أخبار وتقارير

ليبيا: زيادة أجور الأساتذة خطوة على طريق إنعاش التعليم الجامعي

بعد أعوام من رفع الشعارات، والهتاف بالمطالب، أنهى أعضاء هيئة التدريس الجامعي في ليبيا، اعتصامهم، واستؤنفت الدراسة، (السبت)، عقب إبرام اتفاق قانوني مع الحكومة، يقضي بزيادة أجورهم.

ويتضمن الاتفاق، الذي أبرم نهاية الأسبوع الماضي، بين النقابة العامة لأعضاء هيئة التدريس الجامعي، ووزير التعليم العالي عمران القيب، إقرار الزيادات المستحقة لأجور الأساتذة على راتب شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مع منح النقابة حق إلغاء قرارها بـ«تعليق الاعتصام»، في حالة إخلال الطرف الثاني بتنفيذ التزاماته.

ونقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الليبية، مؤسسة مسجلة منذ العام 1997، تتولى الدفاع عن حقوق منتسبيها، والتعبير عن مواقفهم.

يقول عبد الفتاح السايح، النقيب العام لأساتذة الجامعات الليبية، لـ«الفنار»: «إقرار زيادة الأجور، جاء بعد خمس سنوات ونصف من المعارك الصعبة، في تتويج لجهود النقابة كجهة ملتزمة بالدفاع عن حقوق منتسبيها، دون أن يكون لها سلطة تنفيذية أو تشريعية».

وتشمل الزيادة، وفق قرار مجلس الوزراء الليبي رقم 126، رفع أجور الأساتذة بنسبة 70%، وزيادة قيمة ساعات العمل الإضافية أسبوعيًا، من 15  إلى 22 دولارًا أمريكيًا للساعة الواحدة.

ونص الاتفاق على تقديم بعض الامتيازات الأخرى، مثل: «تسوية أوضاع أعضاء هيئة التدريس العائدين من الإيفاد، والذين يتقاضون ربع أجرهم، أو الموقوفة أجورهم، والذين غيروا صفتهم من معيدين إلى أعضاء هيئة تدريس».

وبدورها، رحبت نقابات الجامعات الليبية، في أكثر من تعليق، بخطوة إبرام الاتفاق القانوني الملزم، بإدراج زيادات رواتب الأساتذة، مع الالتزام بإنهاء الاعتصام، والعودة إلى العملية التعليمية.

«إقرار زيادة الأجور، جاء بعد خمس سنوات ونصف من المعارك الصعبة، في تتويج لجهود النقابة كجهة ملتزمة بالدفاع عن حقوق منتسبيها، دون أن يكون لها سلطة تنفيذية أو تشريعية».

عبد الفتاح السايح
 النقيب العام لأساتذة الجامعات الليبية

ويقول صلاح الدين شريف، الأستاذ بكلية العلوم في جامعة بنغازي لـ«الفنار»: «الأزمة لم تنته كليًا، لكن الاتفاق مكسب كبير للنقابة في اختبار قدرتها على الدفاع عن حقوق الأساتذة، وكذلك لتحسين أوضاعهم في سبيل الارتقاء بالعملية التعليمية التي تدهورت أحوالها في السنوات الأخيرة».

وتتراوح معدلات الأجور الشهرية للأساتذة، الذين يتوزعون على الجامعات الحكومية في ليبيا، بين 950 دينارًا (237 دولارًا أمريكيًا) للمدرس المساعد، و2100 دينار ليبي (525 دولارًا أمريكيًا) للأستاذ المشارك.

سنوات من المطالب

تعود بداية تحركات أساتذة الجامعة في ليبيا، نحو المطالبة بحقوقهم المالية، إلى أكثر من خمس سنوات، حيث عكفت نقابتهم، في ذلك الوقت، على دراسة أسباب «تجاهل» الجهات الحكومية تنفيذ المقترحات السابقة بزيادة أجورهم.

بعد فترة من الزمن، أدرك مسؤولو النقابة أن عليهم «طرح مسارات قانونية بديلة لانتزاع حقوق الأساتذة، بدلًا من تقديم مشاريع قانون جديدة إلى البرلمان الليبي»، في خطوة يتحدث عنها السايح قائلًا: «أدركنا ضرورة البحث عن قانون قائم بالفعل، ينص على زيادة أجورنا، دون الحاجة إلى تشريع جديد، بعدما رأينا الانقسام الرسمي في ليبيا، بين شرق وغرب، خلال السنوات الأخيرة، فضلًا عن مخاوفنا من التعاطي بشكل بيروقراطي مع أي مقترح بتشريع قانون جديد».

لهذه الأسباب، طرح نقيب أساتذة الجامعات الليبية، على مؤسسات الدولة، في الشرق والغرب، إجراء تعديل في قانون قائم، وهو لائحة رقم (501) لسنة 2010، بحيث يتم إلزام السلطات بإدراج زيادة مالية لجميع الأساتذة بالجامعات.

وبالتزامن مع تقديم هذا المقترح القانوني، طورت النقابة – كما يقول السايح – استراتيجيات التفاوض مع السلطات الليبية «عبر تشكيل جماعات ضغط من داخل مراكز صناعة القرار، إلى جانب تأسيس منصات إعلامية وقانونية، للدفاع عن حقوق الأساتذة والضغط على الحكومة».

وفي سابقة أولى، دعت النقابة، منتسبيها من أساتذة الجامعات إلى الدخول في «إضراب شامل» ومفتوح في سبتمبر/ أيلول من عام 2019، على وقع حرب طاحنة كانت تدور رحاها، في ذلك الوقت، على أطراف العاصمة الليبية طرابلس، بين قطبي الاقتتال الأهلي، في الشرق والغرب.

«نطمح  إلى إعادة تأهيل الأساتذة أكاديميًا، خلال الفترة المقبلة، وتطوير المؤسسات التعليمية القائمة، لتكون منسجمة مع احتياجات التنمية والتوظيف».

صلاح الدين شريف
عضو نقابة هيئة التدريس جامعة بنغازي

منذ ذلك الحين، واصلت النقابة دعواتها إلى الإضراب، مرة بعد أخرى. وكان آخر محطاتها مع الفعل الاحتجاجي، هذا الشهر، حيث تكللت جهودها بتوقيع الاتفاق القانوني مع الحكومة.

يقول نقيب أساتذة الجامعات في ليبيا: «خيار الإضراب كان مكلفًا لجميع الأساتذة، في ظل اضطراب الأوضاع الأمنية، والتهديدات المكتوبة التي كانت تصل إلى بعضنا، ومحاولات البعض اختراق صفوفنا لإفشال جهود التنظيم. لكنها كانت أحد الوسائل الناجحة في انتزاع حقوقنا».

خطوات مقبلة

ومن واقع الخطاب العام لأساتذة الجامعات، فإن ما تحقق حتى الآن، يبدو خطوة من بين خطوات أخرى على مسار ممتد، حيث تعتزم النقابة بدء مسار تفاوضي مع وزارة التعليم العالي، حول  «كثير من القضايا التي تتعلق بتحسين صورة عضو هيئة التدريس، ومساعدته في تطوير أبحاثه بطرق عملية، وتسهيل عودة المبتعثين».

وعن ذلك، يقول صلاح الدين شريف، عضو نقابة هيئة التدريس جامعة بنغازي: «الأستاذ الجامعي الليبي أصبح محاصرًا في الداخل والخارج، في ظل صعوبات تعوق دون تطوير أبحاثه العلمية في الداخل، بالإضافة إلى استحالة فكرة السفر، في ظل ندرة فرص العمل الأكاديمي بالخارج، وتكلفة السفر الكبيرة».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

ويضيف شريف، الحائز على الدكتوراه من جامعة جلاسكو البريطانية عام 2017: «أصبحنا في عيون الخارج أشخاصًا مثيرين للريبة، على أساس أننا قادمين من مناطق حروب ونزاعات». وانطلاقًا من هذه المعطيات للواقع الأكاديمي في ليبيا، يخطط شريف، بالتنسيق مع النقابة العامة، لطرح حزمة القضايا المثارة بهذا الشأن، على جميع الجهات المعنية، على أمل تحسين أوضاع التعليم العالي في الجامعات الليبية. ويختم بالقول: «نطمح  إلى إعادة تأهيل الأساتذة أكاديميًا، خلال الفترة المقبلة، وتطوير المؤسسات التعليمية القائمة، لتكون منسجمة مع احتياجات التنمية والتوظيف».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى