أخبار وتقارير

تقرير دولي يرصد أوضاع الحريات الأكاديمية بمؤسسات التعليم العالي في العالم العربي

يرصد تقرير «حرية التفكير 2021»، الصادر اليوم، عن برنامج «مراقبة الحريات الأكاديمية»، 332 هجومًا على التعليم العالي في 65 دولة، في الفترة ما بين 1 أيلول/ سبتمبر 2020، و31 آب/ أغسطس 2021.

ويسلط التقرير، الضوء على المنطقة العربية، وخاصة: مصر، واليمن، والعراق، فيما يضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، تحت المجهر.

يتبع البرنامج «شبكة علماء في خطر»، وهي شبكة أكاديمية دولية، «تأخذ على عاتقها حماية العلماء والطلاب المعرضين للخطر، في جميع أنحاء العالم، وتوفير الملاذات الآمنة لهم، وتعزيز الحريات الأكاديمية».

يقول التقرير إن العام الماضي «شهد قيام جماعات مسلحة، وميليشيات، وحكومات بشن هجمات عنيفة على مؤسسات التعليم العالي، تضمنت غارات مسلحة، واغتيالات، واعتقالات، بجانب استخدام القوة المفرطة من جانب الجنود ضد أعضاء هيئات التدريس والطلاب».

ويقول روبرت كوين، المدير التنفيذي للشبكة في بيان: «الهجمات على التعليم العالي تدمر العلماء والطلاب والمؤسسات في جميع أنحاء العالم، مع عواقب تنهي الحياة والمستقبل الوظيفي. نحن في لحظة أزمة: موجة لجوء جديدة للباحثين الأفغان، هربًا من (حركة) طالبان، والتضييق على حرية التعبير، في الوقت الذي يسعى فيه مشرعو المجتمعات الأكثر انفتاحًا، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى تقييد ما يمكن تدريسه في قاعة المحاضرات»

«الهجمات على التعليم العالي تدمر العلماء والطلاب والمؤسسات في جميع أنحاء العالم، مع عواقب تنهي الحياة والمستقبل الوظيفي».

روبرت كوين
المدير التنفيذي لشبكة علماء في خطر

وتشمل الانتهاكات التي تم توثيقها الهجمات المسلحة، على مجتمعات الحرم الجامعي في أفغانستان، والتي شنتها حركة «طالبان»، وكذلك في نيجيريا، بواسطة الحركة التي تحمل نفس الاسم، من دون أن تجمعها صلات مع الحركة الأفغانية، وتعرف أيضًا باسم «بوكو حرام»، فضلًا عن استخدام العنف من قبل الشرطة ضد الطلاب والأساتذة في ميانمار، ومواصلة الحكومة الإسرائيلية «تقييد حركة الأكاديميين الفلسطينيين والدوليين بشدة». وشكلت الهجمات على حرية التعبير «ما يقرب من نصف الحوادث المبلغ عنها».

على سبيل المثال، كانت الإجراءات التأديبية، والاعتقالات، والملاحقات القضائية ضد الطلاب بسبب الأنشطة السلمية «سائدة بشكل خاص في بنغلاديش والأراضي الفلسطينية المحتلة، وباكستان، وجنوب أفريقيا، وتايلاند وزيمبابوي».

الإغتيالات في العراق واليمن

وتوثق شبكة «علماء في خطر»، أكثر من 630 حالة قتل، وعنف، وإخفاء قسري، ضد أعضاء هيئة التدريس والطلاب والباحثين، منذ بداية المشروع، من بينها 110 حالة خلال فترة إعداد التقرير.

في العراق، قُتل أحمد الشريفي، الأستاذ في كلية المنارة الجامعية بمدينة العمارة، برصاص مسلحين مجهولين فروا من مكان الحادث، ولم يتم الإعلان عن الدافع وراء القتل. وأصدرت المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان بيانًا، عقب الاغتيال، محذرة من احتمال وقوع «سلسلة اغتيالات» لعلماء عراقيين وطالبت الحكومة بإصدار تشريع يحميهم. (إقرأ المقال ذو الصلة: مقتل الباحث هشام الهاشمي يجدد مخاوف اغتيال الأكاديميين في العراق).

وفي اليمن، اغتال مسلحون مجهولون خالد الحميدي عميد كلية التربية بجامعة عدن، أثناء توجهه إلى الجامعة، والمعروف بأنه مفكر علماني وناقد للمتطرفين الإسلاميين.

مشيعون يحملون نعش الصحفية رشا الحرازي التي لقيت مصرعها في انفجار سيارة في مدينة عدن الساحلية جنوب اليمن ، خلال جنازتها في صنعاء ، اليمن ، 11 نوفمبر / تشرين الثاني 2021. (الصورة: رويترز / خالد عبد الله ).
مشيعون يحملون نعش الصحفية رشا الحرازي التي لقيت مصرعها في انفجار سيارة في مدينة عدن الساحلية جنوب اليمن ، خلال جنازتها في صنعاء ، اليمن ، 11 نوفمبر / تشرين الثاني 2021. (الصورة: رويترز / خالد عبد الله ).

يوثق التقرير 111 حالة اعتقال، وملاحقة قضائية، خلال الفترة نفسها، بسبب المطالبات بحرية التعبير أو معارضة وانتقاد السلطات الحكومية.

في الجزائر، حُكِمَ على الباحث في علم التصوف والشؤون الإسلامية الجزائري، سعيد جاب الخير، بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة الإساءة إلى الإسلام، إثر كتابات على «فيسبوك»، وُصفت بأنها «انتقاد للعقيدة الإسلامية». وفي اليمن، احتجزت ميليشيات الحوثي، عدنان عبد القادر الشرجبي أستاذ علم النفس بكلية الاداب بجامعة صنعاء وتوفي بعد خروجه بـ26 يومًا، إثر مضاعفات مرضية نتيجة الإهمال الطبي.

وفي مصر، قضت محكمة أمن الدولة طوارئ، بالسجن أربع سنوات، على الباحث وطالب الماجستير بالجامعة الأوربية المركزية بالنمسا أحمد سمير سنطاوي بعد «إدانته بنشر أخبار كاذبة، مستندة إلى تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في السجون المصرية، وسوء تعامل الدولة مع وباء كوفيد-19».

وقد عانى العلماء والطلاب الذين تعرضوا للاعتقال – يقول التقرير – «من الحبس الانفرادي، والتعذيب، وخطر الإصابة بالأمراض، خاصة فيروس كوفيد-19 خلال فترة احتجازهم، والحرمان من الرعاية الطبية».

كما يوثق التقرير 40 حالة لفقدان الوظيفة والمنع من السفر، ففي 24 آيار/ مايو، «منعت السلطات المصرية وليد سالم من السفر، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لاستئناف دراسة الدكتوراه بجامعة واشنطن، على ما يبدو بسبب أبحاثه المتعلقة بالقضاء المصري».

الأراضي الفلسطينية المحتلة

ويولي التقرير، هذا العام، أهمية خاصة للتأثير الكارثي للنزاع في الإراضي الفلسطينية المحتلة، وأحداث حي الشيخ جراح، على مؤسسات التعليم العالي. ويشير التقرير إلى الاشتباكات خلال احتجاجات الحرم الجامعي والاعتقالات التعسفية للطلاب الفلسطينيين، من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، و«استمرار القيود الممنهجة على السفر الأكاديمي التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية».

«تواتر هذه الهجمات، ونطاقها العالمي، يجب أن يكون مقلقًا، ليس فقط لمن هم في التعليم العالي، ولكن للمجتمع ككل».

كلير روبنسون
مدير الدفاع في شبكة «علماء في خطر»

ويلفت التقرير النظر إلى «افتقار إسرائيل إلى دستور رسمي، وعدم النص صراحة على الحرية الأكاديمية أو حرية التعبير في قوانينها الأساسية»، مؤكدًا «ضرورة حماية الحق في التعليم من جانب الأطراف المتنازعة كافة».

وخلال الفترة التي يغطيها التقرير، أشارت «علماء في خطر»، إلى «استمرار الهجمات والضغوط الواسعة على مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني، والتي تضمنت قيام القوات الإسرائيلية باعتقال واحتجاز طلاب فلسطينيين بسبب انتمائهم إلى مجموعات طلابية في الحرم الجامعي، والإبقاء على القيود التي تفرضها إسرائيل على التنقل داخل وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تعيق بشدة تمتع العلماء والطلاب بالحق في التعليم، والحرية الأكاديمية».

ويقول التقرير: «كانت أسابيع من النزاع المسلح المكثف بين القوات الإسرائيلية، وحركة حماس والجماعات المسلحة الأخرى، في آيار/مايو 2021 مدمرة بشكل خاص لمجتمعات التعليم العالي في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث امتدت التوترات، بسبب محاولات طرد المستوطنين الإسرائيليين، السكان الفلسطينيين من حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، وأثارت عمليات الإخلاء احتجاجات في الجامعة العبرية بالقدس، وجامعة بن غوريون في النقب، والتي تميزت بصدامات بين الجماعات الطلابية المتعارضة والشرطة».

ملصق يصور المستشار الحكومي السابق والمحلل السياسي هشام الهاشمي الذي قُتل برصاص مسلحين في ساحة التحرير ببغداد ، العراق ، 8 يوليو ، 2020. (الصورة:رويترز / ثائر السوداني ).
ملصق يصور المستشار الحكومي السابق والمحلل السياسي هشام الهاشمي الذي قُتل برصاص مسلحين في ساحة التحرير ببغداد ، العراق ، 8 يوليو ، 2020. (الصورة:رويترز / ثائر السوداني ).

وبحلول الوقت الذي تم فيه الاتفاق على وقف إطلاق النار، في 21 آيار/ مايو 2021، أفاد مكتب الأمم المتحدة عن مقتل 253 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 1900 آخرين، بينهم طلاب وأساتذة، وقتل 12 إسرائيليًا وأجنبيًا وإصابة 710 آخرين. كما كان للنزاع تأثير كبير على أمن وعمل مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية في غزة، وقد اضطرت الجامعات إلى تعليق أنشطتها الأكاديمية مؤقتًا بسبب القتال.

تدمير المنشآت

وفي 18 آيار/ مايو، دمرت غارة جوية إسرائيلية مبنى من سبعة طوابق، يحتوي على منشآت تعليمية تستخدمها الجامعة الإسلامية في غزة، كما تضررت منشآت تابعة لجامعة الأقصى جراء الغارات الجوية على القطاع، وأسفر استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية عن اندلاع حريق دمر مبنى في حرم جامعة القدس، بحسب تقرير لـ«الفنار» للإعلام.

وقد استمرت عمليات الاعتقال والسجن للطلاب الفلسطينيين النشطاء على أيدي القوات الإسرائيلية. وفي كثير من الحالات، قامت السلطات باحتجاز ومقاضاة الطلاب لانتمائهم لمنظمات داخل الحرم الجامعي، بما في ذلك اتحادات الطلاب.

وصنف جيش الدفاع الإسرائيلي، جناح الطلاب في الحرم الجامعي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على أنه «جمعية غير قانونية». وقضت محكمة عوفر العسكرية الإسرائيلية، بسجن طالب جامعة بيرزيت، إيليا أبو حجلة، 11 شهرًا، بتهمة الانتماء إلى «مجموعة طلابية محظورة». وخلال الفترة التي يرصدها التقرير، صد حكم على طالبين آخرين من بيرزيت، كانا محتجزين بتهم مماثلة، وهما: ربا عاصي وليان كايد، بالسجن لمدة تترواح ما بين 16 إلى 18 شهرًا، وغرامات تتراوح ما بين 900 إلى 1300 دولار أمريكي.

«هذه الهجمات تظهر تقلص مساحة حرية التعبير، وإذا أردنا حماية القدرة الفريدة للتعليم العالي، على تعزيز الحلول للمشاكل الأكثر إلحاحًا اليوم؛ يجب على الحكومات، وقادة الجامعات، والمجتمع المدني، إظهار التزامهم علنًا بمنع هذه الهجمات وتعزيز الحرية الأكاديمية».

كلير روبنسون  

وأفادت لجنة الحرية الأكاديمية، التابعة لجمعية دراسات الشرق الأوسط (MESA)، أن السلطات الإسرائيلية تواصل احتجاز أكثر من 300 طالب فلسطيني، كما تواصل فرض مجموعة من السياسات، على العلماء والطلاب، مما يُقيّد حركتهم داخل وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة.

نقاط التفتيش وقيود السفر

وتشمل هذه القيود طويلة الأمد: «نقاط التفتيش، وتصاريح السفر المفروضة على جميع الفلسطينيين»، فضلًا عن الضغوط التي تؤثر بشكل مباشر على المجتمع الأكاديمي الدولي. على سبيل المثال، وكما ورد في السنوات الماضية، «أعاقت السلطات الإسرائيلية سفر الباحثين الدوليين إلى الضفة الغربية، من خلال رفض طلبات تجديد التأشيرة، على الرغم من تعيينهم في الجامعة لفترات طويلة، ولا يشكلون خطرًا أمنيًا موثوقًا به، ومن خلال عقبات إدارية شديدة، بما في ذلك تقلب متطلبات وثائق التأشيرة، والقيود المفروضة على التنقل داخل الضفة الغربية، والمطالبات بسندات مالية تصل إلى 80.000 شيكل (حوالي 25.000 دولار أمريكي)، وانعدام الشفافية فيما يتعلق بتطبيق القواعد المتعلقة بالتأشيرات».

وقد منعت هذه القيود الباحثين الدوليين – وفق التقرير نفسه – من الالتحاق بجامعات الضفة الغربية، بما في ذلك جامعة بيرزيت، التي أفادت بأن ثلث أعضاء هيئة التدريس الدوليين فيها «فقدوا من الحرم الجامعي بحلول بداية العام الدراسي 2019-2020 بسبب الصعوبات المتعلقة بالتأشيرة». (إقرأ المقال ذو الصلة: الأكاديميون الأجانب ممنوعون من دخول الأراضي الفلسطينية).

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

تهديد للمجتمع ككل

وعن ذلك، تقول كلير روبنسون، مدير الدفاع في شبكة «علماء في خطر»: «تواتر هذه الهجمات، ونطاقها العالمي، يجب أن يكون مقلقًا، ليس فقط لمن هم في التعليم العالي، ولكن للمجتمع ككل».

وأضافت: «هذه الهجمات تظهر تقلص مساحة حرية التعبير، وإذا أردنا حماية القدرة الفريدة للتعليم العالي، على تعزيز الحلول للمشاكل الأكثر إلحاحًا اليوم؛ يجب على الحكومات، وقادة الجامعات، والمجتمع المدني، إظهار التزامهم علنًا بمنع هذه الهجمات وتعزيز الحرية الأكاديمية. يجب أن نرفض العنف الذي يهدف إلى معاقبة الأفكار، وحماية العلماء والطلاب المهددين، ومناصرة حرية التفكير».

مقالات ذات صلة:

لقرأة المزيد من التقارير حول الحريات الأكاديمية إضغط هنا

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى