أخبار وتقارير

كوفيد-19 يهدد مستقبل الجامعات الدولية في دبي

دبي – تواجه فروع الجامعات الدولية في دبي، التي تحتضن أكبر عدد من هذه المؤسسات الأكاديمية، مستقبلًا غامضًا في أعقاب جائحة كوفيد-19.

إذ تضطر الجامعات إلى تقديم حوافز مالية للطلاب وإظهار مرونة بشأن معايير قبول خريجي المدارس الثانوية الذين ألغيت امتحاناتهم هذا العام بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات وانخفاض معدلات التحاق الطلاب.

تأتي نسبة كبيرة طلاب الفروع الجامعية الـ 17 من دولة الإمارات العربية المتحدة، وغالبًا ما تصل نسبتهم إلى 90 في المئة. مع ذلك، يأتي عدد كبير من الطلاب من دول أخرى في المنطقة، ولاسيما الهند وباكستان، مع تزايد عدد القادمين من الدول السوفيتية السابقة وأفريقيا أيضًا.

تضاءل عدد الجامعات في السنوات الأخيرة، إذ سبق وأن وصل عددها لأكثر من 25 جامعة. تركز العديد من الجامعات على عدد محدود من العروض الأكاديمية، بما في ذلك الطلب المتزايد على برامج إدارة الأعمال.

تجتذب الفروع الجامعية من قبيل جامعة أميتي الهندية وجامعة هيريوت وات الاسكتلندية وجامعة مردوخ الأسترالية الطلاب الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الدراسة في الخارج أو الذين تفضل أسرهم إبقائهم بالقرب من منازلهم في دبي. وكثيراً ما يكون هؤلاء الطلاب من العمال الأجانب من الهند وباكستان، ويجد الكثير منهم أنفسهم في وضع مالي محفوف بالمخاطر بعد التخفيضات واسعة النطاق في الرواتب وخسائر الوظائف التي تسبب فيها وباء كوفيد-19 في الإمارات.

تكاليف جامعية إضافية

تعمل جامعة مردوخ في دبي منذ ثماني سنوات، ولكن التعليم أصبح متاحًا عبر الإنترنت فقط منذ أوائل آذار/ مارس، عندما أمرت حكومة الإمارات العربية المتحدة المدارس والكليات والجامعات بإغلاق أبوابها أمام الطلاب. بذلك، كان لدى الجامعة أربعة أيام فقط لإعتماد تدريس البرامج عبر الإنترنت.

أنفقت الجامعة مؤخرًا عدة ملايين من الدولارات لإنشاء حرم جامعي جديد في حديقة المعرفة بدبي، وهو موقع أقرب إلى المركز من حرمها السابق في المدينة الأكاديمية على حدود المدينة. وقد أصبح هذا الاستثمار الضخم خاليًا الآن وقد يظل كذلك لبعض الوقت بينما تضع الحكومة لوائح تدريس جديدة. في غضون ذلك، تتحمل الجامعة نفقاتها المعتادة وتضطر إلى إنفاق المزيد على التعلم عبر الإنترنت والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وعُرض النطاق الترددي للإنترنت.

قال جيمس تروتر، عميد جامعة مردوخ ورئيسها الأكاديمي في دبي، “يمكن أن يكون ذلك مكلفًا جدّا، على الرغم من أن التكنولوجيا السحابية تخفف من العبء المالي إلى حد ما.”

“تكاليفنا ثابتة حتى حدٍ معين – تكلفة معينة للمكان، وتكلفة معينة للموظفين – وهذا ثابت سواء أكنت تدرّس خمسة طلاب أو 20 طالبًا.”

جيمس تروتر
 عميد جامعة مردوخ ورئيسها الأكاديمي في دبي

يعتقد تروتر أن الإيجارات مرتفعة في دولة الإمارات الخليجية، حيث تصل إلى ملايين الدولارات كل عام، ولا يزال الحرم الجامعي يعاني من تكاليف الصيانة والمرافق وتكاليف الموظفين، بالإضافة إلى زيادة تكاليف التنظيف بسبب الإجراءات الصحية الجديدة.

حتى إذا كانت جامعة مردوخ قادرة على فتح الفصول الدراسية في الخريف، فمن المتوقع أن تنخفض السعة بشكل حاد، خاصة في مجالات مثل مختبرات الكمبيوتر، ومن المتوقع اعتماد مزيج من التدريس في الحرم الجامعي والتعليم عبر الإنترنت.

قال تروتر موضحًا “تكاليفنا ثابتة حتى حدٍ معين – تكلفة معينة للمكان، وتكلفة معينة للموظفين – وهذا ثابت سواء أكنت تدرّس خمسة طلاب أو 20 طالبًا.”

على الرغم من ارتفاع تكاليفها، فقد اعترفت الجامعة بالتحديات المالية التي يواجهها أولياء الأمور حاليًا من خلال تقديم منحة دراسية بنسبة 10 بالمائة لجميع الطلاب. كما أنشأت صندوق معاناة للأسر التي فقدت وظائفها.

في أيّار/ مايو، آخر فترة قبول للطلاب الجدد، شهدت جامعة مردوخ انخفاضًا بنسبة 50  في المئة في العدد النموذجي للطلاب الذين بدأوا الفصل الدراسي الجديد. حتى الآن، يبدو أن التحاق الطلاب في فصل الخريف أفضل، بحسب تروتر، على الرغم من أنه بالنسبة للعديد من الجامعات الدولية، يمثل حالة من الجلوس والانتظار.

بخلاف الجامعات الاتحادية، تخضع فروع الجامعات الدولية لهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، التي تجري فحوصات مراقبة الجودة السنوية لضمان توافقها مع الحرم الجامعي الأم. ويعني هذا أيضًا غياب وجود دعم مالي من الحكومة لحماية المؤسسات خلال هذه الأوقات الصعبة.

الجانب المشرق للوباء 

تحاول الفروع الجامعية إيجاد إيجابيات في هذه الظروف غير المسبوقة. يتوقع الكثير أن يكون الطلاب الجامعيين المحتملين في الإمارات أقل حرصًا على الدراسة في الخارج في العام المقبل، مما يوفر فرصًا للجامعات في دبي.

قال تروتر “حتى لو تم رفع القيود المفروضة على السفر، سيشعر الكثير من الأشخاص بعدم الارتياح بشأن إرسال أبناءهم للدراسة في الخارج بسبب استمرار الوباء. عليه، إذا تمكنوا من الحصول على شهادة دولية مع إبقاء أولادهم هنا في الإمارات العربية المتحدة، سيكون بالهم أكثر راحة فضلاً عن تقليل بعض التكاليف.”

لا يزال الطلاب الجدد يمتلكون فرصة الذهاب إلى حرم جامعة مردوخ في أستراليا أو فروعها في سنغافورة أو ميانمار، إذا أرادوا ذلك.

يأمل عمار كاكا، رئيس جامعة هيريوت وات في دبي، في أن تتمكن الجامعة من اكتساح الطلاب الذين كانوا سيَدرسون في الخارج في ظروفٍ مغايرة، ولاسيما المهتمين بالمملكة المتحدة، مع توافر الحافز الذي يمكنهم من الذهاب لاحقًا إلى برامج هيريوت وات في اسكتلندا.

“أطاحت إجراءات السلامة ضد الوباء بنموذج الأعمال الثاني بين عشية وضحاها، حيث لا يستطيع الطلاب الدوليون السفر في المستقبل المنظور. وبدلاً من ذلك قد يبحثون عن خيارات في بلدانهم الأصلية الآن، على الرغم من أن القصة قد تكون مختلفة بالنسبة لمعظم الجامعات المرموقة.”

مارفن إرفورث
 رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة القاسمي لأبحاث السياسة في رأس الخيمة

يقول كاكا إن المرونة كانت أساسية هذا العام. بينما تستعد الجامعة لمزيد من تقديم الدروس عبر الإنترنت، زادت تكاليفها أيضًا، ولكنها مع ذلك قدمت حوافز مالية للطلاب. خلال شهر رمضان، قدمت منحة دراسية بقيمة حوالي 2,200 دولار لجميع الطلاب وأنشأت صندوقًا لرفع المعاناة. يقول كاكا إن الجامعة تمتلك حرمها الجامعي الذي تم تصميمه لهذا الغرض، ولذلك يقل اهتمامها بالإيجار، لكن التكاليف لا تزال مرتفعة.

أما بالنسبة للعام المقبل، فيقول أنه وبينما تصل طلبات تقديم الطلاب عام بعد عام، فإن القبول يكون أبطأ، بسبب التأخير في امتحانات إنهاء الدراسة الثانوية أو الاعتماد على الدرجات المتوقعة. قال، “فيما يتعلق بالالتزام والمدفوعات، نحن متأخرون قليلاً عن العام الماضي، لكننا نعتقد أن ذلك يرجع إلى أن العديد من النتائج ستظهر في تمّوز/ يوليو بدلاً من أيّار/ مايو.”

الاستدامة على المدى الطويل

تبقى الأسئلة بخصوص استدامة العديد من الفروع الجامعية في دبي قائمة. يعتقد كاكا أن حرم الجامعات الأصغر وتلك التي تعتمد على تسجيل أبناء الأسر منخفضة الدخل ستعاني، وسيكون الوضع أكثر وضوحًا بحلول شهر أيلول/ سبتمبر فقط.

يوضّح مارفن إرفورث، رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة القاسمي لأبحاث السياسة في رأس الخيمة، أن نموذج الأعمال في الفروع الدولية في دبي يعتمد عادةً على مجموعتين من المستهلكين: الطلاب المحليين والطلاب الدوليين. قال “أطاحت إجراءات السلامة ضد الوباء بنموذج الأعمال الثاني بين عشية وضحاها، حيث لا يستطيع الطلاب الدوليون السفر في المستقبل المنظور. وبدلاً من ذلك قد يبحثون عن خيارات في بلدانهم الأصلية الآن، على الرغم من أن القصة قد تكون مختلفة بالنسبة لمعظم الجامعات المرموقة.”

يعتقد إرفورث أن التحدي الآخر الذي يواجه الفروع الدولية، وجميع المؤسسات التعليمية في الواقع، يتمثل في تساؤل الطلاب عن دفع رسوم الدراسة في الحرم الجامعي بينما يتم تقديم الفصول عبر الإنترنت فقط. ويوضح أنه ومع المصاعب التي يواجهها المستهلكون، فإنهم يرون قيمة أقل في دفع الرسوم.

توافق مريم الشيخ، المستشارة الإستراتيجية المستقلة للتعليم العالي ونائبة المستشار السابقة لتسجيل الطلاب بجامعة أميتي في دبي، مع ذلك. قالت، “إذا كان الطلاب سوف يتعلمون عبر الإنترنت على أي حال، فإنهم سيفضّلون اختيار مزود ذو خبرة قوية في التعلم عبر الإنترنت وبإمكانه تقديمه بأسعار معقولة.”

https://www.bue.edu.eg/

قال إرفورث”بالنسبة للجامعات الدولية، قد يكون أسوأ سيناريو هو أن البعض قد لا تتوافر لديهم السيولة المالية للبقاء طوال فترة الوباء وتراجع النشاط في هذا القطاع مقارنة بالماضي، إلى جانب التحدي المتمثل في ضرورة إعادة التموضع في السوق.”

آفاق المستقبل

يعتقد إرفورث أن تنويع مجموعة الدورات المقدمة لتلبية الاحتياجات المحلية، مثل تحديات الأمن الغذائي والمائي أو محو الأمية باللغة العربية، سيعطي دبي ميزة تنافسية. قال “يتمثل سيناريو الحالة المثالية في أن العروض التعليمية … قد تكون أكثر توافقًا مع الاحتياجات الوطنية والإقليمية الناشئة، إلى جانب مناقشة أوسع حول دور التعليم العالي في تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.”

في هذه الأثناء، يقول سانجيف فيرما، رئيس شركة انتيليجنت بارتنرز للخدمات الاستشارية التعليمية، إن الفروع الجامعية في دبي يمكن أن تطمئن أولياء الأمور والطلاب على أن الإمارات العربية المتحدة واحدة من أكثر الدول في إجراء اختبارات كوفيد-19 في العالم، مما يجعلها وجهة أكثر أمانًا من دول مثل المملكة المتحدة، حيث كانت معدلات الوفيات مرتفعة. قد يخشى أولياء الأمور أيضًا إرسال أبناءهم إلى الولايات المتحدة، حيث تستمر الاحتجاجات ضد وحشية الشرطة والعنصرية. تمثل كل هذه الأمور فرصًا في سوق مليء بالتحديات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى