بدأ اهتمام نادية غانم بأدب الجريمة الجزائري عندما قيل لها بأن هذا اللون الأدبي غير موجود في بلادها.
على الرغم من تركيز غانم الأكاديمي على النصوص السومرية والأكادية القديمة، فقد قضت العقد الماضي في توثيق أدب الجريمة المعاصر في الجزائر والمغرب، على نحوٍ أقل. بدأت رحلتها عندما حضرت محاضرة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
قالت “كانوا يتحدثون عن الأدب العربي والأنواع الأدبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عندما قال أحد الخبراء البارزين إنه لم يكن هناك أدب جريمة على الإطلاق في الجزائر، ربما باستثناء الروائية ياسمينة خضرا. وقد شعرت بالانزعاج حقا بسبب ذلك.”
قالت غانم إنها لم تمتلك خلفية قوية بما يكفي في مجال أدب الجريمة لتردّ على ذلك. لكنها بدأت القراءة بشكل منهجي، بعد تلك المحاضرة، في كتب قسم الجزائر بمكتبة كلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS.
صحيح أن الكتاب المغاربيين لم يشكلوا قلب “العصر الذهبي” لأدب الجريمة العربي في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، عندما أصدرت مجلات مصرية مثل آخر ساعة والإثنين قصص جريمة لمئات الآلاف من القراء المتحمسين، إلا أن غانم عثرت على روايات جريمة لكتاب جزائريين ابتداءً من السبعينيات. وقد كان ذلك أيضًا عقد ظهور الكتابة عن الجريمة لأول مرة في تونس.
فتح الأبواب أمام الروايات البوليسية
تقول غانم إن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع (سنيد) – التي تديرها الحكومة الجزائرية – أصدرت في عام 1970 أربع روايات بوليسية ليوسف خضر، الاسم المستعار للروائي الكاتالوني روجر فيلاتيمو. قالت “يبدو أن قرار التحرير هذا قد فتح الأبواب لهذا النوع الأدبي في البلاد، بحيث أصبحت روايات الجريمة التي كتبها الروائيون الجزائريون، في غضون 10 سنوات، جزءًا من ميراث دار النشر.”
تعتقد غانم أن معظم روايات الجريمة الجزائرية من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كُتبت بالفرنسية. توقف النشر في تسعينيات القرن الماضي مع اندلاع الحرب الأهلية الجزائرية. ومع ذلك، استمرت روايات الجريمة في الظهور. وفي فترة التسعينيات أيضًا، ظهرت روايات الجريمة في المغرب المجاور.
روايات الجريمة المغربية: الثنائي الحمدوشي
ربما ظهرت روايات الجريمة المنفردة بشكل متقطع في المغرب في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. في عام 1963، نشر محمد بن التهامي قصة بوليسية عن إجراءات الشرطة بعنوان (ضحية حب). وفقًا للباحث جوناثان سمولين، كانت هناك أيضًا مجلة مغربية للشرطة من منتصف القرن العشرين قامت بنشر بعض الروايات. ومع ذلك، يقول سمولين إن قمع “سنوات الرصاص” في المغرب، والتي بدأت في الستينيات واستمرت حتى الثمانينيات، أثنت المؤلفين، في الغالب، عن جعل ضباط الشرطة أبطال رواياتهم.
باللغة الفرنسية، تبنى الروائي المغربي المعروف إدريس الشرايبي الأدب البوليسي في عام 1991 من خلال سلسلة المفتش الحاذق علي.