أخبار وتقارير

ليبيا: ضوابط لتوفيق أوضاع الجامعات الخاصة ومواجهة «الشهادات المزورة»

منح عمران القيب، وزير التعليم العالي والبحث العلمي في ليبيا، 64 جامعة وكلية خاصة، مهلة قدرها 30 يومًا، لإصلاح أوضاعها وفقًا لمعايير الجودة المعمول بها في جامعات ليبيا. وقال في بيان رسمي نُشر على صفحة الوزارة الرسمية بموقع «فيسبوك»: «وجود 74 جامعة خاصة في ليبيا رقم غير منطقي مقارنة بعدد السكان الذي يبلغ 7 ملايين نسمة».

ونص القرار على السماح لـعشر جامعات ومؤسسات تعليم عالٍ خاصة فقط، بقبول طلاب جدد، بعد حصولها على اعتماد مؤسسي وبرامجي من المركز الوطني لضمان الجودة والاعتماد، فيما يحظر على باقي الجامعات قبول طلاب جدد، إلا بإذن من الوزارة ومراجعة المركز الوطني، كما تراجع الجامعات العشر المسموح لها وزارة التعليم العالي بخصوص تسمياتها.

الجامعات الخاصة العشر هي برنيتشي للعمارة والعمران في بنغازي، والجامعة الليبية البريطانية ببنغازي، والتحدي لطب الأسنان بطرابلس، وكلية خليج ليبيا لطب وجراحة الفم والأسنان بطرابلس، والجامعة الليبية للعلوم الطبية ببنغازي، والحاضرة للعلوم الإنسانية والتطبيقية، والجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية، وجامعة إفريقيا للعلوم الإنسانية والتطبيقية، وطرابلس الأهلية، والرفاق للعلوم الإنسانية والتطبيقية في طرابلس.

من بين 74 مؤسسة تعليم عالٍ خاص في ليبيا، لم تحصل سوى 8 منها فقط على الاعتماد، بحسب الموقع الرسمي للمركز الوطني لضمان الجودة، بينما تعمل كافة المؤسسات الأخرى بإذن، من قسم التعليم الخاص بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهو الأمر الذي يحاول وزير التعليم العالي تقنينه، وفقا لمعايير الجودة لضمان حقوق الطالب الليبي.

قال «القيب»: «الوزارة لن تسمح بهذه الفوضى لصالح دكاكين تبيع الشهادات وتتاجر فيها». وبحسب وزير التعليم العالي، فإن هذه المؤسسات مطالبة بمراجعة أوضاعها من ناحية المباني الجامعية، وقدرتها على الاستيعاب، وموقع الجامعة والتجهيزات داخل المباني، وتعيين ما يعادل 25% من مجموع أعضاء هيئة التدريس، من الحاصلين على الماجستير والدكتوراة. وأضاف: «ستدعم الوزارة الجامعات التي تلتزم بهذه المعايير».

«الوزارة لن نسمح بهذه الفوضى لصالح دكاكين تبيع الشهادات وتتاجر فيها».

عمران القيب
وزير التعليم العالي والبحث العلمي في ليبيا

من ناحية أخرى يرفض طلاب بالجامعات الخاصة قرار وزير التعليم العالي. وقالت ليلى رضا، الطالبة بالسنة الثالثة، بإحدى الجامعات الخاصة: «التوقيت غير مناسب، على الرغم من أنه يسمح باستمرار الطلاب في جامعاتهم، التي يسري عليها القرار، إلا أنه يثير حالة من الريبة والشكوك، حول جدوى الدراسة، ما لم يكن هناك اعتراف بالشهادات فيما بعد».

السيطرة على التعليم الخاص ضرورة

تقرير اتحاد الجامعات المتوسطية (UNIMED)، الصادر في 2020، تحت عنوان (لماذا تبدأ ليبيا)، أعده مارتشيلو سكاليزي، مدير الاتحاد، ودعا ليبيا إلى ضرورة تعزيز السيطرة على انتشار مؤسسات التعليم العالي الخاصة، لتجنب النمو غير المنضبط، للمؤسسات التي لا تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، ومعايير ضمان الجودة والاعتماد.

وحول أسباب زيادة انتشار التعليم الجامعي الخاص، تعتقد فاطمة الفلاح، الأستاذة المساعدة في علم النفس التربوي، ومديرة إدارة ضمان الجودة بجامعة بنغازي في ليبيا، أن التوسع الكمي في التعليم الجامعي الخاص في ليبيا، يمثل استجابة لتزايد الطلب من خريجي الثانوية العامة، على الالتحاق بالتعليم الجامعي، مما شكل ضغطاً كبيراً على الجامعات العامة كمدخلات تعليمية، مع عدم كفاية إمكانياتها المادية لتستقبل هذه الأعداد الهائلة.

«قرار شجاع ويرجى أن يوازيه قرارات وإجراءات رادعة لحاملي الشهادات المزورة، والتنبيه عن الجامعات المانحة لها».

الدكتور رضا العوكلي  
وزير الصحة الليبي الأسبق

أضافت: «أن ذلك الأمر زاد من توافد الطلاب ذوي المعدلات المنخفضة على الجامعات الخاصة، مع تهاون بعضها في ضوابط ومعايير القبول والدراسة، لأن بعض هذه المؤسسات الخاصة أنشئ كمشروع تجاري هدفه الربح والكم لا الكيف، هذا بالإضافة إلى انعدام البنية التحتية التقنية لتواكب استخدام أنماط ووسائل التعليم الحديثة، مع قصور التعليم الجامعي العام في بعض التخصصات العلمية وأنظمتها التقليدية، وعدم مواكبتها للتطورات الحديثة، كل ذلك ساهم في انتشار القطاع الجامعي الخاص».

تزوير الشهادات

انتشرت في الآونة الأخيرة الشهادات الجامعية المزورة في ليبيا، حيث كشف مكتب المتابعة وتقييم الأداء بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عن ضبطه مجموعة من الشهادات المزورة،كما كشفت جامعة نالوت أيضًا عن عدد منها. وهو ما يرجعه أساتذة في ليبيا إلى «فوضى الجامعات التي انتشرت منذ قيام الثورة».

وكان النائب العام، الصدّيق الصور، طلب موافاته بتقرير يفصل حالات التعدي، التي تعرضت لها المواقع التعليمية، وبياناً بأسماء مستخدمي الشهادات المزوّرة، وملفات المؤسسات التعليمية غير المرخصة، إضافة إلى بيانات وقائع مخالفة بعض عناصر الجهات الأمنية للوائح المنظمة للدراسة والامتحانات، لمباشرة إجراءات التحقيق في مواجهة مرتكبيها.

قال محمود عبد السلام، أستاذ الاقتصاد بجامعة سرت، والمقيم خارج ليبيا حالياً، في اتصال هاتفي لـ«الفنار»: «الشهادات المزورة وسيلة للحصول على وظيفة حكومية، أو الترشح لمنصب سياسي، ويجب محاكمة مرتكبي هذه الجرائم، لأنها تهدر حقوق أصحاب الشهادات الحقيقية، إضافة لتأثيرها على سمعة الجامعات الليبية في الداخل والخارج».

«الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في دواعي وأهداف التوسع الكمي فيه، والتدقيق على الموجود منه للمحافظة على جودة أدائها ومخرجاتها».

فاطمة الفلاح
الأستاذة المساعدة في علم النفس التربوي، ومديرة إدارة ضمان الجودة بجامعة بنغازي في ليبيا

من جانبه، رحب الدكتور رضا العوكلي، وزير الصحة الليبي الأسبق، عبر «فيس بوك»،  بالإجراءات الأخيرة، وقال: «قرار شجاع ويرجى أن يوازيه قرارات وإجراءات رادعة لحاملي الشهادات المزورة، والتنبيه عن الجامعات المانحة لها».

تعليم خاص بضوابط

يعتقد عدد من الأكاديميين بضرورة المحافظة على مؤسسات التعليم العالي الخاص، مع ضرورة مراقبتها وضمان جودة مخرجاتها.

قالت «الفلاح»: «الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في دواعي وأهداف التوسع الكمي فيه، والتدقيق على الموجود منه للمحافظة على جودة أدائها ومخرجاتها».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

https://www.bue.edu.eg/

يتفق «عبد السلام» مع «الفلاح» في إعادة النظر في التوسع الكمي للجامعات، لكنه قال: «لابد من العمل على إدماج الجامعات الموجودة ضمن منظومة الجودة، للحفاظ على مخرجات تعليمية سليمة من شأنها الحفاظ على حقوق الطالب الليبي في تلقي تعليم على درجة عالية من الكفاءة».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى