أخبار وتقارير

لمواجهة التغير المناخي.. شهادة دولية في الماجستير حول البيئة بمشاركة 11 جامعة أورومتوسطية

بغية تحسين الأداء الإنساني تجاه القضايا البيئية، بحوض البحر الأبيض المتوسط، تنتظر إحدى عشرة جامعة بالمنطقة الأورومتوسطية، بنهاية الموسم الجامعي الجاري (2021 – 2022) ثمرة تعاونها العلمي، في تخريج أول دفعة من حملة «الماجستير الدولي في البيئة».

يأتي المشروع ضمن برنامج «إيراسموس بلس» الأوروبي، والمعني بتسليط الضوء على قضايا البيئة بحوض البحر المتوسط، وتطوير البحوث الرامية إلى مواجهة ظاهرة التغير المناخي.

وفق لطيفة بولحية، منسقة الماجستير الدولي حول التغيرات البيئية بالبحر المتوسط، في جامعة قسنطينة 3 (شرق الجزائر)، فإنه تم اختيار البيئة كتخصص من جانب الشركاء الفاعلين في المشروع.

وأوضحت في تصريح لـ«الفنار»: «هذا الماجستير الدولي هو الأول من نوعه، ويهدف إلى تكوين مُسيّرين للبيئة في كل البلدان المشاركة، وهي: الجزائر، وتونس، والمغرب، وإيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا». ولا تستبعد كذلك «تطور المشروع مستقبلًا، لتخريج أول دفعة دكتوراه دولية في نفس التخصص، وذلك بعد نهاية مدة المشروع الأول (شهادة الماجستير الدولية)، الذي يمتد لأربع سنوات على دفعتين، بواقع عامين دراسيين لكل دفعة».

من جانبه، يقول حاتم دوادي، من جامعة المنستير بتونس، وأحد المدرسين في الماجستير الدولي للبيئة، لـ«الفنار»: «نحن نسعى، في الوقت الراهن، إلى إنجاح الخطوة الأولى، وهي الخروج بنتائج بحثية راقية، تمثل نجاحًا للمسار الدراسي والمشروع ككل. بعد ذلك، يتم التفكير في مشروع الدكتوراه الذي أتمنى أن يكون إضافة رائعة إن تحققت».

«هذا الماجستير الدولي هو الأول من نوعه، ويهدف إلى تكوين مُسيّرين للبيئة في كل البلدان المشاركة، وهي: الجزائر، وتونس، والمغرب، وإيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا».

لطيفة بولحية  
منسقة الماجستير الدولي حول التغيرات البيئية بالبحر المتوسط، في جامعة قسنطينة 3 (شرق الجزائر)

واجتمعت ست دول في مشروع الماجستير الدولي؛ ثلاث من شمال حوض البحر الأبيض المتوسط، وثلاث بالضفة الجنوبية، وبالأخص الدول المغاربية. وتوضح «بولحية»: «من الشمال، جامعة جيرونا بكتالونيا الإسبانية، وقد دخلت المشروع كمنسق رئيسي، وجامعة ساساري بإيطاليا، وجامعة السوربون بباريس، أما عن الجانب المغاربي، فنجد جامعتي مونستير، وسوسة من تونس، وجامعات قسنطينة 3، وبرج بوعريريج، ومستغانم بالجزائر، وكذلك جامعات محمد الأول، وعبد المالك السعدي، وسيدي محمد بن عبدالله بالمغرب، بالإضافة إلى مشاركة بعض المعاهد والوكالات علمية من الجزائر، وتونس، وإسبانيا».

ويبلغ عدد الدارسين، تحت لواء الماجستير الدولي، في دفعته الأولى 120 طالبًا، من الدول الست، تجمعهم برامج ودراسات مشتركة.

ويخضع البرنامج، أحيانًا، إلى بعض التعديلات بالنظر إلى الوضعية الصحية في كل بلد. في الجزائر – تقول «بولحية» – «يتم الاعتماد على الاتصالات الشهرية (التعليم عن بعد) مع إجبارية الحضور كل ستة أشهر، ويتم التركيز بالبرنامج الدراسي عمومًا على التفاعل ما بين البيئة والإنسان. ويشرف على التدريس أساتذة أكفاء. وتختتم كل دفعة دراستها بعد عامين بشهادة تحمل توقيعات كل الجامعات والمعاهد، الشركاء في إنجاح شهادة الماجستير الدولية، بعنوان: مدراء أو مُسيّرين للبيئة».

international master's
أول يوم من الماستر الدولي- جامعة قسنطينة 03

وعن ذلك، يقول الطالب بلخرشوش أيوب، من جامعة قسطنطينة 3، وأحد الدراسين بالماجستير الدولي في البيئة: «التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، ساهمت بشكل كبير في إنجاح شهادة الماجستير الدولية». ولا يرى «أيوب»، أي مفاضلة بين مادة دراسية وأخرى، فكلها – كما قال لـ«الفنار» –  «مهمة، وتهدف إلى تكوين كادر مستقبلي واعد، في تسيير البيئة، وخلق محيط صالح للعيش بكل المقاييس»، حيث يدرس، كغيره من بقية الطلاب، بضعة مواد تعنى بالبيئة، كالتفاعل بين التغيرات البيئية ونشاطات الإنسان، والتفاعل بين التغيرات البيئية والطبيعة، وكيمياء البيئة، والإحصاء، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، والتقنية والقواعد العلمية.

وحول مشروعه العملي المرتبط بتلك الدراسة، يقول بلخرشوش أيوب: «سأعمل على تسيير، وإعادة تدوير نفايات البناء بطريقة مستدامة حيث سيشمل مشروعي، العمل على ثلاث قطاعات، الأول: على مستوى البيئة، حيث سيعمل مخططي على حماية البيئة من التخلص العشوائي من النفايات، والتقليل من الانبعاثات والتسربات السامة من مواقع البناء. الثاني: على المستوى الاقتصادي، من خلال إعادة التدوير. الثالث: وهو الجانب الاجتماعي، حيث يستهدف المشروع خلق فرص عمل أكثر للحد من مشكلة البطالة».

وحول تقييم المرحلة الجارية من المشروع، يقول خالد فوضيل، من جامعة قسنطينة 3 بالجزائر، وأحد المدرسين بشهادة الماجستير الدولية: «الأمور تسير في الطريق الصحيح، بالنظر للإمكانيات المسخّرة من أجل تحصيل جدّي للطلبة، وضمان مناخ مناسب للتعلم، وتقوية القدرات المعرفية في تخصص التغيرات البيئة في المتوسّط».

«الأمور تسير في الطريق الصحيح، بالنظر للإمكانيات المسخّرة من أجل تحصيل جدّي للطلبة، وضمان مناخ مناسب للتعلم، وتقوية القدرات المعرفية في تخصص التغيرات البيئة في المتوسّط».

خالد فوضيل  
من جامعة قسنطينة 3 بالجزائر

ويضيف: «رغم أنه لا يمكن، في الوقت الراهن، تقديم حكم نهائي على المشروع، لأن المنتوج المتمثل في نخبة الطلبة المكوَّنين، لم يتمّ تجربتها بعد في مناصب العمل والقرار، ولم يقوموا بعد بمناقشة مذكرات تخرجهم، إلا أن هناك بعض المؤشرات تشير إلى أن المشروع في طريق النجاح، بالنظر إلى مستوى الطلبة وحيويتهم في البحث والتعلم».

ويتولى القائمون على المشروع تكييف كل مواد الدراسة حول التخصص، وهو البيئة؛ فحاتم دوادي، على سبيل المثال، يُشرف على تدريس عدة وحدات، كالأسس العلمية لتغير المناخ، وتنظيم وإدارة موارد المياه، بالإضافة إلى المعالجة الطبيعية، ومعالجة المياه العادمة، ومعالجة النفايات واستعادتها، والتقنيات النظيفة. أما خالد فوضيل، فيقول إنه أشرف على تدريس التداخلات بين التغيرات البيئية ونشاط الإنسان، والذي يهدف أساسًا إلى تقوية قدرات الطلاب على فهم التحدّيات البيئية الكبرى، وعلاقة نشاط الإنسان وأثره على البيئة.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ويعد نجاح المشروع، وترقيته مستقبلًا إلى درجة الدكتوراه الدولية في نفس التخصص، «الأمل المشترك» بين منسقي المشروع وعدد من الأساتذة والطلبة، أكان في الجزائر أو خارجها. ولذلك، يرى «فوضيل» أنه «على حكومات الدول الست أن ترافق المشروع حتى النهاية وبعدها، لأن الأهم هو مرافقة الباحثين بعد التخرج لتجسيد دراساتهم على الأرض». ويضيف: «هدف المشروع هو تحسين الأداء تجاه البيئة في حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك لن يتأتى إلا بتضافر الجهود، ووقوف الحكومات في صف الباحثين، خاصة وكلنا يعلم بحجم التغيرات البيئية والمناخية في هذه الرقعة الجغرافية».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى