أخبار وتقارير

اقتصاديون يحذرون: أزمة لبنان تهدد مستقبل الجامعات

بيروت- يرى خبراء اقتصاديون محليون أن الأزمة الاقتصادية التي ألقت بنصف سكان لبنان في براثن الفقر تهدد مستقبل الجامعات والمدارس.

قالت علياء المبيّض، كبيرة الاقتصاديين في أحد البنوك الاستثمارية، “الاقتصاد اللبناني في حالة موت سريري. يتوجب على الحكومة المقبلة إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية.”

يوافق وليد مروش، أستاذ الاقتصاد المشارك في الجامعة اللبنانية الأميركية، على أن “المستقبل قاتم للغاية لكون لبنان يعاني من مزيج من الكساد الاقتصادي والمصرفي.” مضيفاً أن المؤسسات، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، “في حالة دمار اقتصادي”.

قال مروش “من غير المرجح أن تتمكن البنوك الموجودة اليوم من البقاء، والأمر ذاته ينطبق على المدارس والجامعات. أعتقد أن عدد الجامعات سيتقلص وسيتمكن عدد قليل فقط منها من تجاوز الأزمة.”

تعتقد المبيّض إن لبنان بحاجة ماسة إلى برنامج شامل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو لوقف النزيف الذي يستنزف خزائنه ويسبب هجرة الأدمغة في صفوف الشباب والمهنيين.

قالت “انكمش الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 50 مليار دولار في 2019 إلى أقل من 20 مليار دولار في 2020. فيما ارتفع التضخم بنسبة 130 في المئة، إلى جانب انخفاض حاد في قيمة العملة المحلية، … ليصبح أكثر من 50 في المئة من السكان اللبنانيين تحت خط الفقر.” (اقرأ المقال ذي الصلة: أزمة مزدوجة تعصف بالطلاب والجامعات في لبنان).

الانتقال من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية

على الرغم من كون التعليم أمراً أساسياً لدى غالبية الأسر اللبنانية، فإن عدداً غير مسبوق من العائلات قاموا بنقل أطفالهم من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية.

https://www.bue.edu.eg/

لاحظ عدنان الأمين، مستشار التعليم في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، أن “هناك اتجاه كبير للهجرة من المدارس المكلفة إلى المدارس الأرخص في كل من النظامين الخاص والحكومي.”

قال الأمين إن تكلفة التعليم “أصبحت عبئًا ثقيلًا على أولياء الأمور بعد الأزمة الاقتصادية،” مضيفًا أن “المدارس والجامعات لم تعد تمتلك ذات المرافق التعليمية كما كانت قبل الأزمة، وأن “جودة التعليم” قد انخفضت في جميع المؤسسات بغض النظر عن ترتيبها.”

“الاقتصاد اللبناني في حالة موت سريري.يتوجب على الحكومة المقبلة إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية.”

علياء المبيّض
كبيرة الاقتصاديين في أحد البنوك الاستثمارية

وفقًا لوزارة التربية والتعليم، انتقل حوالي 40,000 طالب خلال العام الدراسي الحالي من التعليم الخاص إلى التعليم الحكومي. وتُعد صعوبة دفع رسوم التعليم الخاص السبب الرئيسي لهذا الانتقال.

قال الأمين “لم ينخفض عدد الطلاب على الرغم من الأزمة الاقتصادية. لا يزال لبنان يحتفظ بأعلى نسبة من الطلاب للفرد في المنطقة. ومع ذلك، أصبح اختيار اكمال الدراسة الجامعية محدودًا للغاية بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون تحمل الرسوم الباهظة.”

مخاوف على مستوى الجامعات

في لبنان، هناك 48 جامعة ومؤسسة للتعليم العالي، وهو رقم كبير بشكل غير عادي بالنسبة لبلد يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة. (اقرأ المقال ذي الصلة: الجامعات في لبنان … معركة عدد ونوعية).

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

تلجأ الجامعات لاتخاذ وسائل مختلفة للحفاظ على استمراريتها، بما في ذلك تسريح الموظفين وأعضاء هيئة التدريس. تسعى الجامعات التابعة للولايات المتحدة للحصول على مساعدة ودعم المانحين في الولايات المتحدة، بينما تتلقى الجامعات الفرنكوفونية الدعم الفرنسي. (اقرأ المقال ذي الصلة: الأزمة الاقتصادية تعصف بمستقبل أساتذة الجامعات في لبنان).

مع ذلك، لا تحصل الجامعة اللبنانية، الجامعة الحكومية الوحيدة في لبنان، والجامعات الخاصة منخفضة التكلفة غير المرتبطة بجهات أخرى، على تمويل من الحكومة المفلسة. إذ تتولى إدارة تصريف أعمال منذ آب/ أغسطس 2020، عندما استقالت الحكومة الأخيرة في أعقاب انفجار ميناء بيروت أودى بحياة أكثر من 200 شخص ودمر معظم المنطقة المحيطة بميناء بيروت. (اقرأ المقال ذي الصلة: انفجار بيروت يعصف بقطاعها التعليمي).

قال مروش “ما يمكن اعتباره تعليمًا ميسور التكلفة لا يضمن بالضرورة جودة التعليم. أتوقع أن العديد من الجامعات ستواجه خيار الاضطرار إلى خفض جودة الخدمات التي تقدمها أو التوقف عن العمل ببساطة. إن الحفاظ على مستوى جيد أمر مكلف في الأوقات العادية، ويكون أكثر تكلفة في حالات الأزمات. بعبارة أخرى، سيحصل الطلاب على ما يدفعونه في المقابل.”

“لا يمكن لأي اقتصاد حديث في القرن الحادي والعشرين العمل بدون نظام مصرفي فعال. توقفت البنوك عن لعب دورها كوسيط مالي، مما دفع لبنان إلى الاقتصاد النقدي حيث يتم تحديد قيمة الليرة من خلال سوق النقد بدلاً من البنوك والنشاط الاقتصادي.”

وليد مروش
أستاذ الاقتصاد المشارك في الجامعة اللبنانية الأميركية

عواقب الانحدار الاقتصادي

في هذه الأثناء، يتجه لبنان نحو الاقتصاد النقدي، المرتبط عالميًا بالفقر المتفشي.

قال مروش “لا يمكن لأي اقتصاد حديث في القرن الحادي والعشرين العمل بدون نظام مصرفي فعال. توقفت البنوك عن لعب دورها كوسيط مالي، مما دفع لبنان إلى الاقتصاد النقدي حيث يتم تحديد قيمة الليرة من خلال سوق النقد بدلاً من البنوك والنشاط الاقتصادي.”

قبل الأزمة، صنف البنك الدولي لبنان على أنه اقتصاد ضمن فئة الدخل المتوسطة العليا، لكن من المتوقع أن ينزلق إلى الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط في تصنيف 2021.

قال مروش “يؤثر التصنيف على فرص العمل المستقبلية للخريجين اللبنانيين في المنطقة والعالم. هناك أدلة غير مؤكدة على أن اللبنانيين العاملين في الخليج العربي يتقاضون رواتب أقل من ذي قبل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الوضع الاقتصادي المتدهور للبنان. كلما تراجعت المكانة، كلما قلت القدرة على التفاوض على رواتب أفضل.”

وبحسب المبيض، من الواجب أن تشمل المرحلة الأولى من أي خطة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعافي النمو إعادة هيكلة الديون، وتحديد سعر صرف واحد للدولار لكبح الأسواق السوداء، وتأمين الدعم المالي الأجنبي لضخ السيولة ودعم القطاع الخاص.

وأضافت إن الخطوات الضرورية الأخرى تشمل إصلاح القطاع العام لزيادة الكفاءة والشفافية وكبح الفساد، وإعادة هيكلة النظام المصرفي، وتحديث أسواق رأس المال لجذب استثمارات القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى