أخبار وتقارير

خطط جديدة لدعم الفنانين ظل تفشي وباء فيروس كورونا

نظمت اتجاهات، وهي منظمة غير ربحية مقرها بيروت تدعم الفنانين السوريين داخل وخارج بلادهم، حدثًا كبيرًا في مدينة بوردو الفرنسية في بداية نيسان/ أبريل لعرض أعمال 35 فنانًا سوريًا في المنفى. لكن كان من الواجب تأجيل منتدى مينا: محطات عبور ولقاء فنية، ببرنامجه الغني على مدار ثلاثة أيام للفنون المرئية والتركيبية، والحفلات الموسيقية، وعروض المسرح والسينما، حتى تشرين الأول/ أكتوبر بسبب وباء فيروس كورونا الجديد.

في المقابل، تدير منظمة العمل للأمل، وهي منظمة غير ربحية مقرها بيروت تقدم برامج ثقافية للاجئين والمجتمعات المهمشة الأخرى، مدرستين للموسيقى في لبنان، في البقاع وشاتيلا، وتقدم برامج لمدة 16 شهرًا للشباب الموهوبين، بالإضافة إلى مدرسة سينمائية في البقاع وورشات لكتابة القصص والمسرح.

لكن، تم إغلاق كل شيء في الأسبوعين الماضيين.

في جميع أنحاء الشرق الأوسط، اضطرت مجموعة من المنظمات غير الربحية لدعم الفنانين والثقافة إلى إيقاف العديد من أنشطتها حيث تحظر البلدان التجمعات العامة وتبدأ في فرض التباعد الاجتماعي في محاولة لإبطاء انتشار فيروس كورونا القاتل.

تسعى المنظمات التي تقدم هذا الدعم، ومقرها بيروت، للتكيف مع الوضع الجديد وإيجاد طرق لمواصلة دعمها بأشكال جديدة.

إدامة الزخم

قالت هيلينا ناصيف، المديرة العامة للمورد الثقافي، وهي منظمة غير ربحية كبيرة قدمت العام الماضي 353 منحة لفنانين منفردين ومنظمات فنية وثقافية في جميع أنحاء المنطقة، “نحن في حوار مع زملاء من منظمات مختلفة لفهم ما يحدث في بلدان مختلفة.”

وأضافت “نحتاج لتجميع الموارد لدعم الفنانين والمنظمات التي تعاني من مصاعب. على الرغم من إلغاء معظم الأحداث الثقافية، إلاّ أننا نعمل أكثر الآن، وليس أقل. هذا يزيد من طاقتنا.”

من بين الردود الواضحة نقل الأنشطة إلى الإنترنت، حيثما أمكن ذلك. تعمل اتجاهات على تعزيز برنامج جديد من فصول رئيسية عالية المستوى باللغة العربية، وهي على وشك إطلاقه باسم “سُبُل”، لتحل محل ورش العمل المغلقة الآن. ستتناول السلسلة الأولى المؤلفة من ستة مقاطع فيديو على الإنترنت لمدة نصف ساعة الفنون الدرامية.

عبّر مشروع الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، وهو منظمة غير ربحية كبيرة أخرى مقرها بيروت وزعت 225 منحة في المنطقة العام الماضي، عن قلقه بخصوص كيفية إيجاد طرق للحفاظ على زخم برنامجها الثقافي لشمال إفريقيا، وهو مشروع كبير بدأ العام الماضي بدعم من مكتب التعاون السويسري لدعم الكيانات الثقافية وتعزيز التعاون الإقليمي في خمسة بلدان مغاربية

“نحتاج لتجميع الموارد لدعم الفنانين والمنظمات التي تعاني من مصاعب. على الرغم من إلغاء معظم الأحداث الثقافية، إلاّ أننا نعمل أكثر الآن، وليس أقل. هذا يزيد من طاقتنا.”

هيلينا ناصيف
 المديرة العامة لمؤسسة المورد الثقافي

تقول ريما مسمار، المديرة التنفيذية لآفاق، “نحن نحاول تحديد معالم المواعيد النهائية للمستفيدين لتحديد كيفية المضي قدما.”

الفنانون يواجهون صعوبات معيشية

لكن قادة المنظمات الداعمة للفنون يقولون إن الحاجة الأكثر إلحاحًا الآن تتمثّل في إيجاد طرق لمساعدة الفنانين المحاصرين في المنطقة، ومعظمهم مستقلون لا يتقاضون الرواتب ولا يستفيدون من التأمين الصحي أو شبكات الضمان الاجتماعي. مع إلغاء الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية والمسرحيات والإنتاج التلفزيوني والأنشطة الأخرى، شهد العديد من الفنانين والممثلين والموسيقيين انخفاض دخولهم إلى ما يقرب من الصفر.

من العرض المسرحي
من العرض المسرحي “الجانب الآخر من الحديقة” لفرقة كون المسرحية، التي أسسها المخرج السوري أسامة الحلال في لبنان. تلقت الفرقة الدعم من اتجاهات والصندوق العربي للثقافة والفنون.

في الوقت ذاته، مع تجميد النشاط الاقتصادي العام، فقد العديد من الفنانين وظائف جانبية، كحال أفراد الأسرة الآخرين الذين ربما كانوا يقدمون لهم بعض الدعم. يكمُن الخطر، بحسب الخبراء، في أن الفنانين، الذين تمكنوا من الصمود قبل الوباء، قد يضطرون للتخلي عن فنهم بشكل تام والبحث عن أعمال أخرى من أجل البقاء.

يقول عبد الله الكفري، المدير التنفيذي لمؤسسة اتجاهات، “لا تتمثل الأولوية الآن في دعم الإنتاج الفني، بل دعم الفنانين أنفسهم.” موضحاً أن بعض الفنانين غير القادرين على دفع الإيجار ومعرضون لخطر فقدان منازلهم. وربما لا يتمكن آخرون من الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة. قال “مع منظمات أخرى، نناقش كيفية تفادي خسارة مئات الفنانين في الأشهر المقبلة.”

تقول ناصيف، من المورد الثقافي، إن منظمة شريكة أجرت دراسة استقصائية في فلسطين ووجدت أن 117 فنانًا بحاجة إلى مساعدة عاجلة للبقاء على قيد الحياة هناك “في جميع أنحاء المنطقة لن يكون هناك أقل من 1,000 فنان بحاجة إلى دعم عاجل.”

يعمل مجلس إدارة منظمة العمل للأمل حاليًا على إعادة صياغة برنامج المجموعة السنوي لمواجهة الأزمة. وتقول مديرة المجموعة، بسمة الحسيني، إن ذلك يشمل اقتراحًا بتقديم “دعم نقدي طارئ لطلابنا وخريجينا في لبنان والأردن والعراق حتى يتمكنوا من مواصلة دراستهم ولا يتعين عليهم القيام بعمل يدوي.”

يشمل الاقتراح الآخر توفير التدريب والدعم المالي المتواضع للناس من المجتمعات النازحة والفقيرة التي يخدمونها، وخاصة الفنانين وأفراد أسرهم، للبدء بأعمال تجارية صغيرة في الحرف اليدوية والفخار وغيرها من المجالات ذات الصلة بالفنون.

قالت الحسيني “هناك العديد من النجارين والحرفيين في مجال الخشب في البقاع ممّن فقدوا عملهم الآن. نفكر في إنشاء برامج تدريبية في صنع الآلات الموسيقية. هناك سوق جيدة للآلات في المنطقة، ويمكن بيعها عبر الإنترنت.”

من ضمن المقترحات الأخرى، تدريب الفنانين الشباب وأفراد أسرهم على المهارات الرقمية، كإنشاء مواقع الإنترنت وأنواع مختلفة من التصميم، كمصادر محتملة للدخل.

“لا تتمثل الأولوية الآن في دعم الإنتاج الفني، بل دعم الفنانين أنفسهم.”

عبد الله الكفري
 المدير التنفيذي لمؤسسة اتجاهات

تحاول مؤسسة المورد الثقافي تقصير عملية اختيار المنح التنافسية “لأن الفنانين في حاجة ماسة”، بحسب ناصيف. تتحرك المجموعة أيضًا لتحويل صندوق طوارئ “كُن مع الفن”، الذي تم إنشاؤه في عام 2016 لدعم الفنانين المهددين بالنزاع أو القمع، لدعم الفنانين الذين تلاشت قدرتهم على العمل بسبب الوباء.

اتبعت بعض المجموعات نهجًا مختلفًا وقررت منح المتقدمين للحصول على المواعيد النهائية لمنحة الربيع مزيدًا من الوقت لإعادة صياغة مقترحاتهم. قالت مسمار، من الصندوق العربي للثقافة والفنون، “نحتاج في هذا الوقت إلى إظهار التضامن وأن نكون مرنين للغاية.”

حددت المجموعة فترة سماح مدتها ثلاثة أشهر للمتقدمين الذين يرغبون في إعادة ضبط مقترحاتهم. قالت “نحن بالتأكيد نشجع الجميع على التفكير في الخطة ب.”

كما قررت آفاق أيضًا زيادة استثنائية في حجم أموال المنحة التي يمكن أن تذهب لتكون رسوم للفنانين وتكاليف تشغيل المنظمات من 20 في المئة إلى 50 في المئة، في محاولة لدعم صمودهم في هذه الأوقات الصعبة.

يتضمن اثنان من برامج آفاق العشرة الرئيسية، ريادة الأعمال الفنية والثقافية والتصوير الوثائقي العربي، ورش عمل لمدة أسبوع.

قالت مسمار “إذا ما تبيّن بحلول شهر تمّوز/ يوليو أنه لن يكون في إمكاننا عقد أي ورش عمل في عام 2020، سننظر في تكييفها لتُقام بشكل افتراضي.” لكنها تضيف أنه قد لا يكون من المفيد عقد ورشة عمل تستمر خمسة أيام كاملة عبر الإنترنت. وبدلاً من ذلك، من المرجح أن تمتد ورش العمل على مدى عدة أشهر باستخدام برنامج كل أسبوع، مثل سلسلة محاضرات أو فصل دراسي رئيسي.

في الوقت ذاته، على الرغم من الخوف والعزلة، يتحدث قادة الثقافة عن ردود الفعل الإيجابية التي أحدثتها الأزمة. قالت ناصيف “كان رد فعل القطاع مبهرًا. جعل مئات الفنانين في جميع أنحاء المنطقة عملهم متاحًا مجانًا لمشاركته مع الجميع عبر الإنترنت وجعل الناس يشعرون بالاتصال بدل العزلة.”

كما أعطت البطالة القسرية للجمهور في المنزل الناس المزيد من الوقت لاستكشاف الفن والثقافة. بدعوة من مؤسسة المورد الثقافي، شارك عدد من الفنانين الذين تدعمهم المؤسسة في جلسات من الأسئلة والأجوبة حول عملهم على موقع فيسبوك.

اليوم، يضاعف من يدعمون هذا القطاع جهودهم لتوضيح أن الفن ليس ترفاً.

قالت مسمار “في وقت الأزمات، عادة ما يشعر الجميع أن في إمكاننا قطع الدعم عن الثقافة. لكني أود أن أطلق هذا النداء بأن هذا هو الوقت لدعم الفنون والثقافة.” مضيفة أن العديد من الأفكار التي ستساعد المجتمعات على فهم الأزمة ومواجهتها بشكل أفضل من المرجح أن تأتي أولاً، وبشكل أكثر أهمية، من الفنانين.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى