أخبار وتقارير

دراسة جديدة ترصد انتشار اضطراب القلق الاجتماعي بين طلاب كليات الطب في السودان

تكشف دراسة جديدة عن انتشار اضطراب القلق الاجتماعي، وهو حالة صحية نفسية مزمنة، بين طلاب الطب في السودان.

تشمل أعراض الاضطراب الخجل والتوتر والميل إلى الصمت وتجنب التعامل مع الآخرين. وينعكس – بحسب شدته – على درجات الطلاب، وفي الحالات القصوى، قد يؤدي إلى مشكلات سلوكية ملحوظة ويتطلب عادة علاجاً دوائياً ودعماً نفسياً.

وعلى الرغم من أن كثيرين قد يعانون من درجة معينة من اضطراب القلق الاجتماعي في مرحلة ما من حياتهم، فإنه ينتشر بصورة واسعة بين طلبة كليات الطب في السودان نتيجة للضغوط الناجمة عن الدراسة والحياة اليومية الصعبة في ظل وجود اضرابات داخل الجامعات، فضلاً عن حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيشها البلاد، بحسب ما يقول مؤلفو الدراسة وخبراء أكاديميون.

أُجريت الدراسة التي حملت عنوان “انتشار اضطراب القلق الاجتماعي بين طلاب الطب من ست كليات طبية في ولاية الخرطوم” ونُشرت في مجلة السودان للعلوم الطبية، من قبل أربعة طلاب طب سودانيين من أربع جامعات مختلفة في السودان ومصر.

ووجد الباحثون أن الاضطراب كان شائعًا بين طلاب الطب الذين شاركوا في البحث والبالغ عددهم 375 طالب وطالبة. إذ يعاني أكثر من 60 في المئة منهم من درجة معينة من اضطراب القلق الاجتماعي، وأكثر من 20 في المئة عانوا منه بشكل “حاد” أو “شديد للغاية”.

قال هزيم عبد الجليل سليمان، المعد الرئيسي للدراسة، في مقابلة هاتفية، “لم يهتم البحث بدراسة الأعراض بقدر ما كان معنياً بشكل رئيسي بمعرفة درجة انتشار المرض ومضاعفاته، والتي تمثلت في تدني المستوى الأكاديمي والرغبة في الانتحار وإدمان المخدرات.”

“لم يهتم البحث بدراسة الأعراض بقدر ما كان معنياً بشكل رئيسي بمعرفة درجة انتشار المرض ومضاعفاته، والتي تمثلت في تدني المستوى الأكاديمي والرغبة في الانتحار وإدمان المخدرات

هزيم عبد الجليل سليمان
المعد الرئيسي للدراسة

ينتشر اضطراب القلق الاجتماعي في الغالب في أوساط المراهقين، لكن واضعي الدراسة لاحظوا انتشار الكثير من أعراضه بين زملائهم ممن يدرسون الطب، الأمر الذي دفعهم لوضع استبيان إلكتروني لرصد مدى انتشاره. (اقرأ التقرير ذو الصلة: باحثون لبنانيون يدرسون اكتئاب الطلاب).

تأثير الإجهاد الأكاديمي

يعتقد بعض الأكاديميين أن طبيعة الدراسة تلعب دوراً أساسياً في انتشاره بين طلاب كليات الطب.

قال محمد فتح الباب، أستاذ في كلية العلوم الطبية بجامعة المدائن في الخرطوم، في مقابلة هاتفية، “تُسبب التخصصات العلمية الإرهاق النفسي للطلاب نظراً لكثرة عدد المواد الدراسية وصعوبة اللغة الطبية العلمية والجو التنافسي داخل الكليات وكم المهارات المطلوب تحصيلها خلال فترة زمنية قصيرة.”

تؤيد الدراسة هذا الاعتقاد خاصة في ظل التعديلات الكثيرة التي تطال نظام دراسة الطب في الجامعات السودانية سواء في عدد سنوات الدراسة أو المناهج.

قال عبد العزيز عوض العبيد، أحد الطلاب الباحثين المشاركين في إعداد الدراسة في مقابلة هاتفية، “تم تقليص مدة الفصل الدراسي في غالبية كليات الطب، ولا يوجد مصدر للمادة العلمية معتمد بشكل رسمي، مما يدفع الطلاب للاعتماد على مصادر خارجية خلافاً لما هو متبع في الخارج من وجود كتاب مطبوع لكل قسم ومتوفر من أول العام.”

بدوره، يعتقد خالد محمد خالد الحسين، نائب رئيس كلية الطب في جامعة أم درمان الأهلية، أن المشكلة تكمن في اعتماد بعض الجامعات على نظم دراسية مستوردة ومن ثم إدخال تعديلات عليها سواء في زيادة عدد السنوات أو عدد الامتحانات التي يؤديها الطالب. قال “يتسبب ذلك في حدوث بلبلة وعدم استقرار لدى الكادر التدريسي والطلاب.”

“نشجع المزيد من الدراسات المستقبلية التي تتجنب قيود دراستنا وتشمل عدد أكبر من طلاب الطب مع التركيز على التدخلات العلاجية.”

عبدالعزيز عوض العبيد
أحد المشاركين في إعداد الدراسة

كما يشير الحسين إلى عامل آخر ساهم في زيادة هذا التوتر في السنوات الأخيرة ويتعلق بالوضع السياسي في البلاد وما رافقه من انتفاضات طلابية، حيث أن معظم الكليات لم تعقد سوى فصلين دراسيين منذ عام 2019 حتى اليوم، على حد قوله. (اقرأ التقريرين ذي الصلة: فيضان السودان يُغرق المدارس والجامعات وأحلام الطلاب و العام الدراسي الجديد في السودان مع وقف التنفيذ).

الدعم مطلوب     

يفترض معدو الدراسة أن تساعد الدراسة مؤسسات الرعاية الصحية في السودان على إيلاء اهتمام أكبر لاضطرابات القلق الاجتماعي بشكل عام، فضلاً عن توعية طلاب الطب بكيفية التعامل مع هذا المرض، خصوصاً وأن مهامهم المستقبلية تتطلب  تفاعلاً وتواصلاً اجتماعياً وحضور اجتماعات ومؤتمرات أكاديمية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: دعوات لتحسين خدمات الصحة النفسية للطلاب في الإمارات).

قال عبدالعزيز عوض العبيد، أحد المشاركين في إعداد الدراسة، في مقابلة هاتفية، “نشجع المزيد من الدراسات المستقبلية التي تتجنب قيود دراستنا وتشمل عدد أكبر من طلاب الطب مع التركيز على التدخلات العلاجية.”

توصي الدراسة بإطلاق برامج لزيادة الوعي حول “القلق الاجتماعي”، وخاصة بين طلاب الطب، بحيث تشمل هذه البرامج تعريف المرض وأساليب التعامل مع التوتر لتخفيف حدة الأعراض والتشجيع على زيارة الطبيب النفسي.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

 بينما تنصح منى محمد الأمين، نائب عميد كلية الطب بجامعة أم درمان الإسلامية ورئيسة قسم طب المجتمع في الجامعة، بإنشاء مراكز طب نفسي ومجتمعي داخل الجامعات السودانية لتعزيز مفهوم الرعاية النفسية للطلاب في ظل الضغوط التي يواجهونها سواء بسبب طبيعة الدراسة أو الظروف الاقتصادية، إلى جانب العمل على تحديث وتطوير المناهج.

قالت “لا يمكن تجاهل موضوع الصحة النفسية عند إعداد كوادر طبية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى