أخبار وتقارير

الأردن يطوّر اختباراً سريعاً للكشف عن فيروس كورونا

بعد تعثر كل أنظمة الرعاية الصحية في العالم في إجراء أكبر عدد ممكن من الاختبارات لتشخيص إصابة الأشخاص بفيروس كورونا الجديد (SARS-CoV-2)، الذي يسبب مرض كوفيد-19، يبدو أن لا مفر من نقص المعدات الضرورية. في محاولة للمساعدة، قام باحثون في الأردن بتبسيط عملية استخلاص المادة الوراثية الفيروسية باستخدام تقنية جديدة تجعل من اختبار فيروس كورونا يستغرق مراحل أقل مقارنة بالطرق التقليدية.

قال وليد الزيود، رئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية في الجامعة الألمانية الأردنية في عمان، “الأمر أسهل وأسرع. نحن نتحدث أيضاً عن اعتماد الأردن على الذات وسط النقص العالمي في توافر الاختبارات.”

تم إجراء البحث بالتعاون مع حازم حداد، رئيس قسم الجينوم الجزيئي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وقسم إدارة المخاطر الحيوية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وبدعم الجمعية الأردنية للمهندسين الوراثيين.

في الوقت الحالي، تبحث معظم الاختبارات عن وجود الشفرة الوراثية الخاصة بالفيروس داخل عينة ما – عادةً ما تؤخذ من مسحة من الأنف أو الحلق. لكن هذه الجينات الفيروسية محمية ومغلفة ببنية شبيهة بغشاء بدائي يُعرف باسم الغلاف الفيروسي، لذا تتضمّن إحدى المراحل الأولى لأي عملية اختبار استخراج الجينات وعزلها. عادة ما ينطوي هذا على عدة جولات من الطرد المركزي باستخدام مواد كيميائية ومرشحات ومحاليل مُنظّمة مختلفة لفصل المكونات المختلفة للعينة. هناك نقص في توفير بعض هذه المواد الكيميائية، مما يساهم في تأخير نتائج الاختبار.

قال الزيود “توصلنا إلى صيغة كيميائية يمكننا من خلالها فتح الغلاف بطريقة أرخص وأسرع. نقوم الآن بفتح الغلاف بمحلولنا، ثم نقوم بخطوة جهاز الطرد المركزي السريعة لبضع دقائق.”

جرب الزيود وزملاؤه هذه الطريقة الجديدة في عشر عينات في وزارة الصحة الأردنية، وتم تأكيدها لاحقًا بمقارنتها بالطريقة التقليدية القديمة. قال “كانت نتائجنا واعدة حقًا.”

“الأمر أسهل وأسرع. نحن نتحدث أيضاً عن اعتماد الأردن على الذات وسط النقص العالمي في توافر الاختبارات.”

وليد الزيود
 رئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية في الجامعة الألمانية الأردنية في عمان

إنجاز رائع

يتفق خبراء مستقلون مع ذلك بحذر. قالت سوسو زقير، الأستاذة المساعدة في علم الأحياء الدقيقة بجامعة قطر، والتي لم تُشارك في البحث، “تخلصوا من خطوة حاسمة للغاية في العملية، وهي عنق الزجاجة في الوقت الحالي. تغلبوا على عقبة تتسبب حاليًا في حدوث تأخيرات.”

لكن زقير تشير إلى ضرورة وجود تحقق أكثر صرامة قبل نشر أي طريقة جديدة. قالت “لا يمكنني التحدث عن الجودة بغياب تفاصيل كافية لتقييمها بشكل كامل حتى الآن.”

على وجه التحديد، ترغب زقير في رؤية المزيد من البيانات حول مدى حساسية الاختبار؛ هل يقود بشكل موثوق لنتيجة إيجابية حتى إذا كانت عينة الاختبار تحتوي على عدد صغير من الجسيمات الفيروسية فحسب؟ قالت “يبدو أنه ليس هناك حتى الآن ما يكفي للتحقق. حد الاكتشاف هو السؤال هنا، لكنني لا أقلل من شأن إنجازهم الرائع لحل المشكلة. وينطبق هذا على كل عالم حول العالم يحاول تحسين إجراءات الاختبار.”

لم يتم الإعلان عن الوصفة الدقيقة للصيغة، باستثناء الحديث عن كون المكونات رخيصة، لأن الزيود وزملاؤه يريدون تسجيل براءة الإختراع أولاً.

قالت رنا الدجاني، المرشدة السابقة للزيود ورئيسة جمعية تقدم العلوم والتكنولوجيا في العالم العربي وأستاذة بيولوجيا الخلايا الجزيئية في الجامعة الهاشمية في الأردن، “لا يتعلق الأمر بالأنانية والاحتفاظ بالأمر لنفسه. تخيل لو أعطوه مجانًا للعالم كله، لينتهي الأمر باضطرار الأردن إلى إعادة شرائه من الشركات الكبيرة.”

يراود زقير ذات الشعور. قالت “أدوات الفحص الموجودة باهظة الثمن وتصنعها شركات الأدوية لتحقيق الربح. من المهم ألا يتم استخدام ابتكار البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل مثل الأردن لتحقيق الربح في مكان آخر.”

عرض الزيود بالفعل التكنولوجيا على الحكومة الأردنية لاستخدامها مجانًا، ولكن لم تتم مناقشة تفاصيل مثل هذا الترتيب بالتفصيل بعد.

مؤخراً، خففت الحكومة الأردنية من إجراءات الحظر المتشددة بعدما تمكنت من احتواء انتشار الفيروس بصورة كبيرة. لكن المدارس والجامعات ما زالت مغلقة مع استمرار الحظر الليلي. حتى 6 أيار\مايو ، أفادت وزارة الصحة الأردنية أن المملكة شهدت 473 حالة إصابة مؤكدة بكوفيديد-19 . وقالت الوزارة إن 58 شخصاً يخضعون للعلاج ، بينما تماثل للشاء 377 وتوفي تسعة نتيجة المرض. (اقرأ التقرير ذو الصلة: إجراءات محاربة كوفيد-19 تزيد أعباء اللاجئين في الأردن).

التعامل مع النقص

تقول زقير إن معالجة النقص والقضايا الأخرى المتعلقة بالاختبار ستصبح ذات أهمية متزايدة مع تقدم الوباء. وسيسمح للبلدان بإدارة انتشار المرض حتى يتم تطوير لقاح فعال.

قالت “الاختبار مهم جدًا لفيروس جديد مثل هذا. من وجهة نظر الصحة العامة، نحتاج إلى معرفة كيفية انتشاره لأنه يساعدك على إدارة الأزمة قبل أن تتفاقم.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: تجاهل دور خبراء الصحة العامة في مواجهة وباء كورونا في العالم العربي).

يقول فادي الجردلي، أستاذ السياسات والنظم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت ومدير مركز ترشيد السياسات الصحية المتعاون مع منظمة الصحة العالمية، “كلما جمعت بياناتك بشكل أسرع، كلما زادت سرعة معالجة الجائحة.”

قالت زقير “كيف ستعرف الدول متى يتوجب عليها فرض أو رفع إجراءات الإغلاق.”

“كلما جمعت بياناتك بشكل أسرع، كلما زادت سرعة معالجة الجائحة.”

فادي الجردلي
أستاذ السياسات والنظم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت

لكن، بهدف تحقيق هذا النوع من الاستجابة المبنية على البيانات في الوقت المناسب، سيتوجب تحسين تقنيات الاختبار واللوجستيات وجعلها أرخص ومن ثم توسيع نطاقها. تقول الدجاني إن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك تتمثل في الابتكار والبحث، ويجب على المجتمع العالمي الاهتمام بالخبرات والتطورات في جميع أنحاء العالم، وليس فقط في البلدان ذات الدخل المرتفع.

قالت الدجاني “من الجيد أن يعرف العالم عن هذا التقدم الأخير في الاختبار لأنه يسلط الضوء على وجود علماء كبار في المنطقة يمكنهم القيام بأشياء جيدة. إذا نظرت إلى الكثير من الأخبار حول فيروس كورونا، فالأمر يتعلق فقط بما يحدث في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة . لا تحظى منطقتنا بالاهتمام الكافي مع ضرورة ذلك.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى