أخبار وتقارير

التعليم الفلسطيني يرزح تحت وطأة النزاع الطويل مع اسرائيل

بيروت – ألحق الاحتلال الإسرائيلي الطويل والحصار والصراع المستمر أضرارًا جسيمة بإمكانية حصول الفلسطينيين على التعليم، سواء أولئك العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أو اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

كانت تلك رسالة المتحدثين في ندوة إلكترونية نظمها مؤخرًا مركز التعليم والتنمية الدولية التابع لمعهد التعليم في كلية لندن الجامعية UCL.

سلطت الندوة الإلكترونية التي عُقدت في 26 أيار/ مايو بعنوان “فلسطين تحت الهجوم: الاعتداء على التعليم في فلسطين”، الضوء على تأثير العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 219 شخصًا، من بينهم 63 طفلاً و36 امرأة، وألحق أضرارًا بـ 50 مدرسة في جميع أنحاء القطاع المحاصر فضلاً عن تهجير أكثر من 40 ألف شخص اضطروا للجوء إلى المدارس. (اقرأ التقرير ذو الصلة: المؤسسات التعليمية الفلسطينية مجددًا تحت مرمى النيران الإسرائيلية).

قال المتحدثون إن حق الفلسطينيين في التعليم عرضة للتقويض المستمر بسبب سياسات التعليم الإسرائيلية ذات الصبغة “الاستعمارية المتسمة بالفصل العنصري”، والهجمات على المؤسسات التعليمية، ومصادرة المواد التعليمية وإخضاعها للرقابة، والفصل، والسيطرة على المناهج الدراسية للفلسطينيين داخل إسرائيل وفي الأراضي المحتلة.

نتائج الحصار

قال حيدر عيد، الأستاذ المشارك في أدب ما بعد الاستعمار وما بعد الحداثة في جامعة الأقصى بغزة، إن إسرائيل استهدفت بشكل منهجي مناطق مدنية في غزة وأحالت أحياء بأكملها وبنية تحتية مدنية حيوية إلى أنقاض.

قال عيد “ليست هناك كهرباء ولا مياه نظيفة طوال أيام. هل يمكن للمرء تصوّر تأثير ذلك على طلابي؟ نحن نقترب من نهاية الفصل الدراسي، لكنني لا أعرف كيف من المفترض عليهم أن يدرسوا.”

“ليست هناك كهرباء ولا مياه نظيفة طوال أيام. هل يمكن للمرء تصوّر تأثير ذلك على طلابي؟ نحن نقترب من نهاية الفصل الدراسي، لكنني لا أعرف كيف من المفترض عليهم أن يدرسوا.”

حيدر عيد  الأستاذ
المشارك في أدب ما بعد الاستعمار وما بعد الحداثة في جامعة الأقصى بغزة

وأضاف “منذ عام 2007 نعيش في ظل حصار محكم من العصور الوسطى يجعل الحياة مستحيلة على الطلاب،” مشيرًا إلى الحصار البري والبحري الذي فرضته إسرائيل، إلى جانب مصر، على غزة منذ سيطرة حماس على القطاع. قال “لقد توصلت إلى استنتاج مفاده أن إسرائيل عازمة على تدمير غزة بينما تفضل الهيئات الدولية الرسمية وقادة العالم الصمت وعدم فعل أي شيء على الإطلاق.” (اقرأ المقال ذو الصلة: إصلاح التعليم ليس من أولويات جامعات غزة المحاصرة).

قارن عيد الوضع في غزة بنظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا، والذي تمت مقاطعته عالميًا بسبب سياساته ضد السكان الأصليين.

قال “أقوم بتدريس طلاب مصابين بصدمات نفسية. نظرًا لكون نظام التعليم جزء من المجتمع، يدفع طلابنا ثمنًا باهظا للغاية. ونتيجة لذلك، يتأثر رفاه الطلاب وأدائهم ومعدلات إتمامهم التعليم بشدة، بشكل يؤثر سلبيًا على آفاقهم المستقبلية.”

حتى قبل الهجوم الأخير، كان التعليم في غزة في حالة يرثى لها، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى الحصار الإسرائيلي المستمر. يخنق الحصار نظام التعليم من خلال تقييد حركة الأشخاص والبضائع؛ حيث يُمنع دخول مواد بناء المدارس والكتب والكتب المنهجية وأقلام الرصاص مرارًا وتكرارًا إلى غزة، فضلاً عن نقص الوقود الذي يعني انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر. نتيجةً لذلك، لا يحقق ما يقرب من نصف الطلاب الفلسطينيين نتائج التعلم الأساسية المحددة كأهداف في المعايير الدولية.

قمع الرواية الفلسطينية

سلطت جميلة حسين شنان، المتحدثة الأخرى في الندوة، الضوء على سيطرة إسرائيل على التعليم الرسمي الفلسطيني وإنتاج المعرفة ونشرها كأداة للقضاء على الرواية الفلسطينية.

قالت شنان، الباحثة والناشطة والمتحدثة العامة المهتمة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، “يتمثل القضاء على الفلسطينيين جسديًا في القتل والتهجير القسري، ورمزيًا، من خلال التعليم. حتى أن السلطات الإسرائيلية فرضت رقابة على المناهج الدراسية التي تستخدمها الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان.”

“يتمثل القضاء على الفلسطينيين جسديًا في القتل والتهجير القسري، ورمزيًا، من خلال التعليم. حتى أن السلطات الإسرائيلية فرضت رقابة على المناهج الدراسية التي تستخدمها الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان.”

جميلة حسين شنان
 الباحثة والناشطة والمتحدثة العامة المهتمة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

في الغرب، شهد الطلاب والأكاديميون الفلسطينيون تقلص حريتهم في البحث والتعبير والتمويل، وتم فرض رقابة على أي لغة من شأنها تعزيز وجودهم وهويتهم.

قالت شنان “توقف أحد الطلاب في الولايات المتحدة عن إتمام أطروحته لمدة عامين لأنه رفض الإشارة إلى الجيش الإسرائيلي على أنه قوات الدفاع الإسرائيلية.” وأضافت أن “الدمار يحدث أيضًا على أيدي الوكلاء الثقافيين للدولة الصهيونية من خلال الخطاب واللغة والأبحاث التي تساعد إسرائيل على تقديم نفسها كضحية في بعض الأحيان، وبطلة وناجية في أحيانٍ أخرى.”

كما تُشترط موافقة الرقيب العسكري على جميع مواد القراءة والكتب والدوريات المخصصة لنظام التعليم الفلسطيني. وتخضع أي إشارة إلى القضية الفلسطينية أو الجذور أو التراث الثقافي للرقابة المنهجية، ولا يُسمح للمعلمين باستخدام أي مواد تكميلية لتحسين المناهج الدراسية.

“التجزئة والفصل”

ركّز أيمن إغبارية، الباحث والشاعر والناشط من مدينة حيفا، على “نظام السيطرة والانضباط المعقّد” الذي يتم من خلاله إدارة حياة عرب إسرائيل.

قال “تجزئة وعزل الفلسطينيين في إسرائيل من بين أدوات الاستعمار العلماني. المجتمع الفلسطيني معزول عن الاتصال المهم مع المجتمع اليهودي ومنقسم إلى طوائف.”

“تجزئة وعزل الفلسطينيين في إسرائيل من بين أدوات الاستعمار العلماني. المجتمع الفلسطيني معزول عن الاتصال المهم مع المجتمع اليهودي ومنقسم إلى طوائف.”

أيمن إغبارية
 الباحث والشاعر والناشط من مدينة حيفا

وأضاف “يشار إلى الفلسطينيين على أنهم دروز أو مسيحيون أو مسلمون أو بدو الشمال أو بدو الجنوب في محاولة لفرض عقلية ووعي الانقسام. وتتعرض فكرة أن تكون فلسطينيًا للتدمير من خلال الكتب المدرسية والممارسات التعليمية.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وبحسب إغبارية، فإن الطلاب العرب يتبعون مناهج مختلفة عن نظرائهم اليهود، مما يخلق فجوة كبيرة بينهم من حيث جودة التعليم والموارد المتاحة. قال “إنهم مهمشون ومستضعفون ومستعمرون. ينتهي بنا الأمر، كمعلمين فلسطينيين، إلى الكفاح من أجل أن نكون فلسطينيين في دولة تعرّف نفسها بصفتها دولة يهودية

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى