أخبار وتقارير

الخبيرة الثقافية باليونسكو نهلة إمام لـ«الفنار»: على صناع القرار الاستفادة من الإنتاج الأكاديمي حول التراث

عقب انتخابها لعضوية لجنة التقييم الدولية، بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، عن الدول العربية، منتصف كانون الأول/ديسمبر الجاري، تسعى نهلة إمام، خبيرة التراث الثقافي غير المادي، إلى تعزيز الوعي بأهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه المؤسسات التعليمية في هذا المضمار.

و«إمام» أستاذة بالمعهد العالي للفنون الشعبية في مصر، وهي من مواليد عام 1958. حصلت على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة، ثم نالت درجة الدكتوراه في فلسفة الفنون الشعبية من أكاديمية الفنون المصرية.

وقد سبق اختيارها لعضوية العديد من اللجان المصرية والدولية، مثل: لجنة الفنون الشعبية والتراث غير العادي بالمجلس الأعلي للثقافة في مصر، والمنظمة الدولية للفن الشعبي، وهي ممثلة مصر في اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي باليونسكو.

في مقابلة مع «الفنار»، رأت «إمام» أن عالمنا العربي شهد خلال السنوات الأخيرة «زيادة في الوعي بأهمية الحفاظ على التراث، وأن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في إدارة نقاش حيوي حول سبل صون التراث المادي واللا مادي».

وهنأت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة في مصر، «إمام» عقب فوزها بعضوية لجنة التقييم الدولية في اليونسكو بعد أن حصل مرشح الجزائر على صوتين، ومرشح تونس على صوت واحد، في حين نالت المرشحة المصرية تأييد 21 دولة من إجمالي 24 صوتًا. وقالت «عبد الدايم»: «يمثل فوز نهلة إمام انتصارًا وطنيًا جديدًا يعكس جهود الدولة فى الخارج لتأكيد الريادة المصرية».

ساهمت خبيرة التراث الثقافي المصرية، خلال السنوات السابقة، في تجهيز ملفات مصر أمام اليونسكو لتسجيل بعض عناصرها التراثية ضمن قوائم المنظمة الدولية لصون التراث المادي واللا مادي. ومن الملفات التي نجحت في حسم تسجيلها: «لعبة الأراجوز»، و«النسيج الشعبي» في صعيد مصر، و«النخلة»، و«الخط العربي».

«الانتخابات لعضوية المنظمات الدولية تعتمد بالأساس على جهد سياسي من الدولة، بالإضافة إلى كفاءة المرشح»

نهلة إمام
 خبيرة التراث الثقافي غير المادي

وثمنت «إمام» جهود وزارة الخارجية المصرية لدعم انتخابها لعضوية لجنة التقييم. وقالت: «الانتخابات لعضوية المنظمات الدولية تعتمد بالأساس على جهد سياسي من الدولة، بالإضافة إلى كفاءة المرشح»، مشيرة إلى أن الوفد المصري في اليونسكو «تمكن من حشد أصوات الدول الأعضاء لانتخابها، بعد أن تم ترشيحها رسميًا».

وقالت إن الخطوة الأولى في ترشيحها جاءت عقب نشر سيرتها الذاتية عبر موقع المنظمة الدولية، حيث أتيح لأعضاء المنظمة الأممية التعرف على «مستوى كفاءتها العلمية، وخبراتها السابقة» وأوضحت أن عملها طوال سنوات في ملفات تسجيل بعض العناصر التراثية جعلها «وجهًا معروفًا لدى غالبية ممثلي الوفود»، ومع ذلك، اعتبرت فوزها بعضوية اللجنة الدولية للتقييم «مفاجأة كبيرة».

وتضم لجنة التقييم الدولية في اليونسكو 12 عضوًا، ومدة عضوية اللجنة 4 سنوات. وتخاطب المنظمة الدول الأعضاء لتقديم مرشحيها في عضوية اللجنة. ووفقًا لـ«إمام»، فإن «مهمتها البت في الملفات المقدمة من الدول الأعضاء لتسجيل عناصرها ضمن قوائم التراث المادي واللا مادي المهدد» .

تعريف التراث

وتُعرّف نهلة إمام، التراث غير المادي، بأنه «عناصر مختلفة من التراث، كالعادات والتقاليد، والفنون، والحرف التقليدية، والأمثال والحكايات، مثل: التحطيب، والفخار، والنقش على النحاس، والسيرة الشعبية والنسيج اليدوي». وقالت خبيرة التراث الشعبي إن عضويتها في لجنة التقييم الدولية في اليونسكو «لا تعني بالضرورة تعاطفها مع الملفات التي تقدمها الدول العربية، لتسجيل عناصرها التراثية»، مؤكدة أن تقييم أي ملف «لابد أن يعتمد على حيثيات واضحة  للقبول، أو الرفض».

وتابعت حديثها مع «الفنار»: «أتعامل بمهنية ولا أعد بأية استثناءات، لكنني على استعداد لتقديم خبرتي لأي دولة عربية بصدد العمل على تسجيل عناصرها التراثية». وأوضحت: «عمل أعضاء اللجنة يتشابه مع عمل القضاة في إصدار الأحكام استنادًا إلى حيثيات وأدلة علمية موضوعية».

«ينبغي على صانع القرار الالتفات لقيمة البناء الثقافي والاجتماعي عند اتخاذ أي قرار، ولابد أن تضع خطط التنمية في أولوياتها، التراث الثقافي والاجتماعي للمواطنين»، معتبرة الباحثين في المجال الاجتماعي بمثابة «الجنود في عمليات التنمية

نهلة إمام  

وناشدت «إمام» الدول العربية الراغبة في تسجيل مواقعها وعناصرها التراثية على قوائم اليونسكو، بإعداد ملفاتها على «أسس علمية تراعى المعايير الدولية». وأكدت خبيرة التراث الشعبي أن التسجيل على قوائم اليونسكو «يمثل هدفًا مهمًا، لكن لا ينبغي أن يمثل الأهداف كافة».

وفصّلت رؤيتها بالقول: «الهدف هو زيادة المردود الإيجابي بعد التسجيل، والعبرة بالإجراءات التي تقوم بها الحكومات لصيانة عناصرها التراثية والحفاظ عليها. كما أن الخطوة الأهم، في الوقت الحالي، تتمثل في إعداد الأرشيفات على أساس علمي». وأشارت كذلك إلى «أهمية تكاتف منظمات المجتمع المدني والأفراد لحث الحكومات على تبني خطط واضحة لحماية تراثها، وزيادة وعي مواطنيها بقيمة التراث، والعمل على توطين عناصره ودمجها في الحياة اليومية».

وفيما يتعلق بزيادة الوعي، تنظر «إمام» بعين التقدير إلى «الأدوار التي يلعبها بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، للتوعية بمكونات التراث المادي واللا مادي». وتوضح: «ساهم المحتوى الإلكتروني في حشد الأفراد للدفاع عن التراث، وزيادة الوعي العلمي بمكانته».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وخلال مقابلتنا معها، دعت خبيرة التراث الثقافي، صناع القرار في العالم العربي إلى «الاستفادة من الإنتاج الأكاديمي حول الموضوع؛ فالعالم العربي يمتلك مساهمات أكاديمية كبيرة واعية بقيمة التراث». وقالت: «ينبغي على صانع القرار الالتفات لقيمة البناء الثقافي والاجتماعي عند اتخاذ أي قرار، ولابد أن تضع خطط التنمية في أولوياتها، التراث الثقافي والاجتماعي للمواطنين»، معتبرة الباحثين في المجال الاجتماعي بمثابة «الجنود في عمليات التنمية».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى