أخبار وتقارير

احتجاجات طلابية على مساعي حظر العمل النقابي في الجامعات التونسية

يدعو طلاب جامعات في تونس إلى مقاطعة الامتحانات النهائية احتجاجًا على ما وصفوه بزيادة تدخل الشرطة في شؤون جامعاتهم. كما يتهم البعض مسؤولي الجامعات التونسية بالتواطؤ مع الجهات الأمنية.

تأتي الدعوة لمقاطعى الامتحانات من قبل الاتحاد العام للطلاب التونسيين “الاتحاد العام للطلبة (UGET)، وسط مطالبتهم أيضاً بوقف استجواب أجهزة الأمن للطلاب واعتقالهم على خلفية نشاطاتهم السياسية ومنشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

قالت وردة عتيق، 28 عاماً، الأمينة العامة للإتحاد العام لطلبة تونس والطالبة في كلية العلوم الإنسانية و الإجتماعية بتونس، في اتصال هاتفي “إن التضييق ازداد على نشاط الاتحاد العام لطلبة تونس خلال الشهور الأخيرة فيما يبدو أنه توجه لإعادتنا الى العهد السابق.” وأكدت أنه تم استدعائها شخصياً للتحقيق بسبب نشاطها الطلابي كما تعرض عدد كبير من الطلاب للاعتداءات، وتم تحويلهم إلى مجالس تأديبية بتهم “التسبب في حالة من الضجيج والفوضى وتعطيل الامتحانات“.

خلال الشهرين الماضيين، تم استدعاء عشرات الطلاب لأقسام الشرطة، وإحالة البعض الآخر لمجالس تأديبية داخل الجامعات بسبب منشورات دعوا فيها الى مساندة التحركات التي انطلقت في أغلب المدن التونسية الشهر الماضي بالتزمن مع الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. (اقرأ المقال ذات الصلة، “تونس: الطلاب انعكاس للمجتمع“).

تراجع في الحريات

تتجاهل وزارة التعليم العالي التونسية مطالب الطلاب، حيث تحاشت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، ألفة بن عودة، أمام مجلس النواب، الحديث عن هذه الاحتجاجات مؤكدة استعداد الوزارة لتنظيم حصص تدريس عن بعد لتمكين الطلاب الموقوفين في الاحتجاجات الأخيرة من اجتياز الامتحانات.

يعتقد غسان الكلاعي، 25 سنة، طالب بكلية الهندسة الكهربائية بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية التابع لجامعة جندوبة، أن هناك مساعي واضحة من إدارة بعض الجامعات لحظر النشاط الطلابي، والتساهل مع تدخلات الأمن في شؤون الجامعات.

قال في اتصال هاتفي “تستخدم إدارة الجامعات المجالس التأديبية القمعية أو الفصل النهائي للطلاب المشاركين في الاحتجاجات والمنخرطين في الحراك الطلابي كوسيلة لتخويفهم وثنيهم عن أي نشاط طلابي داخل الجامعة.”

يؤكد الكلاعي أنه واجه مع العديد من زملائه أشكالا مختلفة من الضغط من إدارة المعهد، الذي يدرس فيه، كادت أن تنتهي إلى فصله نهائياً بسبب نشاطه النقابي وعضويته في الاتحاد التونسي للطلاب.

قال “أبلغتني إدارة الجامعة أنني قد أفصل بصورة نهائية من الدراسة في حال استمراري  في نشاطي النقابي، فضلا عن تعمد بعض الأساتذة خفض درجات في بعض الامتحانات بتوصية وضغط من الإدارة.”

يعتقد الكلاعي أن إحالة عدد من الطلاب إلى ما يصفه بمجالس التأديب القمعية “انتكاسة لحرية التعبير التي طالما ناضل من أجلها الطلاب والشعب التونسي والعربي عموماً”، مؤكداً أن تصريحات بعض مدراء الجامعات بالعمل على حل الاتحاد العام لطلبة تونس مؤشر سلبي على الأسلوب الذي ينظرون إليه للعمل الطلابي.. (اقرأ المقال ذات الصلة، ” تونس: جراح تاريخية عصية على الاندمال“).

مطالبات بدعم أكبر من قبل الأساتذة

تبدي لميس برهومي، 21 سنة، طالبة في المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات في مدينة الكاف، أسفها من عدم مساندة إدارة الجامعات للطلاب حين إستدعائهم للتحقيق في أقسام الشرطة.

قالت “من المؤسف أن الإدارات لا تحمي الطلاب. لا يمكن القبول بتجريم العمل الطلابي.”

مع ذلك، تستبعد برهومي وجود تنسيق بين الشرطة وإدارات الجامعات في توقيف الطلاب، لكنها طالبت رؤساء الجامعات بأن  يكون لهم دوراً أكثر فاعلية في حماية الطلاب والدفاع عنهم، والكف عن العقوبات التي تمارس بحق الناشطين

“من المؤسف أن الإدارات لا تحمي الطلاب. لا يمكن القبول بتجريم العمل الطلابي.”

لميس برهومي  21
سنة، طالبة في المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات في مدينة الكاف

يعتقد بعض الخبراء المتابعين أن  المناوشات بين الحركات الطلابية والجامعات تعكس صراعاً أكبر، حيث تسعى أجهزة الأمن للتحكم في الشؤون الداخلية للجامعات التونسية سواء فيما يتعلق بالطلاب أو أعضاء هيئة التدريس كما كان الحال قبل الثورة، ويواجه ذلك مقاومة الاتحادات الطلابية سعياً للحفاظ على استقلال الجامعات بحسب مالك الزغدودي، الصحفي والباحث المهتم بالحركات الطلابية في تونس.

قال “لا أعتقد أن الطلاب سيتنازلوا عن مطلب إبعاد أي جهة أمنية مهما كانت عن الشؤون الداخلية للجامعة ضماناً لاستقلاليتها وضمانا لمستوى تعليمي يحقق طموحات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على السواء.” موضحاً أن المؤشرات الأكثر وضوحاً على زيادة التدخلات تمثلت في ارتفاع أعداد الطلاب المحالين الى المحاكم أو مجالس تأديبية سواء في قضايا تتعلق بالاعتصامات داخل الجامعات أو الحراك الاجتماعي الأخير.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

لا يوجد موقف رسمي من قبل نقابة الأساتذة الجامعيين مما يجري بين إدارة الجامعات والطلاب. لكن عتيق، أول طالبة تتزعم المنظّمة الطلابية الأعرق في تونس منذ تأسيسها في خسمينيات القرن الماضي، تشير إلى دعم بعض الأساتذة لأنشطة الطلاب الاحتجاجية من دون أن يكون هناك موقف موحد ضد سياسات الجامعات أو تدخلات الأمن.

قالت “بعض الأساتذة يتعاطفون معنا و ينبذون حملات التوقيف والتأديب؛ لكن ليس هناك موقف رسمي موحد لدعمنا.”

يعتقد الزغدودي أن الصراع سيأخد جولات مستمرة على مدار الشهور المُقبلة، حيث ستنعكس تطورات المشهد السياسي التونسي على هذا النزاع القائم.

قال “لايبدو واضحاً كيف ستنتهي الأمور وما إذا كانت الأجهزة الأمنية ستتمكن من فرض سيطرتها مجددا على الجامعات.”

لكن الطلاب يبدون أكثر يقيناً باستمرار حراكهم الاحتجاجي.

قالت عتيق “الانتهاكات والأساليب القمعية والبوليسية لن تثنينا عن مواصلة نضالنا، بل ستزيد من إصرارنا وعزيمتنا للعمل على الدفاع عن حقوقنا بالتعبير بكل أشكاله داخل الجامعات.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى