أخبار وتقارير

أفلام “ملتقى مينا 2021” تبحث أزمات الأسر والهوية

القاهرة- تشكل الأزمات العائلية وأسئلة الهوية الشخصية موضوع أربعة أفلام تُعرض حالياً في في سينما الزاوية، وسط القاهرة، ضمن “ملتقى مينا: محطات لقاء وعبور فنية 2021” الذي تقيمه مؤسسة اتجاهات، وهي منظمة مستقلة تأسست في بيروت عام 2011.

قال الفنان أيهم أبو شقرا، مسؤول فعاليات الملتقى، “يجمع بين هذه الأفلام شغف أصحابها بأسئلة الهوية والذات، ورحلة الاستكشاف التي يخوضها المخرجون.”

يعرض الملتقى أربعة أفلام هي: “إبراهيم: إلى أجل غير مسمى” للمخرجة الفلسطينية الأردنية لينا العبد، و”طريق البيت” للمخرج السوري وائل قدلو، و”المشهد الأخير” للمخرج السوري إياس المقداد، و”قفص السكر” للمخرجة السورية زينة قهوجي.

“يجمع بين هذه الأفلام شغف أصحابها بأسئلة الهوية والذات، ورحلة الاستكشاف التي يخوضها المخرجون.”

أيهم أبو شقرا
مسؤول فعاليات الملتقى

قال أبو شقرا “في كل فيلم هناك سؤال وبحث إما عن الصراعات الداخلية، أو أسرار الماضي والعائلة، وجميعها ينفتح على أسئلة الحاضر وكيفية معايشته ومجابهته.”

نالت جميع الأفلام المعروضة دعماً مالياً من مؤسسة “اتجاهات” من خلال برنامج الفنون الذي يدعم الفنانين والكيانات الثقافية السورية والمبادرات الفنية المتواجدة في سوريا ولبنان والأردن ومصر. (اقرأ التقرير ذي الصلة: نظرة على المشهد الثقافي السوري).

وتأتي تجربة عرض هذه الأفلام في إطار احتفالات اتجاهات بالذكرى العاشرة لتأسيسها وبالشراكة مع سينما زاوية في القاهرة بعد تأجيله سابقاً بسبب فيروس كورونا المستجد. (اقرأ التقرير ذي الصلة: خطط جديدة لدعم الفنانين في ظل تفشي وباء فيروس كورونا).

اختفاء الأب

في فيلمها “إبراهيم  إلى أجل غير مسمى” يأتينا صوت المخرجة الفلسطينية الأردنية لينا العبد وهي تقول “كنت أصغر من أن أتذكر وجودك حتى انتبه لغيابك” وهو مونولوج أقرب لخطاب مفتوح تتقصى فيه المخرجة سيرة والدها الذي اختفى وهي في عمر السادسة.

يظهر الفيلم سياق الاختفاء المفاجئ للأب الذي كان عضوًا سريًا في تنظيم المجلس الثوري الفلسطيني عام 1987، فقد غادر بيته ذات يوم في مهمة اعتيادية، لكنه خرج ولم يعد.

تجري العبد في الفيلم حوارات مع أفراد عائلتها ترصد عبرها ظروف هذا الاختفاء الغامض للأب، وانعكاس ذلك على خياراتهم في الحياة.

Family Crises and Identity Are Themes of Films at MINA Arts Festival
المخرجة لينا العبد في لقاء عن بُعد عقب عرض الفيلم في سينما زاوية بالقاهرة (الصورة: سينما زاوية)

قبل عرضه في القاهرة، حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم عربي وثائقي طويل بمهرجان “الجونة السينمائي” بمصر عام 2019، ونال جائزة لجنة تحكيم مهرجان “قابس السينمائي” في تونس 2020، وطاف عدة مهرجانات حول العالم منها “تورنتو” السينمائي، و”أيام فلسطين السينمائية”.

يشبه الفيلم في بنائه رحلة استقصاء -كما تقول مخرجة الفيلم في المناقشة التي دارت معها عبر الإنترنت – بعد عرض الفيلم  معتبرة أن تلك الرحلة التي يتابعها الشريط تبرز الرابط بينها وبين والدها.

قالت بلهجتها الفلسطينية الحاسمة  “بعد أكثر من 30 سنة على غيابك، مين عنده جواب حاسم عن شو صار معك؟”

لقطة أقرب

تبدو القصص الشخصية هي الخيط الجامع لأفلام “ملتقى مينا: محطات لقاء وعبور فنية 2021” حيث تظهر الأفلام الأربعة رحلات أصحابها في سعيهم لفهم التعقيدات الواسعة للأوضاع في بلادهم، عبر النبش في الذاكرة و التركيز أولًا على محيطهم الأصغر، والتقاط لقطات مقربة لعائلاتهم، أو بالتعبير السينمائي “زووم إن” من أجل الوقوف على تفاصيل أكثر حميمية.

Family Crises and Identity Are Themes of Films at MINA Arts Festival
المخرجة لينا العبد تظهر في أحد مشاهد فيلمها “إبراهيم..إلى أجل غير مسمى” (الصورة: إتجاهات)

إذ يلجأ المخرج السوري وائل قدلو في فيلمه الأول “الطريق إلى البيت”  لنبرة من السرد الذاتي، مُستدعيًا فصولًا مُبكرة من قصة عائلته. كما يلجأ لأساليب كسر الإيهام ويظهر بنفسه في الفيلم وهو يُحاور أفراد عائلته، طارحا أسئلة صادمة تبدو أقرب للاستجواب بنبرة مُعاتبة حول أسباب التفكك المبكر للعائلة .

تم تصوير الفيلم بين سوريا وبيروت، ويقول مخرجه “كان إقناع عائلتي بالظهور في الفيلم أكبر التحديات التي واجهتني في تنفيذه، خاصة أن الموضوع يتمحور حول تفاصيل دقيقة كالطلاق، والتشتت الأسري، وقسوة المرض، وغيرها من المسائل التي تحمل أبعادًا عائلية وكذلك دلالية.”

 لا يرى قدلو، الذي يقيم حاليا في هولندا، مشكلة في تركيز فيلمه على حكاية ذاتية. قال “الفيلم ذاتي ولكنه يشترك مع قصص كثير من السوريين.”

ويضيف “الظروف العائلية تفسر  بشكل أكثر مجازية الكثير من أسباب الخلل الجوهري الذي أصاب المجتمع السوري بشكل عام وتجلى بعد الصراع السياسي عقب الانتفاضة الجماهيرية في 2011 “.

يستعين قدلو في الفيلم بصور من أرشيف عائلته، تمر بمراحل طفولته، وكذلك صور والدته في شبابها قبل زواجها من أبيه، شهاداته المدرسية، وشرائط كاسيت قديمة تحتفظ بصوته وخطاباته الصوتية لوالده في فترة سفره بعيدًا عن سوريا، وغيرها من الوسائط التي تجمع شتات الحكايات التي تتبادلها أسرته في حواراته معهم أمام الكاميرا.

“الظروف العائلية تفسر بشكل أكثر مجازية الكثير من أسباب الخلل الجوهري الذي أصاب المجتمع السوري بشكل عام وتجلى بعد الصراع السياسي عقب الانتفاضة الجماهيرية في 2011 “.

وائل قدلو
مخرج سوري

تصالح مع الماضي

تتواصل ثيمة العائلة في فيلم “قفص السكر” الذي تُحاور فيه مُخرجته زينة القهوجي والدها ووالدتها، ضمن بحثها عن فكرة الحالة المتأرجحة بين الألفة والتحديات اليومية النمطية التي تُواجه الفتيات السوريات مع أسرهن.

وكذلك في فيلم “المشهد الأخير” لإياس المقداد الذي يجمع فيه المخرج في سرد ذاتي وثائقي علاقته بإخوته وعلاقتهم جميعًا بالثورة في سوريا، وحسب كلمة “اتجاهات” عن الفيلم فهو عن “قصة الأخوة الذين باعدت بينهم المسافات وزرعت الحرب بينهم حدوداً غير قابلة للعبور.”

تُثمن الأفلام الأربعة قوة الحكاية الذاتية في مواجهة همجية العالم، فهي كذلك تنتهي بأصحابها لفكرة التصالح مع قصصهم العائلية بما فيها من غياب، وفقد، وتشتت، وألم.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

يُواصل ملتقى مينا أعماله على مدار العام، عبر طرح انتاجات مسرحية وسينمائية وبصرية وموسيقية وأدبية، إضافة إلى جلسات نقاش وحوار حول أسئلة الراهن الثقافي، تتوزع بين لبنان ومصر والسودان وعبر ساحات الفضاء الرقمي، وذلك بالشراكة مع 17 مؤسسة وتجمعاً ثقافياً، بمشاركة أكثر من 115 فنانة وفنان.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى