في عام 1994، بدأت ديبورا كابشان العمل على مختارات من الشعر المغربي المعاصر. في حينها، كانت قد حصلت على زمالة فولبرايت لدراسة الفن اللفظي والأدائي في المغرب عندما وجدت نفسها ذات ليلة في عرض زجل شارك فيه الشاعران أحمد لمسيح وإدريس مسناوي.
قالت كابشان في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “كنتُ متحمسة، فقد عرّفني كلاهما على هذا النوع من الشعر بالإضافة إلى حركة كتابة الأدب باللهجة العربية المغربية (الدارجة) التي شهدت، في ذلك الوقت، ازدهارًا كبيرًا.”
تبع ذلك بدء كابشان مسيرة استمرت لأكثر من ربع قرن من قراءة الشعر المغربي والاستماع إليه وترجمته. وأثمرت تلك المسيرة عن مجموعة “العدالة الشعرية“، وهي مختارات جديدة تجمع أعمال أكثر من 80 شاعرًا مغربيًا. تعتبر المجموعة إلى حدٍ بعيد الأشمل في تقديم الشعر المغربي باللغة الإنجليزية، وهي رفيقة ممتازة لمجموعة عبد اللطيف اللعبي Anthologie de la Poésie Marocaine de l’Indépendance à Nos Jours (مختارات من الشعر المغربي من الاستقلال إلى اليوم)، المنشورة بالفرنسية عام 2005.
تضم مجموعة كابشان نسيجًا غنيًا ومتنوعًا من العديد من تقاليد الشعر المغربية، وتتناول مواضيع متنوعة مثل الرغبة والسجون السياسية والروحانية. تبدأ المقدمة باقتباس من شاعر الزجل غزير الإنتاج إدريس مسناوي: “عملنا عدّ النجوم، نجمة بعد نجمة / لهضم غطرسة الريح العنيفة / ومشاهدة الغيوم وهي تلقي علينا حفنة.”
على الرغم من بدء مسناوي بعدّ النجوم بصبر، فإنه ينتهي بدعوة إلى العمل: “والوقت، لن تقع حروفه بين أيدينا / حتى نكتب ما نحن عليه”.
تقدّم المجموعة رؤية لشعر مغربي معقد متعدد اللغات. بمساعدة من إدريس مرجان، وربط ترجمات الشعر باللغات المحلية في شمال إفريقيا، جمعت كابشان مئات القصائد المكتوبة بالدارجة المغاربية، والعربية الفصحى الحديثة، والفرنسية، والأمازيغية. (إقرأ التقريرين ذا الصلة: معركة اللغة تشتعل في المغرب و اللغة الأمازيغية: اعتراف رسمي وتهميش علني).
من الندرة إلى الوفرة
احتل الأدب المغربي، بحسب مقال لإبراهيم الكُبلي في عام 2016، مكانة هامشية في ذخيرة اللغة العربية الحديثة. وقال إن هذا “يعود إلى قرارات اختيار المترجمين وآراءهم بخصوص المختارات.” حتى العقد الماضي، تمت ترجمة القليل نسبيًا من الشعر المغربي إلى اللغة الإنجليزية.
كما أشارت كابشان في مقدمة مجموعة العدالة الشعرية، فقد ظهر شاعر مغربي واحد فقط في مختارات سلمى الجيّوسي المؤثرة عن الشعر العربي الحديث، ولا يوجد سوى عدد قليل من المغاربة في كتاب عيسى بلاطة “الشعراء العرب الحديثين 1950-1975“. لم يُدرج أي من الشعراء المغاربة في القصائد العربية في مجموعة مكتبة إيفريمان.
لكن هذا الوضع بدأ يتغير ببطء، إذ تضمنت مجموعة بيير جوريس وحبيب تنجور لقصائد الألفية مقطعًا طويلًا عن الشعر المغربي. في العقد الماضي، صدرت عدة مجموعات لشعراء مغاربة مترجمة إلى الإنجليزية منهم: اللعبي ورشيدة المدني وأحمد البوعناني ومحمد خير الدين وحسن نجمي ومحمد حمودان.