أخبار وتقارير

كوفيد-19 يغير أساليب تدريس الطب في قطر

عطّلت جائحة كوفيد-19 تعليم الطلاب في جميع أنحاء العالم. لكن التغيير كان أكثر إثارة لقلق طلاب المراحل النهائية في كليات الطب، الذين كانوا يخشون من عدم تلقي التدريب السريري الأمثل الذي يطمحون إليه نتيجة انتقالهم إلى التعلم الافتراضي.

قال برونو باتشيكو، الطالب في السنة السادسة في كلية وايل كورنيل للطب في قطر، في مكالمة هاتفية، “أثر الوباء بالتأكيد على رعايتنا المباشرة للمرضى ومهاراتنا في الفحص البدني. يمكنك إجراء عمليات المحاكاة، لكن لن يكون في إمكانك تطوير المهارات السريرية الملموسة المطلوبة في الفحص البدني من خلال التدريب الافتراضي فقط.”

يشارك طلاب الطب في أجزاء أخرى من العالم ذات مشاعر خيبة الأمل التي اختبرها باتشيكو.

ففي دراسة أميركية حول آثار جائحة كوفيد-19 على طلاب الطب، وافق معظم المشاركين في الاستبيان (ما يقرب من 75 بالمئة) على أن الوباء قد عطّل بشكل كبير تعليمهم الطبي، واعتقدت الغالبية (61 بالمئة) أن من الواجب عليهم الاستمرار في حضور الدورات السريرية العادية خلال الجائحة. علاوة على ذلك، أبدى أكثر من 80 في المئة منهم استعداده لقبول خطر الإصابة بكوفيد-19 إذا ما عادوا إلى البيئة الدراسية السريرية.

قال إيغون توفت، عميد كلية الطب بجامعة قطر، إنه كان من الصعب تقديم التدريب على المهارات السريرية من خلال بيئة تعليمية افتراضية. لكن نظرًا لإغلاق بعض أقسام المستشفى خلال ذروة انتشار الوباء في قطر العام الماضي، كانت الكلية مضطرة لإيجاد طرق للتكيف.

لتعويض ما فاتهم، خططت كلية الطب لتقديم جلسات تدريبية للطلاب خلال العطلة الصيفية عندما تكون المستشفيات قادرة على استقبالهم مرة أخرى. (اقرأ المقال ذو الصلة: مطالبات بتأجيل امتحانات كليات الطب في مصر).

تجربة المنصات الافتراضية

يقول توفت إن الوباء ساهم في دفع التعلم عبر الإنترنت إلى الأمام بشكل أسرع، ويتوقع أن يرى إمكانية اعتماد لمزيد من التدريس عن بعد في كليات الطب في كل مكان في المستقبل.

https://www.bue.edu.eg/

قال “تمتّع الطلاب بسيطرة أكبر على جداولهم من خلال التعليم الافتراضي. علاوة على ذلك، ومن خلال بحثهم عبر الإنترنت والعثور على المعلومات الصحيحة لتطوير معرفتهم الطبية، سيكتسبون مهارات التعليم المستمر مدى الحياة بعد مغادرتهم الجامعة.”

عندما توقف التعليم المباشر، اختارت الكلية خمس مهارات لاختبار إمكانية استمرار التدريس عبر منصات افتراضية. يقول أياد المصلح، رئيس قسم التعليم قبل الإكلينيكي في كلية الطب، إن المؤسسة طلبت آراء أعضاء هيئة التدريس والطلاب والأطباء في المستشفيات المحلية لتطوير البرنامج الافتراضي.

“أثر الوباء بالتأكيد على رعايتنا المباشرة للمرضى ومهاراتنا في الفحص البدني. يمكنك إجراء عمليات المحاكاة، لكن لن يكون في إمكانك تطوير المهارات السريرية الملموسة المطلوبة في الفحص البدني من خلال التدريب الافتراضي فقط.”

برونو باتشيكو
 الطالب في السنة السادسة في كلية وايل كورنيل للطب في قطر

وأضاف المصلح أإن الكلية نقلت، بعد تجربة عدة منصات وتلقي تدريب من قسم علوم الحاسب بالجامعة، كل ما لا يتطلب مهارات يدوية إلى منصات تعليمية افتراضية. كما استخدمت عروض الفيديو للحالات السريرية وفصول علم التشريح.

وفيما يتعلق بالمهارات السريرية الأخرى التي تتطلب نهجًا عمليًا، حضر الطلاب شخصيًا  مع تقليل وقت الحصص وعدد الطلاب في كل مجموعة إلى النصف.

خطط للإبقاء على بعض العناصر الافتراضية

اتبعت مؤسسة وايل كورنيل للطب – قطر نهجًا مشابهًا، حيث واصلت الجامعة تقديم حصص التعلم السريري والتقييم السريري بشكل مباشر مع أخذ الاحتياطات المناسبة. في الوقت ذاته، عُقدت محاضرات كبيرة ومناقشات جماعية صغيرة عن بعد. استخدمت الجامعة مزيجًا من مؤتمرات الفيديو وأدوات الاتصال والتقييم الذاتي وأدوات الألعاب لتعزيز التفاعل أثناء المحاضرات.

قالت أمل خضر، الأستاذة المساعدة في طب الأطفال في جامعة وايل كورنيل، إنها تود المضي قدمًا في الإبقاء على بعض هذه التغييرات “لا أعتقد أننا سنتخلص من كل ما تعلمناه من وضع كوفيد-19. أحب الشكل الافتراضي لوقت الفصل الدراسي وأنا أخطط للإبقاء عليه. أشعر أنه يساعد الطلاب على التركيز أكثر وتوفير الوقت وأن نصبح أكثر إنتاجية.”

خضر مسؤولة عن برنامج نجوم كورنيل، وهو حدث سنوي يمنح الأطباء المتدربين في الصف الثالث من البرنامج الطبي فرصة للاسترخاء من خلال فحص الأطفال الصغار، تحت إشراف أطباء الأطفال ذوي الخبرة.

How Medical Schools in Qatar Adapted During the Pandemic
إيغون توفت، عميد كلية الطب بجامعة قطر، من لقطة شاشة أثناء مقابلة زووم. (الصورة: إيمان كامل).

في ظل ظروف الإغلاق الراهنة، أقيم الحدث عبر الإنترنت للسنة الثانية على التوالي. قالت خضر إن ذلك أتاح للطلاب فرصة ممارسة الاستشارات الافتراضية التي أصبحت شائعة جدًا في ظل الوباء.

تعتقد ثريا عريسي، أستاذة الطب السريري والعميد المشارك الأول للتعليم الطبي والتطوير المهني المستمر في كلية طب وايل كورنيل – قطر، أن الاستشارات بحضور الطلاب مثلّت تغييرًا آخر أحدثه فيروس كوفيد-19.

قالت “اُتخذِت العديد من القرارات بالتعاون مع الطلاب وتم تطوير أحد المقررات الاختيارية من قبل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. لقد كان هذا موضوعًا مهمًا للغاية بالنسبة لنا بدأ خلال كوفيد-19 وأتوقع أن يستمر في المستقبل.”

تحديات طلاب السنة الأولى

بينما بَدا الطلاب في المراحل النهائية من كليات الطب قلقين بشأن المهارات السريرية والتدريب في المستشفيات، واجه الطلاب الجدد مجموعة مغايرة من التحديات.

كتبت مريم القره داغي، طالبة الطب في السنة الأولى في جامعة وايل كورنيل، عبر البريد الإلكتروني، “إن بدء الدراسة في كلية الطب أمر صعب، لكن بدء الدراسة الطبية في ظل حدوث جائحة لا يبدو أيضًا فكرة رائعة على الإطلاق. كان من الصعب جدًا تجاهل ما يحدث في جميع أنحاء العالم. في بعض الأحيان بدا الأمر وكأننا عاجزين وأن العالم ينهار. ومع ذلك، لا يزال يتوجب علينا الدراسة من أجل أحد الاختبارات أو تقديم واجبٍ ما. لقد كانت تجربة مدمرة نفسيا في بعض الأحيان، ومحفزة في أحيان أخرى.”

قالت القره داغي إن الافتقار إلى الروتين والبنية وغياب التفاعلات الاجتماعية جعل الدراسة أكثر صعوبة بالنسبة لها.

انتاب القره داغي وزملائها القلق أيضًا بشأن عدم قدرتهم على طلب المساعدة كما كانوا يفعلون في المدرسة الاعتيادية.

قالت “قبل الوباء، كان طلب المساعدة سهلاً ويتمثل في الذهاب إلى أستاذك بعد المحاضرة وسؤاله على الفور. من الواضح أن هذا أصبح أصعب بكثير أثناء التعليم عبر الإنترنت.”

الأساتذة يتعلمون أيضاً

شكل التدريس الافتراضي منعطفاً تعليمياً للأساتذة أيضًا.

قالت سهاد ظاهر-ناشف، الأستاذة المساعدة في العلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة قطر، إنها واجهت، عند انتقال التدريس إلى العالم الافتراضي، تحديًا في إبقاء المحاضرات تفاعلية.

“بدأت في اكتشاف الألعاب التي يمكن أن تحفز التفاعل والتفكير بين الطلاب. ربما لن أستخدم ذلك لاحقًا، لكنني أعتقد أن المحاضرات المستقبلية ستكون مزيجًا من أساليبنا القديمة وما تعلمناه خلال الوباء.”

سهاد ظاهر-ناشف
 الأستاذة المساعدة في العلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة قطر

قالت “بدأت في اكتشاف الألعاب التي يمكن أن تحفز التفاعل والتفكير بين الطلاب. ربما لن أستخدم ذلك لاحقًا، لكنني أعتقد أن المحاضرات المستقبلية ستكون مزيجًا من أساليبنا القديمة وما تعلمناه خلال الوباء.”

بهدف المساعدة في الحفاظ على انتباه الطلاب لفترة أطول، قسمت ناشف المحاضرة إلى جزء نظري مسجل وجزء نقاش غير مسجل لتشجيع الطلاب على التركيز والمشاركة بحرية أكبر.

أوضح المصلح أن طلاب كلية الطب في المجمل حافظوا على ذات المستوى الذي كانوا عليه قبل انتشار الوباء، مما يشير إلى أن التغييرات في العملية التدريبية لم تؤثر على اكتسابهم المهارات المطلوبة. ومع ذلك، أشار إلى وجود أسئلة لا تزال دون إجابات.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

تساءل قائلا “هل تأثرت المهارات غير اللفظية للطلاب؟ عند التواصل مع أحد المرضى، ينتبه الأطباء إلى لغة الجسد والتلميحات غير اللفظية الأخرى، لكننا نعتقد أن هذه المهارات غير موجودة على الإنترنت.”

تجربة ناضجة

توافق عريسي على أنه، وعلى الرغم من كل مزايا التعلم الافتراضي، “لن يكون هناك شيء أفضل من التجربة المباشرة، سواء في التدريس أو التعلم أو رعاية المرضى.”

قالت “منهجنا السريري مصمم لجعل الطلاب مسؤولين عن رعاية المرضى منذ اليوم الأول، تحت الإشراف. وهو جزء لا يمكن القيام به افتراضيًا على الإطلاق.”

https://www.bue.edu.eg/

مع ذلك، تعتقد عريسي أن الدراسة أثناء الوباء كانت تجربة نضج رائعة لطلاب الطب.

قالت “أعتقد أن هذا الجيل الجديد من الأطباء سيكون مختلفًا. أعتقد أنهم سيكونون أكثر تقبلاً لغياب اليقين، وأكثر تعاطفًا ولطفًا، وأكثر وعيًا بأوجه عدم المساواة في هذا العالم وأكثر وعيًا بتأثير وأهمية العولمة والعلاقة بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها.”

قراءات ذات صلة

للمزيد عن فيروس كورونا المستجد في المنطقة العربية وكيف أثر على التعليم والبحث والثقافة والفنون، إقرأ مجموعة تقارير حصرية من الفنار للإعلام.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى