مقالات رأي

دعوة أكاديمية لتبني سياسات تدعم العائلات في مواجهة كوفيد-19

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم، أصبح وباء فيروس كورونا الجديد أكبر تحدٍ يواجه المنطقة العربية على المدى القريب. بالنسبة للعديد من العائلات، تعني عمليات الإغلاق المصممة لوقف انتشار كوفيد-19 تعطيل التعليم ورعاية الأطفال، والمشكلات الصحية المحتملة، والخسارة المحتملة لدخل الأسرة، وانعدام الأمن الغذائي والفقر.

ينبغي أن تتصدّر مسألة حماية مصالح الأسر، التي تقع تحت هذه الضغوط الإضافية أولويات سياستنا العاجلة. يجب ألا يدّخر صانعو السياسات أي نفقات لضمان تجهيز شبكات الأمان الاجتماعي بشكل كافٍ لتلبية احتياجات العائلات.

تعتبر المخاطر عالية بشكل خاص بالنسبة للنساء والأطفال. يمكن أن يكون لوباء كوفيد-19 عواقب سلبية على نمو الأطفال ورفاههم. فيما تضع القيود المفروضة على حرية الحركة والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة الأطفال في خطر متزايد من سوء المعاملة والإهمال والعنف، ناهيك عن تردّي الصحة العقلية والاستبعاد الاجتماعي.

تزيد البيئة الأسرية عالية الضغط من احتمالية التعرض للعنف المنزلي وسوء المعاملة التي يعاني منها الأطفال أو يلاحظونها، سواء في المنزل أو عبر الإنترنت. يؤدي قضاء المزيد من الوقت في المنزل حتمًا إلى زيادة الوقت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة التلفاز والشاشات. ويزيد هذا من احتمال التعرض لمشاهدة مواد الاعتداء على الأطفال عبر الإنترنت.

النساء والفتيات معرضات للخطر

بالإضافة إلى ذلك، تشير الأدلة المرويّة الأخيرة من مقاطعة هوبي الصينية، على سبيل المثال، إلى ارتفاع كبير في حالات العنف المنزلي ضد النساء والفتيات خلال أزمة كوفيد-19. ووفقًا لإحصاءات منظمة مناهضة للعنف المنزلي هناك، وقعت 90 بالمائة من حوادث العنف المنزلي ما بين كانون الثاني/ يناير وآذار/ مارس 2020 بسبب الوباء.

تشمل بعض المخاطر المحتملة على الأطفال التي تمت ملاحظتها في حالات تفشي الأمراض المعدية السابقة سوء المعاملة الجسدية والعاطفية، والتي يمكن أن تتخذ شكل تراجع الإشراف والإهمال؛ وزيادة إساءة معاملة الأطفال والعنف بين الأشخاص؛ ونقص إمكانية الوصول إلى خدمات حماية الطفل.

https://www.bue.edu.eg/

من المحتمل أن يؤدي الوباء أيضًا إلى حدوث ضائقات نفسية واجتماعية. من بين أشكال الكرب زيادة القلق بين الأطفال بسبب الوفاة أو المرض أو الانفصال عن شخصٍ يحبونه، بالإضافة إلى الخوف من الإصابة بالمرض. ربما يعاني الأطفال الذين يعانون من حالات صحية نفسية مسبقًا من تفاقم الأعراض.

يمكن أن يغيّر كوفيد-19 بسرعة السياق الذي يعيش فيه الأطفال. إذ يُعطّل إغلاق المدارس والقيود المفروضة على الحركة الروتين والدعم الاجتماعي بينما يضع أيضًا ضغطًا جديدًا على الآباء الذين قد يضطرون إلى إيجاد خيارات جديدة لرعاية الأطفال، أو التخلي عن العمل تمامًا.

بعيدًا عن التهديد المباشر بالتعرض للإصابة بالفيروس أو نشره، يشعر العديد من الآباء بالقلق من قدرته على تعطيل الأعمال الروتينية، وهناك شك متزايد في كيفية إنتهاء الوضع الراهن، حيث يكافح الآباء مع التعليم المنزلي والتعلم عبر الإنترنت والشعور الشديد بالقلق الناتج عن التباعد الاجتماعي.

يعتبر دعم الأسر في سعيها لمساعدة الأطفال على التعامل مع الإجهاد أثناء الوباء أمر في غاية الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات والمجتمعات تقديم خدمات الدعم للآباء والأطفال الذين يشهدون مجموعة متنوعة من المواقف الصعبة، بما في ذلك العنف الأبوي، والخلفية التعليمية السيئة، والفقر وإدمان المواد المخدرة.

من المرجح أن يشعر الأطفال الذين تم إلغاء دراستهم بعدم الاستقرار، خاصة وأن الأطفال ينتعشون من خلال الاستقرار والروتين، ويجب على الآباء توفير آليات تكيّف بديلة.

معنى جديد للتوازن بين العمل والحياة

في هذه الأثناء، يكافح الآباء لتحقيق التوازن بين العمل ورعاية الأطفال مع محاولة إخفاء مخاوفهم الخاصة. يسيء العديد من الآباء في جميع أنحاء المنطقة تفسير القلق باعتباره أحد أشكال المرض العقلي.

يعتبر دعم الآباء في هذا الإطار أمر بالغ الأهمية. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد برامج التربية والتعليم الإيجابية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى خيارات التدريب القائمة على الأدلة، في تعزيز المهارات اللازمة لإدارة سلوك الأطفال وتحسين نوعية الحياة الأسرية.

من المهم أن نفهم ونفكر في كيفية استمرار كوفيد-19 في توسيع إنعدام المساواة وزيادة تهميش الفئات الضعيفة في جميع أنحاء المنطقة العربية. وستستمر الفوارق مثل انعدام الأمن الغذائي وعدم كفاية الوصول الرقمي ونقص الخدمات الاجتماعية الحيوية إن لم تزدَد بفعل الأزمة.

ستتأثر الأسر ذات الدخل المنخفض بشكل غير متناسب لأنها تكافح من أجل البقاء في ظل نظام الرعاية الصحية، وإغلاق المدارس، واحتمال انخفاض فرص العمل، فضلاً عما سيجلبه الوباء من مخاطر اقتصادية إضافية للعمال ذوي الدخل المنخفض.

الحكومات الداعمة للأسر

يجب أن تكون حماية رفاهية الأسر الهدف الأول للحُكومات وصناع القرار خلال أزمة كوفيد-19. من خلال تزويد العائلات بالوقت والمعلومات والخدمات والموارد التي تحتاجها للتعامل مع الأزمة، يمكننا السيطرة على مشاكل لا تعد ولا تحصى.

حيثما يتوفر حيز للسياسات، يجب أن تكون الحكومات قادرة على تحقيق هذا الهدف من خلال نهج هجين. يجب تبني سياسات أسرية موجّهة في الوقت المناسب، بما في ذلك الإجازة المرضية المدفوعة والإجازة السنوية، والمساعدة الغذائية والتغذوية، والتأمين الصحي، وبرامج الإسكان الاجتماعي، واستحقاقات البطالة، والإعفاءات الضريبية المؤقتة، والتحويلات النقدية، وبدلات الأمومة والصحة العقلية.

يعتبر التوظيف وحماية الدخل، والإجازة مدفوعة الأجر لرعاية أفراد الأسرة، وترتيبات العمل المرنة والحصول على رعاية أطفال جيّدة في حالات الطوارئ من التدابير المهمة  التي يمكن أن تعطي الأسر الفرصة لحماية ورعاية أطفالهم وأقاربهم وأنفسهم.

توفير فرص الوصول إلى الخدمات والاستشارات

يعتبر دعم الأسر في سعيها لمساعدة الأطفال على التعامل مع الإجهاد أثناء الوباء أمر في غاية الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات والمجتمعات تقديم خدمات الدعم للآباء والأطفال الذين يشهدون مجموعة متنوعة من المواقف الصعبة، بما في ذلك العنف الأبوي، والخلفية التعليمية السيئة، والفقر وإدمان المواد المخدرة.

كم سيكلف هذا؟ هل يمكن لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحمل التكاليف؟ ستعتمد الإجابات جزئيًا على كيفية موازنة الحكومات بين مخاطر وتكاليف الوباء مقابل الكساد الاقتصادي.

نحن بحاجة إلى مشروع مارشال جديد لمساعدة العائلات. يجب على الحكومات في جميع أنحاء المنطقة أن تقود نهجًا للتضامن مع المجتمع بأكمله، بربط التدابير قصيرة المدى بسياسات طويلة المدى تعزز الأسر وتخفف من تأثير كوفيد-19.

أنيس بن بريك، أستاذ مشارك في كلية السياسات العامة بجامعة حمد بن خليفة في قطر.

Countries

‫2 تعليقات

  1. نعم نحن بحاجة الي دعم الاسرة وخاصة في هذة المرحله لحماية الاطفال وخاصة الاسر التي تعاني النزوح والتهجير والتي تعيش في مخيمات الإيواء وايضا الاطفال العالقين مع ابويهم في مراكز الهجرة الغير نظامية او في مراكز الاصلاح والتاهيل بمناطق النزاعات.. نعم انا مع الاستاذ انيس بانه علي الدول وضع مشروع جديد يربط سياسات خطط المدي القصير مع سياسات المدي الطويل لحل ازمة كوفيد 19وتساعد الاسر علي تخطيها..

  2. نعم نحن بحاجة الي دعم الاسرة وخاصة في هذة المرحله لحماية الاطفال وخاصة الاسر التي تعاني النزوح والتهجير والتي تعيش في مخيمات الإيواء وايضا الاطفال العالقين مع ابويهم في مراكز الهجرة الغير نظامية او في مراكز الاصلاح والتاهيل بمناطق النزاعات.. نعم انا مع الاستاذ انيس بانه علي الدول وضع مشروع جديد يربط سياسات خطط المدي القصير مع سياسات المدي الطويل لحل ازمة كوفيد 19وتساعد الاسر علي تخطيها..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى