مقالات رأي

التعلم الجوّال: الهواتف المحمولة توسّع نطاق التعليم الإلكتروني في اليمن

يُعد استخدام التكنولوجيا في فصول اللغة حاليًا موضوعًا ساخنًا في الحلقات التعليمية. لقد تماشى الاتجاه في التعلم تقريبًا مع الاتجاهات في التكنولوجيا، حيث تطور من استخدام أجهزة الكمبيوتر الكبيرة إلى مرحلة يمكن فيها لجميع الأطراف استخدام الأجهزة المحمولة. في هذه العملية، أصبح التعليم مسعى محليًا ويمكن الوصول إليه بشكل أكبر بكثير مما كان عليه حتى قبل 10 سنوات. ويشار إلى هذا التكرار الأخير عمومًا باسم التعلم الإلكتروني، مع شكل مهم يتمحور حول تأثير الهواتف المحمولة، والمشار إليه باسم التعليم الجوّال m-learning.

بسبب الطبيعة المحمولة لهذه الوسيلة التعليمية الجديدة، التي تجمع بين الهواتف المحمولة والقدرة اللامحدودة لشبكة الإنترنت العالمية على توصيل المعلومات للمتعلمين، قد تتراجع مساحات كبيرة من منهجية التعليم وطرق التدريس التقليدية. ينجذب المزيد والمزيد من المعلمين والباحثين بشكل لا يقاوم إلى القوة المغرية لهذا المزيج التكنولوجي، خاصة في الوقت الذي نشهد فيه جائحة كوفيد-19.

لسوء الحظ، لا تزال هناك العديد من الحواجز الهيكلية التي تعوق ظهور التعلم بواسطة الهاتف المحمول أو التعليم الجوّال. يتضمن ترويج مثل هذه التكنولوجيا في فصول اللغة في طياته الافتراض بأن وجود الهواتف المحمولة في الفصول الدراسية فائدة غير مشروطة. في الواقع، فإن لوجود هذه الأجهزة، ليس في الفصول الدراسية فحسب بل في المجتمع أيضًا، القدرة على تعطيل المسار العادي وأنماط الحياة التي تستخدم في الأماكن التي تستخدم فيها.

مُتحدثا بصفتي مدرس يمني ذو خبرة في التدريس على جميع مستويات التعليم في بلادي، يتطلب هذا الوضع تكييف التعلم الإلكتروني، بسبب العوامل المعقدة التي تسببت بها جائحة فيروس كورونا، فضلاً عن الصراعات والتحديات الجيوسياسية التي تواجه البلاد ككل منذ فترة زمنية غير محددة. سيكون من المستحيل على الحكومة توفير أجهزة كمبيوتر أو أجهزة كمبيوتر محمولة أو غيرها من منصات التعلم الرئيسية للتعلم عبر الإنترنت. ومع ذلك، نظرًا لإمتلاك معظم الطلاب اليمنيين نوعًا من الهواتف الذكية، فمن الممكن الاستفادة من أي تطبيق متاح لهذه الهواتف المحمولة لتعزيز عملية التعلم الإلكتروني لهؤلاء الطلاب.

يمكن أن يوفر استخدام الهواتف المحمولة كوسيلة أساسية للوصول إلى نظام أكبر للتعلم الإلكتروني في اليمن فوائد معينة. لنأخذ على سبيل المثال إمكانية استخدام تطبيقات مثل واتساب نفسها كمنصات، حيث يُمكن إنشاء مجموعات لتبادل المعرفة بين المعلمين، وخاصة معلمي اللغة الإنجليزية والمتعلمين. علاوة على ذلك، يمكن أيضًا استخدام تطبيقات و/ أو مواقع شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى، مثل فيسبوك أو تويتر، لتحقيق هذه الأهداف

من ناحية أخرى، تعتبر جودة وموثوقية الوصول إلى الإنترنت المطلوب لتشغيل الهواتف المحمولة وتمكينها ضعيفة، ولن يتمكن جميع الطلاب اليمنيين في جميع أنحاء البلاد من الاستمتاع بتجربة أو ظروف تعليمية إيجابية موحدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن مسألة التحفيز من جانب المتعلمين اليمنيين للتكيف عن طيب خاطر مع اتجاه جديد في التعليم في جميع أنحاء العالم مسألة مهمة، لا سيما في ضوء حقيقة مواجهة المتعلمين من دول أخرى في المنطقة تحديات وعيوب تحفيزية مماثلة.

يمكن أن يوفر استخدام الهواتف المحمولة كوسيلة أساسية للوصول إلى نظام أكبر للتعلم الإلكتروني في اليمن فوائد معينة.

علاوة على ذلك، قد لا يسمح المستوى النسبي للدعم التعليمي في اليمن للمعلمين أو المجتمعات التعليمية بالاستفادة القصوى من هذه الهواتف المحمولة بما يخدم مصالح طلابهم. لذلك، يجب توفير جلسات التدريب والتوعية كجزء لا يتجزأ من أي جهد منظم لاعتماد الهواتف المحمولة كأداة تعليمية ممكنة في النظام التعليمي اليمني.

يجب أن يكون مفهومًا أن هناك العديد من الافتراضات التي يتم إجراؤها لأغراض أي دراسات حول إمكانية التعلم عبر الهاتف المحمول في اليمن. ومن أهمها فرضية أن امتلاك الهواتف الذكية أصبح حقيقة عالمية بين طلاب الجامعات اليمنيين. من الناحية النظرية، قد يعني هذا أن 99 في المئة من جميع اليمنيين الملتحقين بالجامعة من المفترض أن يكون لديهم هواتف ذكية كجزء من روتينهم اليومي. من تجارب الكاتب، يتضح أن هذا في الواقع حالة يمكن ملاحظتها.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

من ناحية أخرى، يمكن النظر إلى إمكانية الوصول إلى الإنترنت بشكل مفهوم على اعتبارها تشكل عقبة، بالنظر إلى ضعف البنية التحتية السائدة لاتصالات الإنترنت في اليمن. علاوة على ذلك، يجب أن يُتوقع من الطلاب أيضًا تحمل نفقات إضافية لغرض الحفاظ على مستوى معين من الاتصال، للسماح لهم بالمشاركة في التعليم الإلكتروني.

بإمكان المعلمين اليمنيين أيضًا أن يلعبوا دورًا نشطًا في تحفيز الطلاب على الانتقال إلى التعلم عبر الإنترنت كنهج جديد محتمل، خاصة في هذه الأوقات العصيبة من وباء فيروس كورونا. من بين الأدوار الرئيسية لأي معلم مطلع ألاّ يُطلع الآخرين – مثل الطلاب في مجتمعات التعلم الخاصة بهم – فقط، بل ويلهمهم أيضًا، لمتابعة آفاق جديدة للمعرفة وطرق جديدة يمكنهم من خلالها السفر إليها.

بإمكان المعلمين اليمنيين أيضًا أن يلعبوا دورًا نشطًا في تحفيز الطلاب على الانتقال إلى التعلم عبر الإنترنت كنهج جديد محتمل، خاصة في هذه الأوقات العصيبة من وباء فيروس كورونا.

كما هو الحال مع أي مسعى تعليمي، يجب استخدام قدر كبير من الصبر والمثابرة من قبل جميع المدربين أو المعلمين، بالإضافة إلى القدرة على توجيه الطلاب إلى النقطة التي يمكنهم فيها التنقل، بمفردهم، عبر جميع قنوات المعلومات الجديدة وتبادل المعلومات التي يمكن أن توفرها منصات التعلم الإلكتروني في بيئة متعددة الوسائط.

في الختام ، يجب أن يكون مفهومًا أنني أقترح فقط، في هذه المقالة الموجزة، أن على جميع المعلمين المعنيين والمؤسسات التعليمية أن يفهموا، إلى أقصى حد ممكن، المعلومات التي يرغبون في الترويج لها وما هي المعلومات الأخرى التي يرغبون في عدم التأكيد عليها أو إدانتها داخل المجتمع الجامعي اليمني. كما هو الحال مع أي أداة أو طريقة تعليمية محتملة، يجب أن يخضع التعلم بواسطة الهاتف المحمول – أو التعليم الجوّال – لإجراءات بحث عامة لاعتمادها أو تكييفها. تشمل هذه الإجراءات، على سبيل المثال لا الحصر، الاختبار المسبق، والمراقبة، والتحقق من الصحة، والاختبار اللاحق، ومواقف المتعلمين ودوافعهم، والتطبيق العملي.

بمجرد أن تنفذ أي مبادرة للتعلم الجوّال وتبدأ إجراءات التحقق الصارمة هذه، عندها فقط، يمكن الحكم عليها لتكون مناسبة للدمج في المناهج التعليمية. الغرض الرئيسي من هذه المقالة هو زيادة الوعي بأهمية تبني التعلم الإلكتروني، سواء كان التعلم عبر الهاتف المحمول، أو أي نوع آخر من التعلم يمكن إجراؤه عبر المنصات الإلكترونية، حيث قد لا تكون الدروس المستمرة الواقعية قابلة للتطبيق بسبب استمرار العواقب الوخيمة الناجمة عن تفاقم المخاطر الصحية.

ريس التميمي باحث من اليمن، يُدرّس حاليًا في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية في صلالة، بسلطنة عُمان. يركز بحثه بشكل أساسي على قضايا اكتساب اللغة الثانية، والتحفيز، والعلاقة بين التعلم والمجتمع والتكنولوجيا.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى