لطالما اشتهر لبنان بأنه أحد أكثر الدول العربية حرية. لكن في السنوات الأخيرة، تقول جماعات الحريات المدنية، إن حرية التعبير في لبنان تعرضت للهجوم حيث تستخدم السلطات بشكل متزايد قوانين التشهير الفضفاضة والمبهمة في البلاد في محاولة لخنق انتقادات للمسؤولين الحكوميين وغيرهم من الأشخاص النافذين.
يعتبر ناجي كرم، أستاذ علم الآثار المتقاعد الآن في الجامعة اللبنانية، مثالًا على ذلك.
فقبل حوالي عقد من الزمان، كان كرم يشعر بقلق عميق من أن تدمّر خطط إقامة العديد من المباني الشاهقة على موقع ميناء فينيقي من القرن الخامس إلى الرابع قبل الميلاد في بيروت موقعًا أثريًا ذا قيمة. لكن نداءاته إلى وزارة الثقافة لم تلقَ آذانًا صاغية.
وفي مقابلة تلفزيونية بُثت على الهواء مباشرة في شباط/ فبراير 2013، انتقد كرم وزير الثقافة آنذاك واتهمه بـ “سوء إدارة” التراث الثقافي للبلاد.
ردّ الوزير بتقديم شكوى تشهير ضد كرم، وتم استدعاء الأستاذ إلى عدة تحقيقات جنائية. وعند مغادرته أحد الاجتماعات، التفت محامي المُدعي إلى كرم في المصعد وسأله عما إذا كان يرغب في تسوية الأمر بالاعتذار للوزير.
يتذكر كرم قائلاً “قلتُ، لا، يجب على الوزير أن يعتذر للشعب اللبناني.”
في عام 2017، وجدت “محكمة المطبوعات” اللبنانية التي تسير بوتيرة بطيئة وتنظر في الشكاوى المتعلقة بوسائل الإعلام المكتوبة أو المسموعة، أن كرم مذنب بتهمة التشهير بسبب تعليقات مماثلة أدلى بها على موقع فيسبوك. في العام التالي، مع ذلك، نقض رئيس المحكمة الجديد هذا الحُكم وبرّأ كرم من جميع التهم.
في حكمه، كتب القاضي، “العدل والقانون لا يبرران إدانة أولئك الذين يشيرون إلى الفساد ويكشفونه بطريقة موضوعية.”
قيود على حرية التعبير
كانت نتيجة قضية كرم انتصارًا نادرًا لمواطن عادي متهم بالتشهير بمسؤول حكومي قوي، على الرغم من أن خطط البناء قامت في النهاية بتجريف الموقع الأثري، المعروف باسم ميناء الحصن، بهدف إقامة المباني الجديدة.
لكن نشطاء حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني يقولون إن السلطات اللبنانية كثفت في السنوات القليلة الماضية من استخدام قوانين التشهير لمعاقبة الصحافيين والناشطين وغيرهم ممن يتحدثون عن الفساد أو ينتقدون الافراد من ذوي النفوذ.
تتبع إجراءات التنفيذ هذه عادةً شكاوى المسؤولين الحكوميين أو قادة الأحزاب السياسية أو مديري البنوك أو المؤسسات الدينية.