عندما فازت رواية سيدات القمر لجوخة الحارثي بجائزة البوكر الدولية لعام 2019، بترجمة مارلين بوث النابضة بالحياة، رأى الكثيرون في ذلك نقطة تحول للأدب العربي المترجم إلى الإنجليزية. وكان المترجمون يأملون، على وجه الخصوص، في أن تحظى كتب النساء باللغة العربية باهتمام أكثر جدية.
قالت إليزابيث جاكيت، المديرة التنفيذية لجمعية المترجمين الأدبيين الأميركيين، في اتصال عبر الهاتف، “أعتقد أن ذلك يمثل أضغاث أحلام. وهذا أمرٌ مخجل.”
وبينما لم تتغير الأمور بلمحة عين بالنسبة لترجمة كتب الكاتبات العربيات إلى اللغة الإنجليزية، إلا أن نجاح رواية الحارثي بترجمة بوث لا يزال موضع احتفاء في شهر النساء في الترجمة، والذي يتم الاحتفال به في آب/ أغسطس من كل عام.
في عام 2014، أوجدت مدونة الكتب ميتال رادزينسكي فكرة الاحتفال هذه لمدة شهر، ويقع الآن في نقطة تلاقي جهدين مختلفين. يسلط الأول، بقيادة مدونة Three Percent، الضوء على قلة الأعمال الأدبية المترجمة في الولايات المتحدة. فيما يتتبع الثاني، الذي بدأ من قبل VIDA: Women in Literary Arts، تمثيل الكاتبات في المجلات والصحف والدوريات باللغة الإنجليزية.
تمثل النساء غالبية مترجمي الأدب. لكن، وكما وضّح شهر “النساء في الترجمة” فإن الكتب التي تتم ترجمتها مؤلفة من قبل رجال إلى حد كبير. وجدت رادزينسكي أن حوالي 30 بالمئة من الترجمات الجديدة إلى اللغة الإنجليزية من مختلف لغات العالم هي أعمال كتبتها نساء، في حين أن 70 بالمئة منها كتبها رجال.
تخضع الترجمات من العربية إلى الإنجليزية ذات النمط. فمن بين 14 عملاً تم تقديمها لجائزة بانيبال للترجمة الأدبية العربية لعام 2020، كانت هناك عشرة أعمال لكُتاب رجال وأربع أعمال لكاتبات. في عام 2019، كانت هناك ثلاث كتب ألفتها نساء و13 كتابًا للرجال.
الأدب جولة غرائبية
تواجه كتب النساء المترجمة من العربية إلى الإنجليزية عقباتٍ إضافية. إذ كتبت أمل عميرة، الباحثة في الأدب ودراسات ما بعد الاستعمار، في عام 1996، بأنه غالبًا ما يتم تقديم روايات النساء العربيات “كنصوص اجتماعية وانثروبولوجية” تعكس “واقع الإسلام والعالم العربي و”ترفع الحجاب” عما دعته كاتبة المراجعة بـ “عالم المراة العربية الذي لا يمكن تصوره”.
لا يتعامل الناشرون والمراجعون مع الكثير من كتابات النساء العربيات على أنها أدب، بل على اعتبارها نزهة نهارية غرائبية. كما تعرض العديد من أغلفة كتب الأعمال الأدبية المترجمة نساء عربيات ومسلمات مغطيات بالكامل مع بروز أعينهن فقط بشكل خاطف.
شملت العديد من الكتب الأكثر مبيعًا باللغة الإنجليزية النوع الذي وصفته ليلى أبو لغد، باحثة الإثنوغرافيا بجامعة كولومبيا، بقصص “إنقاذ المسلمات”. ومع ذلك، ومن بين جميع اللغات، لم يكن هناك اهتمام كبير بترجمة الأدب العربي المكتوب من قبل النساء. قالت ماريا إيزابيل غونزاليس مارتينيز، المدونة التي تدير Separata Arabe، في رسالة بالبريد الإلكتروني، “من بين 110 مؤلفًا باللغة العربية تمت ترجمتها إلى الإسبانية، هناك 76 مؤلف لكتاب من الرجال و34 من النساء.”
ما سبب هيمنة المترجمات الغربيات على قطاع الترجمة من العربية إلى الانجليزية، رغم وجود عدد كبير من المترجمات العربيات المهمشات؟ ألا يعتبر نقل أصوات الكاتبات العربيات عن طريق مترجمات غربيات تهميشا مضاعفا لأصوات النساء العربيات؟ أعتقد أن هناك نزعة فوقية من قبل الغرب بالتعامل مع كتابات النساء العربيات، واهمال متعمد للكتابات النسوية المتحررة، و التركيز بشكل مبالغ به على نماذج القمع بالمجتمعات العربية، لارضاء نزعة تفوق المرأة الغربية على العربية. ألا توجد ثغرات ثقافية بترجمات الغربيات لمصطلحات و تعابير محلية عربية، و هل هي قادرة على نقل صوت الكاتبة العربية، بدون اضفاء نبرة استعمارية و أمومية حانية عليها لارضاء عقدة التفوق عند بعض القراء والقارئات الغربيات؟ ما سبب تركيز المترجمات الغربيات على ايصال أصوات الرجال العرب، و تهميشهن لأصوات الكاتبات العربيات بمجالات عديدة، رغم ادعاء أغلبهن بدعم النساء بشكل نظري فقط؟ ألا يمكن اعتبار موقف المترجمات الغربيات من الكاتبات العربيات جزءا لا يتجزأ من نظام ذكوري عالمي؟ أعتقد بضرورة البحث بسياسات الترجمة و النشر من منظور نسوي جديد.