي أنجزت بحوث ما بعد الدكتوراه في علم النفس التربوي وتعليم اللغات الأجنبية، في جامعة فريبورغ السويسرية، إنه بالإمكان التقدم للحصول على لقب «أستاذ»، بالجزائر، بعد خمس سنوات من نيل الدكتوراه، وهو ما فعلته في تجربتها الشخصية.

جامعة من الصفر

في عام 2011، قُسّمت جامعة سطيف، شرق الجزائر، إلى جامعتين: جامعة فرحات عباس سطيف 1 المختصة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة، وجامعة محمد لمين دباغين سطيف 2 للعلوم الإنسانية والاجتماعية.

«اتحاد الجامعات المتوسطية حليف لاستراتيجيتنا بالانفتاح على العالم. نحن شركاء منذ عام 2013، وبفضلهم، طورت جامعة سطيف 2 شبكة واسعة جدًا من العلاقات مع الجامعات الأخرى، وكذلك في مجال بناء القدرات».

نوال عبد اللطيف مامي  

في ذلك الوقت، وإلى جانب تأسيس كل شيء من الصفر في جامعتها الوليدة، واجهت «مامي» ما تصفه بالاستخفاف المجتمعي بالعلوم الإنسانية، والاعتقاد الشائع بأفضلية دراسة الطب، أو الهندسة. وهو ما رفضته. وتوجز موقفها بالقول: «رفضت أن أكون مثل الآخرين».

التعاون الدولي في التعليم العالي

على مدار عقد من الزمن، في إدارة العلاقات الخارجية بالجامعة، وقعت «مامي» اتفاقيات تعاون، وأنجزت مشروعين مع «مجلس أوروبا» (Council of Europe)، حول الديمقراطية والتنوع التعليمي، ودمج برنامج «إيراسموس بلس» (Erasmus Plus)، فضلًا عن تكوين شراكات مع جامعات وشبكات مختلفة، مثل: اتحاد الجامعات المتوسطية (UNIMED).

عن تلك الشراكة، تقول: «اتحاد الجامعات المتوسطية حليف لاستراتيجيتنا بالانفتاح على العالم. نحن شركاء منذ عام 2013، وبفضلهم، طورت جامعة سطيف 2 شبكة واسعة جدًا من العلاقات مع الجامعات الأخرى، وكذلك في مجال بناء القدرات. لدى الاتحاد استراتيجية، ومنهجية، وتجربة، وخبرات جيدة جدًا».

ومن خلال التعاون مع «يونيميد»، عملت جامعة سطيف 2 مع مشروع DIRE-MED المتعلق بالحوار بين الثقافات والتنقل، ومشروع COMMO عبر تنقل الطلاب والموظفين، ومنظمة اليونسكو، من بين آخرين. وتضيف «مامي» أنه بفضل مشروع (DIRE-MED)، تم تدريب موظفي مكاتب العلاقات الدولية لدى الجامعة على كيفية التعامل مع تبادل الطلاب، وكيفية تطوير المشاريع. ومن خلال مشروع ESAGOV، يتم تدريب مدراء الجامعات، ونوابهم، والعمداء على الحكم الرشيد. وقد عزّز كل هذا من الظهور العالمي لجامعة سطيف 2، بحسب قولها.

الدراسة في الخارج

في عام 2008، حصلت «مامي» على منحة حكومية لإجراء دراستها العليا بجامعة فريبورغ السويسرية. وقد واجهت، وقتها، تحديات ثقافية، باعتبارها مسلمة، ومحجبة، وقادمة من الجزائر، حيث لم يكن الكثير من الوقت قد مضى على «العشرية السوداء» فيها (1991-2002). لذلك، والكلام للأكاديمية الجزائرية، فإن التصور الشائع، حينها، كان يعتبر معظم الجزائريين من الإرهابيين.

مع ذلك، ساعدتها المشرفة السويسرية على دراستها، في التغلب على ما تصفه بالصدمة الثقافية. وعن تلك التجربة تقول: «ساعدت المشرفة إقامتها الطويلة في تركيا، على فهم الثقافة والدين. ولحسن الحظ، فقد ساعدتني كثيرًا، حتى اكتشفوا أخيرًا من أكون، واستكشفوا وجهًا جديدًا عن الجزائر».

«كنا روادًا في دمج برنامج إيراسموس بلس، للتنقل والعديد من البرامج الأخرى، الثنائية أحيانًا، بين جامعتين، وبعضها مع دول منظمة التعاون الإسلامي (OIC)».

نوال عبد اللطيف مامي  

تلك التحديات، دفعت «مامي» لاحقًا، إلى بذل الجهود لتوفير فرص دراسية بالخارج للطلاب. وتقول: «كنا روادًا في دمج برنامج إيراسموس بلس، للتنقل والعديد من البرامج الأخرى، الثنائية أحيانًا، بين جامعتين، وبعضها مع دول منظمة التعاون الإسلامي (OIC)».

وإلى جانب شراكات دراسية عدة، يشارك فيها طلاب وموظفون، مع مؤسسات تعليمية في دول، مثل: فرنسا، وإيطاليا، والدنمارك، وبولندا، والمجر، وتركيا، تعد إسبانيا الشريك الأوروبي الأول لجامعة سطيف 2، فضلًا عن برامج تبادل وطنية بين دول الجنوب مع النيجر والمغرب وليبيا. وتعتبر الأكاديمية الجزائرية، الابتسامات التي تراها على وجوه الطلاب، الذين ترسلهم الجامعة إلى الخارج، «أكبر مفاخرها المهنية». وتوضح أن بعضهم ينحدر من مناطق نائية، ولولا برامج التنقل، لما أتيحت لهم فرصة زيارة أوروبا.

إدماج اللاجئين في التعليم العالي

وبالشراكة مع «يونيميد»، تنسق جامعة سطيف 2، مشروع Ci-Res، المتعلق بإنشاء القدرات المؤسسية لإدماج اللاجئين في التعليم العالي. ويخدم المشروع الطلاب اللاجئين من دول جنوب الصحراء، والصحراء الغربية، وسوريا، واليمن، ومالي، حيث يتم تقديم برنامج اندماج لهم، بالإضافة إلى تنظيم دورات للمشاركين، لإتقان اللغة العربية، أو الفرنسية، فضلًا عن أنشطة لريادة الأعمال لمساعدتهم على تأمين وظائف بعد التخرج.

القيادة الجامعية النسائية

رغم دعم القوانين، تولي المرأة مناصب عليا، إلا أن صعوبة تحقيق ذلك على أرض الواقع بالجزائر، يعود إلى الثقافة، وفق تعبيرها. وتقول: «لا يزال المجتمع هنا ذكوريًا. يتوجب على المرأة أن تكون ربة منزل وأمًا. ولكي تتقلد منصبًا رفيعًا، فيجب عليها التوفيق بين الأمرين».

وبصفتها أمًا لطفلين، تمكنت «مامي» من القيام بواجباتها على حساب ساعات نومها. وتقول: «أمتلك 4 إلى 5 ساعات كحد أقصى للنوم. ولم يكن بإمكاني القيام بما أفعله الآن، بدون وجود زوج متفهم يساعدني في كل شيء»

«هناك حاجة طارئة لمراجعة بعض برامجنا التعليمية لتتناسب مع الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للسوق. نحتاج إلى تشجيع ريادة الأعمال، وتقديم بعض التكوين التربوي، الذي يتماشى مع متطلبات قطاع التعليم».

نوال عبد اللطيف مامي  

وبينما تقرّ بأن الوظيفة الإدارية يمكن أن تؤثر سلبًا على البحث، تعمل الأكاديمية الجزائرية، حاليًا، على مشروع بحثي، حول تعليم المواطنة العالمية، ورقمنة التعليم العالي الجزائري، بتمويل سويسري. تم إطلاق المشروع الأخير، في وقت سابق من شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، لتدريب الموظفين على كيفية التعامل مع تقنيات المعلومات والاتصالات، في عصر التعليم الهجين. وتعلق: «من الصعب القيام بكل هذه الواجبات، لكن يمكنك ذلك إذا لم تنم. في الصباح، أنا إدارية، وفي المساء، عندما ينام الأطفال، أصبح باحثة».

إصلاحات التعليم ولغة التدريس

حول علاقة التعليم بسوق العمل، في جامعة سطيف 2، التي تضم أكثر من أربعين ألف طالب، تقول إن هناك حاجة طارئة لمراجعة بعض برامجنا التعليمية لتتناسب مع الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للسوق. وتوضح أنهم بحاجة إلى تشجيع ريادة الأعمال، وتقديم بعض التكوين التربوي، الذي يتماشى مع متطلبات قطاع التعليم.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وتدعم «مامي» مواكبة الاتجاه العالمي من حيث لغة التدريس، ومحاولات الجزائر للتحول لاعتماد اللغة الإنجليزية في التعليم العالي. وتقول: «لكي تصبح الجزائر دولة متقدمة، فإنها تحتاج إلى إحداث نقلة إلى اللغة الإنجليزية الآن، وربما في السنوات القادمة، سوف نتحدث عن الصينية أو حتى العربية، من يدري».

في الختام، تنصح الأكاديمية الجزائرية، الجيل الشاب بالإيمان بأنفسهم وقدراتهم، والعمل الجاد، والتركيز على النجاح طويل الأمد. وتقول: «النجاح الحقيقي يحتاج إلى تضحيات. بالنسبة للجزائريين، أنصحهم ألا يفقدوا الأمل في بلدهم».

مقالات ذات صلة:

الجزائري محمد زائيري .. رائد علم الجودة والتميز الحكومي في الشرق الأوسط

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى