أخبار وتقارير

مركز لدراسات الجندر يحارب الصور النمطية للمرأة في كردستان العراق

بعد التعرّف على النسوية وحقوق الإنسان في الفصول الجامعية، قرر زيره حسن، الطالب المتخصص في الأدب الإنجليزي، متابعة تخصص دراسات النوع الاجتماعي في الجامعة الأميركية في العراق، السليمانية.

قال “كانت تلك هي الأمور التي أردت رؤيتها في المجتمع.”

بصفته رجلا في الـ 24 من عمره في إقليم كردستان العراق، لم يأت ذلك القرار بدون تحديات. قال “دراسات النوع الاجتماعي شيء جديد جدًا في كردستان والعراق، لذلك لن تجد الكثير من الدعم من العائلة أو الأصدقاء، خاصة إذا ما كنت رجلاً. لكن من خلال الأساتذة والمحادثات التي أجريناها معًا، عرفتُ أنه ما كنتُ مهتمًا به. لقد غيرني التخصص كثيرًا.”

حسن واحد من عدد صغير ومتزايد من الطلاب الذين التحقوا بالجامعة في تخصص فرعي متعدد التخصصات في دراسات الجندر – البرنامج الأول والوحيد من نوعه في جميع أنحاء كردستان والعراق. (اقرأ المقال ذو الصلة: واقع وتحديات تدريس الجندر ودراسات المرأة في الشرق الأوسط).

من خلال تغيير الطريقة التي ينظر بها الطلاب إلى الأدوار والعادات والقيم والمعتقدات المتعلقة بالنوع الاجتماعي، يسعى التخصص الفرعي في دراسات الجندر إلى تزويد جيل جديد في إقليم كردستان بالمعرفة اللازمة لمواجهة بعض التحديات التي يواجهها مجتمعهم.

كانت ساوين أمين، 25 عامًا، من أوائل الطلاب الملتحقين بالبرنامج. قالت “لقد فتح عيني على انعدام المساواة التي يواجهها الناس، سواء أكانوا رجالًا أو نساءً، بسبب طريقة عمل النظام الأبوي البطريركي.”

نقاش الأدوار الجندرية في المجتمع

تلقى ما لا يقل عن 200 طالب دروسًا لتعريفهم بالمناقشات المرتبطة بالجندر فيما يتعلق بموضوعات مثل الصحة والإعلام والمجتمع والتاريخ الإسلامي والإبادة الجماعية وغيرها. حتى الآن، تخصص 15 طالبًا في المجال الفرعي، من بينهم 12 طالبة وثلاثة طلاب.

قالت تشومان هاردي، مؤسسة ومديرة مركز دراسات النوع الاجتماعي والتنمية في الجامعة الأميركية في العراق – السليمانية، التي تضم التخصص الجديد، “عندما تتعرض لأول مرة لفكرة تتعارض مع العديد من الأشياء المتجذرة في داخلك، يكون من الصعب جدًا التفكير فيها، ولكنها تؤدي لتحفيز شيء ما.”

“عندما تتعرض لأول مرة لفكرة تتعارض مع العديد من الأشياء المتجذرة في داخلك، يكون من الصعب جدًا التفكير فيها، ولكنها تؤدي لتحفيز شيء ما.”

تشومان هاردي  
مؤسسة ومديرة مركز دراسات النوع الاجتماعي والتنمية في الجامعة الأميركية في العراق – السليمانية

في بحثها ما بعد الدكتوراه في كردستان حول النساء الناجيات من حملة الإبادة الجماعية التي شنها صدام حسين ضد الأكراد في الثمانينيات، قابلت هاردي، التي كانت آنذاك باحثة زائرة في برنامج دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة أوبسالا، شبابًا توّاقين للتعلم من دون أن تتاح لهم فرصة الإطلاع على خطابات بديلة حول أدوار الجنسين والبناء الاجتماعي. قالت “شعرتُ أنني أستطيع فعل الكثير من الأمور الجيدة هنا. شعرتُ أن هناك حاجة لوجودي هنا.”

في عام 2014، عادت هاردي للتدريس في السليمانية، مسقط رأسها، بعد 26 عامًا في الخارج. في العام التالي أسست المركز وبدأت في تطوير دورات متعلقة بالجندر. في عام 2015، أعلن المركز عن تخصص فرعي في دراسات النوع الاجتماعي.

في مجتمع محافظ ينتشر فيه العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، غالبًا ما يقابل أولئك الذين يشككون في النظام الأبوي والعلاقات المجتمعية برد فعل عنيف. (اقرأ المقال ذي الصلة: كيف يمكن للتعليم العالي محاربة التحرش الجنسي).

بالنسبة لهاردي، فقد تجلى ذلك من خلال مقاومة الطلاب، حيث قالت إن بعضهم أخبرها لاحقًا أن فصلها غير طريقة حكمهم على الأشياء. كما تعرضت أيضًا لهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي والتنمر عبر الإنترنت.

الضغط على الطلاب من الأقران

واجه الطلاب من أمثال أمين وحسن أيضًا انتقادات وسخرية بسبب دراستهم للجندر من طرف زملائهم في الجامعة، وغالبًا ما يكون ذلك متجذرًا في سوء الفهم حول ما تشمله دراسات النسوية والجندر.

بينما يتعين على بعض الطلاب أيضًا التعامل مع قلة الدعم الشخصي من العائلة والأصدقاء، يبدو أن البعض الآخر أكثر حظًا.

تقود تشومان هاردي فصلًا دراسيًا في الجامعة الأميركية في العراق، السليمانية. في عام 2014، عادت هاردي إلى المنطقة للتدريس، بعد 26 عامًا في الخارج. قالت
تقود تشومان هاردي فصلًا دراسيًا في الجامعة الأميركية في العراق، السليمانية. في عام 2014، عادت هاردي إلى المنطقة للتدريس، بعد 26 عامًا في الخارج. قالت “شعرتُ أنني أستطيع فعل الكثير من الأمور الجيدة هنا”. (الصورة: بإذن من تشومان هاردي).

حظيت أمين بدعم عائلتها طوال فترة دراستها، وتقول إنها وجدت جمهورًا مرحبًا بمجال تخصصها الجديد. قالت “مع كل فصل دراسي حضرته، كنت أقوم بتدريس كل ما تعلمته لأمي، وهي الآن مناصرة كبيرة للتخصص أيضًا.”

تنسب أمين لدراسات الجندر الفضل في مساعدة الطلاب على إدراك حقوقهم وكيفية الوقوف ضد التمييز، ومساعدتها في الحصول على وظيفة في منظمة غير حكومية تُعنى بحقوق المرأة. (اقرأ المقال ذو الصلة: الدراسات النسوية: السبيل لتغيير العالم العربي).

يخطط حسن، الذي يدرس الآن في سنته الجامعية الأخيرة، للعمل والادخار للحصول على درجة الماجستير. ويأمل في العمل مع منظمة غير حكومية في مجال حقوق المرأة، ويرى أن الأمر مهم بشكل خاص بالنسبة له. قال “لا يمكنك العمل على قضايا أخرى إذا كان نصف السكان لديك محبوسين بسبب نظام أبوي لا تتمكن النساء بسببه من عيش حياتهن بالطريقة التي يرغبن بها.”

تشجيع بوادر التقدم

يعتقد توانا عبد الرحمن، زميل ما بعد الدكتوراه في مركز دراسات النوع الاجتماعي والتنمية، أنه على الرغم من التحديات، إلا أنه متفائل بشأن الاتجاه الذي تسير فيه الأمور بسبب موجة التغيير القوية نحو المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية التي ظهرت في كردستان.

 قال “دراسات الجندر أساس لخلق أصوات قوية وفعالة وصادقة من أجل المساواة والعدالة من كلا الجانبين – النساء والرجال – ولتوفير قادة لموجة التغيير تلك.”

ظهرت علامة تغيير واعدة في آب/ أغسطس 2018، عندما أصدرت وزارة التعليم في حكومة إقليم كردستان مرسومًا يفرض تدريس دراسات النوع الاجتماعي لجميع الطلاب، بغض النظر عن تخصصهم، في جميع الجامعات الحكومية والخاصة، على الرغم من إشارة هاردي إلى أن هذا لم يبدأ بعد.

“عندما جئت إلى الجامعة الأميركية في العراق، أدركتُ بسرعة أن دراسات النوع الاجتماعي في الشرق الأوسط أصبحت شيئًا نخبويًا في الجامعات الخاصة.”

تشومان هاردي  

في إطار مشروع تطوير تعليمي أكبر لجعل دراسات الجندر أكثر سهولة، يقوم مركز دراسات النوع الاجتماعي والتنمية بترجمة الكتب المنهجية المتعلقة بالنوع الاجتماعي إلى اللغتين الكردية والعربية وتطوير موارد تدريب للأساتذة، والتي تأمل هاردي في أن تكون مفيدة في تنفيذ المرسوم. قالت “عندما جئت إلى الجامعة الأميركية في العراق، أدركتُ بسرعة أن دراسات النوع الاجتماعي في الشرق الأوسط أصبحت شيئًا نخبويًا في الجامعات الخاصة.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

في الوقت الراهن، تخلت هاردي عن التدريس للتركيز على المشروعات في المركز، لكنها تتطلع إلى الوقت الذي تتمكن فيه من التدريس مرة أخرى.

قالت هاردي “في كل يوم يحيط بك هذا الشعور باليأس إلى حد كبير هنا بحيث لا يمكنك تغيير أي شيء، لذلك قد لا تفعل أي شيء أيضًا. أحاول دائمًا القول إن لدينا القدرة، خاصة إذا ما عملنا معًا. أعتقد أنه من المهم أن يعرف الشباب ذلك.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى