في ثلاث لوحاتٍ خيالية، يحاول «آل تاجر» تخيل سيناريوهات بديلة لأخطر نقاط التحول في تاريخ العراق الحديث، وهي ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني وانقلاب عام 1958.
قال «آل تاجر»: «يتصور العمل الأول تأسيس قادة الانقلاب (قاسم وعبد السلام عارف)، حزب معارض لمراقبة ثغرات الحكومة وتصحيحها بشكل سلمي. كما يُظهر العمل قاسم وهو يرتدي خاتم الخطوبة، كما لو أنه قد قرر الزواج وتأسيس أسرة سعيدة. يتصور السيناريو الثاني اعتقال قادة الانقلاب بعد فشل انقلابهم».
ويتخيل العمل الثالث، تمكّن ثوار عام 1920 من طرد الاحتلال البريطاني، والتجمع للاحتفال في مشهد، يظهر تنوع العراق وتناقضاته.
قال «آل تاجر»: «يهيمن الزعماء القبليين على المشهد، وهذا تذكير بواقعنا الآن، وللمشاهد كامل الحق في الحكم على هذا السيناريو البديل».
حضر المعرض صالح إلياس، مسؤول المكتب الثقافي والاعلامي في السفارة العراقية في عمان. قال «إلياس» لـ«الفنار»: «لقد كان من أفضل معارض الفنانين العراقيين، التي حضرتها في عمّان، خلال العامين المنصرمين، إنه معرض استثنائي. يسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية، منذ العهد الملكي حتى الآن، مع لمسة واضحة تستلهم تاريخ العراق القديم ورموزه».
أعجب «إلياس» اختيار الفنان للموضوعات. وقال: «تجذب موضوعاته وأبطال لوحاته المثيرة للجدل الزائرين؛ شخصيًا وقفت مرتين أو ثلاث مرات لأتأمل لوحاته. لقد أنجز التفاصيل بشكل مذهل».
يقولون إن الثورة تأكل أبناءها على الدوام، وينطبق الشيء نفسه على الأيديولوجيات، كما يظهر في مشهد خيالي يصور «إعدام ماركس» على يد عدد من القادة الماركسيين، من بيهم جيفارا ولينين وفيدل كاسترو وآخرين.
قال «آل تاجر»: «يوضح هذا الفرق بين سحر الفكرة والتشويه الذي يلحق بها، بعد تطبيقها على الأرض، عندما ترتبط بالتعصب الأيديولوجي وإلغاء الآخر».
وأضاف: «لا أنتمي إلى مدرسة فنية محددة. في بعض الأحيان يقترح الموضوع قالب العمل. أعتقد أن المهم أن يكون لديك روح واحدة في كل عمل. لكني أميل إلى استخدام التعبيرية، وأعشق أعمال كليمت وتلميذه إيجون شيله».
ناقد اجتماعي فني
بالنسبة لـ «آل تجار» تعتبر اللوحات تصريحاته السياسية والفكرية المشفرة. من الواضح أنه يسخر من تورط المثقفين مع الدجالين في التلفزيون العراقي المحلي، وينتقد عبثية بعض الطقوس الدينية التي تمارس في العراق.
أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.
أضاف «إلياس»: «أن لوحة مداخن مصنع الطابوق بمثابة السهل الممتنع. من الواضح أنها تتحدث عن الانقسام السني الشيعي؛ ولكلٍ منهما ناره الخاصة».
دفعت جائحة كوفيد-19 «آل تاجر» إلى التعبير عن أفكاره، حول أهمية العلم، في لوحته «بحثًا عن الأمل»، التي تصور عالِمًا جالسًا أمام مجهره في مركزية إلهية، وهو محاط بحشد يائس من القادة السياسيين والعسكريين والدينيين (المسيحيين والمسلمين واليهود والبوذيين وغيرهم).
حضر كذلك زيد عصام، وهو مهندس معماري عراقي مقيم في عمان، المعرض لأول مرة منذ الوباء. وقال لـ«الفنار»: «المعرض رائع؛ تمس الأعمال الفنية ضمير كل عراقي، ولا يخجل الفنان من التعبير عن مواقفه الفكرية وقراءته الشخصية للواقع والتاريخ».