في مقدمة كتابه “القاهرة منذ عام 1900: دليل معماري“، كتب المؤرخ المعماري محمد الشاهد عن أمله في أن “يُلهم هذا الكتاب السكان والزائرين رؤية القاهرة في ضوء جديد”، وأن “يؤدي هذا إلى حماية بعض المباني المدرجة فيه والحفاظ عليها، من أجل المدينة وذاكرتها التاريخية.”
يعتبر الكتاب هدية لمحبي القاهرة، وإن كان هدية حلوة ممزوجة بالمرارة، لأنه يبرز بالطبع الخسارة المستمرة للكثير من التراث المعماري الحديث للمدينة.
نُشر الكتاب مؤخرًا من قبل مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة. الكتاب مُصمّم بشكل جميل، وهو أنيق وعملي كما هو حال العديد من المباني التي يوثقها. بحجمه الصغير وغلافه الورقي، يمكن حمله أثناء استكشاف المدينة. يضم الكتاب مقدمة واضحة وموجزة وغنية بالمعلومات، وملخّص صغير وخرائط توضّح موقع كل مبنى. يجمع الكتاب المباني حسب الحي ويوثّق كل منها بصفحة أو صفحتين من النصوص والرسوم التوضيحية.
حظي إنتاج الكتاب بدعم مؤسسة بارجيل للفنون وقام بتنفيذه فريق بحثي مكثف، بقيادة الشاهد، وهو مؤسس مدونة شاهد القاهرة Cairobserver. كان الشاهد أيضًا منسقًا لجناح “سخط الحداثة” المصري في بينالي لندن للتصميم في عام 2018 ومشروع المتحف المصري المعاصر في مصر عام 2017. ويقوم بالتدريس حاليًا كممارس مُقيم في جامعة نيويورك.
عاصمة هجينة ومتغيرة
تتراوح المباني الموثقة في “القاهرة منذ عام 1900” ما بين المعالم الشهيرة إلى أمثلة غير معروفة ولكنها مثيرة للاهتمام لممارسات معمارية معينة. تضم الأمثلة حدائق عامة وجسور ومساكن عمال ودور سينما وبنوك ومبانٍ سكنية كبرى ودور عبادة. ويوضح الكتاب المباني التي تم التخطيط لها ولكنها لم تُنفّذ على الإطلاق، والمباني التي تم هدمها، والمباني التي تم تغييرها بحيث لم يعُد في الإمكان التعرف عليها.
كتبت الباحثة الفرنسية مرسيدس فوليت في تقديمها للكتاب، “الغرض هو إظهار إمتلاك المدينة لمناظر حديثة أصيلة ذات قيمة بحد ذاتها. سيوافق الكثيرون على أن هناك حياة للعمارة الحديثة إلى جانب الأيقونات والبيانات المعمارية المعروفة”. لكن كشف حداثة القاهرة بشروطها الخاصة يتقاطع مع السرد القياسي للعمارة وتاريخ الفن في القرن العشرين، حيث يتم توفير مساحة قليلة جدًا للحداثة خارج الغرب.”