أخبار وتقارير

كيف تُقصي المدارس بعض الطلاب في المنطقة العربية

في جميع أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يُستبعد ملايين الأطفال والشباب من التعليم بسبب الجنس والدين والميول الجنسية والفقر والقدرة البدنية وغيرها من عوامل، بحسب تقرير رصد التعليم العالمي لعام 2020 الذي صدر حديثًا – بعنوان الإدماج: الكل يعني الكل.

يعاني الطلاب من ذوي الإعاقة من ممارسة شائعة في أرجاء المنطقة تتمثّل في فصل هؤلاء الطلاب في مؤسسات منفصلة. يوضح تقرير منظمة اليونسكو أن ثلاثة من أصل 22 دولة في المنطقة تمتلك قوانين مكتوبة تنص على فصل الأطفال من ذوي الإعاقة. يعتبر وجود الأطفال من ذوي الإعاقة في الفصول الدراسية عمومًا – وإن لم يكن دائمًا – من بين أفضل الممارسات التعليمية. “هناك عدم وضوح في هذه الجملة في الأصل الإنجليزي”

في هذه الأثناء، يقول الباحثون إن هناك انفصال بين السياسات والممارسة الواقعية. ففي لبنان، على سبيل المثال، يتم تجاهل قانون صدر عام 2000 يقضي بمنح الأشخاص من ذوي الإعاقة الحق في التعليم، بحسب التقرير. من الناحية العملية، يتم قبول الطلاب في المدرسة وفقًا لتقدير مسؤولي المدرسة، بما يمكنهم من إبعاد الأطفال المعاقين، وهو ما يقومون به بالفعل. يشير التقرير إلى أن البديل المتاح للأطفال يتمثل في مؤسسات متخصصة تديرها منظمات خاصة تمولها وزارة الشؤون الاجتماعية، وبعضها لا يحظى باعتراف  وزارة التربية والتعليم العالي.

قالت هناء عضّام الغالي، مديرة برنامج أبحاث التعليم والسياسات الشبابية في معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، “يمتلك مدراء المدارس صلاحيات كبيرة.”

وأوضحت أن أولياء الأمور قد لا يكونون على دراية بجميع حقوقهم وسيقبلون ما يقوله لهم مدير المدرسة بأنه لا مكان للطفل هنا أو عندما يطلب منهم بعض الأوراق كشرط مسبق للقبول في حين أن الأمر لا يتطلّب ذلك.

قالت “يميل المدراء للوم النظام المركزي في لبنان، لكن الواقع يوضّح أن للمدراء صلاحية كبيرة في كيفية إدارة المدارس …. هم من يتواجدون على أرض الواقع، وهم من يتخذ القرار بشأن كيفية تنفيذ هذه السياسات.”

وجد التقرير أن معظم دول المنطقة تجمع بين الإدماج في المدارس العادية، أي جمع الأطفال المعاقين مع بقية الأطفال، وبين وضعهم في مدارس منفصلة، المخصصة عادة للمتعلمين ذوي الإعاقات الشديدة. ففي العراق، على سبيل المثال، سمح قرار وزاري صدر عام 2011 من قبل وزارة التربية والتعليم بإنشاء فصول ومدارس خاصة بالطلاب “بطيئي التعلم أو ضعاف البصر أو السمع”. حتى العام 2019، كان هناك 1,325 مدرسة في العراق تضم فصول خاصة بالأطفال من ذوي الإعاقة، 107 مدرسة منها في المناطق الريفية.

https://www.bue.edu.eg/

قصص الاستبعاد

وجد الباحثون أمثلة مثيرة للقلق بخصوص الاستبعاد المباشر في البلدان العربية. ففي عُمان، على سبيل المثال، نصّ مرسوم وزاري لعام 2017 بعدم إمكانية قبول الطلاب ذوي الإعاقة، وخاصة الإعاقة البصرية والإعاقات الجسدية الأخرى، إلا في مدارس مجهزة تجهيزًا كاملاً. وفي المغرب، حيث يتم تكييف 17 في المئة فقط من المدارس للأطفال ذوي الإعاقة، يتم استبعاد بعض الشباب تمامًا من الفصول الدراسية. في جيبوتي، ينص قانون التعليم لعام 2000 بإمكانية إعفاء الأطفال ذوي الإعاقات الجسدية أو العقلية من التعليم الإلزامي.

“تعدني السلطات والجمعيات دائما بمساعدة أطفالي لكن كل ذلك أكاذيب. لا أحد يساعدني سوى بعض أفراد عائلتي وجيراني. تتجسّد مشكلتنا الكبيرة في السلطات والجمعيات المزيفة – إنهم يريدون فقط استخدام أطفالي للحصول على المال.”

حسين
 أب لطفلين من ذوي الإعاقة

يعرف حسين، والد طفل يبلغ من العمر 7 سنوات وفَتاتين توأم تبلغان من العمر 14 عامًا، المصابين جميعًا بمشكلة في الحبل الشوكي تسببت في إعاقتهم بدنيًا ومعاناتهم من صعوبات في التعلم، هذا الوضع جيدًا. ويقول إنه حاول مرارًا – وفشل – في أن يحصل أطفاله على بعض التعليم في مسقط رأسه في بلدة محاميد، في جنوب شرق المغرب.

قال، “تعدني السلطات والجمعيات دائما بمساعدة أطفالي لكن كل ذلك أكاذيب. لا أحد يساعدني سوى بعض أفراد عائلتي وجيراني. تتجسّد مشكلتنا الكبيرة في السلطات والجمعيات المزيفة – إنهم يريدون فقط استخدام أطفالي للحصول على المال.” ويرى أن المال يذهب إلى جيوب المسؤولين بدل تعليم أولاده.

مع ذلك، هناك جوانب مشرقة في المنطقة، إذ يشير التقرير إلى أن الاتصال بالأطفال ذوي الإعاقات الذهنية في مدرسة شاملة في المملكة العربية السعودية ولّد اتجاهات طلابية إيجابية تجاه الأطفال المعاقين.

قضايا الجندر

يشير التقرير إلى أن بعض القوانين والسياسات التي تجيز زواج الأطفال في جميع أنحاء المنطقة تقود في النهاية لاستثناء الفتيات من المدرسة. على سبيل المثال، لا تحدد الصومال والمملكة العربية السعودية واليمن الحد الأدنى لسن الزواج، بينما يُسمح للفتيات في السودان بالزواج في سن العاشرة. بمجرد زواج الفتاة، من النادر أن تذهب إلى المدرسة، إذ يتوقّع منها البقاء في المنزل ورعاية زوجها.

كما تفتقر بعض البلدان مثل موريتانيا لوجود مراحيض منفصلة للفتيات في المدارس، وهو عامل رئيسي في معدلات دوام الفتيات اللاتي بدأن الدورة الشهرية. في الأردن، توفر 36 في المئة فقط من المدارس مرافق صحية فعالة.

ومع ذلك، خطت بعض البلدان مثل المغرب خطوات كبيرة في معالجة مسألة الاستبعاد على أساس الجنس. ففي أوائل التسعينات، عاني المغرب من أعلى نسب الالتحاق غير المتكافئة بالتعليم العالي بحسب الجنس – بمعدل ثلاث نساء مقابل كل 10 رجال التحقوا بالجامعة. ولكن بحلول عام 2011، تضاعفت هذه النسبة وبعد ست سنوات، تمكّنت البلاد من تحقيق التكافؤ.

المزاج العام ليس إيجابيا للغاية تجاه المثليين – الاتجاه غير إيجابي مقارنة بالدول الأخرى أو المناطق الأخرى مثل أميركا اللاتينية. أود أن أقول بشكل عام، أن للعالم العربي وأفريقيا جنوب الصحراء مواقف سلبية للغاية تجاه مجتمع الميم، وأنهم ليسوا متسامحين أبدًا.”

جميل السالمي
 كاتب وخبير سابق في التعليم العالي بالبنك الدولي

الميول الجنسية: الموضوع المحرّم

في هذه الأثناء، يعاني الأطفال أو الشباب البالغين من المثليين  من وضعٍ صعب. وجد التقرير أن 57 بالمئة من الشباب المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية في المنطقة العربية يشعرون بعدم الأمان في المدرسة. لا يعتبر هذا الأمر مفاجئًا نظرًا لإمتلاك 31 دولة تقريبا قوانين ولوائح تقيد الحق في حرية التعبير عن التوجه الجنسي. يذكر التقرير إنه ومع شيوع مسألة قوانين الأخلاق في المنطقة، إلا أن القوانين الجديدة تجرّم أيضًا عبارات قبول أو دعم المثلية الجنسية.

يقول جميل السالمي، مؤلف وخبير سابق في التعليم العالي بالبنك الدولي، إنه ليس هناك شك في أن الإدماج القائم على التوجه الجنسي قد تخلّف عن التقدم الذي حققته الفتيات وذوي الإعاقة.

قال “المزاج العام ليس إيجابيا للغاية تجاه المثليين – الاتجاه غير إيجابي مقارنة بالدول الأخرى أو المناطق الأخرى مثل أميركا اللاتينية. أود أن أقول بشكل عام، أن للعالم العربي وأفريقيا جنوب الصحراء مواقف سلبية للغاية تجاه مجتمع الميم، وأنهم ليسوا متسامحين أبدًا.”

ساهم العربي لغفيري في إعداد هذا التقرير من محاميد/المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى