أخبار وتقارير

باحثات عراقيات يطلقن شبكة لتعزيز حضورهن العلمي في الميدان الأكاديمي

عبر شبكة بحثية تجمعهن عبر الإنترنت، تسعى أكاديميات عراقيات، إلى تذليل الصعوبات التي تواجههن خلال عملية التدريس والبحث، وتعزيز التعاون فيما بينهن، بما يخدم جهودهن العلمية في الداخل والخارج.

وتعتزم عضوات الشبكة إلى تحويلها من الفضاء الافتراضي إلى مؤسسة تدعم العراقيات في المجال العلمي، داخل وخارج البلاد، في وجه التحديات التي قد تواجههن على اختلاف أشكالها.

تقول هديل عبد الحميد، مؤسسة الشبكة، في مقابلة عبر برنامج «زووم» لـ«الفنار» :«الأكاديميات العراقيات، بالداخل أو في المهجر، يواجهن مشكلات متنوعة بسبب الظروف التي مررن بها على اختلاف سياقاتها السياسية والاجتماعية. لذلك، نريد دعم أنفسنا أمام هذا الكم من الصعوبات».

وتضيف، وهي باحثة في معهد المواطنة والعولمة بجامعة ديكين الأسترالية: «لا نستطيع أن نصل بآرائنا لعدة اعتبارات سياسية أو جندرية، وهذه إحدى المشكلات الرئيسية التي نسعى لحلها». وتابعت: «من المفترض أننا أكاديميات متخصصات، ونجيد أكثر من لغة، ولسنا أقل من الرجل الذي يظهر على الشاشات، ويناقش قضايا العراق في المؤتمرات البحثية».

«الأكاديميات العراقيات، بالداخل أو في المهجر، يواجهن مشكلات متنوعة بسبب الظروف التي مررن بها على اختلاف سياقاتها السياسية والاجتماعية. لذلك، نريد دعم أنفسنا أمام هذا الكم من الصعوبات».

هديل عبد الحميد
مؤسسة الشبكة

بعدما حصلت على الماجستير في الدراما الأمريكية المعاصرة بجامعة بغداد، وجدت «عبد الحميد» نفسها مضطرة لتقديم طلب لجوء بعد تلقي أسرتها تهديدًا أمنيًا، وتعرضها لصعوبات خلال فترة عملها كعضو هيئة تدريس في كلية اللغات بجامعة بغداد، قبل أن تنتقل إلى أستراليا في آب/أغسطس 2011.

وخلال وجودها في المهجر، حصلت الباحثة العراقية على درجة الدكتوراه في جامعة لاتروب بمدينة ملبورن الأسترالية، في رسالة بحثية حول المقارنة بين المسرحين الحربيين في العراق وأستراليا، كما عملت كباحثة متخصصة في الدراسات النسوية العراقية بمعهد كونراد أديناور الألماني.

تشمل خطة الشبكة، التي تضم حاليًا 22 عضوة، تنظيم ورش عمل للتعريف بين أكاديميات الخارج والداخل، ومساعدة صغار الباحثات على التواصل مع المراكز البحثية والجامعات المرموقة في الغرب، بالإضافة إلى ترجمة أعمالهن المنشورة باللغة العربية حول العراق، إلى لغات متعددة للمساهمة في نشرها على أوسع نطاق، بحسب «عبد الحميد».

وفيما لا تتلقى الشبكة حاليًا أي مساعدات مادية من أي طرف، وفق مؤسستها هديل عبد الحميد، إلا أنها «تطمح إلى الحصول على مساعدات من منظمات دولية، لتوسعة أنشطة المؤسسة في الفترة المقبلة، شريطة ضمان عدم تسييس الشبكة».

تعتقد ميساء جابر، أستاذة قسم اللغة الإنجليزية بجامعة بغداد، أن الاندماج بين أكاديميات الداخل والخارج ضروي (الصورة: ميساء جابر)
تعتقد ميساء جابر، أستاذة قسم اللغة الإنجليزية بجامعة بغداد، أن الاندماج بين أكاديميات الداخل والخارج ضروي (الصورة: ميساء جابر)

إلى جانب أكاديميات المهجر، تضم الشبكة عضوات بالعراق، لـ«المساعدة في نقل صورة واقعية عن الصعوبات التي تواجههن في الداخل العراقي. ومن ناحية أخرى، مساعدتهن في فتح قناة تواصل مع المجتمع الأكاديمي بالخارج».

ومن بين عضوات الشبكة، ميساء جابر، وهي أستاذة بقسم اللغة الإنجليزية في جامعة بغداد. وعن هذا الأمر تقول في مقابلة عبر برنامج «زووم» لـ«الفنار» :«مسألة الاندماج بين أكاديميات الداخل والخارج مهمة جدًا؛ لكن لا بد أن تتم بطريقة طبيعية دون تعالٍ، حتى لاتؤدي إلى نتائج عكسية تتمثل في نفور أكاديميات الداخل من الطريقة التي قد يتعامل البعض معهن بها».

وتوضح أن هذا الاندماج «ينبغي أن يتم ترجمته، لاحقًا، في مشاريع بحثية مشتركة، ورفع قدرات الأكاديميات التدريسية والعلمية، وسد النقص في الخدمات التي تحتاجها بعض المؤسسات العراقية التعليمية».

«نسعى لتقديم تصورات حول مساعدة الأكاديميات الصغيرات، عبر تنظيم ورش تدريبية لهن، ومساعدتهن على التغلب على المصاعب التي تحول دون سفر بعضهن إلى الخارج لاستكمال مشوارهن الأكاديمي بالحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه”.

ميساء جابر
أستاذة بقسم اللغة الإنجليزية في جامعة بغداد

وتتحدث «جابر»، عن «صعوبات الداخل، من تمييز ضد النساء الأكاديميات ووضع عراقيل على ترقيتهن لمناصب قيادية، وغياب للحرية الأكاديمية نتيجة التدخلات المستمرة في عمل أعضاء هيئة التدريس».

وقد تركت «هذه الصعوبات أثرًا داخل ميساء جابر التي قضت خمسة أعوام خارج العراق لنيل درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر البريطانية، قبل أن تعود ثانية في العام 2011، وهو ما جعلها تدرك أن دورها الحقيقي كأكاديمية مقيمة في العراق يجب أن يكون مقاومًا لسياسات التمييز على أساس العرق، وداعمًا للطالبات والأكاديميات في التوعية باختياراتهن، ودفعهن إلى التفكير النقدي».

وتوضح الأكاديمية العراقية: «نسعى لتقديم تصورات حول مساعدة الأكاديميات الصغيرات، عبر تنظيم ورش تدريبية لهن، ومساعدتهن على التغلب على المصاعب التي تحول دون سفر بعضهن إلى الخارج لاستكمال مشوارهن الأكاديمي بالحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، وهي المسألة التي عايشتها خلال رحلتي الدراسية إلى بريطانيا».

وتطمح «جابر» إلى تطور الشبكة لتصبح «كيانًا تنظيميًا مستقلًا، يؤثر بشكل أكبر في الداخل العراقي، ويترك بصمة أوضح على أرض الواقع، ويستوعب الأكاديميات العراقيات اللاتي يحتجن إلى أي مساعدة».

قالت ربى الحَسَني ، باحثة مابعد الدكتوراة في جامعة لانكستر البريطانية، إن أولوية عمل الشبكة هو محاربة التنميط ضد المرأة العراقية (الصورة: ربى الحَسَني)
قالت ربى الحَسَني ، باحثة مابعد الدكتوراة في جامعة لانكستر البريطانية، إن أولوية عمل الشبكة هو محاربة التنميط ضد المرأة العراقية (الصورة: ربى الحَسَني)

كما تضم الشبكة الأكاديمية ممثلات للعراقيات اللاتي ولدن في المهجر، ومنهن ربى الحَسَني، المولودة في العام 1983 بدولة الإمارات، قبل أن تهاجر في سن صغيرة رفقة أسرتها إلى كندا، التي هاجرت العراق بسبب الحرب العراقية – الإيرانية (1980 – 1988).

ولم يحل اغتراب «الحَسَني» عن العراق، الذي زارته لمرات محدودة كانت آخرها في العام 2011، دون حضور المشهد العراقي في أبحاثها، حيث تناولت العدالة الانتقالية في العراق، واستكشاف المقاربات الاجتماعية والسلوكية للمجتمع العراقي.

وتقول في مقابلة عبر برنامج «زووم» لـ«الفنار»: «جزء من عملي وأنشطتي هو محاولة تشبث بالهوية العراقية رغم البعد المكاني، وأسعى لتوظيف عملى البحثي وأنشطتي الأكاديمية، مثل الانضمام إلى شبكة الأكاديميات، في فهم العراق بشكل أعمق». وتضيف الباحثة العراقية في مرحلة ما بعد الدكتوراه بجامعة لانكستر البريطانية: «نسعى في هذه الشبكة لنكون منبرًا لكل الأصوات النسائية الأكاديمية الممثلات لكل العراق بتنوعه الديني والعرقي والجغرافي؛ لأننا نعي أن هذا التنوع يجعله فريدًا».

«نسعى في هذه الشبكة لنكون منبرًا لكل الأصوات النسائية الأكاديمية الممثلات لكل العراق بتنوعه الديني والعرقي والجغرافي؛ لأننا نعي أن هذا التنوع يجعله فريدًا».

ربى الحَسَني
الباحثة العراقية في مرحلة ما بعد الدكتوراه بجامعة لانكستر البريطانية

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وترى «الحَسَني» أن الأولوية لعمل الشبكة هو «تنشيط الحلقات النقاشية حول البحوث الأكاديمية، وخصوصًا التي تركز على الداخل العراقي». كما تطمح الأكاديمية العراقية، والتي درست سابقًا في جامعتي يورك وترينت بكندا، إلى تحويل الشبكة إلى «مؤسسة تعمل على تثقيف الناس، وترفع صوت الأكاديميات من خلال البحوث، وتساهم في تدريب جيل الناشئات، وتشجعهن على الدراسات العليا». وتقول: «لا نريد لهذه الشبكة أن يتم تسييسها. التسييس هو ما دفع ببلادنا إلى حافة الهاوية، بدلًا من استثمار التنوع داخل المجتمع العراقي كأحد الموارد الغالية».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى