مقالات رأي

نصائح من أساتذة الجامعة الأميركية بالقاهرة لتخفيف الضغوط على الطلاب

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

ملاحظة المحرر: هذا المقال هو الثاني ضمن سلسلة مقالات تستعرض رؤى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الأميركية بالقاهرة حول كيفية جعل الفصول الدراسية عبر الإنترنت أكثر فعالية. والتعليقات الواردة بهذا المقال مقتبسة من مقال نشرته New Chalk Talk، وهي نشرة إعلامية ينشرها مركز التعلم والتدريس بالجامعة. ويمكنكم الاطلاع على المقال السابق من هذه السلسلة: “نصائح أساتذة الجامعة الأميركية بالقاهرة لتعليم ناجح عبر الإنترنت.

ينتاب الطلاب شعورٌ بالقلق والإرهاق والضغط نظراً لأنهم يعيشون ويتعلمون في ظل جائحة عالمية وفي معزل عن بيئة التعلم التي يألفونها وبيئة الحرم الجامعي بجوها الاجتماعي المألوف الذي يستمتعون به. ولا يتوانى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة عن بذل ما بوسعهم من جهد، وأغلبهم يؤدون مهامهم التدريسية عبر الإنترنت للمرة الأولى أو الثانية. وقد يشعر الكثيرون منهم بالإرهاق إزاء كمية التواصل الرقمي ورسائل البريد الإلكتروني التي يتعاملون معها. لكن عليهم أن يتفهموا أن الطلاب بدورهم أيضاً يشعرون بأعباء مماثلة، حتى ولو كانوا يضيفون المزيد من الأعباء على الأساتذة.

ولتخفيف العبء عن أساتذة الجامعة والطلاب، إليكم بعض النصائح والرؤى التي يشاركها أستاذة الجامعة:

الاستماع بتعاطف

الاستماع إلى مخاوف الطلاب ومناقشة أساتذة الجامعة لأفكارهم مع الطلاب قد يكون له أثر فارق في تمكيننا من الاستجابة لاحتياجات الطلاب ومساعدتهم على تفهم الأسباب الدافعة لاتخاذ إجراءات معينة.

نيلي العناني، قسم الإدارة:

“إن توضيح الأساس المنطقي وراء عبء العمل ونتائج التعلم والتقييمات والمهل الزمنية أمر في غاية الأهمية، لأنه يشجع على خلق مساحة أكثر انفتاحاً وتعاطفاً ويسمح للطلاب بفهم ما يجري. ودعونا نتفق جميعاً على أن إثقال كاهل الطلاب بالعمل والتقييمات والمواد التعليمية ليس مفيداً للطلاب ولا الأساتذة، وهناك الكثير من الأدلة التي تبين الآثار السلبية لذلك على الصحة والسلامة العقلية”.

رامي علي، قسم علم الاجتماع والمصريات والأنثروبولوجيا:

“أناقش المهل الزمنية مع الطلاب وأستجيب لآرائهم حول كيفية إنجاز التكليفات الدراسية ومواعيد إتمامها. كما أحدد مواعيد نهائية لبعض الطلاب بصورة فردية عندما أشعر أن الطالب يعاني بشكل حقيقي. فمضمون التعلم أهم من المهل الزمنية التي تنطبق على الجميع، وهذا يعني بالطبع أن عليّ القيام بأعمال تصحيح ووضع درجات طوال الوقت، ولكن هذه أوقات استثنائية “.

يقلل موريس هاينز، قسم المكتبات وتكنولوجيا التعلم، العبء المتعلق بالتصحيح ووضع الدرجات من خلال عدم السماح للطلاب بإعادة تنفيذ التكليفات الدراسية، ولكن يتيح للطلاب تكليفات دراسية مقابل درجات إضافية مع اقتراب نهاية الفصل الدراسي.

في المقابل، يقول توماس وولسي، من كلية الدراسات العليا في التربية، إنه شجَّع الطلاب على إعادة تقديم الواجبات الدراسية التي يكلفهم بها.

“قد يشعر الطلاب للوهلة الأولى أنني أطلب منهم القيام بالمزيد من العمل، ولكنهم سيدركون أن ما أسعى إليه هو جودة الأداء وسيسعون لتحقيق ذلك، وهم في الواقع يقدرون المرونة معهم.”

“قد يشعر الطلاب للوهلة الأولى أنني أطلب منهم القيام بالمزيد من العمل، ولكنهم سيدركون أن ما أسعى إليه هو جودة الأداء وسيسعون لتحقيق ذلك، وهم في الواقع يقدرون المرونة معهم.”

توماس وولسي  
كلية الدراسات العليا في التربية

المشاكل التي تفرضها أعباء العمل

تقول إليزابيث كينيدي، من قسم التاريخ، إنه من الجيد تحديد مهل زمنية وأوقات تواصل متوقعة:

 “لقد خططت لمنهجي الدراسي وحددت جميع المهل الزمنية طوال فترة الدورة الدراسية بحيث تكون في نفس الوقت من كل أسبوع. وسواء أكان تقييماً ثانوياً أم رئيسياً، … موعد تسليم كل الواجبات الدراسية هو منتصف ليلة الخميس من كل أسبوع. بالإضافة إلى ذلك، أضع جميع الإعلانات الخاصة بالدورة الدراسية في رسالة بريد إلكتروني واحدة تُرسل في الوقت نفسه من كل أسبوع. ومن ثم أصبح بمقدور الطلاب التنبؤ بالواجبات المطلوب إنجازها في الدورة الدراسية التي أُدرِّسها من دون حدوث مفاجآت غير سارة، أو الشعور بالضغط والخوف من فقدان أحد الإعلانات الكثيرة المرتبطة بالدورة الدراسية.”

ياسمين مطاوع، من قسم البلاغة والتأليف، تفكر ملياً قبل إرسال رسائل البريد الإلكتروني، وتنصح:

“إذا اعتبرنا أن هناك حاجة ملحة لإرسال رسائل بريد إلكتروني إلى الطلاب، ولديك توقعات واضحة ومحددة بشأن وقت ردك على رسائل البريد الإلكتروني. استخدم خاصية “جدولة الرسائل” إذا كنت من محبي إرسال رسائل البريد الإلكتروني، ومن ثم ترسل رسائل/ردود نهاية الأسبوع في تمام السادسة صباحاً من يوم الأحد، على سبيل المثال. في الحقيقة، لا تواجهنا ظروف طارئة حقيقية إلا فيما ندر، ويمكن أن تؤجل الرسائل في أغلب الحالات لحين اللقاء في قاعة المحاضرات (أو الاجتماع المتزامن). وهذا يساعد على تقليل الشعور بالقلق وكمية المعلومات الزائدة عن الحد، ويعزز احترام الحدود المتغيرة بشكل كبير التي يخلقها التعلم عبر الإنترنت.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

يقول موريس هاينز، إن تخفيف العبء يساعد المعلمين أيضاً:

“فيما يخص مساعدة الطلاب ومساعدة نفسي على إدارة الضغوط في هذا الفصل الدراسي، قررت عدم السماح للطلاب بالقيام بالأعمال التعويضية، بل أتيح للطلاب عوضاً عن ذلك فرصاً للحصول على درجات إضافية في الجزء الأخير من الفصل الدراسي (عندما يدركون أن هناك خطأ ما) كطريقة لتعويض الدرجات دون التراجع والتصحيح بأثر رجعي، وهو أمر يصعب متابعته مع الكثير من الطلاب “.

تقترح إيمان سليمان، من قسم تعليم اللغة العربية، أن يكون التواصل في أبسط صوره:

“تجنب الفوضى التقنية التي قد تنتج عن كثرة استخدام  المستندات المشتركة، مثل مستندات Google والعروض التقديمية من Google والمحادثات الصوتية واجتماعات Zoom. احتفظ بكل شيء بشكل واضح ومترابط على Blackboard. عليك التأكد من إبلاغ الطلاب بشكل واضح عن التوقعات المتعلقة بالجداول الأسبوعية، وإتاحة عرض عام لمهام الدورة الدراسية، ونماذج التقييم ، ونظام الدرجات والنتائج “.

وتشجع سليمان، إذا سمحت أحجام الفصول، الأساتذة أيضاً على تعزيز “السلوك الفوري”من خلال إتاحة أنفسهم للطلاب في أوقات مختلفة وعبر قنوات متعددة: “ساعات مكتبية عبر زووم في أوقات تلبي احتياجات الطلاب، واستخدام رابط Zoom مفتوح في ساعات المكتب المعلنة تحسباً لدخول أحد الطلاب إلى “مكتبي” تماماً كما هو الحال في طريقة التعامل وجهاً لوجه”.

وتوصي ماجدة مصطفي، من قسم الهندسة المعمارية، بالاستمرار في التركيز على تحقيق أهداف الدورة الدراسية “وليس بالضرورة على طريقة تحقيقها”.

“يجب أن نصل إلى نفس الوجهة ولكن ليس علينا أن نسلك نفس الطريق الذي سلكناه في الماضي. نحن بحاجة إلى التحلي بالمرونة والسرعة، وأن نكون مستعدين لبذل الجهد المطلوب لتغيير الكيفية التي نمارس بها عملنا بالشكل المعتاد.”

وتخصص مصطفى أيضاً بعض الوقت في الفصل للطلاب لإبداء أي تحديات يواجهونها.

“يجب أن نصل إلى نفس الوجهة ولكن ليس علينا أن نسلك نفس الطريق الذي سلكناه في الماضي. نحن بحاجة إلى التحلي بالمرونة والسرعة، وأن نكون مستعدين لبذل الجهد المطلوب لتغيير الكيفية التي نمارس بها عملنا بالشكل المعتاد.”

ماجدة مصطفي  
من قسم الهندسة المعمارية

“لقد شاركت معهم بعض التقنيات التي أستخدمها لإدارة عبء العمل الخاص بي، مثل الموسيقى التي تساعد على التركيز. وهم مندهشون جداً لسماع أن أساتذتهم قلقون ومجهدون أيضاً، وأنهم يكافحون للقيام بدورهم وتحقيق التوازن مع كل شيء آخر “.

 توجد بعض الأدوات المتاحة على الإنترنت التي يستطيع أساتذة الجامعة استخدامها للتخفيف من عبء العمل على عاتق طلابهم. ومنها على سبيل المثال أداة تقييم أعباء الدورات الدراسية (Course Workload Estimator)، والتي أنشأها مركز التميز في التدريس بجامعة رايس في تكساس. وقد أنشأ مركز النهوض بالتدريس في جامعة ويك فوريست نسخة محسّنة من الحاسبة تم تكييفها بحيث تناسب الفصول الدراسية التي تُدرَّس عبر الإنترنت، حيث تُضاف إليها مهام مثل النشر في منتديات المناقشة ومشاهدة البودكاست ومقاطع الفيديو.

لابد من إدراك أن عبء العمل لا يتعلق بعدد الصفحات التي يتعين عليهم قراءتها أو كتابتها فحسب، ولكنه يتعلق بمدى التحدي الذهني الذي تمثله المهمة المطلوب إنجازها. وقد يؤدي الضغط الإضافي الذي يسببه الوباء إلى عبء معرفي أكبر على الطلاب مقارنة بالفصل الدراسي العادي، إذ قد تقل سرعتهم في القراءة، ويسهل تشتيت انتباههم، وقد يواجهون صعوبة في إدارة الوقت .

يهتم أحمد طلبة، من قسم الإدارة، بكيفية إدراك الطلاب للمهام التي تؤدى عبر الإنترنت.

“من حيث عبء العمل، إذا كانت … الجلسات المسجلة مسبقاً تُقدَّم إلى جانب حضور الفصول الدراسية العادية، فسوف يعتبرها الطلاب عبء عمل إضافي. لست مقتنعاً جداً بذلك، لأن الطلاب قد يستعيضون بها عن القراءة المسبقة، على سبيل المثال. ولكن الطلاب بوجه عام، يواجهون صعوبة أكبر عند الدراسة عبر الإنترنت، وتزيد مثل هذه الجلسات من تصورهم لعبء العمل. أعتقد أنهم من الناحية الذهنية، يحتاجون إلى التفاعل مع طلاب آخرين، وبالتالي تقل الإنتاجية عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى هذا الشعور [بزيادة عبء العمل].

كتب فراس الأطرقجي، رئيس قسم الصحافة والاتصال الجماهيري:

”أؤيد فكرة تقليل عبء العمل بالتأكيد. لكن يجب أن أؤكد مرة أخرى أن المسؤولية تقع علينا وعلى جميع أعضاء هيئة التدريس. سينظر الطلاب إلينا على أننا مصدر التوجيه والدعم، وهي أمور بالغة الأهمية. … ولكن حتى أصغر جهد يؤثر تأثيراً كبيراً على طلابنا. وعندما يرى [الطلاب] أننا نحاول، سوف ينتبهون ويفعلون نفس الشيء “.

دعوة للاستمرار في دعم بعضنا البعض

نظراً لأننا غالباً سنواجه احتمالية قضاء فصل دراسي آخر من التعلم عبر الإنترنت، نحتاج بجدية إلى مراعاة سلامة مجتمعنا، مع التركيز أيضاً على تجربة التعلم وتحقيق نتائج التعلم المتوخاة.

ولا يمكن مواجهة هذا التحدي دون أن يكون هناك نقاش متواصل بين الزملاء والطلاب والقيادة. وفي سبيل ذلك، افتتح عمداء الكليات قنوات اتصال بهدف الاستماع إلى آراء الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالإضافة إلى مشاركة مخاوف الطلاب أثناء بحثنا عن حلول يمكن أن يكون لها أثر فارق.

قد تبدو المهمة جسيمة، لكن الخيارات المتاحة لدينا يمكن أن تكون أبسط وأسهل بكثير في التنفيذ عندما نعمل معاً داخل مجتمع المتعلمين لدينا، والذي يرتكز على التواصل والتعاطف والالتزام بالتعلم في ظل هذا الوباء العالمي.

قامت مها بالي وهدى مصطفى من مركز التعلم والتدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في جمع التعليقات وإعداد المقال. في حال الاقتباس من المقال، يرجى إدراج أسماء جميع المؤلفين: فراس الأطرقجي، ورامي علي، ونيلي العناني، وموريس هاينز، وإليزابيث كينيدي، وماجدة مصطفى، وياسمين مطاوع، وإيمان سليمان، وأحمد طلبة، وتوماس ولسي.

سننشر لاحقاً مقالات حول كيفية تشجيع الطلاب على المشاركة في الفصول الدراسية التي تُدرَّس عبر الإنترنت، ونصائح أعضاء هيئة التدريس حول كيفية إنشاء مقاطع فيديو فعالة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى