أخبار وتقارير

أمل أمين: باحثة مصرية تعمل من أجل تحقيق العدالة العلمية

القاهرة- منذ التحاقها بالعمل في المركز القومي للبحوث، تحلم أمل أمين الباحثة المصرية وأستاذة النانوتكنولوجى، بمساواة العالمات بالعلماء الرجال في مجال البحوث والإنجازات العلمية.

قالت  “يمكن تلخيص مشكلة تمثيل المرأة والشباب في مجال العلوم، وغيرها، بانعدام الفرص العادلة. نحن   بحاجة لتعاون مشترك من دون تفرقة بين الجنسين، وبلا دعم فئات دون الأخرى، لكي تتساوى فرصهما في العمل العلمي والابتكار، لتحقيق أفضل الأهداف.” موضحة أن العمل في المنطقة العربية ليس سهلاً في ظل “النقص الشديد في تمويل الأبحاث”، إضافة للتحديات التي تواجهها المرأة بسبب مسؤوليتها الاجتماعية.

قالت “تواجه النساء عقبات كثيرة في تكوين شبكات مهنية لتعزيز جهودهن، والمجتمع يتوقع منهن عادة إعطاء أولوية لأسرهن، أكثر من مستقبلهن المهني.”

ولقناعتها أن العلم من الأسس الجوهرية للتنمية المستدامة، قامت أمين في 2017 بإطلاق مبادرة «المرأة في العلوم بلا حدود»، لدعم الباحثين من شباب النساء والرجال في تحقيق أحلامهم، وإعانتهم على التحديات التي تواجههم.

تهدف المبادرة لتمكين الجنسين من شباب العلماء، لتحقيق طموحهم، وتشجيع التعاون بين مجالات العلوم، والصناعة، ومنظمات المجتمع المدني، وصانعي القرار، بالإضافة إلى رفع مستوى الوعي العام بالعلوم، ومحو الأميّة العلمية، وربط العلوم بآخر المنجزات، والتطورات البحثية حول العالم. (اقرأ التقرير ذو الصلة: استطلاع جديد: الهجرة حلم الباحثين العرب).

وعلى الرغم من أن المبادرة لاقت تشجيعاً من عشرات العلماء في مصر والخارج، فإن الباحثات في مجال العلوم مازلن بحاجة لدعم أكبر، بحسب اعتقادها.

قالت “النظام التعليمي والمجتمعي في مصر كبقية الدول النامية، ما يزال يُضيّق على المرأة في أحلامها العلمية، واختيارها مجال دراستها، ما يحرمهن من المنح الدراسية في الخارج، وتقلد الأدوار القيادية، ومما يضطر المتميزات إلى بذل جهود مضاعفة عن الرجل لتحقيق إنجازاتهن.”

تتحدث أمل أمين، مؤسس مبادرة المرأة في العلوم بلا حدود، خلال مؤتمر للمبادرة عام 2019 في القاهرة. (الصورة: بإذن من أمل أمين).
تتحدث أمل أمين، مؤسس مبادرة المرأة في العلوم بلا حدود، خلال مؤتمر للمبادرة عام 2019 في القاهرة. (الصورة: بإذن من أمل أمين).

مع ذلك، تحرص أمين أن لا تتحول مبادرتها إلى مجموعة مناصرة لقضايا المرأة. قالت “قصدتها مبادرة لتعزيز حصول الجنسين على فرص عادلة. ضمن شعار «العلم للتنمية المستدامة»، وارتقاء المجتمع بالعلوم، وإتاحتها للمجتمع والناس.”

سعي مضاعف

تعتبر أمين رحلتها العلمية والعملية مشابهة لرحلة الكثيرات من زميلاتها.

قالت “قضيت معظم حياتي أحاول تحقيق أكبر قدر من الإنجاز العلمي قبل بلوغ الأربعين، لأن الفرص العلمية تضيق كثيرا بعد ذلك. وكان هذا أيضا أحد أسباب إطلاقي للمبادرة، إذ أردت توجيه الآخرين خلال سنواتهم الذهبية في حياتهم المهنية، وهو امتياز لم أحصل عليه، وإتاحة مساحة آمنة لتبادل الخبرات، كما تمنيت إنشاء مكان يجمع علماء من أنحاء العالم، بغض النظر عن الأجناس والأعمار والخلفيات، لبناء مستقبل مشترك أفضل.”

لم تكن المبادرة أول محاولات أمين لدعم العمل البحثي. إذ سبق لها المشاركة في تأسيس «أكاديمية الشباب المصرية للعلوم»، و«جمعية إدارة البحوث والابتكار في شمال أفريقيا». كما سافرت إلى 35 دولة حول العالم، في زيارات بحثية، ومؤتمرات علمية دولية، مكّنتها من إنشاء شبكة علاقات علمية واسعة.”

قالت “بدى للبعض أن ما أقوم به غريباً، خاصة أنني من عائلة محافظة وتقليدية. لكنني لم أكن أبدا ذلك الشخص الذي يتبع التقاليد».

لم يكن سفر أمين لاستكمال الدراسة في الخارج أمراً سهلا. إذ لم يفضل أهلها سفرها بمفردها.

“بدى للبعض أن ما أقوم به غريباً، خاصة أنني من عائلة محافظة وتقليدية. لكنني لم أكن أبدا ذلك الشخص الذي يتبع التقاليد».

أمل أمين  
الباحثة المصرية وأستاذة النانوتكنولوجى بالمركز القومي للبحوث في مصر

قالت “كنت محظوظة لزواجي من زميل قاسمني ذات الأحلام، وعقب ولادة ابنتنا الأولى جاءتني منحة الدكتوراه، وسافرت بمفردي، واعتنى زوجي بابنتنا خلال فترة تعلمي اللغة الألمانية في البداية، ثم لحقوا بي إلى هناك، وسعيت لحيازة درجتي العلمية بأسرع ما يمكنني، فأتممت الجزء العملي في ثمانية عشر شهرا فقط، وكتبت الدكتوراه في مصر، وبذلت جهودا مضاعفة لتربية أطفالنا وسط التجهيز للماجستير، ومن بعده الدكتوراه، مع إنتاج علمي متميز وغزير، لأكتسب سمعة دولية كعالمة قبل سن الأربعين.”

تحديات مستمرة

لكن التحديات لم تنتهي بحصولها على شهادة الدكتوراه. إذ واجهت أمين تحديات في تطبيق التقنيات التي تعلمتها في ألمانيا باستخدام التحفيز والتحكم في البلمرة، وهي تقنية يمكن استخدامها لإنشاء متراكبات نانوية، يمكن استخدامها في صناعة أسمنت عالي الأداء، واستخدام النفايات الزراعية في تطبيقات طبية حيوية، بجانب مواد ذكية في الإلكترونيات، والخلايا الشمسية.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

قالت “نقص التمويل ليس مشكلة البحث العلمي وحده، لأن البحث غالبا يجافي الابتكار، ويعمل الباحثون فرادى، وبمعزل عن الروح الجماعية، ويسعى بعضهم وراء الترقيات، دون أي اهتمام بإحداث تغيير إيجابي في المجتمع.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: مشكلات الباحثين في المنطقة العربية تتجاوز مسألة التمويل).

وتفسر ذلك بأن “الثقافة السائدة، وبيئة العمل لا ترحب بإشراك النساء في العمل العلمي، ولا بتوجيه الشباب، وكأنها ليست من الأولويات، مقارنة بحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم».

الشغف وليس الواجب

تشيد رنا الدجاني، الباحثة والأستاذة بالجامعة الهاشمية الأردنية ورئيسة جمعية تقدم العلوم والتكنولوجيا في الوطن العربي،  بجهود أمين المستمرة في دعم البحث العلمي.

قالت “العلم بالنسبة إلى أمل شغف وليس وظيفة، وعندما يتمتع المرء باكتشاف شغفه في الحياة، والقدرة على متابعة هذا الشغف، كما فعلت أمل بجانب الدعم الذي حصلت عليه من عائلتها، فإن التفوق هو ثمرة هذا الجهد.”

“العلم بالنسبة إلى أمل شغف وليس وظيفة، وعندما يتمتع المرء باكتشاف شغفه في الحياة، والقدرة على متابعة هذا الشغف، كما فعلت أمل بجانب الدعم الذي حصلت عليه من عائلتها، فإن التفوق هو ثمرة هذا الجهد.”

رنا الدجاني  
الباحثة والأستاذة بالجامعة الهاشمية الأردنية ورئيسة جمعية تقدم العلوم والتكنولوجيا في الوطن العربي

تعرفت الدجاني على أمين منذ نحو 10 سنوات، حيث عملا معا على بحث مشترك لتستمر صداقتهما لليوم.

قالت “تسعى أمل من خلال مبادرتها لمساعدة العلماء الآخرين على تحقيق نفس الأهداف، إنها نموذج يُحتذى، ليس فقط  بين الباحثات، بل والباحثين الرجال أيضا، فهي تتحلى بالشجاعة في التحدث عن أي شيء غير صحيح، من أجل دعم العدالة، وضمان الفرص المتساوية للجميع في أي مكان.”

يتفق إسلام الأشقر، الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الكيميائية بكلية الهندسة بالجامعة البريطانية، مع الدجاني حول مبادرة أمين.

قال “تتميز المبادرة بقدرتها على تشبيك الباحثين في مختلف المجالات للعمل على بحوث متعددة التخصصات، وأمين تشجع تعاون الباحثات أنفسهن مع زملائهن الباحثين لتمكينهم من الإنجاز بصورة أكبر، وتعزيز المشروعات المشتركة والمنح، وتعزيز تواجدهن وحصولهن على الجوائز والترقيات بصورة أسهل، وهذه من التحديات الرئيسية التي أنشئت المبادرة لأجلها.”

اليوم، تعقد مبادرة أمين المنتدى العالمي للمرأة في العلوم بالتعاون مع جامعة دهوك في العراق تحت عنوان العلم للإنسانية و دبلوماسية العلوم وهو منتدى افتراضي موجه إلى اللاجئين والنازحين من الباحثين والعلماء. (اقرأ التقرير ذو الصلة: تحديات البحث الأكاديمي في مناطق الحروب).

قالت “هذه مبادرة خاصة للمساهمة فى بناء المجتمعات االمتضررة من جراء الحروب والنزاعات من خلال العلوم نظراً لأهميتها فى إعادة البناء والاعمار. منطقتنا تحتاج للكثير من العمل الذي لن يتم دون توظيف العلوم وتضافر جهود الباحثين من الجنسين.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى