لعِبت البحرة الدمشقية، وهي تركيب مائي شبيه بالنافورة، ذات يوم دورًا إبداعيًا ومحوريًا في المنازل والأفنية السورية التقليدية، إذ شكلت نقطة محورية للتفاعلات الاجتماعية داخل الأسرة، ولا تزال رمزًا ذا مكانة خاصة في قلوب الشتات السوري.
يعدّ انتقال البحرة الدمشقية إلى خارج سوريا بعد تشتت الكثير من السوريين جراء الحرب محور ما أصبح الآن تركيبًا فنيًا دائمًا للمهندسة المعمارية السورية تالين هزبر والمُقام في معرض 421، وهو مركز للفن الحديث في أبوظبي.
لا تستكشف هزبر جوانب التاريخ والهوية والثقافة من خلال الكتب والأدب فحسب، بل بتوظيف رمز تاريخي في بيئة حديثة.
يبحث مشروعها في مفهوم “البحرة” من العصر العثماني، عندما كانت النافورة مصدرًا لمياه الشرب لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها، ومكانًا للوضوء قبل الصلاة، وصولا إلى تجلياتها الحديثة. تقول هزبر إن البحرة كانت بمثابة عازل صوتي للمحادثات السرية، وجهاز تبريد، وسمة زخرفية فيما بعد.
تخللت المشاعر والذكريات التي تثيرها هذه القطع الرمزية بين السوريين في الشتات بحث هزبر، وهو مشروع اجتماعي تطور ليصبح الآن بمثابة تذكير دائم بأهمية هذه الأيقونة الثقافية.
قالت هزبر “للحديث عن البحرة، تواصلت مع سوريين من جميع أنحاء العالم من أجل بحثي. لمعرفة سبب روَاجها لدى الكثيرين وما تعنيه بالنسبة لهم.”
انتاب هزبر الفضول لفهم هذه العلاقة العميقة مع شيء متأصل في قلوب الكثيرين ممن لم يجربوه حتّى في شكله العثماني الكلاسيكي. (اقرأ المقال ذو الصلة: قصتنا: مشروع لتوثيق حكايات من قلب سوريا).
وطن متجسد في رمز فني
ولدت هزبر في سوريا وترعرعت في الإمارات العربية المتحدة، لكنها قامت بزيارات سنوية إلى وطنها كان آخرها قبل 10 سنوات، مع نشوب الحرب المتوحشة في البلاد. ومع انفصالها عن الوطن، تشعر الآن أنه متجسّد من خلال فنها المعروض في عاصمة الإمارات العربية المتحدة.