أخبار وتقارير

أساتذة جامعات خاصة في تونس يشكون من الاستغلال

ملاحظة المحرر: يأتي التقرير أدناه ضمن ملف من أربعة تقارير حول المزايا الوظيفية التي يتمتع بها أساتذة الجامعات الحكومية والخاصة في ١١ دولة عربية. للإطلاع على التقرير الرئيسي، الرجاء الضغط هنا.

تشهد الأوساط الأكاديمية في تونس وقائع متكررة تكشف تلاعب جامعات خاصة بعقود تعيين بعض الحاصلين على درجة الدكتوراه ضمن هيئات التدريس، إذ يتم الاستغناء عنهم بعد شهور قليلة من التعاقد. ترفض هذه الجامعات الكشف عن الأسباب وراء ذلك، بينما يؤكد من يتم الاستغناء عنهم أن عقود التعيين كانت وهمية، وهدفها استكمال شروط الترخيص التي حددها القانون.

سلمى السعدي، أستاذة حاصلة على درجة الدكتوراه في علوم الاتصال والمعلومات من جامعة تونس المنار عام 2015، واحدة ممن تم التخلي عن خدماتهم مؤخراً.

قالت “بعد التخرج، بقيت أربع سنوات في المنزل دون عمل، إلى أن أعلنت إحدى الجامعات الخاصة عن حاجتها لأساتذة ضمن تخصصي وتم التعاقد معي، لكنني لم أحصل على صورة من العقد بزعم حاجة الجامعة لاستكمال بعض الإجراءات. لاحقاً، تم الاستغناء عني دون سابق إنذار.”

يلزم قانون التعليم الخاص في تونس المؤسسات التعليمية بتقديم قائمة بأسماء الأساتذة المعينين بصفة دائمة ومؤقتة إلى وزارة التعليم العالي كشرط ضمن إجراءات الحصول على الترخيص. ويشترط القانون على المؤسسات وجود عدد معين من الأساتذة مقابل عدد الطلاب.

 يقول أساتذة متعاقدون إن المؤسسات الخاصة تلجأ غالباً إلى تعيينات بعقود مؤقتة غير موثقة لضمان الحصول على الترخيص الذي يمكنهم من منح الشهادات للطلاب. (اقرأ التقرير ذو الصلة: استطلاع إقليمي يكشف سياسات ضبط جودة التعليم العالي في العالم العربي.) في المقابل، يقبل الكثير من الأساتذة العمل وفق ذلك بسبب قلة فرص العمل المتاحة أمامهم.

“كثير من الزملاء واجهوا تجربة إستغناء الجامعات الخاصة عن خدماتهم، فضلاً عن العمل في ظل شروط مجحفة تتطلب منهم العمل لمدة 40 ساعة في الأسبوع بأجر متدني لا يزيد عن 300 دولار أميركي.”

ناظم كسابي
حاصل على الدكتوراه في العلوم الجيولوجية

ارتفع عدد الجامعات الخاصة في تونس منذ ثورة 2011 من حوالي 45 إلى 76 جامعة، بحسب إحصاءات الوزارة، بالإضافة إلى 13 جامعة حكومية، لكن تعيينات أعضاء هيئة التدريس تباطأت بشكل ملحوظ بعد عام 2011 وتكاد تكون شبه غائبة خلال السنوات الأربع الماضية.

قلة فرص العمل

يلجأ الحاصلون على الدكتوراه للعمل بالجامعات الخاصة باعتبارها المخرج الوحيد لأزمة البطالة خاصة بعد وقف التعيينات بالجامعات الحكومية.

قال ناظم كسابي، وهو حاصل على الدكتوراة في العلوم الجيولوجية، “كثير من الزملاء واجهوا تجربة إستغناء الجامعات الخاصة عن خدماتهم، فضلا عن العمل في ظل شروط مجحفة تتطلب منهم العمل لمدة 40 ساعة في الأسبوع بأجر متدني لا يزيد عن 300 دولار أميركي.” علماً أن متوسط الأجر الشهري للموظف الحكومي في تونس يبلغ نحو 1875 دينار تونسي (676 دولار أميركي بحسب المعهد الوطني للإحصاء.

ويوضح كسابي أن أغلب الجامعات التونسية الخاصة لا تقدم مزايا وظيفية مثل التأمين الصحي أو الاجتماعي. كما تمتلك إدارة الجامعات الحق في فصل العاملين متى شاءت.

ويكشف تقرير لدائرة المحاسبات الحكومية في تونس صدر في كانون الأول/ ديسمبر عام 2018 عدم إلتزام الجامعات بتوفير عقود تدريس مستقرة واكتفائها بالعقود المؤقتة بنسبة 85 في المئة. ويشير التقريرإلى أن وزارة التعليم العالي لم تتأكد من نوعية هذه العقود أو صحتها بسبب ضعف المتابعة. كما كشف التقرير عن عدم إلتزام الجامعات بدفع مستحقات الضمان الاجتماعي لأكثر من 57 في المئة من الأساتذة الدائمين، إضافة إلى تجاوزها للعدد الأقصى في ساعات التدريس للأساتذة المؤقتين.

منال السالمي منسقة حراك الدكاترة الباحثين المعطلين عن العمل فيتونس خلال اعتصام الحملة أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العام الحالي. (حقوق الصورة: منال السالمي).
منال السالمي منسقة حراك الدكاترة الباحثين المعطلين عن العمل فيتونس خلال اعتصام الحملة أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العام الحالي. (حقوق الصورة: منال السالمي).

غياب الحماية

تقدمت السعدي بشكوى لوزارة التعليم العالي مع نهاية عام 2019، لكن لم يصلها رد حتى الأن. أما عن إمكانية اللجوء للقضاء فهي غير متاحة خاصة أنها لا تمتلك أي نسخة من عقد العمل بحسب ما قال لها محامون مختصون. لذلك لم تجد أمامها سوى الانضمام إلى اعتصامات أمام الوزارة تطالب بتعيين الخريجين في الجامعات الحكومية.

قالت “يجب على الوزارة وضع ألية مراقبة دائمة على مؤسسات التعليم للحد من التلاعب بحقوقنا.”

لكن عبد المجيد خميس، مدير عام وزارة التعليم العالي، يؤكد أن الوزارة تتخذ الإجراءات القانونية ضد المؤسسات التي تتلاعب بالإجراءات . قال “نحقق في كافة الشكاوى المقدمة إلينا ضد الجامعات الخاصة”. (اقرأ التقرير ذو الصلة: جودة التعليم العالي العربي: جعجعة بلا طحن).

يعتقد بعض الأساتذة أن عدم وجود فرصة للتوظيف في الجامعات الحكومية وغياب وجود رقابة وجهة داعمة لحقوقهم تدفع ببعض إدارات الجامعات الخاصة لاستغلالهم.

قال كسابي “لجأنا للنقابات الوطنية، لكن دورهم لم يتجاوز موقف المساندة و التضامن… ليس لدينا نقابة لأن النقابات هي منظمات عمالية تعني بالموظفين و العمال… والغالبية من الأساتذة يبحثون عن عمل.”

وبحسب كسابي، فإن غالبية الجامعات الحكومية قد توقفت عن التعينات وأصبحت تبرم عقوداً مؤقتة لا تختلف كثيراً عن عقود الجامعات الخاصة.

قال “تعتبر التعاقدات المؤقتة أحد طرق التشغيل التي تنتهجها وزارة التعليم العالي في إطار ما يصفه كسابي كنوع من سياسة الهروب للأمام لحل مشكلة بطالة حملة الشهادات العليا جزئيا.” موضحاً أن الأساتذة الموظفوق وفق عقود مؤقتة لا يتمتعون بأي “تأمينات صحية أو اجتماعية، كما لا يمتلكون فرصة للتطور المهني أو الترفع الوظيفي.”

نرفض أي حلول لا تضمن حقوقنا بشكل كامل وتحل المشكلة نهائياً.”

منال السالمي
منسقة حركة الدكاترة المعطلين عن العمل في تونس والحاصلة على الدكتوراة في الكيمياء

بدورها، صرحت ألفة بنعودة، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي في بيان سابق، أن الجامعة التونسية لم تعد قادرة على استقطاب أعداد الحاصلين على الدكتوراه لكن هناك خطوات لحل الأزمة بفتح باب التعيينات جزئياً.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وتشهد تونس منذ حزيران/يونيو 2020 احتجاجات عديدة واعتصامات متواصلة نظمها الحاصلين على الدكتوراة للمطالبة بفتح باب التعيينات بالجامعات الحكومية والمراكز البحثية على مستوى البلاد مع العمل على ضمان شفافية الاختبارات المؤهلة لهذه الوظائف، عوضاً عن  تركهم فريسة لعقود وهمية تقدمها الجامعات الخاصة، وأخرى مؤقتة من قبل الجامعات الحكومية. لكن هذه الاحتجاجات المستمرة لم تجد استجابة من جانب الحكومة.

قالت منال السالمي، منسقة حراك الدكاترة الباحثين المعطلين عن العمل في تونس والحاصلة على الدكتوراة في الكيمياء، “نرفض أي حلول لا تضمن حقوقنا بشكل كامل وتحل المشكلة نهائياً.”

Countries

تعليق واحد

  1. إشكالية التعليم الخاص في تونس هي الرغبة في تحقيق أعلى ربح بأقل تكاليف.دون أي اهتمام بنوعية التعليم المقدم او بتأهيل الاستاذ الذي يقدم هذا التعليم..تعيين أشخاص بدون خبرة. مجرد الحصول على دكتوراه لا يعني قدرة الشخص على التدريس. ولكن يتم تعيين الشخص ثم استبداله بغيره بعد فترة لا المعروض كثير جدا..والهدف تقليل التكاليف لزيادة الربح. بعض الجامعات والمعاهد العليا الخاصة ترفض تعيين اساتذة ذوى خبرة لان أجرهم أعلى وتكتفي بحملة الدكتوراه حتى لو حديثي التخرج من باب التوفير..والخاسر الأكبر هو الطالب الذي يحصل على شهادة حبر على ورق ..بلا اي كفاءة..لانه تعلم على يد أستاذة بلا خبرة. لابد أن تراقب الوزارة كل عقد و تعتمده بعد التأكد من سلامة العقد وكفاءة المتعاقد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى