أخبار وتقارير

كوفيد-19 يعرقل أحلام الشباب العربي بالدراسة في الخارج

يتسبب استمرار إغلاق الجامعات في أمريكا والدول الأوروبية ووقف حركة الطيران نتيجة لانتشار وباء كوفيد 19 في تغيير خطط آلاف الطلاب في المنطقة العربية، الذين يكانوا يستعدون للسفر واستكمال دراستهم العليا في الخارج الخريف القادم.

بيشوي مجدي زكي، 29 عاماً، طالب مصري وواحد من هؤلاء الذين تبدلت خططهم. إذ كان يستعد للسفر للولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر المُقبل للبدء في دراسة الدكتوراة بعد قبول أوراقه في ثلاث جامعات أميركية. لكن إجراءات الحظر الناجمة عن تفشي الوباء “أوقفت كل شئ،” على حد قوله.

قدم زكي، الذي نال درجتي بكالوريس الاقتصاد في جامعة القاهرة والماجيستير في السياسات العامة من الجامعة الأميركية، أوراقه لعدد من برامج منح الدكتوراة في أكثر من جامعة بالولايات المتحدة الأميريكية نهاية العام الماضي، لتقبله ثلاثة برامج دكتوراة يفاضل بينها حتى نهاية نيسان/ أبريل.

قال زكي في اتصال هاتفي “يبدو أن الجامعات تعاني مادياً، إذ رفضت إحدى الجامعات التي قبلت طلبي سابقاً بتأجيل المنحة للعام المُقبل، وخيروني بين البدء في الدراسة إلكترونياً  أو عدم الاستمرار في المنحة.” وأوضح زكي أن إدارة الجامعة أبلغته أنه في حال تعذر سفر الطلاب الدوليين في المواعيد المُحددة؛ فسيتم سحب التمويل المُخصص لهم بسبب الضغط المادي الناجم عن أزمة كورونا.

في المقابل، أبلغت الجامعتين الآخرتين زكي بإمكانية التأجيل للعام المُقبل، أو البدء في التعليم عن بعد هذا العام والسفر لاحقاً بعد استقرار الأوضاع والسيطرة على الوباء. لكن زكي يتمسك ببدء دراسة برنامج الدكتوراة في أميركا حتى لو اضطر للتأجيل للعام القادم.

قال “حلمي السفر والدراسة في الخارج وليس الدراسة من هنا على بعد.” موضحاً أن المنحة تتضمن إلى جانب الدراسة العمل كمساعد باحث مقابل أجر يساعده على تأمين مصاريفه الشخصية وهو ما سيفقده في حال قبوله البدء بالدراسة عن بعد.

كحال زكي، ترفض منة علي، 27 عاماً خريجة الجامعة الأميركية في القاهرة، التي كانت تستعد للسفر لبدء دراسة الدكتوراة بجامعة كولومبيا في نيويورك، استكمال الدراسة عبر الإنترنت.

قالت “توقفت كل إجراءات السفر بسبب الوباء، لم تراسلني الجامعة حتى اليوم بخصوص الخطط البديلة. مع ذلك، لا أرغب بالدراسة عبر الإنترنت. هذا يعني أنني سأفقد تجربة السفر والتعرف على زملاء من جنسيات أخرى، هذا جزء هام وأساسي في تجربة الدراسة في الخارج.”

تبدي علي تفهماً لعدم تواصل الجامعة معها حتى الأن. قالت “الوضع في الولايات المتحدة وتحديداً في نيويورك خطير، أعتقد أنهم عاجزون الأن عن فعل أي شي وينتظرون مثلي هنا لحين استقرار الأوضاع.”

وفي إجراء يجعل من إمكانية السفر للدراسة في الولايات المتحدة قريبا شبه مستحيلة، أصدرت سلطات الهجرة والجمارك بالولايات المتحدة قراراً يلزم الطلاب الأجانب بمغادرة البلاد في حالة إتاحة البرامج الجامعية الملتحقين بها على الإنترنت. ووفقاً لبيان صحفي، لن تصدر السلطات الأميركية فيزا للطلاب الملتحقين ببرامج متاحة بشكل كامل على الإنترنت للفصل الدراسي الذي يبدأ الخريف القادم، كما لن تسمح سلطات حماية الحدود والجمارك لهؤلاء الطلاب بالدخول للولايات المتحدة.

“حلمي السفر والدراسة في الخارج وليس الدراسة من هنا على بعد.”

بيشوي مجدي زكي
 طالب مصري

أحلام مؤجلة

على الرغم من أن الصيف هو فصل الاستعداد لعام دراسي جديد بالنسبة للطلاب الذين أنهوا للتو امتحانات الثانوية العامة، إلا أنه لا يبدو كذلك هذا العام.

قال سامي الأحمد، مؤسس منصة مرجع المتخصصة بالإعلان عن الفرص الدراسية في الخارج، “هناك تغير واضح في سلوك الطلاب. فعوضاً عن إنشغالهم بمراسلة الجامعات وملء طلبات التأشيرات، يسيطرعليهم القلق حيال إمكانية السفر فعلياً للخارج بأمان ومتابعة دراستهم التي طالما حلموا بها.”

يعتقد الاحمد أن عدم إعلان العديد من الجامعات  على أسلوب الدراسة المعتمد الفصل القادم وهل سيتم التحول كلياً للدراسة عبر الإنترنت أم لا هو سبب رئيسي في عدم قدرة الطلاب على إتخاذ قرار الدراسة في الخارج، بالإضافة إلى العوامل اللوجستية الأخرى المتوقفة حاليا والمتعلقة بالتقديم على تأشيرات السفر وحجز الطيران.

قال الأحمد “التقدم بطلب للحصول على تأشيرة للسفر هو عملية تفصيلية تتطلب وثائق كثيرة حول التعليم والوضع المادي والصحي. لقد جعلت شروط الإغلاق هذه المهام صعبة التنفيذ، خاصة في ظل تأخير موعد عقد امتحانات الثانوية العامة في العديد من الدول العربية.”

من جهة أخرى، يعتقد الأحمد أن عدد الطلاب القادرين على الدراسة في الخارج على نفقتهم الشخصية أيضاً في تراجع “نظراً لتأثير الوباء على الوضع المعيشي والاقتصادي للكثيرين.”

يتفق عبد القادر حمدوني، أستاذ الرياضيات في الجامعة التونسية، مع الأحمد حول تأثير انتشار الوباء على مستقبل الكثير من الطلاب في تونس والمنطقة العربية.

قال “كل شئ متوقف الآن ومؤجل حتى إشعار أخر، الامتحانات والقبول الجامعي وتاشيرات السفر وهذا يضع الطلاب وذويهم في حيرة كبيرة. لا يوجد معلومات كافية تطمئن على الوضع الصحي ولا توضح فرص الدراسة المتاحة.”

برامج حكومية مجهولة المصير

يلقي فيروس كوفيد-19 بظلاله أيضاً على برامج الابتعاث الحكومية بما فيها الخاصة بدول الخليج والمعروفة بسخائها. إذ أعلنت بعض الدول تأجيلها للعام المقبل، بينما لم تتخذ دولا أخرى قراراً نهائياً بهذا الشأن.

كل شئ متوقف الآن ومؤجل حتى إشعار أخر، الامتحانات والقبول الجامعي وتاشيرات السفر وهذا يضع الطلاب وذويهم في حيرة كبيرة. لا يوجد معلومات كافية تطمئن على الوضع الصحي ولا توضح فرص الدراسة المتاحة.”

عبد القادر حمدوني
 أستاذ الرياضيات في الجامعة التونسية

ففي سلطنة عُمان، تم الإعلان عن إيقاف البرنامج الوطني للدراسات العليا للعام الأكاديمي المقبل 2020-2021 لمدة عام واحد، على أن يتم استغلال فترة الإيقاف “لتقييم البرنامج وجدوى مخرجاته والنظر في بدائل الابتعاث للدراسات العليا بما يتفق مع الظروف المالية للحكومة.”

قال خلاف الأبري، أستاذ مساعد بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، “تم فتح التقديم، وتقدم الطلاب وفرزت الطلبات، لكن الحكومة أعلنت مؤخراً إيقاف البعثات لمدة عام لدراسة الوضع وتقييمه.”

في قطر، تم الإعلان عن إغلاق باب التسجيل للبعثات حتى إشعار أخر.

أما في مصر والإمارات السعودية، فالتقديم على برامج المنح الحكومية مازال متاحاً أمام الطلاب. لكن مواعيد البت بالطلبات وإعلان النتائج وتحديد السفر مازالوا غير واضحين.

قالت كاميليا صبحي، ئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات بوزارة التعليم العالي المصرية، “الأوضاع عالمياً ما زالت تحت الدراسة. لدينا لجان تم تشكيلها لدراسة الأوضاع تفصيلياً ونتفاوض مع الجامعات في الخارج لدراسة الموقف وخلال شهر على الأكثر ستتضح الرؤية.”

تعتقد صبحي أن الوقت مبكراً بالنسبة للطلاب الجدد خاصة وأن الامتحانات النهائية تم تأجيلها في العديد من الدول كما أن مواعيد بدء العام الدراسي الجديد لم تحدد بعد وغالباً ما سيتم تأخيرها أيضاً في ظل استمرار انتشر الفيروس.

مع ذلك، لا يشعر الكثير من الطلاب بالإطمئنان.

قال بندر السوييط، خريج كلية الهندسة بجامعة جدة الحكومية،”حصلت على قبول لدراسة الماجستير في الهندسة الميكانيكية في الولايات المتحدة الأميركية ضمن برنامج الابتعاث الحكومي. لكنني قلق وأخشى أن تتسبب الظروف الراهنة بتعليق البرنامج مؤقتاً.” مشيراً إلى أنه لا يملك وسيلة للتواصل مع الجامعة.

قال “لا أملك سوى الانتظار.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى