أخبار وتقارير

دراسة جديدة تكشف تصدّر الإمارات لمشهد البحث العلمي في المنطقة العربية

فحص تحليل جديد ما يقرب من 40,000 ورقة أكاديمية نشرت باللغة الإنجليزية بأثر رجعي في جميع أنحاء العالم من قبل باحثين من دولة الإمارات العربية المتحدة بين عامي 1998 و2017 بهدف وضع مخطط للارتفاع السريع في عدد البحوث المُنتجة في هذا البلد خلال العقدين الماضيين. ارتفعت جودة البحث أيضًا، وفقًا لبعض المقاييس، ولكن بمعدل أبطأ بكثير.

قال سينثيل ناثان، النائب السابق لمستشار كليات التقنية العليا في أبو ظبي والمدير الإداري لشركة Edu Alliance، وهي شركة استشارية للتعليم العالي مقرها في الإمارات العربية المتحدة، “الإمارات ككل، ولاسيما دبي وأبوظبي، مصممة على الانتقال من مستهلك صرف للتقنيات إلى مبتكر للتكنولوجيا. كما تقف الرغبة في الابتعاد عن الاقتصاد الهيدروكربوني نحو اقتصاد المعرفة أيضًا وراء هذا النمو.” 

تفوق الإمارات على جيرانها

ليست الإمارات العربية المتحدة الدولة الوحيدة التي ترغب في تنويع اقتصادها من خلال البحث. إذ أن لدول الجامعة العربية الأخرى، وخاصة دول الخليج، أهداف مماثلة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: صعوبات تواجه إجراء بحوث تحلية المياه في المنطقة).

لكن الإماراتيين، وبحسب التحليل الأخير الذي نُشر في مجلة هيليون، متقدمون قليلاً عن بقية الدول العربية بمعدل نمو سنوي قدره 15 في المئة. وفي الوقت ذاته، شهدت دول مجلس التعاون الخليجي نموًا في إنتاجها البحثي بنسبة 12 في المئة سنويًا، فيما بلغ متوسط معدل النمو السنوي لدول الجامعة العربية 11 في المئة.

تم قياس مخرجات البحث من خلال العدد الإجمالي للأوراق المنشورة في المجلات التي راجعها الأقران في جميع التخصصات، بما في ذلك مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية.

يعتقد ناثان أن دولة الإمارات العربية المتحدة قامت ببعض الأمور بشكل جيد، وقد يساعد ذلك في تفسير تقدمها.

قال “الشيء الأبرز هو المال. حيث زاد التمويل بشكل كبير خلال العشرين عامًا الماضية. من الصعب الحصول على بيانات حول ذلك لكنهم ينفقون المال.”

لا يمكن نكران أهمية إنفاق الأموال على المختبرات السريعة ومباني الحرم الجامعي الجديدة فحسب، بل أن يُنفق المال على تقديم مكافآت للباحثين المنتجين. على سبيل المثال، يمكن أن يحصل أساتذة الجامعة الأميركية في رأس الخيمة الذين ينشرون أبحاثا في المجلات المحترمة على زيادة كبيرة في رواتبهم.

قال ستيفن ويلهايت، كبير المسؤولين الأكاديميين بالجامعة، “نحن نقدم، إلى جانب المؤسسات الأخرى، حوافز نقدية مباشرة. حيث يتلقى أعضاء هيئة التدريس الذين ينشرون في المجلات المفهرسة رواتب إضافية. تستخدم المنشورات في المجلات المفهرسة من قبل الشركات التي تنشئ تصنيفات عالمية للجامعات.

يعتقد ناثان أن الجامعات الأخرى في البلاد فعلت ذات الشيء. قال “تجعل ضغوط التصنيفات الجامعات هنا تسارع لإنفاق أموالها في مجال البحث.”

“الشيء الأبرز هو المال. حيث زاد التمويل بشكل كبير خلال العشرين عامًا الماضية. من الصعب الحصول على بيانات حول ذلك لكنهم ينفقون المال.”

سينثيل ناثان
 النائب السابق لمستشار كليات التقنية العليا في أبو ظبي والمدير الإداري لشركة Edu Alliance

تضع خوارزميات التصنيف البحث في موقع الصدارة. بحسب تصنيف التايمز للتعليم العالي لعام 2020، الذي صدر في أيلول/ سبتمبر، تعد جامعة الإمارات العربية المتحدة المؤسسة الأولى في البلاد، بعد أن أزاحت جامعة خليفة مؤخرًا عن هذا الموقع، وهي الآن ضمن فئة 301 إلى 350 بين المؤسسات العالمية. تتبع جامعة الإمارات الآن جامعات خليفة والشارقة والجامعة الأميركية في الشارقة. 

المال ليس كل شيء

تبدو العلاقة بين التمويل والأداء علاقة سهلة الإكتشاف، ولكنها ليست بالضرورة كل شيء في النهاية. يوضح ويلهايت قائلاً “لا يمكنك رمي المال على مشكلة ما وتتوقع أن يحلها بمفرده. بالطبع، المال مهم، يمكن إدراك هذا من دون أن نتحدث عنه.”

وأضاف “يعزى جزء كبير من الزيادة في عدد الأبحاث المنشورة إلى زيادة التنافس بين الجامعات في الإمارات العربية المتحدة. من أجل أن تكون قادرًا على المنافسة، عليك التركيز على التصنيف العالمي، وتعتبر الأبحاث عامل مهم للغاية في تصنيف أي جامعة.”

تعني رغبة الجامعات في رفع التصنيف العالمي أنه ليس بإمكان قادة الجامعات من أمثال ويلهايت الاعتماد على التدريس أو كمية البحوث التي يتم إنتاجها كوسيلة لقياس الأداء فقط. قال “أصبحت إنتاجية البحوث جزءًا من التخطيط الاستراتيجي في جامعتي، لكنني أقول إننا نحاول التركيز على كل من الكمية والنوعية لأن المخرجات البحثية لا تعتبر مهمة بالنسبة للتصنيفات فحسب. الأمر يتعلق أيضًا بالاقتباس من تلك الأوراق وعامل التأثير في المجلة التي يتم نشر هذه الأوراق فيها في نهاية المطاف.”

تشير البيانات إلى أن الجامعات الأخرى في البلاد قد تحتاج إلى الاهتمام بذلك أيضًا.

وبينما كان هناك ارتفاع كبير في عدد الأوراق المُنتجة من قبل الأكاديميين في المؤسسات الإماراتية، إلا أن عدد الأبحاث المنشورة في المجلات ذات التأثير العالي لم يزد إلا بمعدل سنوي قدره 2.6 في المئة، بحسب الورقة المنشورة في مجلة هيليون. بمعنى آخر، نادرًا ما يستشهد باحثون آخرون بالارتفاع الملحوظ في عدد الأبحاث أو نادرًا ما يتم نشرها في مجلات أكثر غموضًا والتي يقرأها عدد أقل من الأكاديميين. 

“يعود جزء كبير من الزيادة في عدد الأبحاث المنشورة إلى زيادة التنافس بين الجامعات في الإمارات العربية المتحدة. من أجل أن تكون قادرًا على المنافسة، عليك التركيز على التصنيف العالمي، وتعتبر الأبحاث عامل مهم للغاية في تصنيف أي جامعة.”

ستيفن ويلهايت
 كبير المسؤولين الأكاديميين في الجامعة الأميركية في رأس الخيمة

التخصص عامل مساعد

في سعيها لإيجاد اقتصاد قائم على المعرفة، كان للحكومة على المستويين الاتحادي والمنفرد في كل إمارة استراتيجية تتمثل في اختيار التركيز على عدد قليل من مجالات البحث المحددة، بحسب ناثان. وقد ساعد ذلك في زيادة عدد الأبحاث بشكل عام لوجود عدد أكبر من الباحثين في مجال معين، والمزيد من الفرص المتاحة للتعاون.

قال ناثان “الإمارات العربية المتحدة دولة صغيرة وكان عليها اللحاق بالركب على جبهة البحث. لكن عندما يتعلق الأمر بمجال بحث جديد وناشئ مثل الذكاء الاصطناعي، فلا يتعين عليهم اللحاق بالركب كثيرًا لأن الجميع بدأوا من نقطة متساوية بشكلٍ أو بآخر. لذلك، أصبح المضي قدمًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات استراتيجية وطنية.”

https://www.bue.edu.eg/

تدعم البيانات كلام ناثان. إذ لوحظ وجود نمو في البحوث في جميع المجالات، ولكن ليس بقدرٍ متساوٍ، حيث نمت البحوث الطبية وبحوث علوم الحياة بمعدل 10 في المئة سنويا، لكن أبحاث علوم الكمبيوتر توسعت بنسبة 26 في المئة سنويا.

 تسهيل إقامة الباحثين في الإمارات 

رحّب الكثيرون بالإصلاحات الأخيرة لنظام الهجرة كوسيلة لتشجيع الأكاديميين على البقاء في البلاد ومتابعة أهدافهم البحثية طويلة الأجل، بحسب ناثان. ففي العام الماضي، أعلنت الحكومة ما تسميه تأشيرة “الإقامة الذهبية” للعلماء والمتخصصين في الفن والثقافة. تستمر التأشيرة الجديدة لمدة عشر سنوات ويتوقع أن تكون عملية تجديد واضحة بهدف الوصول فعليًا إلى الإقامة الدائمة.

قال ناثان “في العام الماضي وحده، منحت الإمارات هذه التأشيرة لـ 2,000 شخص على الأقل. هذا أمر مهم لأن الباحث يحتاج إلى الشعور بالأمان بمعرفة أن في إمكانه التواجد في مكان واحد لفترة طويلة من الوقت لتحقيق شيءٍ ما حقا وإجراء البحوث المثيرة للإعجاب.”

يعتقد ناثان أن هذا مثال على سياسة عملية يمكن تكرارها في دول أخرى في العالم العربي تسعى للاحتفاظ بالمواهب الأجنبية لمدة تتجاوز البضع سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى