في شهر آذار/ مارس، أظهر مقطع فيديو انتشر سريعًا سائق سيارة أجرة مصري يطرد راكبًا صينيًا من سيارته على طريق سريع في القاهرة بسبب مخاوف من احتمالية أن يكون الرجل مصابًا بفيروس كورونا الجديد.
عكس ذلك الحادث وصم الناس من الصين أو أولئك الذين يحملون ملامح صينية في أعقاب جائحة كوفيد-19.
في الأيام الأولى لظهور أولى الحالات المؤكدة للإصابة بالفيروس في الصين، عجّت وسائل التواصل الاجتماعي بنظريات لتفسير أصل الفيروس، وغالبا ما ربطتها بثقافة الطعام الصينية.
السرد مقابل الواقع
لم تكن هذه المواقف مفاجأة بالنسبة لعلماء الأنثروبولوجيا، الذين يدرسون المجتمعات والسلوك والثقافات البشرية.
قال تشارلز إل. بريغز، رئيس جمعية الأنثروبولوجيا الطبية في الولايات المتحدة وأستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، “الأوبئة موجودة على نطاق واسع ومعقد بيولوجيًا وسريريّا واجتماعيًا وجغرافيًا، بحيث يصعب على أي شخص فهمها. لذلك يميل الناس إلى تكوين رواية معينة للوباء بشكل سريع للغاية تدور غالبًا حول نقطة أصل متوقعة.”
على الرغم من أن هذه الروايات نادرًا ما تعكس معرفة وبائية، إلاّ أنها تنتشر على نطاق واسع وغالبا ما تحدد وباءًا بعينه. ومن بين الأمثلة على ذلك الكوليرا التي انتشرت في القرن التاسع عشر، والتي كانت تعرف باسم “الكوليرا الآسيوية”. إذ ساهم ربط المرض بالهند في وصم البلاد لسنوات. وبذات الطريقة، عندما ظهر فيروس إنفلونزا جديد، المعروف بالإنفلونزا أي (H2N2) في شرق آسيا عام 1957، عُرف الوباء الذي تسبب فيه باسم “الأنفلونزا الآسيوية”.
مظهر من مظاهر انعدام المساواة
لا يعتبر الوصم النتيجة الوحيدة لهذه الروايات. يشرح بريغز أن هذه الروايات تخلق إطارًا يمكن أن يجعل الناس يرفضون العوامل الكامنة التي تساعد في تشكيل طريقة تفشي الوباء، مثل السكان، وتقديم الرعاية الصحية والموارد التي يمتلكها الناس.
قال بريغز “تعمل الأوبئة عمل الأشعة السينية لكشف انعدام المساواة في المجتمع. مثلما تبدو هذه التفاوتات جزءًا طبيعيًا من المجتمع، فجأة، وفي ظل الوباء، غالبًا ما تؤدي هذه التفاوتات إلى معدلات مختلفة للغاية من الإصابة والوفاة.”