أخبار وتقارير

صندوق رعاية المبتكرين في مصر يدعم المخترعين الشباب

لطالما اشتكى الطلاب والباحثون الشباب من صعوبات مالية تعيق تطورهم العلمي والأكاديمي، لكن هذه المشكلة تبدو في طريقها للحل في مصر مع بدء عمل صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ.

يهدف الصندوق، الذي تُشرف عليه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ولكنه يتمتع بإدارة مستقلة، إلى توفير منح دراسية غير تقليدية لطلاب الثانوية العامة لاستكمال دراستهم في الجامعات سواء المصرية أو خارج البلاد، بالإضافة إلى تمويل ورعاية مشروعات بحثية لطلاب جامعيين وخريجين.

قال محمد عامر، مدير صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ، “لا نقدم منحاً دراسية بالمعنى المتعارف عليه ولكن ندعم كل من يقدم أفكارًا أو رؤى ويريد استكمال الدراسة وغير قادر ماديًا على تحقيق ذلك.”

يضم الصندوق، بحسب عامر، مجموعات مختلفة من البرامج الموجهة للشباب تتضمن: الدعم لتسجيل براءات الاختراع، والمنح الدراسية بالداخل والخارج، ونشر الوعي بثقافة الابتكار والاختراع، ودراسات السوق والجدوى، وتنفيذ النماذج الأولية لبراءات الاختراع، والدعم الفني والعلمي لتطوير الأفكار، والحوافز والجوائز للمبتكرين، وتأسيس الشركات لتنفيذ الابتكارات بشكل اقتصادي. تتراوح قيمة التمويل بين 50 ألف جنيه مصري (3 آلاف دولار أميركي) وحتى مليون جنيه (64 ألف دولار أميركي)، بحسب عامر. (اقرأ التقرير ذو الصلة: جهود حكومية لدعم كليات العلوم في مصر).

تحديات مالية

يعاني الباحثون المصريون، كحال غيرهم من الباحثين في دول عربية مختلفة، من قلة الدعم والمخصصات المالية. كما يضطر غالبية طلاب الماجستير والدكتوراه إلى الإنفاق من جيوبهم على البحوث التي يقومون بها لتغطية ما تحتاجه من تحاليل واختبارات ومواد أساسية. (اقرأ التقريرين ذي الصلة: صعوبات عمل باحث عراقي تسلط الضوء على الحاجة للاستثمار في البحوث و استطلاع جديد: الهجرة حلم الباحثين العرب).

“سأبادر بالتسجيل في الصندوق للحصول على الدعم اللازم لإنتاج نموذج مكبر للكرسي المتحرك ومن ثم بدء تصنيعه والتواصل مع الشركات والمستشفيات العاملة في القطاع الصحي.”

أحمد مجدي محمود
خريج كلية الهندسة – جامعة حلوان

يعتقد أحمد مجدي محمود، خريج كلية الهندسة في جامعة حلوان، أن الصندوق فرصة جيدة جداً للباحثين والمبتكرين. إذ واجه مع أربعة من زملائه تحديات عديدة خلال عملهم على تصميم مشروع تخرجهم وهو عبارة عن كرسي كهربائي متحرك لمرضى الشلل الرباعي يتم التحكم فيه عبر حركة العين. فعلى الرغم من أن ابتكارهم حظي بإشادات، لكنهم وجدوا صعوبة في تسويق المشروع وتصميم النسخة النهائية منه لطرحها على المستشفيات.

تحمل محمود وزملاؤه التكلفة الخاصة بتصميم نموذج مصغر لابتكارهم، والتي بلغت حوالي ألف دولار أميركي. وعلى الرغم من إمكانية طلب دعم من الكلية، لكنهم فضلوا تحمل التكلفة للاحتفاظ بحقوق الملكية، حيث أن دعم الجامعة يمنعهم لاحقا من إمكانية  التصرف بالمشروع أو عرضه على شركات تصنيع ومستثمرين إلا بموافقة مسبقة مكتوبة، فضلاً على أن الابتكار سيتم حفظه في مخازن الجامعة.

قال “سأبادر بالتسجيل في الصندوق للحصول على الدعم اللازم لإنتاج نموذج مكبر للكرسي المتحرك ومن ثم بدء تصنيعه والتواصل مع الشركات والمستشفيات العاملة في القطاع الصحي.”

في المقابل، يعتقد محمد كمال، أستاذ الآداب في جامعة كفر الشيخ، أن الصندوق لن يعود بالنفع على باحثي العلوم الإنسانية والاجتماعية، نظرا لربطه تمويل الأبحاث بالمردود الاقتصادي، معتبراً أن ذلك مفهوم خاطئ ويجب إعادة النظر فيه.

“يرسم الصندوق خارطة طريق لحماية وزيادة مردود التنمية عند الباحثين وأصحاب الابتكارات والاختراعات ويسرع من وتيرة اكتشاف المبدعين.”

منى يحيى
مديرة مكتب براءات الاختراع

قال “نواجه صعوبات في الحصول على تمويل أو منح لإعداد بحوث عن ظواهر مجتمعية قد تكون خطيرة ومفيدة جدا للمجتمع وذات مردود اقتصادي غير مباشر، لكنها تحتاج إلى إمكانيات وتمويل يصل إلى ٣٠ ألف جنيه مصري- حوالي 2000 دولار أميركي- مع الأسف، لا يدعم الصندوق هذا النوع من البحوث.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: العلوم الإجتماعية في العالم العربي شحيحة رغم الحاجة إليها.”

دعم وإرشاد

لا يقتصر دور الصندوق على تقديم المنح المالية، بل يركز بصورة كبيرة على اكتشاف ورعاية النابغين والمبتكرين لبلورة أفكارهم ومساعدتهم على تطويرها ومن ثم تنفيذها وحمايتها فكرياً.

قال عامر “هناك كثيرون ممن يحتاجون لاستشارة خبراء لتطوير أفكارهم ووضع حلول لمشكلات أخرى تعيق تنفيذها بعيداً عن الجانب المالي. سيعمل الصندوق على توفير ذلك.” مشيراً إلى وجود برامج تركز على إعداد وتجهيز براءة الاختراع وأيضًا كيفية إعداد دراسات الجدوى المختلفة للمنتجات.

يعتبر مكتب براءات الاختراع التابع لأكاديمية البحث العلمي الجهة الوحيدة في مصر المخولة بالموافقة على تسجيل براءات اختراع. بالطبع، يخضع الابتكار أو الاختراع المقدم لفحص ونقد شامل من قبل لجان متخصصة قبل منحه البراءة، ولا يلتزم المكتب بتوفير دعم مادي أو إمكانيات لتنفيذ مشروع أو ابتكار.

تعتقد منى يحيى، مديرة مكتب براءات الاختراع، بأهمية الصندوق ولكونه خطوة على الطريق الصحيح لنشر ثقافة حقوق الملكية الفكرية ودعم الباحثين في مصر. قالت “يرسم الصندوق خارطة طريق لحماية وزيادة مردود التنمية عند الباحثين وأصحاب الابتكارات والاختراعات ويسرع من وتيرة اكتشاف المبدعين.” مشيرة إلى وجود تعاون مع الصندوق لتوفير كافة أنواع الدعم والمساعدة في عقد دورات تدريبية بمشاركة خبراء معنيين بحقوق الملكية الفكرية.

“لا يوجد قلق حول استمرارية عمل الصندوق وتحقيق أهدافه نظرا لوجود آلية عمل ودخل وضعها المشرع أثناء الإعداد للقانون.”

غادة برسوم
أستاذة مساعدة في السياسة والإدارة العامة بالجامعة الأميركية بالقاهرة

استقلالية الصندوق

يتمتع الصندوق بإدارة وموزانة خاصة ومستقلة به تقوم على 5 في المئة من موازنة الجامعات الخاصة والأهلية عند صدور قرار تشغيلها، و 5 في المئة من الموازنة المعتمدة من الجامعات الخاصة والأهلية عند تغيير بيانات مالكيها، بالإضافة إلى 2 في المئة رسوم ستحصل من طلاب الجامعات الخاصة، وأيضًا تحصيل 10 جنيهات من الطلاب في الجامعات الحكومية والمعاهد الخاصة لإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى 1 في المئة من صافي أرباح الوحدات ذات الطابع الخاص في الجامعات والمراكز البحثية في الوزارات المختلفة.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

قالت غادة برسوم، أستاذة مساعدة في السياسة والإدارة العامة في الجامعة الأميركية بالقاهرة، “لا يوجد قلق حول استمرارية عمل الصندوق وتحقيق أهدافه نظرا لوجود آلية عمل ودخل وضعها المشرع أثناء الإعداد لإطلاقه. كما أنه يتمتع باستقلالية رغم عمله ضمن منظومة التعليم العالي لأنه سيدعم من يأتي إليه بأفكاره وبالتالي لن يجبر أحداً على العمل في اتجاه معين.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى