أخبار وتقارير

تقرير جديد: الحرية الأكاديمية في أدنى مستوياتها في المنطقة العربية

توصل التقرير السنوي الثاني لمؤشر الحرية الأكاديمية للعام 2020 إلى أن العلماء والطلاب في المنطقة العربية يتمتعون بحرية أكاديمية أقل من نظرائهم في أي مكان آخر في العالم.

قال إلياس صليبا، الباحث في المعهد العالمي للسياسات العامة (GPPi) في برلين، وأحد كُتاب التقرير، “إذا ما قارنت بين مناطق العالم، ستجد بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسجل نتائج أسوأ من غيرها.”

تحدث صليبا في مؤتمر صحفي افتراضي لإعلان التقرير في 11 آذار/ مارس.

قال “هناك بعض النقاط المضيئة، مثل تونس.” إذ تم تضمين ضمان الحرية الأكاديمية في دستور البلاد الذي أعيدت صياغته عام 2014، مما جعل تونس الدولة العربية الوحيدة التي كرست هذا الحق في قانونها الأساسي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: ربيع تونس لا يشمل الأكاديميين).

لكن بشكل عام، يبدو وضع الحريات الأكاديمية في المنطقة العربية مقلقًا للغاية.

يقيِّم المؤشر الحرية الأكاديمية في 175 دولة ومنطقة حول العالم، ويضع كلًا منها في فئات تبدأ بالفئة A – وتعني تمتعهم بحرية كاملة في البحث والتعليم، وحتى الفئة E – التي تعني وجود أقل قدر من الحرية الأكاديمية.

تونس نموذج رائد

جاءت تونس، باعتبارها الدول العربية الوحيدة، في الفئة أ.  وشملت الفئة ب (التي تشير لوجود بعض القيود) لبنان وفلسطين (الضفة الغربية) وجزر القُمر؛ وشملت الفئة سي (التي تعني وجود قيود معتدلة) الكويت وليبيا وفلسطين (غزة) والمغرب والصومال والسودان. فيما حلت غالبية الدول العربية في الفئة د أو اي، (مما يشير إلى فرض قيود صارمة أو كاملة) ويواجه أساتذة الجامعات والطلاب في تلك البلدان الطرد أو السجن أو ما هو أسوأ إذا ما أجروا بحثًا غير مرحب به أو عبروا عن آراء لا تحظى بقبول السلطات. (اقرأ التقرير ذو الصلة: مقتل الباحث هشام الهاشمي يجدد مخاوف اغتيال الأكاديميين في العراق).

يشكل هذا الإعلان الدفعة السنوية الثانية من مؤشر الحرية الأكاديمية. تم تطوير المشروع بشكل مشترك من قبل باحثين من جامعة فريدرش-ألكسندر أو إرلانغن-نورنبرغ في ألمانيا، ومعهد V-Dem في جامعة غوتنبرج في السويد، والمعهد العالمي للسياسة العامة في برلين، بتعاونٍ وثيق مع شبكة علماء في خطر في جامعة نيويورك.

شهدت مصر تراجعًا حادًا بشكل خاص في الحريات الأكاديمية، لاسيما بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في عام 2013، وكذلك الحال في تركيا بعد الانقلاب الفاشل عام 2016. (اقرأ التقرير ذو الصلة: تقرير جديد يرصد واقع الحرية الأكاديمية في المنطقة العربية).

خلال العام الماضي، أغلقت العديد من الجامعات بسبب جائحة فيروس كورونا. يقول مؤلفو التقرير إن التأثير على الحرية الأكاديمية يبدو أقل مما كان يُخشى، لكن إمكانية مراقبة التعليم عبر الإنترنت مقلقة.

يمثل المؤشر حصيلة خمسة مؤشرات، هي: (1) حرية البحث والتدريس، (2) حرية التبادل الأكاديمي والنشر، (3) الاستقلالية المؤسسية، (4) سلامة الحرم الجامعي، (5) حرية التعبير الأكاديمي والثقافي. يتم تقييم المؤشرات من قبل حوالي 2,000 خبير، وعادة ما يكون أولئك من الأكاديميين في البلدان موضع التقييم.

“على المدى الطويل، لا يزال بإمكاننا رؤية تأثير أكثر خطورة. على سبيل المثال: الرقابة الذاتية في التدريس الرقمي.”

كاترين كينزلباخ
 أستاذة في جامعة فريدريش-ألكسندر، إرلانغن-نورنبرغ الألمانية (FAU)، وأحد مؤلفي التقرير

يمكن استكشاف المؤشر باستخدام أداة تصوير بيانية قوية يمكنها إظهار اتجاهات الحرية الأكاديمية بمرور الوقت داخل بلد واحد أو منطقة بعينها.

الرقابة الذاتية تزيد الطين بلة

قالت كاترين كينزلباخ، الأستاذة في جامعة فريدريش-ألكسندر، إرلانغن-نورنبرغ الألمانية (FAU)، وأحد مؤلفي التقرير، “على المدى الطويل، لا يزال بإمكاننا رؤية تأثير أكثر خطورة. على سبيل المثال: الرقابة الذاتية في التدريس الرقمي.”

على الصعيد العالمي، وجد المؤشر أن الدول التي شهدت أكبر انخفاض في الحرية الأكاديمية، في الفترة من 2019 إلى 2020، هي بيلاروسيا وهونغ كونغ وسريلانكا وزامبيا.

كما شملت قائمة البلدان التي شهدت أكبر انخفاض في الحرية الأكاديمية على مدى السنوات الخمس الماضية: البرازيل وكولومبيا وهونغ كونغ ونيكاراغوا وتركيا وزامبيا.

أما البلدان التي شهدت أكبر تحسن في الحرية الأكاديمية على مدى السنوات الخمس الماضية فهي: غامبيا وكازاخستان وجزر المالديف ومقدونيا الشمالية والسودان.

ومع ذلك، قالت كينزلباخ، المؤلفة المشاركة في إعداد التقرير، “بشكل عام وجدنا أن حوالي 20 بالمئة فقط من سكان العالم يعيشون في بلدان تتمتع الحرية الأكاديمية فيها بحماية جيدة.”

قد يتساءل أحدهم، هل غياب الحرية الأكاديمية أمرٌ مهم حقًا؟ يرى التقرير بأنه كذلك ويذكر أن “الحرية الأكاديمية ضرورية للتدريس والبحث عالي الجودة، والتي تعتبر في حد ذاتها ضرورية للقدرة التنافسية الوطنية في اقتصاد المعرفة العالمي.”

“إنها مفارقة. الجامعات في تلك الدول الخليجية الغنية بالنفط حديثة ومنخرطة في شراكات دولية. لكن هذا يحدث في سياق من القمع الوحشي الخاص لأي شكل من أشكال المعارضة داخل الحرم الجامعي وخارجه.”

لوري براند  
الأستاذة في جامعة جنوب كاليفورنيا، ورئيسة لجنة الحرية الأكاديمية التابعة لاتحاد دراسات الشرق الأوسط

لهذا السبب بالذات يجادل مؤلفو التقرير بضرورة استخدام درجات الدول في المؤشر لتحسين تصنيف الجامعات الراسخة. يذكر التقرير “في الوقت الحاضر، تحدد التصنيفات الرائدة بشكل ضيق الامتياز الأكاديمي والسمعة كدالة للمخرجات. … إنهم بذلك يضللون أصحاب المصلحة الرئيسيين ويمكّنون الدول القمعية وسلطات التعليم العالي من تقييد الحرية الأكاديمية دون التعرض لفقدان السمعة.”

في مقال رأي نُشر على موقع يونيفرستي وورد نيوز University World News، صرح مؤلفو التقرير بالقول، “قبل عام 2020، ربما تم التغاظي عن عدم تضمين شركات التصنيف للحرية الأكاديمية في أنظمتها، لكن الأمر ليس كذلك بعد الآن.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

غالبًا ما يرتبط غياب الحرية الأكاديمية بالدول التي تشهد صراعًا، مثل سوريا، التي حصلت على أدنى تصنيف في المؤشر. ومع ذلك، يقدم المؤشر بعض المفاجآت. إذ حلت ليبيا، على سبيل المثال، الغارقة في حرب أهلية بين حكومتين متنافستين، في المرتبة سي – أو الفئة المتوسطة.

في الوقت ذاته، حلّت البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي ثلاث دول خليجية ثرية وسريعة التحديث، في الفئة اي – التي تعني وجود أدنى مستوى من الحرية الأكاديمية.

قالت لوري براند، الأستاذة في جامعة جنوب كاليفورنيا، ورئيسة لجنة الحرية الأكاديمية التابعة لاتحاد دراسات الشرق الأوسط، “إنها مفارقة. الجامعات في تلك الدول الخليجية الغنية بالنفط حديثة ومنخرطة في شراكات دولية. لكن هذا يحدث في سياق من القمع الوحشي الخاص لأي شكل من أشكال المعارضة داخل الحرم الجامعي وخارجه.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: تداعيات إدانة باحث بالتجسس في الإمارات على البحوث).

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى