مقالات رأينصائح ومصادر

توظيف الأغاني الفلسطينية لخلق نقاشات هادفة في إطار تدريس اللغة العربية

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

للمعلمين هويات اجتماعية-سياسية تؤثر على طريقة تدريسهم والمواد التي يستخدمونها في الفصل. وترتبط غالباً هذه الهويات بجنسيّتنا وخلفيتِنا الدينية والعرقية وجوانب حياتية أخرى تشكل هويتنا وتحدد وجهات النظر التي نختار مشاركتها مع طلابنا.

في سياق تدريس اللغة العربية كلغة ثانية، نجد أن الكتب المدرسية المستخدمة في المؤسسات الأكاديمية الغربية مفرغة سياسيًا إلى حدٍ كبير، ونرى أن مؤلفيها فضّلوا الابتعاد عن موضوعات يعتبرها بعض الجمهور ودور النشر مواضيع “حساسة”. إضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتم تصميم برامج اللغة العربية على اعتبارها برامج ترتكز على الإنجاز اللغوي، حيث يُنظر إلى المعلمين على أنهم “فنيين” لا يفترض منهم الاستجابة لاحتياجات الطلاب ولا يُنتظر منهم خلق مناهج تعزّز التفكير النقدي أو تستقدم الحداثة التربوية. في مثل هذه البرامج، عادةً ما تحدّد النصوص المُدرجة في كتب اللغة العربية (والضعيفة منهجيا في الأصل) نوع الحوارات التي تدور داخل الفصل، وهذا بدوره يحسم المواضيع التي تُطرح أو يتم قَمعها.

يواجه المعلمون الراغبون في طرح محادثات صفية هادفة تحديًا مزدوجًا: فمن ناحية، عليهم إيجاد الوقت المناسب والكافي لدمج محتوى جذاب فكريًا من خارج “النص” أو المنهج، ومن ناحية أخرى، عليهم أن  يتعاملوا بشأن ”حساسية” بعض المواضيع وربما عدم ارتياحهم حيال معالجة قضايا اجتماعية أو سياسية تُعتبر مثيرة للجدل (إن لم نقل “مُحرّمة”) في بعض المؤسسات الأكاديمية.

تشكّل الأحداث الجارية في فلسطين مثالًا جيدًا وتذكيرًا بضرورة التأمل في دورنا كمعلمين والتفكير في القيم الأساسية التي توجّه ممارستنا التربوية، وخاصة في وقت الأزمات.

فيما يتعلق بنوع النص الذي يمكن استخدامه داخل صف اللغة العربية، أنا شخصيا أحبُ استخدام الأفلام والأدب والموسيقى لتعريف طلابي على بعض القضايا الشائكة.

مع ذلك، يجب أن أعترف بأن اختيار النصوص التي تتناول القضية الفلسطينية ليس بالمهمة السهلة، فعلى المعلم أن يضع بعين الاعتبار عدة عوامل: اهتمامات الطلاب وخلفياتهم، كفاءتهم اللغوية، الغرض من مشاركة نصوص بعينها، فضلا عن تحيّزاتنا كمعلمين ذوي هويات اجتماعية-سياسية فردية. للباحث الأمريكي تيري أوزبورن كتاب بعنوان تدريس اللغات من أجل العدالة الاجتماعية يقدم فيه مبادئ مفيدة للمعلم الذي يرغب في تصميم أنشطة تساهم في رفع وعي الطلبة بقضايا العدالة الاجتماعية والمساواة، إضافة إلى فصل كامل حول الدور الآيديولوجي الذي تلعبه المفردات والقواعد المستخدمة في النص. صحيح أن اتباع نهج تربوي من هذا القبيل يمثل تحديا في بدء الأمر ولكنه يساهم في تعزيز ودمج هويات طلابنا المختلفة، ويُشعر جميع الطلبة بالانتماء، ويقدم منصة لوجهات نظر لطالما كانت غائبة في مناهج اللغة، وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى نجاح الفصل والمعلّم.

فيما يتعلق بنوع النص الذي يمكن استخدامه داخل صف اللغة العربية، أنا شخصيا أحبُ استخدام الأفلام والأدب والموسيقى لتعريف طلابي على بعض القضايا الشائكة. أجدُ ذلك نقطة انطلاق لطيفة تسمح لنا برؤية الآخر على أنه شخص نتشارك معه في ذات الصفات الإنسانية؛ ويستمتع الطلاب كثيرا بهذا النوع من النصوص. لقد قامت منصة MUBI مؤخرًا بتقديم مجموعة مختارة من الأفلام الفلسطينية المعاصرة من بينها العديد من الأفلام الحائزة على جوائز عالمية. أنصحكم بالاطلاع عليها للتعرّف على مجموعة حقا استثنائية.

أما في المشهد الأدبي، فوضعت مجلة آرابليت الفصلية قائمة كتب للقراء اليافعين، فيما تقدم دار الساقي حوالي  20 كتاباً إلكترونياً بشكل مجاني، من بينها دواوين شعر وروايات.

توظيف الأغاني في خلق البهجة وتحفيز الطلاب

فيما يتعلق بالأغاني، طلبتُ من أصدقائي وزملائي على مواقع التواصل الاجتماعي مشاركة بعض ما يقدمونه في صفوف اللغة العربية، وفيما يلي بعض الاقتراحات. تذكروا أن بإمكان الموسيقى أن تولّد الكثير من المرح في الفصل، حتى عندما يكون موضوع الأغنية مأساويًا. لذا رجاءً لا تستخدموا الأغاني كمدخل لمناقشة الجانب المظلم للسياسة فقط، بل استخدموها للغناء وتدريس اللغة العربية والاستمتاع بمقاطع الفيديو والفكاهة المعروضة فيها وللرقص والحديث عن القضايا الاجتماعية المطروحة وللاستمتاع بالموسيقى كغاية في حد ذاتها.

سأبدأ بالأغاني التي ينطبق عليها كل ما سبق:

بشار مراد – مسخرة

جوان صفدي – البوليس مش بوليسنا

DAM – #Who_You_R

غزل – أشكرى

ولمن يفضل اللغة العربية الفصحى، فهناك الكثير من الأغاني الجميلة للفنانة الراحلة ريم البنا أو أغانٍ مستوحاة من قصائد محمود درويش. فيما يلي مجموعة مختارة:

ساره – ريم بنا

(أغنية مستوحاة من قصيدة لاعب النرد)

(أغنية مستوحاة من قصيدة أحن إلى خبز أمي)

تعتبر الأغاني ثنائية اللغة مناسبة جدا للطلاب المبتدئين لأنها مفهومة جزئيًا، ويتضمن العديد منها ترجمة باللغة الإنجليزية. إليكم أحد الأمثلة:

السبعة وأربعين – رفّ الطّير

ينجذب الطلاب أيضًا إلى الأغاني التي تقدم الرقص التقليدي (مثل الدبكة) و مشاهد من فلسطين:

فلسطين إنتِ الروح – محمد عساف

https://www.youtube.com/watch?v=z-Oa73xynuc%3Ffeature%3Doembed

شلبي يونس وغزل غريّب – ميّل على بلدي

أخيرًا، هناك أغانٍ فلسطينية كلاسيكية يؤديها فنانون من دول عربية أخرى. تحظى هذه المجموعة بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم العربي:

(أغنية من أداء الفنان المصري حمزة نمرة)

(أغنية من أداء الفنانة اللبنانية أميمة الخليل)

وبالمثل، تقدم لينا صليبي أداءً جميلاً لأغنية داليدا الشهيرة حلوة يا بلدي:

 هناك فنانون فلسطينيون آخرون يستحقون الذكر: فرقة الكونتينر Elcontainer و Apo & Apostles والإنس والجام، هذه الأغنية التي تقدم مقتطفات من عدة أغاني تقليدية وأيضا أغاني الهيب هوب هذه.

لمزيد من الإرشادات حول كيفية اختيار الأغاني المناسبة لفصل اللغة العربية، إليكم بعض النصائح والاقتراحات التي قدّمتها هنا. وللتعرف عن قرب على ظاهرة موسيقى البوب الفلسطينية، يمكنكم قراءة  هذا المقال الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC. أما للحصول على معلومات حول فناني الهيب هوب، إليكم هذا المقال الذي نشرته صحيفة الغارديان.

إذا كنتم ترغبون في التعمق بخصوص كيفية إدارة الحوارات الشائكة مع الطلاب، استمعوا إلى كريشاونا هاينز-غايذر، التي تحدثت العام الماضي لمجموعة من المعلمين المهتمين بمناهج العدالة الاجتماعية ACTFL Critical & Social Justice Approaches Special Interest Group. تناقش هذه الخبيرة قواعد السلوك التي تعزز الحوار الصفي الصحي، وطرق ممارسة التأمل الذاتي (لدى المدرسين)، ونصائح حول كيفية تمييز ردود الفعل العدوانية السلبية التي يمكن أن تصدر عن الطلاب عند مناقشة موضوعات شائكة أو حسّاسة.

د. ليلى فاميليار محاضرة في جامعة نيويورك أبوظبي، مستشارة أكاديمية لدى American Councils for International Education، مدرّبة تربوية، ومؤسسة موقع ”خلّينا“ لتعليم اللغة والثقافات العربية، إضافة إلى كونها مؤلفة وباحثة.

للمزيد عن المحتوى الثقافي العربي

إقرأ أيضًا من الفنار للإعلام:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى