أخبار وتقارير

الإنفاق على تحسين فرص الدراسين يطغى على إحياء اليوم الدولي للتعليم

بالتزامن مع احتفال العالم، أمس (الاثنين)، باليوم الدولي للتعليم تحت شعار: «تغيير المسار.. إحداث تحوّل في التعليم»، تشهد المؤسسات، والمنظمات المعنية بالمجتمع الأكاديمي العربي، تساؤلات حول الخطط المعدة لمواجهة تحديات المنظومة التربوية.

وجاء الاحتفال للسنة الرابعة، تأكيدًا على أهمية ودور التعليم في تحقيق التنمية والسلام، في ظل شيوع حالة من عدم المساواة والإقصاء، لقرابة ثلاثة أعوام، من جائحة كوفيد-19، ومع دعوات للحفاظ على ضمان التعليم الجيد والمنصف للجميع، وفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم الثقافة (اليونسكو).

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد حددت في كانون الأول/ ديسمبر عام 2018، يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير، من كل عام، يومًا دوليًا للتعليم، للتأكيد على دعم خطوات توفير التعليم للجميع دون تمييز.

في تصريح لـ«الفنار»، يقول محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، إن التربية والتعليم يمثلان تحديات المستقبل في العالم العربي. وأضاف أنه على الدول العربية العمل على إنجاح منظوماتها التربوية، لأن المستقبل للعلم والمعرفة، وفق قوله. وتابع: «لابد من الإنفاق على التعليم فكلما أنفقنا تقدمنا».

«على الدول العربية العمل على إنجاح منظوماتها التربوية، لأن المستقبل للعلم والمعرفة. لابد من الإنفاق على التعليم فكلما أنفقنا تقدمنا».

محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)

من جانبها، قالت أودري أزولاي، المدير العام لمنظمة اليونسكو في بيان رسمي، إن أوجه عدم المساواة الصارخة، والأضرار التي لحقت بكوكب الأرض، وتصاعد الاستقطاب، وعواقب جائحة كوفيد-19 شديدة الوطأة، وضعت الدول كافة، أمام خيار مصيري للأجيال الحالية والمقبلة: «إما مواصلة السير في مسار غير مستدام، وإما تغيير المسار جذريًا».

ويهدف الاحتفال باليوم الدولي للتعليم، هذا العام، – وفق اليونسكو – إلى خلق نقاش حول المحفزات الأساسية للتحولات لبناء أنظمة تعليمية أكثر إنصافًا وشمولية، وعرض إمكانية التوسع لتعزيز الشمول الرقمي، وحشد الإرادة السياسية لمعالجة فجوة التفاوتات في الوصول إلى التعليم وإتمامه، وتسليط الضوء على أصوات الطلاب حول التغييرات والابتكارات التي يريدون رؤيتها لجعل تعليمهم أكثر ملاءمة للغرض، وتسليط الضوء على أصوات المعلمين حول مستقبل مهنتهم، من دمج التكنولوجيا في ممارساتهم إلى توجيه التدريس.

مستقبل التعليم

وبحسب اليونسكو، يوجد 617 مليون طفل ومراهق، لا يستطيعون القراءة والكتابة، والقيام بعمليات الحساب الأساسية. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يقل معدل إتمام المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي عن 40%، ويبلغ عدد الأطفال واللاجئين غير الملتحقين بالمدارس زهاء 4 ملايين نسمة.

ويشير تقرير نشرته المنظمة الأممية نفسها، مؤخرًا عن مستقبل التربية والتعليم، بالتفصيل إلى أنَّ إحداث تحوُّل في المستقبل، يقتضي إعادة التوازن، على وجه السرعة، إلى علاقاتنا، مع بعضنا البعض، ومع الطبيعة، وكذلك مع التكنولوجيا التي تتغلغل في حياتنا حاملة معها فرصًا، لإحراز التقدم من جهة، ومثيرة لمخاوف شديدة، بشأن الإنصاف والإدماج والمشاركة الديمقراطية من جهة أخرى.

في ضوء ذلك، تقول خيرية رصاص، نائب رئيس جامعة النجاح الفلسطينية، إن العلم بعد كوفيد-19، «لن يعود كما كان من قبل». وتضيف في تصريح لـ«الفنار» أنه على الرغم من أهمية التكنولوجيا في حياتنا، إلا أننا «أصبحنا رهائن لها». وتتساءل: ماذا لو ظهر فيروس من نوع آخر، وأصاب التكنولوجيا بالشلل؟ وتتابع: يجب أن نفكر بجدية في إجابة هذا السؤال.

فجوة هائلة

وقد تسبب إغلاق المدارس بمعظم دول العالم، خلال الوباء، في عدم قدرة الملايين من الأطفال على الوصول إلى التعليم، وهو ما ترك تأثيرًا ليس أقل من الجائحة نفسها، حتى مع الطلاب الذين تمكنوا من مواصلة تعليمهم. وحتى لا يخسر الطلاب عامًا دراسيًا كاملًا تمت ترقيتهم للصفوف الأعلى دون المرور باختبارات تحقيق مستويات الكفاءة المطلوبة.

ووفق تقرير لليونيسيف، صدر في العام 2020، فإن 91%، من الطلاب من الأسر ذات الدخل المنخفض، أو الأسر الريفية، لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت.

وبحسب المدير العام لليونسكو، فإن الاضطرابات الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد-19، فاقمت الأزمة التي كانت قائمة في مجال التعليم  قبل الجائحة، والتي أسفرت عن حرمان 286 مليون طفل من الالتحاق بالمدارس، ولا سيما الفتيات منهم، وهو ما أفضى إلى تعرض ملايين الأطفال والشباب والكبار، للفقر والعنف والاستغلال.

«أوجه عدم المساواة الصارخة، والأضرار التي لحقت بكوكب الأرض، وتصاعد الاستقطاب، وعواقب جائحة كوفيد-19 شديدة الوطأة، وضعت الدول كافة، أمام خيار مصيري».

أودري أزولاي، المدير العام لمنظمة اليونسكو

ويقول محمد راضي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة سوهاج في مصر، إنه على الرغم من أن الطرق التي تم تبنيها في علاج الأزمة، استهدفت تقليل الفاقد من التعليم، إلا أنها خلقت فجوة تعليمية هائلة. ويوضح بالقول إن اختصار المناهج، وتقليل الساعات الدراسية، وإلغاء الامتحانات أحيانًا، مع عدم قدرة عدد كبير من الطلاب للوصول إلى الإنترنت «جعل الوضع يزداد سوءًا».

وتحذر «أزولاي» أنه «بات من المستحيل» في هذه الظروف الاستثنائية استمرار الوضع على ما هو عليه، وأنه لا مناص من إعادة التفكير في التعليم، إذا ما أراد العالم تحقيق التحول المنشود في المستقبل، وتغيير المسار. لذلك، ترى أنه «من الضروري وضع عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم، على غرار ما دعا إليه تقرير اليونسكو عن مستقبل التربية والتعليم الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وتضيف مدير عام اليونسكو: «لابد من إصلاح الظلم الذي حلّ في السابق، وتوجيه عملية التحول الرقمي بحيث تحقق الشمول والإنصاف». ومن وجهة نظرها، فإن تحقيق ذلك يتطلب دعم التعليم ماليًا، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن هذا الدعم «لا يمثل نفقات مالية بل استثمارًا سيعود ﺑﺎلنفع المرجو منه، وهو ما حدا بدولنا الأعضاء (في اليونسكو)، إلى إعادة ﺗﺄكيد التزامها بتخصيص ما لا يقل عن 4% من إجمالي الناتج المحلي، أو ما لا يقل عن 15% من النفقات العامة للتربية والتعليم».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى