طوال قرون، لم تُعلن أغلفة الكتب العربية عن طبيعة المحتوى. إذ زُينت الأغلفة الجلدية التي تحمي المخطوطات المنسوخة يدويًا بزخارف دائرية وميداليات لوزية الشكل ونجوم وطبعات وأحيانًا أزهار، بحسب وصف آدم جاسيك في كتابه المخطوطات العربية: دليل القرّاء.
ومع انتقال إنتاج الكتب إلى الطباعة، بدءًا من القاهرة في عشرينيات القرن التاسع عشر، استعارت هذه الكتب المطبوعة المبكرة زخارف تصميم أغلفة نظيراتها من المخطوطات. تتميز أغلفة الكتب المطبوعة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر بتصاميم لأهلّة وزهور وأنماط زخرفية أخرى.
قال مو الحسيني، مؤسس مشروع أرشيف تصميم الغلاف العربي (ABCA)، “لم يكن قد تم بعد إثبات فكرة وجود صلة واضحة بين غلاف ومحتوى الكتب.”
يركز أرشيف تصميم الغلاف العربي على المرحلة التالية من تصميم أغلفة الكتب العربية: التحولات والحركات في القرن العشرين. يقع المشروع تحت مظلة مشروع مستودع التصميم Design Repository، بدعم من مؤسسة برو هالفيتيا القاهرة التابعة لمجلس الفن السويسري. يتألف الفريق الأساسي من أربعة باحثين ومصممين مقيمين في مصر ولبنان وفلسطين هم الحسيني ونورهان البنا وأميمة الدجاني ويمان طعمة. يعمل الجميع معًا على جمع وتنظيم أرشيف رقمي واسع النطاق لصور ومعلومات عن أغلفة الكتب العربية.
لن يتم إطلاق موقع أرشيف تصميم الغلاف العربي القابل للبحث على الإنترنت حتى عام 2021، لكن مع بدء المجموعة في نشر أغلفة مختارة على موقع إنستغرام في شباط/ فبراير من هذا العام، جذبت المشروع اهتمامًا فوريًا من قبل المؤلفين والناشرين وعشاق الكتب والمصممين.
ربما يغذي الحنين جزءًا من هذا الاهتمام. ومع ذلك، هناك أيضًا اهتمام واضح بسد الثغرات المعرفية بخصوص تصاميم أغلفة الكتب العربية. قال الحسيني “حاليًا، ليس هناك ما يكفي لربط النقاط بين الأزمنة المختلفة في تاريخ [تصميم الغلاف]، بين الماضي والحاضر.”
تحولات القرن العشرين
في أوائل القرن العشرين، بدأ الأدب العربي المطبوع في الوصول إلى جماهير جديدة، وخضعت أغلفة الكتب لتحول كبير. بحلول الأربعينيات من القرن الماضي، استمرت بعض أغلفة الكتب في إبراز الخط العربي والتصاميم الزخرفية، بينما عمل البعض الآخر كإعلانات ذات ألوان زاهية للقصص الموجودة بداخلها، مما أدى إلى جذب انتباه القارئ.
بالنسبة للحسيني، هناك دائمًا ما يتعلق بالتصميم أكثر من مجرد الإعلان. قال إن أغلفة الكتب “تلخص المعرفة والأفكار والمخاوف والتاريخ والأحلام للأشخاص الذين يعيشون في أي موقع جغرافي. فهي، على المستوى الأساسي، تمثل ذاكرتنا الجماعية ووعينا وحتى اللاوعي.”