مقالات رأي

واقع وتحديات تدريس الجندر ودراسات المرأة في الشرق الأوسط

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

ملاحظة المحرر: تُعقد جلسة نقاشية باللغة العربية عبر الإنترنت تستند بشكل جزئي على المقال أدناه بعنوان الدراسات النسوية والجندرية في العالم العربي: التحديات والفرص يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 الساعة 3 عصراً بتوقيت بيروت. للتسجيل اضغط هنا

مقدمة بقلم نرمين علام، الأستاذة المساعدة في قسم العلوم السياسية ودراسات المرأة بجامعة روتجرز.

ما هي تحديات وإمكانيات إضفاء الطابع المؤسسي على دراسة النوع الاجتماعي في جامعات الشرق الأوسط؟ نقدم هنا إجابات أربعة باحثات متخصصات في النوع الاجتماعي ودراسات المرأة. ستلقي تأملاتهنّ الضوء على التحديات والفرص المتاحة لتدريس سياسات النوع الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واجهت عملية بناء برامج دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في كثير من الأحيان تحديات كبيرة، مع قلة البرامج الرائدة في مصر ولبنان وفلسطين والسودان. تتبّع مارغوت بدران، الباحثة في شؤون المرأة والنوع الاجتماعي والنسوية في الشرق الأوسط، دعوات إضفاء الطابع المؤسسي على دراسات المرأة في المنطقة حتى منتصف القرن العشرين، عندما دعت زاهية دوغان، المبعوثة اللبنانية إلى مؤتمر المرأة العربية في القاهرة عام 1944، الجامعات العربية لتخصيص كراسي لدراسة كتابة النساء. بعد سبعين عامًا، توسعت دراسات المرأة في الشرق الأوسط والنوع الاجتماعي – الآن – بشكل كبير.

على الرغم من التطورات الإيجابية في هذا المجال، لا يزال عدد برامج ومساقات دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في المنطقة محدوداً . حدد تقرير صدر عام 2019 عن معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأميركية في بيروت عددًا من العوامل المُعيقة للجهود المبذولة لتعميم دراسات النوع الاجتماعي في المؤسسات الأكاديمية في المنطقة، وتتمثل في: محدودية الموارد، والتركات الاستعمارية، والبيئات الاجتماعية والسياسية السلبية، وعدم المساواة المؤسسية.

في هذا المقال، طلبنا من أربعة باحثات في دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في المنطقة تقديم أفكارهنّ حول تحديات تدريس سياسة النوع الاجتماعي في العالم العربي. شاركت في المائدة المستديرة دينا الخواجة من الجامعة الأميركية في بيروت؛ وإصلاح جاد، من جامعة بيرزيت في فلسطين؛ وحنان درهور، من جامعة ابن زهر في المغرب؛ ودلال الفارس، من جامعة الكويت. تسلط رؤاهنّ الضوء على التحديات المؤسسية والاجتماعية والسياسية والتربوية التي تواجه الباحثين الذين يدرسون ويُدرّسون النوع الاجتماعي في المنطقة.

دينا الخواجة، مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة، الجامعة الأميركية في بيروت.

تتعدد أشكال المقررات التعليمية والأبحاث الأكاديمية عن دراسات الجندر في المنطقة. ويعطي هذا التمأسس فكرة متفائلة عما يحدث في المنطقة عموماً والجامعات العربية خصوصاً فيما يتعلق بإدراك العدسة الجندرية للعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات العربية.

إلا أن نظرة أكثر تدقيقاً تظهر أن هذا التمأسس غالباً ما يأتي لذر الرماد في العيون ولتحسين تصنيف الجامعات أكثر منه لإيمان القائمين على الجامعات العربية بأهمية نزع المنظومة الأبوية – على تنويعاتها-،من دراسات العلوم الإنسانية.

يتجلى ذلك في هشاشة المراكز البحثية المنشأة على الورق بدون إنتاج يذكر عن الحراك النسوي دولياً واقليمياً ومحلياً في جامعات بغداد وصنعاء والأحفاد في السودان؛ يتمثل ذلك أحياناً أخري في نزع التسييس عن العدسة الجندرية وربطها بإشكاليات مقبولة من الحكومات مثل حقوق المرأة في التراث الاسلامي والمسيحي ( جامعة البلمند في لبنان) أو تأثير أفكار التنوير على تحرير دور المرأة في المجال العام  وربط ذلك بمسار بناء الدول القومية الحديثة(الجامعة الامريكية في بيروت وجامعة تونس) أو عبر التركيز علي دور النساء إما في التنمية و تمتين أثر برامج الحماية الاجتماعية أو في ادارة النزاعات المسلحة وعمليات

“تتعدد أشكال المقررات التعليمية والأبحاث الأكاديمية عن دراسات الجندر في المنطقة. ويعطي هذا التمأسس فكرة متفائلة عما يحدث في المنطقة عموماً والجامعات العربية خصوصاً فيما يتعلق بإدراك العدسة الجندرية للعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات العربية.”

دينا الخواجة
 مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة، الجامعة الأميركية في بيروت

إحلال السلام ( كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في القاهرة؛ الجامعة الامريكية اللبنانية LAU) إو الامتناع عن تدريس بحث الحراكات النسوية محلياً والإكتفاء بتدريس نماذجها في الغرب أو في مناطق جنوب شرق آسيا (الجامعة الأمريكية في دبي).

على كلٍ، تظل أمثلة هذا “التمييع” خطوة خجولة  على الطريق الطويل والمحفوف بالمخاطر بالمقارنة بالمنع الكامل للتمأسس مثل حالة الجامعة اللبنانية أو الجزائرية  أو البحرينية لتعكس صعوبة تحويل الحراك النسوي لموضوع بحثي كامل المشروعية في الجامعات العربية تدريساً وبحثًا.

إصلاح جاد، أستاذة مساعدة في العلوم السياسية، وقسم الدراسات الثقافية ومعهد دراسات المرأة، بجامعة بيرزيت في فلسطين.

بصفتي من مؤسسات البرنامج الأكاديمي الأول لدراسات المرأة والجندر في العالم العربي، شاهدتُ بنفسي حالة التغيّر المستمر لدراسات النوع الاجتماعي وقضايا المرأة. حيث تعكس السياق الذي تعمل فيه وكيف يتشكل هذا السياق من خلال ما تقوم به النساء في حياتهن اليومية.

https://www.bue.edu.eg/

بالنظر إلى كون مجال النوع الاجتماعي والعلاقات بين الجنسين مرتبطة بالسياق، تختلف التحديات التي تواجه تدريس دراسات النوع الاجتماعي في سياق استعماري – حيث يمكن اعتبار التعامل مع الجندر جزءًا لا يتجزأ من عملية إزالة الاستعمار – عن تدريسها في سياق مختلف، حيث يكون الجندر كمفهوم متنازع عليه ومرفوض. وبالتالي، ينبغي إعادة النظر في المفاهيم السائدة في دراسات النوع الاجتماعي والمرأة وإعادة بنائها في سياقاتها الخاصة عبر المنطقة.

“لفهم وضع دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في الشرق الأوسط بشكل أفضل، نحتاج إلى وضع إشكالية في الحكمة السائدة التي تتناول دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في العالم العربي من زاوية الإتفاقيات العالمية.”

إصلاح جاد
 أستاذة مساعدة في العلوم السياسية، وقسم الدراسات الثقافية ومعهد دراسات المرأة، بجامعة بيرزيت في فلسطين

لفهم وضع دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في الشرق الأوسط بشكل أفضل، نحتاج إلى وضع إشكالية في الحكمة السائدة التي تتناول دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في العالم العربي من زاوية الإتفاقيات العالمية. تركز زاوية الاتفاقيات العالمية على قضايا مثل حقوق المرأة والعنف الجندري والإسلام والمحافظة ولكنها تفشل في وضع سياق لهذه القضايا ضمن سياقها الخاص. ففي فلسطين المحتلة، على سبيل المثال، تفقد المنظمات النسوية غير الحكومية والناشطات، الذين تحركهم الاتفاقيات العالمية لحقوق المرأة، سلطتها وقواعدها الشعبية لصالح الإسلاميين بسبب نزع الطابع السياسي عن أجندتهم الجنسانية والتخلي عن السياق الاستعماري. يعتبر فهم هذه السياقات المتنوعة والمتغيرة أمر لا بد منه للنهوض بمجال دراسات النوع الاجتماعي في المنطقة. وبالتالي، فإن فهم وتدريس طبقات الاضطهاد المتعددة سواء أكانت ناتجة عن الاستعمار أو الأبوية أو الطبقة أو العرق أو اللون أو الإعاقة أو العمر، أمر لا بد منه لمواجهة جميع التحديات التي تواجه جهود نشر دراسات النوع الاجتماعي.

حنان الداغور، أستاذة مشاركة في كلية اللغات والآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر، المغرب

يعتبر التركيز على تاريخ برامج دراسات المرأة والجندر، والبدايات والأهداف والإنجازات، مهم لفهم الوضع الفعلي لبرامج دراسات المرأة والجندر في التعليم العالي في المغرب والتحديات المؤسسية والتربوية التي تواجهها هذه البرامج. ظهرت دراسات المرأة وتطورت منذ بدايتها كمجال معرفي يتميز بالروابط والانفصالات الدولية بهدف تفكيك المناهج التقليدية التي يهيمن عليها الذكور. بدأ المجال لأول مرة في أميركا في عام 1969، ثم امتد إلى العالم الأنجلو-ساكسوني ثم إلى شمال أوروبا بسبب الروابط التاريخية والثقافية بين المناطق الجغرافية السياسية الثلاثة. بعد ثمانينيات القرن الماضي، اكتسب المفهوم أهمية أكبر في البلدان الأقل ثراءًا والبلدان النامية من خلال جعل المفهوم أكثر احتضانًا للتنوع الثقافي والديني.

في أواخر القرن العشرين، بدأ الباحثون من المنطقة العربية والعالم النامي بشكل عام في تحدي المنظور الأوروبي التركيز للنسوية البيضاء. نتيجة لذلك، دعمت الإصدارات المحلية من النسوية إلى حد كبير البحوث الدراسية التي قدمها مفكرو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبرامج دراسات النوع الاجتماعي والمرأة، لا سيما في التعليم العالي. على الرغم من هذه التطورات، لا يزال هناك طريق طويل قبل أن تحظى برامج دراسات المرأة والجندر بالثقة الأكاديمية والأخلاقية الكاملة من قبل الجمهور الأكبر.

دلال الفارس، أستاذة مساعدة بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها، جامعة الكويت

دراسات النوع مثل العلاج؛ لا أحد يريد القيام به، لكن الجميع سيستفيد منه – لاسيما في الشرق الأوسط. أقوم بتدريس دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في جامعة حكومية في دولة خليجية معروفة بثروتها واعتمادها على الاقتصاد البترولي ومجتمعها الإسلامي المحافظ. عند تقديم “الجندر والجنسانية” لطلابي، أشدّد على أهمية محددات الهوية المذكورة أعلاه في تشكيل خطابات حول النوع الاجتماعي والنسوية في الخليج. لذلك، فإن من بين أكثر الأطر المطلوبة في تدريس دراسات النوع الاجتماعي والمرأة في الخليج قضاء بعض الوقت مع نظريات الاضطهاد المتقاطعة حيث يمكن للطلاب الانخراط في تفكيك امتيازاتهم ومواقعهم. ومع ذلك، فقد أوليتُ انتباهًا شديدًا إلى (أ) منح الفضل لجذورها الثورية النسوية السوداء الراديكالية ، و (ب) ترجمة مصفوفة الامتياز والقمع لوضعها في سياقها بشكل أفضل ضمن السياق الخليجي الذي يؤكد على تاريخ المواطنة (مقابل انعدام الجنسية/ البدون)، والطبقة (مقابل القبيلة)، والطائفة، ووضع العمال المهاجرين في ظل النيوليبرالية العالمية. ليس من الضروري أخلاقيًا ونسويًا فحسب مناقشة تقاطعات هذه الهويات، بل يعد ذلك ضرورة تربوية لكون الأمر يساعد الطلاب حقًا على فهم التركيبات المتعددة للخطابات حول النوع الاجتماعي والنسوية.

يتمثل التحدي الآخر الذي يجب التغلب عليه في صعوبة تدريس قضايا التجسيد والتنظيم من منظور علماني/ غير إسلامي. فبينما يقاوم الطلاب باستمرار ويشيرون إلى النصوص الإسلامية المهيمنة عند مواجهة أي شيء ينتقد البطريركية الإسلامية المغايرة، يمكن لفصول دراسات النوع الاجتماعي والمرأة أن تتعامل مع لوائح الأجساد الجنسانية من وجهات نظر تأخذ في الاعتبار الذكورية المهيمنة الناشئة عن نظرية الكوير ودراسات الإعاقة. أعتقد أن هذه الأطر ستساعد الطلاب على فهم مدى تأثر فهمنا للجندر بالإعاقة والعكس صحيح. كما سيُساعد الأمر الطلاب على تحليل الأبعاد المتعددة للتطبيع المتقاطع للجنس في مجتمعاتهم من وجهات نظر مختلفة.

Countries

تعليق واحد

  1. السلام عليكم
    جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم الحضرية قسم علوم تنمية المرأة
    هذا القسم خرج عدد 25 دفعة و به مقررات متخصصة في دراسات المرأة منها المرأة و البيئة. المرأة و النزاعات و مقر ات في الخدمة و الرعاية الاجتماعية و في الاتفاقيات و القوانين و اتمنى اننستفيد من بعض بخلق شراكات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى