أخبار وتقارير

المغرب: المتحف الجامعي للنيازك.. مؤسسة بحثية طموحة في دراسة علوم نادرة

بعد خمسة أعوام من تأسيسه، كأول متحف متخصص في حفظ النيازك الفضائية، عربيًا وأفريقيًا، يبرز المتحف الجامعي للنيازك بجامعة ابن زهر بأكادير جنوب المغرب، كمؤسسة طموحة في دراسة وبحث هذه العلوم النادرة بالقطاع الأكاديمي في المنطقة.

يعود تاريخ إقامة المتحف إلى العام 2016، حيث أنشأته الجامعة، للقيام بأدوار أكاديمية، ومن أجل حفظ وتثمين الموروث العلمي من النيازك التي تتساقط بكثرة في الصحاري المغربية، والسعي إلى تقريبها من الطلبة والباحثين.

يقع المتحف داخل الحرم الجامعي، ويضم جناحين؛ أحدهما مخصص لعرض القطع النيزكية المتنوعة التي يمتلكها المتحف، مرفقة بشروحات ومعلومات تفصيلية عنها. أما الجناح الثاني، فمخصص للعروض السمعية والبصرية والأفلام الوثائقية ذات العلاقة بالنيازك والفلك. كما تحتوي واجهات أخرى من المتحف على عروض لصور توضيحية، ومعلومات عن كيفية البحث عن النيازك والأدوات المستعملة في ذلك، إضافة الى إحصائيات ومواقع تساقط النيازك بالمملكة المغربية.

أدوار علمية

عن المتحف، وأدواره، تحدث رئيس ومؤسس المتحف الجامعي للنيازك في أكادير، الدكتور عبد الرحمن إبهي، لـ”الفنار”، قائلًا: “المتحف هو الأول من نوعه في العالم العربي وأفريقيا، ويضم حاليًا أكثر من  150 قطعة نيزكية من المغرب والدول العربية وأوروبا،منها نيازك ذات قيمة علمية مهمة، مثل نيزك تيسنت المريخي، إضافة الى نيازك قمرية وقطعة أيضا من النيزك المسمى (تشيليا بنسك) الذي سقط في روسيا قبل سنوات”.

“المتحف هو الأول من نوعه في العالم العربي وأفريقيا، ويضم حاليًا أكثر من 150 قطعة نيزكية من المغرب والدول العربية وأوروبا،منها نيازك ذات قيمة علمية مهمة”،

عبد الرحمن إبهي  
رئيس ومؤسس المتحف الجامعي للنيازك في أكادير

ويضيف إبهي، وهو باحث في علم النيازك، أن إنشاء متحف للنيازك بالجامعة “كان حلمًا قبل سنوات طويلة. ومنذ تأسيسه، يؤدي المتحف أدوارًا علمية مهمة، منها تقريب علم دراسة النيازك من الطلبة والباحثين، كما يحفظ أيضًا النيازك المغربية من الضياع، أو مغادرتها البلاد بطرق غير قانونية”.

ويدرس طلبة الجيولوجيا، بكلية العلوم بجامعة ابن زهر، وحدات دراسية متخصصة في النيازك والفلك، ويوفر لهم المتحف الجامعي للنيازك فرصًا للتدريب والأعمال التطبيقية، والعمل عن قرب على عينات من النيازك، دون الحاجة إلى السفر عبر الصحاري للبحث عنها. ويتردد الباحثون والطلبة من داخل المغرب، ومن الخارج، على المتحف الذي يعد كذلك وجهة سياحية لزوار مدينة أكادير.

جانب من أحد قاعات المتحف
جانب من أحد قاعات المتحف

ويحكي طالب الدكتوراه، لحسن اكنين، تجربته العلمية في متحف النيازك بأكادير، حيث يقول إن المتحف “وفر له فرصة ثمينة لاكتشاف النيازك وتصنيفها، والقيام بالدراسات العلمية اللازمة على عينات منها في مختبرات الجامعة”. ويضيف اكنين، وهو أول طالب في علوم الجيولوجيا يناقش بحثه في علم النيازك بجامعة ابن زهر: “المتحف وفر لي الكثير من الجهد والوقت الذي كان سيستغرقه السفر إلى بلدان أخرى، بحثًا عن أشياء متوفرة بالفعل داخل المتحف”. وكان موضوع رسالته للدكتوراه هو “نيازك أفريقيا”، وقد عمل خلالها على نيزك يسمى “توفاسور Toufassour“سقط في منطقة طاطا بالجنوب الشرقي للمغرب، حيث أجرى عليه الدراسة المعدنية والبترولوجية، وخلص إلى نتائج “مهمة أضافت رصيدًا أكاديميًا للمتحف الجامعي للنيازك وجامعة ابن زهر بأكادير”، وفق تعبيره.

متحف تفاعلي

يسعى القائمون على المتحف الجامعي إلى تطوير المشروع، عبر الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة. وعن ذلك، يقول رئيس المتحف إن فريق العمل يعكف حاليًا على “تطوير مشروع المتحف الافتراضي والتفاعلي، بالتعاون مع مدينة الابتكار بأكادير”، موضحًا أن المتحف “سيتعزز قريبًا بتكنولوجيا الزيارة الافتراضية باستخدام تقنية 360 درجة (للتجول البصري عبر الكاميرا)، وسيتمكن الزوار من الغوص في عوالم النيازك والفلك بشكل تفاعلي، وباستخدام أحدث التقنيات المتوفرة في المتاحف العالمية”. ويضيف عبد الرحمن إبهي أن المتحف “سيعمل أيضًا بتقنية المسح الضوئي الثلاثي الأبعاد للقطع النيزكية المتاحة لديه، وسيتم تجسيدها باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، والتي ستمكن إدارة المتحف من إنتاج مجسمات تحاكي بعض القطع الأصلية النادرة للنيازك”.

“المتحف وفر لي الكثير من الجهد والوقت الذي كان سيستغرقه السفر إلى بلدان أخرى، بحثًا عن أشياء متوفرة بالفعل داخل المتحف”.

لحسن اكنين
طالب دكتوراة

نشر الثقافة

ولا يكتفي المتحف الجامعي للنيازك بالأدوار العلمية داخل أسوار الجامعة، ولكنه يتجاوزها إلى نشر ثقافة النيازك خارجها، وذلك من خلال “مساعدة الهواة، وصيادي النيازك من الرُحّل وغيرهم، على التعرف على طبيعة هذه الأحجار التي يلتقطونها في الصحاري”.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

ويعد المغرب من الدول المعروفة بتسويق النيازك عالميًا، حيث “يتم تهريبها من الصحاري المغربية إلى المتاحف العالمية”. وبعدما أصدر مؤسس المتحف الدكتور عبد الرحمن إبهي، كتابًا في العام 2018، يحمل عنوان:  دليل النيازك، باللغتين العربية والفرنسية، كأول دليل عربي وأفريقي عنها؛ جاء كتابه الثاني، العام الجاري، بعنوان: المرشد في النيازك، والذي تناول فيه “قصة أكثر من مائة نيزك”، بهدف “نشر ثقافة النيازك لدى قطاع واسع من المهتمين والطلبة، وبما يثري المكتبة العربية في هذا المجال الذي يشهد فراغًا من الإصدارات المتخصصة في علوم النيازك”، بحسب تعبيره.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى