أخبار وتقارير

تحصين الشهادات الأكاديمية ضد التزوير في مشروع بحثي بجامعة الشارقة الإماراتية

بعد مواجهتهما صعوبات أمام تصديق شهادتي الدكتوراه لهما في بريطانيا وكندا، فكّر عضوي هيئة التدريس بجامعة الشارقة الإماراتية، محمد الحميري، ومنار أبو طالب، وهما متخصصان في هندسة البرمجيات وعلوم الحاسب، في ابتكار نظام لاعتماد الشهادات الأكاديمية «بمجرد صدورها».

يكفل هذا النظام الجديد «صدور الشهادات العلمية بشكل سريع، وموثوق، ودون حاجة إلى تحقق، أو تصديق، أو أختام»، كما يقول «الحميري»، الذي يترأس قسم نقل التكنولوجيا بجامعة الشارقة.

ويضيف في اتصال هاتفي مع «الفنار»: «نطور وسيلة جديدة لتذليل الصعوبات التي تواجه أي طالب، أو باحث، عند تصديق أو معادلة واعتماد الشهادات الأكاديمية، حسب قوانين وإجراءات أي دولة، في عملية تستغرق الكثير من الوقت والجهد».

من أجل هذه المهمة، بدأ الفريق البحثي الذي يضم أساتذة وطلاب دراسات عليا، بجامعة الشارقة، الشهر الجاري، مشروعًا بحثيًا مشتركًا مع منظمة البلوكشين BSV (وهي منظمة غير ربحية، ومقرها سويسرا)، لـ«تطوير إطار عمل مبني على تقنية البلوكشين، لإصدار واعتماد الشهادات الأكاديمية والتحقق منها، ومصادقتها ومعادلتها، وكذلك تقييم أداء وجودة هذا النظام بمؤسسات التعليم العالي».

يعمل «الحميري» باحثًا في مجال تقنية البلوكشين، وهو حاصل على الدكتوراه من جامعة كوفنتري البريطانية، في هندسة البرمجيات. ويتولى، في جامعة الشارقة، مسؤولية «حماية حقوق الملكية الفكرية، وتسجيل الاختراعات في مختلف مكاتب براءات الاختراع الدولية، حيث ساعد أكثر من 120 باحثًا ومخترعًا في تقديم أكثر من 150 اختراعًا بجامعتي الإمارات، والشارقة».

«نطور وسيلة جديدة لتذليل الصعوبات التي تواجه أي طالب، أو باحث، عند تصديق أو معادلة واعتماد الشهادات الأكاديمية، حسب قوانين وإجراءات أي دولة، في عملية تستغرق الكثير من الوقت والجهد».

محمد الحميري
باحث متخصص في هندسة البرمجيات وعلوم الحاسب

ويوضح: «المشروع البحثي يعالج مشكلتين أساسيتين، الأولى: مسألة الوقت الطويل الذي يستغرقه اعتماد الشهادات من أجل تقديمها لجهات العمل، والثانية تتعلق بمكافحة تزوير الشهادات الأكاديمية أو إصدارها من جامعات وهمية».

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، في وقت سابق، تقريرًا حول الشهادات المزورة والجامعات الوهمية التي تمنح شهادات غير معتمدة. وذكر التقرير أن «عدد الحاصلين على هذه الشهادات من العاملين في دول الخليج بلغ 3142 شخصًا، منهم 278 شخصًا يعملون في الكويت».

يستغرق تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع الذي تموله المنظمة السويسرية «نحو ستة أشهر، حيث يتم تصميم إطار للعمل، يسمح بإصدار الشهادات التقليدية لأكثر من نظام مختلف، مع الأخذ في الاعتبار أنظمة إصدار الشهادات الجامعية، في مختلف الدول العربية والأوروبية، وربطها مع بروتوكول العمل لتحقيق التواصل مع بعضها، بما يسهل تبادل البيانات بشكل سلس».

المرحلة الثانية من المشروع ستتضمن – يقول «الحميري» – «تصميم تطبيق إلكتروني على الهواتف المحمولة، وموقع لإصدار وتصديق وتوثيق ومعادلة الشهادات، بالإضافة إلى إطلاق شركة ناشئة تعمل على تشغيل التطبيق والمنصة الخاصة به، وتقديم الخدمات كافة، وسيكون مقرها جامعة الشارقة».

من جانبها، تقول منار أبو طالب، الأستاذة بكلية الحوسبة والمعلوماتية بجامعة الشارقة، عبر البريد الإلكتروني لـ«الفنار»: «الميزة الرئيسية لقاعدة بيانات تقنية البلوكشين، تتمثل في اللا مركزية غير القابلة للتحريف، ودرجة الأمان العالية، بالإضافة إلى الحفاظ على الخصوصية، كحل تقني يُسهّل التحقق من صحة صدور وبيانات الشهادات، وخاصة في ظل انتشار الشهادات المزورة الصادرة عن جامعات وهمية تعاني منها كثير من الدول».

الأكاديمي الإماراتي محمد الحميري مشاركاً في منتدى الذكاء الاصطناعي مع رئيس منظمة البلوكشين
الأكاديمي الإماراتي محمد الحميري مشاركاً في منتدى الذكاء الاصطناعي مع رئيس منظمة البلوكشين

وتضيف، وهي رئيس قسم العلاقات المجتمعية للبحث العلمي بالجامعة نفسها: «قاعدة البيانات في تقنية البلوكشين ليس لها تاريخ صلاحية، أي أنها غير قابلة للتعديل أو الحذف، بالإضافة إلى كونها قاعدة غير مركزية، حيث يشارك المجتمع في إدارة الشبكة، والتحقق من صحة المعاملات، ولا يتحكم بها طرف واحد، مما يمنع إمكانية التلاعب في البيانات من أحد الأطراف».

ومن المقرر أن ينفذ الفريق البحثي برنامج تطوير متعدد المراحل، حيث سيتم «إنشاء إطار عمل للتحقق من الشهادات الأكاديمية والمهنية والمصادقة عليها، من خلال الاستفادة من مزايا شبكة البلوكشين، عبر تطوير نموذج أولي لإثبات مبدأ عمل النظام، وتطوير الخصائص والوظائف الناتجة عن مرحلة البحث ونشرها على شبكة البلوكشين، بشكل يحفظ الخصوصية ومعايير الأمان»، بحسب «أبوطالب».

وتوضح الأكاديمية الإماراتية، الحاصلة على الدكتوراه في علوم الحاسب الآلي وهندسة البرمجيات من جامعة كونكورديا الكندية، أن الرقم المشفر للشهادة التي ستصدر من خلال تقنية البلوكشين «يحمل كافة البيانات، بما يعني أنه لا توجد نسبة واحد في المليون للتشكك في إصدار الشهادة».

«الرقم المشفر للشهادة التي ستصدر من خلال تقنية البلوكشين يحمل كافة البيانات، بما يعني أنه لا توجد نسبة واحد في المليون للتشكك في إصدار الشهادة».

منار أبو طالب
الأستاذة بكلية الحوسبة والمعلوماتية بجامعة الشارقة

ويعتزم الفريق البحثي – كما تقول «أبوطالب» – التواصل مع الجامعات داخل وخارج الإمارات، لـ«بحث إطار العمل المناسب لهم، مع دمجهم داخل المشروع، لتمكينهم من إصدار الشهادات داخل النظام، بما يتلاءم مع مختلف أنظمة إصدار الشهادات العلمية من خلال نظام واحد».

من جانبه، قال نبيل القاضي، رئيس كلية الخوارزمي الدولية بالإمارات، في اتصال هاتفي مع «الفنار» إن تقنية البلوكشين «ستلعب دورًا رئيسيًا في التحقق من الشهادات الأكاديمية عندما يتم تعميم تداول الشهادات عبر الطريقة الإلكترونية»، مشيرًا إلى أن «العديد من الجامعات أصبحت تصدر شهاداتها إلكترونيًا وليس ورقيًا».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وأضاف «القاضي»، الذي عمل، في وقت سابق، أستاذًا متخصصًا في علوم الحاسب الآلي، بمؤسسة (Epitech) الفرنسية المعنية بدراسات هندسة الكمبيوتر: «عملية التحقق من الشهادات بطريقة يدوية أصبحت صعبة ومعقدة، في ضوء ما تحتاجه من مراسلات من دولة إلى دولة، والتواصل مع أكثر من جهة. وقد سهّلت التقنيات الحديثة من هذه العملية، عبر رمز مفتاحي بأي شهادة يساعد على التأكد من المعلومات الواردة فيها».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى