أخبار وتقارير

كوفيد-19 يُسرع دعوات النشر العلمي المفتوح في العالم العربي

الدوحة – بينما يكافح العالم لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد، دعت منظمة اليونسكو إلى إتاحة الوصول المفتوح للمعلومات العلمية لتسهيل البحث وتبادل المعلومات حول كوفيد-19.

سارع المجتمع العلمي الدولي في الإستجابة، حيث بدأت العديد من المنظمات في مشاركة أبحاثها بشكل علني وخفضت المجلات العلمية الكبرى رسوم الاشتراك للمقالات المتعلقة بكوفيد-19، مما جعلها متاحة للجميع.

تساءل ستيفان كوستر، رئيس العلاقات المؤسسية في مؤسسة فرونتيرز ميديا، وهي مؤسسة نشر مقرها سويسرا تختص بنشر المجلات العلمية المفتوحة الوصول والمراجعة من قبل الأقران “إذا استطعنا القيام بذلك فيما يتعلق بكوفيد-19، وهو تحدٍ كبير، فماذا عن التحديات الأخرى مثل أمراض الجهاز التنفسي والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية؟ نريد أن نجعل كل العلوم مفتوحة في جميع المجالات.”

جاء سؤال كوستر ضمن مناقشة افتراضية استضافتها مكتبة قطر الوطنية في 22 تشرين الأول/ أكتوبر في الدوحة.

ومع إتاحة الوصول المفتوح لما يقرب من 100 في المئة من المقالات البحثية المنشورة حول فيروس كورونا الجديد، قال كوستر إن حوالي 30 في المئة فقط من المقالات البحثية حول السرطان، و26 في المئة من المقالات حول أمراض القلب والأوعية الدموية و21 في المئة من المقالات حول أمراض الجهاز التنفسي مفتوحة للجميع.

كان النقاش حول تأثير الوباء على المكتبات والناشرين الأكاديميين والمؤسسات البحثية جزءًا من احتفال مكتبة قطر الوطنية بالأسبوع الدولي للوصول المفتوح، الذي يُعقد سنويًا في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر.

نشر الأوراق البحثية مجانًا للجميع

في أبسط تعريف له، يعني الوصول المفتوح جعل الملكية الفكرية متاحة مجانًا على الإنترنت. عوضاً عن نشر بيانات ومقالات بحثية من خلال نظام الاشتراك المدفوع فقط، تدفع الحكومات أو الجامعات أو العلماء أنفسهم مقابل نشر أبحاثهم، وتكون مجانية لجميع القراء بعد ذلك.

يقول مؤيدو الوصول العلمي المفتوح إن هذا النموذج سيضمن التداول السريع للمعلومات العلمية وإثراء الحوار بين الباحثين، وبالتالي المساهمة في التطور العلمي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: ارتفاع في عدد البحوث المتوفرة إلكترونيًا مجانًا).

بدأ المفهوم يكتسب أرضية في العالم العربي، لكن التقدم لا يزال بطيئًا.

وفقًا للبيانات الموجودة على بوابة الوصول المفتوح العالمية التابعة لليونسكو، اعتبارًا من عام 2017، كان 37 مستودع فقط من أصل 2,900 مستودع رقمي مفتوح الوصول مدرجًا في الدليل العالمي لمستودعات الوصول المفتوح (OpenDOAR) في الدول العربية.

وفقًا للبيانات الموجودة على بوابة الوصول المفتوح العالمية التابعة لليونسكو، اعتبارًا من عام 2017، كان 37 مستودع فقط من أصل 2,900 مستودع رقمي مفتوح الوصول مدرجًا في الدليل العالمي لمستودعات الوصول المفتوح (OpenDOAR) في الدول العربية.

كما يضم دليل المجلات المحكمة المفتوحة الوصول DOAJ  حوالي 3,977 مقالة مفتوحة الوصول منشورة باللغة العربية، وفقًا لبوابة اليونسكو. يمثل هذا الرقم 0.02 بالمئة فقط من حوالي مليوني مقالة متاحة في الدليل في ذلك الوقت. (تعمل DOAJ الآن على فهرسة أكثر من خمسة ملايين مقال؛ ولم تتوفر أرقام حول عدد المقالات باللغة العربية.)

دعم مالي ضئيل للبحث

يعتقد كريم درويش، العالم الرئيسي في مجموعة تقنيات اللغة العربية في معهد قطر لبحوث الحوسبة، أن التكلفة العالية للبحث تشكل عقبة رئيسية أمام الوصول المفتوح في الدول العربية.

قال “يدفع غياب المؤسسات الحكومية الداعمة أو الشركات الكبيرة التي تدعم الأبحاث الناس إلى الاستثمار من دخلهم في مشاريعهم البحثية، مما يثني الباحثين عن مشاركتها بشكل مفتوح.”

يُعد التمويل الضئيل للبحث العلمي مشكلة مزمنة في العالم العربي.

وفقًا لتقرير اليونسكو لعام 2015 حول وضع العلوم في جميع أنحاء العالم، بلغ إجمالي الإنفاق المحلي على البحث والتطوير في الدول العربية أقل من 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. (التقرير بعنوان “تقرير اليونسكو للعلوم: نحو عام 2030“. وقد نشرت نسخة عربية منه في عام 2019).

تفاقم الوضع بسبب القيود الاقتصادية وخفض الميزانية التي فرضتها جائحة كوفيد-19. (اقرأ التقرير ذو الصلة: الأزمات الصحية والاقتصادية تهدد تمويل البحوث في المنطقة العربية).

مع ذلك، يقول وليد قرنفلة، مدير أبحاث وسياسات الرعاية الصحية في القمة العالمية للابتكار في الرعاية الصحية (ويش)، إنه في هذه الأوقات الحرجة يجب على صانعي السياسات التفكير أكثر في الوصول المفتوح.

قال قرنفلة خلال حلقة النقاش في قطر “كوفيد-19 مثال رائع لما يحدث عندما تحجم عن مشاركة المعلومات. لقد تأثرنا سلبًا بكوفيد-19 بشكل كبير بسبب نقص تبادل المعلومات بشكل مبسط.”

إحجام عن نشر الوصول العلمي المفتوح

أظهر استطلاع أجرته جامعة قطر خلال المناقشة أن أكثر من نصف المشاركين (54.5 بالمئة) غير مستعدين لإيداع النسخة النهائية من أوراقهم البحثية على منصة مفتوحة الوصول.

قالت داليا موسى عبد الله، المحاضرة في علم المكتبات وعلوم المعلومات بجامعة القاهرة، “عادة ما يتردد الباحثون في العالم العربي في إتاحة أبحاثهم مجانًا بسبب قضايا الملكية الفكرية والمخاوف من أن يكونوا هدفًا للسرقة العلمية.”

كما تمثل جودة النشر العلمي المفتوح مصدر قلق آخر للباحثين.

قال تامر السيد، الأستاذ المشارك في علوم الكمبيوتر بجامعة قطر، “تجعلني فكرة الدفع مقابل النشر أشعر أن قرار نشر بحث معين يعتمد على الربح وليس على جودة البحث.”

“تجعلني فكرة الدفع مقابل النشر أشعر أن قرار نشر بحث معين يعتمد على الربح وليس على جودة البحث.”

تامر السيد  
الأستاذ المشارك في علوم الكمبيوتر بجامعة قطر

تعمل بعض الدول العربية، مثل قطر والمملكة العربية السعودية، على تعزيز الوصول المفتوح من خلال مبادرات تجعل النشر المفتوح ميسور التكلفة أو حتى مجاني للباحثين، ووفقًا لتقرير اليونسكو، إذ تتمتع الدولتان بأعلى معدلات الاقتباس من الأوراق البحثية بين الدول العربية.

يوجد في قطر ثلاث مبادرات رئيسية للوصول المفتوح، بما في ذلك صندوق المؤلفين المفتوح لمكتبة قطر الوطنية الذي تدفع المكتبة بموجبه رسوم معالجة المقالات نيابة عن المؤلفين تكاليف المقالات المنشورة في مجلات مفتوحة الوصول.

ومن المبادرات الأخرى منصة QSpace لجامعة قطر، والتي تستضيف مجموعة إلكترونية من المقالات العلمية والأنشطة الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس والطلاب وضيوف الجامعة.

بالإضافة إلى ذلك، تستضيف دار نشر جامعة حمد بن خليفة، في الدوحة، منصة نشر مفتوحة الوصول عبر الإنترنت خاضعة لمراجعة الأقران باسم QScience.

تحديات جديدة سببها كوفيد-19

على الرغم من الدعم المؤسسي للوصول المفتوح في قطر، تواجه مبادرات مثل QScience تحديات وشكوكًا جديدة بسبب وضع فيروس كورونا.

قالت ريما عسيفان، رئيسة قسم النشر الأكاديمي والمجلات في دار نشر جامعة حمد بن خليفة خلال حلقة النقاش “تمثّل التحدي الرئيسي في العمل عن بُعد كفريق واحد وتطوير مهارات الاتصال لدينا افتراضيًا.”

وأضافت “لدينا أيضًا مخاوف بشأن التمويل. لا نعرف ما ستكون عليه النتائج المالية لهذا الوباء، وكيف سيتأثر قطاع النشر وإلى متى.”

يبدو الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للمطبوعات الدورية ذات الوصول المفتوح في الدول العربية الأقل ثراءًا مثل مصر.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

بحسب عزيزة علي محمدي أبو العينين، المدققة الفرعية لمجلة Cybrarians، فإن الدوريات المفتوحة الوصول في مصر تعاني من نقص التمويل، وعدم الاعتراف الأكاديمي وعدم ثقة بعض القراء في الأوراق المنشورة لديهم.

تصدر مجلة سايبراريانز Cybrarians، وهي مطبوعة رقمية مفتوحة الوصول، باللغة العربية وتتخصص في الببليوغرافيا وعلوم المكتبات ومصادر المعلومات. وهي تعتمد على الجهود التطوعية لهيئة التحرير لتكون قادرة على تقديم أعدادها مجانًا. تقول أبو العينين إن المنشورات المجانية المفتوحة مفيدة بشكل خاص للباحثين الشباب الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف النشر أو الوصول إلى البحث العلمي في المجلات العلمية التجارية.

يوصي قرنفلة، من القمة العالمية للابتكار في الرعاية الصحية (ويش)، بالنظر إلى الوصول المفتوح في سياق واسع، وليس من حيث النشر فقط بل ومن خلال مشاركة المعلومات مع أصحاب المصلحة والشركاء والمجتمع ككل.

قال “هناك نزعة للعمل في عزلة وحراسة المعلومات وعدم مشاركتها. ولكن بإمكان المعلومات الجماعية التي يتم تقاسمها بروح تعاونية أن تحدد الثغرات والتحديات والفرص والعمل كمحفز لصنع القرار القائم على الأدلة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى