أخبار وتقارير

جامعات ومدارس سوريا تستعد لإعادة فتح أبوابها

مع أقل من ثلاثة ألاف حالة إصابة مؤكدة بكوفيد-19، تمتلك سوريا واحدًا من أدنى معدلات الإصابة بفيروس كورونا المعلن عنها في المنطقة. لكن بعض كبار الأطباء في البلاد يقولون إن هذه الأرقام الرسمية بعيدة كل البعد عن الواقع وأن هناك مريضًا بفيروس كورونا في كل منزل في دمشق تقريبًا.

في هذا السياق، وعلى الرغم من تحذير العائلات والأطباء من وقوع كارثة وشيكة، من المقرر افتتاح المدارس والجامعات السورية في الأسابيع المقبلة.

في منتصف آذار/ مارس، أُغلقت الجامعات والمدارس السورية في إطار إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الوباء. وقد أعيد افتتاح الجامعات في بداية شهر حزيران/ يونيو بجدول تدريسي مكثف ومحاضرات لتعويض الوقت الضائع.

حمّل الأساتذة بعض المحاضرات عبر الإنترنت أثناء الإغلاق، لكن وزارة التعليم العالي طلبت إعادة تقديم كل المحتوى الذي تم تسليمه عبر الإنترنت شخصيًا للطلاب الذين لا تتوفر لهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت. بدأت امتحانات الفصل الدراسي الثاني في حوالي منتصف آب/ أغسطس، مع رفض للدعوات المطالبة بتأجيلها.

 خيارات صعبة

قالت سحر الفاهوم، نائبة الوزير لشؤون البحث العلمي في وزارة التعليم العالي السورية، “كان هناك العديد من الحلول المقترحة؛ إما تأجيل العام الدراسي بأكمله وكان من شأن ذلك أن يخلق العديد من المشاكل في العام المقبل، أو الانتظار لفترة من الوقت لنرى كيف سيتطور الوباء ونتصرف وفقًا لذلك، ووجدنا أن هذا كان الحل الأفضل.”

تقول الفاهوم إن الوزارة والفريق الحكومي المُكلف بالحد من انتشار الفيروس قد راقبوا طريقة تعامل العالم مع الوباء وكيف تعيّن على معظم الدول رفع الإغلاق في نهاية المطاف. وأوضحت أن الوزارة فرضت إجراءات احترازية في الجامعات مثل التنظيف والتعقيم على نطاق واسع وإتاحة مساحة أكبر لجعل التباعد الاجتماعي ممكنًا.

قالت “لا تزال لدينا حالات إصابة بفيروس كورونا في الجامعات. لا يمكننا إنكار ذلك ودفن رؤوسنا في الرمال، لكنها ليست أعلى من أماكن أخرى في البلاد بشكل خاص.”

أفادت صحيفة الوطن في آب/ أغسطس أن هناك ما لا يقل عن 60 حالة إصابة و13 حالة وفاة مرتبطة بفيروس كورونا بين أعضاء هيئة التدريس بجامعة دمشق.

قالت الفاهوم، التي أصيبت بالفيروس وتعافت  منه، “إنه أمرٌ مؤلم! نحن بحاجة إلى أكثر من 50 عامًا لتعويض هذه الخسارة.” مضيفة أنه سيكون هناك تسامح فيما يتعلق بحضور الطلاب للمحاضرات ولكن لن تكون هناك مرونة في محتوى الاختبار أو جداوله.

وجهة نظر الطلاب

تعارض مروة شباط، طالبة الحقوق في جامعة دمشق والبالغة من العمر 21 عامًا، فتح الجامعات في هذه المرحلة وإجبار الطلاب على أداء الامتحانات. قالت “حاولنا كل شيء لإقناع الوزارة بتأجيل الامتحانات لكننا لم نفلح في ذلك.”

تختلف الإجراءات التحذيرية التي تتخذها الجامعات بين الكليات وتعتمد إلى حدٍ كبير على وعي الطلاب وخوفهم من الفيروس. قالت “ليس هناك سوى مقياس حرارة يقيس درجة حرارة الطلاب عند المدخل الرئيسي، لكن هذا خلق المزيد من الازدحام هناك”. وأضافت بأنه ليس كل الطلاب يرتدون أقنعة وأن فرض متطلبات تغطية الوجه لم يكن صارمًا في الحرم الجامعي.

“كان هناك العديد من الحلول المقترحة؛ إما تأجيل العام الدراسي بأكمله وكان من شأن ذلك أن يخلق العديد من المشاكل في العام المقبل، أو الانتظار لفترة من الوقت لنرى كيف سيتطور الوباء ونتصرف وفقًا لذلك، ووجدنا أن هذا كان الحل الأفضل.”

سحر الفاهوم  
نائبة الوزير لشؤون البحث العلمي في وزارة التعليم العالي السورية

قالت شباط إنها لن تحضر محاضرات الفصل الدراسي المقبل لأنها تخشى الإصابة بالفيروس وأن تنقله إلى والدتها أو أطفالها. ” مررنا بالعديد من الصعوبات طوال 10 سنوات من الحرب، لكن كل هذا كان أسهل من فيروس كورونا.”

أما لُجين سليمان، 22 عاما، طالبة الأدب العربي في دمشق، إن خوفها من الذهاب إلى الجامعة تلاشى بعد فحصها للوضع على الأرض. قالت “يرتدي الجميع الأقنعة الواقية، ونحافظ على مسافة جيدة ونعود إلى المنزل فور انتهاء الفصل الدراسي أو الامتحان حيث يتم إغلاق جميع المقاهي.”

وأضافت أن الحفاظ على مسافة مناسبة بين الطلاب أثناء المحاضرات لن يكون صعبًا في قسمها لأن العديد من طلاب الأدب العربي لا يحضرون المحاضرات.

قالت “علينا التكيف لأن فيروس كورونا يتواجد معنا الآن وهذا أمرٌ واقع.”

عاملان يقومان بتطهير المقاعد في قاعة محاضرات بجامعة دمشق (الصورة: صفحة وزارة التعليم العالي على الفيسبوك).
عاملان يقومان بتطهير المقاعد في قاعة محاضرات بجامعة دمشق (الصورة: صفحة وزارة التعليم العالي على الفيسبوك).

صعوبة تقديم الدروس العملية

لكن تخطي المحاضرات ليس حلاً لمعظم الطلاب في تخصصات مثل الطب أو الهندسة، ولاسيما فيما يخص التدريب العملي.

قال محمد دلوعة، طالب الطب البالغ من العمر 20 عامًا من درعا، إن حضور الدروس العملية أثناء تفشي جائحة فيروس كورونا أمرٌ صعب ومربك. وقال إن تقسيم الطلاب إلى مجموعات أصغر لن يكون ممكنًا لتعذّر وجود وقت كافٍ يغطي المنهج الضخم ويكفي عددًا كبيرًا من الطلاب في كليته.

وأضاف “علينا العودة إلى الدراسة، ولا يمكننا الاعتماد إلا على وعي الطلاب.”

لكن الاعتماد على مثل هذا الوعي لتقييد الفيروس قد لا يكون ناجحًا في المدارس الابتدائية والمتوسطة، والتي من المقرر افتتاحها في 13 أيلول/ سبتمبر، بعد أشهر من إغلاقها.

بدأ نقاش حول ما إذا كان من الواجب تأجيل افتتاح المدارس على صفحة الفيسبوك التابعة لوزارة التربية. وقد انقسم أولياء الأمور بين أولئك الذين يعتقدون أن تأجيل افتتاح المدارس ليس حلاً وأولئك الذين يشعرون بالقلق من أنهم سيضحّون بحياة أطفالهم من أجل التعليم.

أصبحت الأصوات المعارضة لإعادة الفتح أقوى ودعا أعضاء البرلمان وخبراء الصحة إلى تأخير الافتتاح لمدة أسبوعين آخرين على الأقل حتى يبدأ منحنى ارتفاع الإصابات بالتسطح.

مخاوف أولياء الأمور

قال محمد نبوغ العوّا، عميد كلية الطب في جامعة دمشق، في مقابلة مع إذاعة شام إف إم الشهر الماضي، “لو كان لدي طفل، ربما لم أكن لأرسله إلى المدرسة الآن.” وقال إن فرض إجراءات النظافة والتباعد الاجتماعي على التلاميذ الصغار لن يكون ممكنًا.

“لو كان لدي طفل، ربما لم أكن لأرسله إلى المدرسة الآن.”

محمد نبوغ العوّا  
عميد كلية الطب في جامعة دمشق

بدورها، أفادت وزارة التربية إنها ستطبق خطة خاصة للتعامل مع الفيروس وضمان سلامة التلاميذ والموظفين. وفقًا لهذه السياسة، يجب على المدارس تخصيص 30 دقيقة كل أسبوع لرفع مستوى الوعي بين الطلاب حول فيروس كورونا، وسيتم تقليل عدد الطلاب الذين يتشاركون المقاعد الدراسية إلى اثنين “إن أمكن”، وسيتم إغلاق الصفوف لمدة يومين إلى خمسة أيام في حالة تأكيد حالة إصابة بفيروس كورونا.

مع ذلك، يشعر الكثير من أولياء الأمور بالقلق.

قالت لما النصر، أم لثلاثة أطفال، “يمكن تعويض خسارة التعليم لكن الأرواح لا يمكن تعويضها.”

وأضافت أن الأطفال لا يمكن أن يكونوا مدركين تمامًا لسلوكهم طوال اليوم في المدرسة ولا يمكن للإشراف أن يضمن التزامهم بإجراءات التباعد الاجتماعي طوال الوقت.

قالت “نحن نعيش فيلم رعب وسنرى ما سيحدث لنا. أنا وأولادي نتجه صوب المجهول. الله يحمينا.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى