أخبار وتقارير

الاعتماد الدولي على قائمة اهتمام العديد من الطلاب العرب

على الرغم من أن الالتحاق ببرنامج أكاديمي أو بجامعة يتحدد غالبًا بحسب نتيجة الثانوية العامة وقيمة المصروفات الدراسية في غالبية الدول العربية، فإن العديد من الطلاب اليوم باتوا مهتمين بالالتحاق بجامعات معتمدة دوليًا. (اقرأ أيضا: تعرف على أبرز الجامعات والمؤسسات التعليمية المعتمدة دولياً).

يكشف استطلاع موجز لآراء 400 طالب وطالبة من مختلف الدول العربية، أجرته الفنار للإعلام عبر الإنترنت، عن ميل 77 في المئة من المستطلعين للأخذ بالاعتماد ضمن معايير اختيار الجامعة.

يعتبر الحصول على اعتماد دولي أمرًا مستقلًا عن المعايير الوطنية التي يتعين على المؤسسات الأكاديمية الوفاء بها للحصول على ترخيص بالعمل، وعادة ما تقوم به وكالة مستقلة غير حكومية تضع معاييرها الخاصة. (اقرأ التقرير ذي الصلة: دليل الطالب العربي للجامعات المعتمدة).

قالت فاطمة الفلاح، الأستاذة المساعدة في علم النفس التربوي ومديرة إدارة ضمان الجودة بجامعة بنغازي في ليبيا، “يضمن الاعتماد جودة التعليم والثقة في خدمات المؤسسات الأكاديمية ومخرجاتها.”

وأوضحت أن “الاعتماد قرار رسمي ومستقل يشير إلى تلبية المؤسسة أو البرنامج لمعايير دولية محددة، من خلال عدة خطوات تبدأ بالتقييم الذاتي من قبل المؤسسة التي تقدمت بالطلب مرورًا بالتقييم الخارجي من قبل خبراء مستقلين واتخاذ قرار نهائي على أساس معايير تقييم الجودة المقبولة دوليًا.”

تعتقد الفلاح أنه لا يوجد قرار أكثر أهمية، يتعلق بوضع تخصص أو مهنة ما على مسار دائم وطويل الأمد، من اختيار مؤسسة تعليم مناسبة أو برنامجًا يمنح شهادة معتمدة.

“يضمن الاعتماد جودة التعليم والثقة في خدمات المؤسسات الأكاديمية ومخرجاتها.‘‘

فاطمة الفلاح
الأستاذة المساعدة في علم النفس التربوي ومديرة إدارة ضمان الجودة بجامعة بنغازي

قالت “إذا كان الطالب سيقوم بالتقديم إلى مؤسسة أو برنامج بعينه، يتوجب التحقق من جودة الجامعة أو المؤسسة أو البرنامج الذي يمنح درجة أو شهادة أو فرصة عمل معينة، والتاكد من أنها ستكون مقبولة من قبل أصحاب العمل أو القطاعات الحكومية أو الجامعات إذا ما رغب الطالب في الحصول على درجة عليا.”

واقع مختلف

قال 16 في المئة ممن استطلعنا آراءهم إنهم لا يأخذون الاعتماد في الحسبان عند اختيار البرنامج الدراسي أو الجامعة، بينما قال نحو 7 في المئة فقط إنهم لايعرفون ما المقصود بالاعتماد الجامعي.

على سبيل المثال، لا يعرف مليح عبد الغني، الطالب في السنة الرابعة بكلية الصيدلة في جامعة العلوم والتكنولوجيا بمدينة تعز اليمنية، ما إذا كانت جامعته معتمدة أم لا، موضحاً أن هذه القضية لا تشكل فارقًا لدى الكثيرين حالياً بسبب الأوضاع الحالية في اليمن، حيث يصعب عليه الخروج من بلاده للعمل او البحث عن فرص في الخارج، إضافة إلى أن الدراسة والبعثات يتم منحها لطلاب الجامعات الحكومية فقط.

وأضاف “لا يعرف الطلاب أو أولياء الأمور الكثير عن الاعتماد الدولي للجامعات وبالتالي ليست مقياساً للالتحاق بالجامعة، وما يهم هو قدرتك على امتلاك المال لدفع المصروفات الدراسية التي تثقل كاهلنا خاصة في الظروف التي نعيشها هنا”. (اقرأ القصة ذات الصلة: اليمن: نار الحرب تطال الجامعات الحكومية).

something didnt work here

يتفق محمود عبد الوهاب، الطالب بكلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية بجامعة أسيوط في مصر، مع عبد الغني. قال  “الاعتماد مهم لكن ليس بصورة كبيرة، لا أعتقد انه يكفي لضمان فرصة للعمل في مصر، حيث تحكمنا عوامل أخرى، أبرزها التقدير والعلاقات الشخصية.”

لم يكن من ضمن أولويات عبد الوهاب البحث عن جامعة معتمدة، لكن الأساس لديه تمثل في البحث عن مهارات يتطلبها سوق العمل.

قال “والدي محاسب وأتمنى العمل بأحد البنوك الاستثمارية، لذا درست المحاسبة باللغة الإنجليزية.”

آفاق واعدة

يقع مقر معظم المنظمات التي تمنح الاعتماد الدولي في الولايات المتحدة أو أوروبا. وتقوم بعضها بتقييم المؤسسات ككل، بينما يعتمد البعض الآخر برامج محددة، مثل إدارة الأعمال أو الهندسة.

يفتح الحصول على شهادة أكاديمية من برنامج أو مؤسسة معتمدة دوليًا آفاقًا كثيرة للطلاب سواء على صعيد استكمال الدراسات العليا أو حتى الحصول على وظائف، وهو ما يدركه غالبية الطلاب الذين شاركوا في الاستطلاع. إذ قال 47 في المئة إن الاعتماد يسهل عليهم استكمال دراستهم العليا في الخارج، واعتبر 42 في المئة إن ذلك يمنحهم فرصة أكبر في سوق العمل.

قالت وجدان الحسني، الطالبة بالسنة الرابعة بالمعهد العالي للعلوم التطبيقية بجامعة سوسة في تونس، “اختياري للتخصص جاء نتاج رغبة في أن تكون شهادتي معترف بها داخلياً وخارجياً، إضافة لتوافق المهارات التي أتعلمها مع سوق العمل.”

“اختياري للتخصص نتاج رغبة في أن تكون شهادتي معترف بها داخليا وخارجيا، إضافة لتوافق المهارات التي اتعلمها مع سوق العمل.‘‘

وجدان الحسني
الطالبة بالسنة الرابعة بالمعهد العالي للعلوم التطبيقية بجامعة سوسة في تونس

بدوره، يعتقد مسلم الخميس، الطالب بالسنة الرابعة بكلية الإدارة العامة بالجامعة الأردنية في عمان وعضو مبادرة “عينك على المستقبل” التي تهتم بمساعدة الطلاب في اختيار التخصص الجامعي، بأهمية البحث عن تخصص معتمد دولياً وملائم لاحتياجات سوق العمل حيث يوفر هذا الخيار الكثير فيما يتعلق بالدراسة في الخارج أو تأمين مستقبل وظيفي جيد.

قال “في حالتي لم يكن اختياري مبنيًا على قناعاتي الشخصية، فلم أكن أبحث وقتها عن ذلك وكانت خياراتي محدودة وأتمنى أن يعود بي الزمن الى الوراء لاختيار التخصص على أسس جديدة. لكنني اليوم دائما ما أنصح الطلاب بالبحث عن تخصصهم من خلال برامج معتمدة.”

مع ذلك، يحتاج الطلاب دائمًا إلى وضع الاعتماد في سياق أوسع.

كتب تشستير د.هاسكيل، مستشار التعليم الدولي، في مقال لـ “الفنار للإعلام” “الاعتماد، شأنه شأن أنظمة التصنيف، لا يمكن أن يكون موضوعيًا تمامًا ولا يروي مطلقًا القصة الكاملة لبرنامج أو مؤسسة ما. لكن في إمكان الاعتماد أن يكون شكلًا من أشكال حماية المستهلك، غير أنه لا يشير إلى ما إذا كان برنامج أو مؤسسة معينة مناسبة لفرد بعينه”. (اقرأ المقال ذو الصلة:  الاعتماد الأكاديمي وتلبية حاجات الطلاب).

فرصة لضمان الجودة

في الدول العربية، لا يعد ترخيص الجامعات الخاصة والحكومية أمرًا سهلاً. مع ذلك، فإن الإشراف ومتابعة جودة عمل المؤسسات الأكاديمية لاحقًا لا يبدو فعالًا بصورة كافية. (إقرأ التقرير ذو الصلة: جودة التعليم العالي العربي: جعجعة بلا طحن). من هنا تكتسب مسألة اعتماد الجامعات من وكالات أوروبية أو أجنبية أهمية كبيرة لدورها في مراجعة جودة البرامج التعليمية بصورة دورية. وبينما يميل تصنيف الجامعات إلى المقارنة بين الجامعات والتركيز على البحوث التي تنتجها الجامعة، يركز الاعتماد أكثر على التدريس والموارد المتاحة للطلاب وقياس مخرجات التعليم.

” أتمنى أن يعود بي الزمن الى الوراء لاختيار التخصص على أسس جديدة. لكنني اليوم دائماً ما أنصح الطلاب بالبحث عن تخصصهم من خلال برامج معتمدة.‘‘

مسلم الخميس
الطالب بالسنة الرابعة بكلية الإدارة العامة بالجامعة الأردنية في عمان

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

تكمن أهمية الاعتماد في المسار لا في النتيجة وحسب. فهو يسمح للمؤسسة، في مرحلة التقييم الذاتي أولًا، بتقييم أدائها والتحقق من مدى ملاءمة المبادرات والمشاريع التي تقوم بها مع أهدافها العامة وقيمها العليا. ومن فوائد مسار الاعتماد أيضًا أنه يدفع المؤسسة إلى تقييم أدائها في ضوء أفضل المعايير العالمية، ثم إلى تجنيد طاقاتها للعمل على تحسين نقاط ضعفها وضمان تطورها المستمر.

قال محمد غزالة، مدير مدرسة الفنون السينمائية بجامعة عفت في جدة، “العمل في جامعة معتمدة يثقل مهارات الأستاذ الجامعي حيث يعمل وفق نمط مختلف، يُراعى فيه قياس نتيجة التدريس للخريجين ومردود أساليب التدريس على الطالب ومدى نجاحها وتحقيقها للمعايير المطلوبة بخلاف طرق التدريس العادية التي تعتمد قناة واحدة من الطالب للأستاذ.”

ويشير غزالة إلى أن الاعتماد أصبح مطلبًا أساسيًا في الجامعات السعودية وهناك هيئة لضمان الجودة تتابع مع الجامعات اعتماد المؤسسات التعليمية والبرامج أيضاً وتدعم المملكة جهود الجامعات لنيل الاعتماد على المستوى الدولي.

قال “الاعتماد وسيلة أساسية لضمان استمرارية الجودة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى