أخبار وتقارير

طلبة الفنون داخل سوريا..محنة البحث عن منحة

يعاني العديد من طلبة الفنون في سوريا من صعوبات في إتمام دراستهم، في ظل الأوضاع السياسية التي تشهدها البلاد، وارتفاع الأسعار، مع تراجع فرص الحصول على دعم من الجهات المانحة، والمنظمات الداعمة للثقافة والفنون، واهتمامها بدعم السوريين المقيمين خارج سوريا، إضافة إلى صعوبة حصول الطلاب والأكاديميين على تأشيرات السفر.

أسباب أخرى دفعت يوسف نوري، 26 عامًا، لترك دراسة التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، بعد عام ونصف العام من الدراسة، بينها تعثر الأوضاع  المادية، وعلى الرغم من المحاولات التي بذلها لاستكمال الدراسة في بلاده، ومخاطبته منظمات دولية لدعم طلبات قدمها للحصول على منح دراسية في الخارج، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.

قال «نوري» في اتصال هاتفي مع «الفنار»: «السفر من قريتي، في محافظة حمص، إلى دمشق، أصبح غير ممكن بسبب الأوضاع الأمنية، لذلك كان من الصعب استكمال دراستي بالمعهد لأنها تتطلب الدوام بنسبة 85% يوميًا».

الأمر الذي دفع الطالب السوري للبحث عن منحة دراسية، إلا أنه واجهته العديد من الصعوبات، أبرزها محدودية المنح الدراسية المتاحة لطلاب الفنون المقيمين داخل سوريا، على الرغم  من قلة أعدادهم، إضافة إلى قيود  الحصول على التحويلات المالية، وانقطاع خدمات الإنترنت والكهرباء بصورة متكررة، ما يجعل استكمال إجراءات المنح «مسألة صعبة» على حد وصفه.

«السفر من قريتي، في محافظة حمص، إلى دمشق، أصبح غير ممكن بسبب الأوضاع الأمنية، لذلك كان من الصعب استكمال دراستي بالمعهد لأنها تتطلب الدوام بنسبة 85% يوميًا».

يوسف نوري
طالب سابق بالمعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق

تمتد الصعوبات لتشمل الأكاديميين السوريين، بحسب ما أوضحته ميسون علي، الأستاذة في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، والتي واجهت رفضًا متكررًا عند طلب منحة للمشاركة في فعالية فنية أو أكاديمية خارج سوريا، على الرغم من استلامها دعوات الحضور من الجهات المنظمة.

قالت «علي»، التي ترأس قسم التمثيل في المعهد، عبر اتصال هاتفي مع «الفنار»: «أبلغتني الجهات المنظمة، بشكل شخصي، أن الرفض يعود لتفضيل المانحين دعم السوريين المقيمين في الخارج».

الأكاديمية التي شغلت منصب وكيلة المعهد للشؤون العلمية، لعدة سنوات، ألقت مزيدًا من الضوء على أزمات طلاب الفنون في سوريا، وقالت: «غالبية طلاب معهد الفنون يسكنون في ضواحي دمشق البعيدة، ويعانون من مشكلات مالية، لأن أسرهم ذات دخل متوسط، ولا يستطيعون العمل خلال الدراسة التي تتطلب الدوام الكامل».

محاولات للدعم

تسعى مؤسسات داعمة لتوفير منح دراسة الفنون، وتقديمها للطلاب السوريين داخل وخارج سوريا، «اتجاهات» من بين تلك المؤسسات، وأطلقت منذ عامين برنامجًا بعنوان «أجيال»، وخصصته لدعم طلاب الفنون السوريين، ومن أجل تجديد المنحة، تشترط المنظمة نجاح المقيمين في الداخل السوري بمعدل لا يقل عن 60%. (إقرأ القصة ذات الصلة : نظرة على المشهد الثقافي السوري).

قالت كريستين يواكيم، مديرة برامج الفنون في منظمة اتجاهات ، التي تتخذ من العاصمة اللبنانية بيروت مقرًا لها: «نجح برنامج أجيال في تمكين 24 شاباً سوريًا، في الداخل والخارج، من مواصلة الدراسة الأكاديمية والتعليم في كافة مجالات الفنون، وذلك من خلال تغطية تكاليف دراستهم بشكلٍ كامل أو جزئي، وبما تتراوح قيمته بين 1200 و4000 دولار أمريكي».

أضافت «يواكيم»، في مقابلة مع «الفنار»، عبر برنامج «زووم»: «أن حلم استكمال دراسة الفنون لعشرات الطلاب السوريين، هو الدافع الرئيسي وراء إطلاق البرنامج، في ظل مؤشرات تؤكد أن العامل المادي يلعب دوراً كبيرًا في توقف طلاب الفنون عن دراستهم، في ظل متطلبات الدراسة المرهقة التي تتطلب تفرغاً كاملاً لها».

منح في الدراسات العليا

على الرغم من حصول بعض السوريين، داخل سوريا، على منح لاستكمال دراسة الفنون؛ إلا أنهم يطالبون المؤسسات الداعمة بالتوسع في برامج الدراسات العليا، التي لا توفرها أي مؤسسة أكاديمية سورية في الداخل.

«نجح برنامج أجيال في تمكين 24 شاباً سوريًا، في الداخل والخارج، من مواصلة الدراسة الأكاديمية والتعليم في كافة مجالات الفنون، وذلك من خلال تغطية تكاليف دراستهم بشكلٍ كامل أو جزئي، وبما تتراوح قيمته بين 1200 و4000 دولار أمريكي».

كريستين يواكيم
مديرة برامج الفنون في منظمة اتجاهات

شيرين عبدالعزيز، 29 عاماً، واحدة ممن حصلن على منحة برنامج أجيال، بعدما تعرفت عليها عبر صفحة المؤسسة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وتدرس في السنة الرابعة بقسم النقد والدراسات المسرحية، في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق.

وتشترط منحة «أجيال» أن تتراوح أعمار المتقدمين لها، من داخل سوريا، بين 18 و26 سنة، وأن يشمل الدعم لدراستهم الجامعية في مرحلة البكالريوس أو المعاهد الفنية المتوسطة أو العليا فقط داخل سوريا.

درست «عبدالعزيز»، المولودة بمدينة القامشلي شمال شرق سوريا، في كلية العلوم بجامعة دمشق، قبل أن تترك هذا التخصص، وقالت في مقابلة مع «الفنار»، عبر تطبيق «زووم»: «إن الدخول للمعهد العالي كان بمثابة نقلة نوعية في حياتي، بسبب تقاطع  تخصص الدراسات المسرحية مع تقنيات الكتابة التي أحبها منذ الصغر».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وتطمح «عبدالعزيز» في السفر خارج سوريا لاستكمال دراستها العليا، لأن برامج الدراسات العليا غائبة عن الجامعات والمعاهد السورية في تخصص الفنون. وقالت: «هذا النقص، فضلًا عن انخفاض أعداد الطلبة الدارسين للفنون في سوريا، ينبغي أن يشجع المؤسسات المانحة على إطلاق عدد أكبر من المنح الدراسية، التي تغطي كافة مجالات الفنون في المراحل الدراسية المختلفة».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى