أخبار وتقارير

مشكلات الباحثين في المنطقة العربية تتجاوز مسألة التمويل

ملاحظة المحرر: يأتي التقرير أدناه كجزء ضمن مجموعة من خمسة تقارير حول العقبات التي يواجهها الباحثون في الدول العربية. يمكن للقراء الوصول إلى جميع التقارير في هذه الصفحة.

ليس بإمكان المال وحده تذليل العقبات التي يواجهها الباحثون في المنطقة العربية، وهي عقبات محبطة للغاية إلى درجة أن غالبيتهم يرغبون في الهجرة.

في استطلاع أجرته الفنار للإعلام عبر الإنترنت شمل 650 باحثًا وباحثة من المنطقة العربية، قال 91 في المئة إنهم يفضلون الهجرة من البلد الذي يعملون فيه.

يمثل ضَعف التمويل العقبة الأولى التي أشار إليها المستطلعة أراؤهم في المسح الإلكتروني، وهي شكوى ربما يتشاركون فيها مع باحثين آخرين حول العالم. في الواقع، قال 84 في المئة من الباحثين العرب الذين شملهم الاستطلاع أنهم اضطروا إلى إنفاق أموالهم الخاصة على أبحاثهم. بالإضافة إلى ذلك، قال ما يقرب من نصف الباحثين إنهم لا يمتلكون اتصال إنترنت موثوق في مؤسساتهم، وقال 52 في المئة إنهم لا يتوفرون على حرية الوصول إلى المجلات الأكاديمية الحالية.

حتى في الدول الغنية بالنفط والتي تشكل مجلس التعاون الخليجي والتي أغرقت العلماء بالدعم المالي، قال 81 في المئة من الباحثين إنهم يفضلون العمل في أماكن أخرى بحثًا عن مزيد من الحرية الأكاديمية وفرص مهنية أكبر.

لا تبشّر الرغبة القوية وواسعة الانتشار في الهجرة بين الباحثين العرب بالخير بالنسبة للبلدان العربية التي ترغب في بناء “اقتصاديات المعرفة” أو إنشاء جامعات قادرة على المنافسة عالميًا. قال عبد الحميد نشاد، الاقتصادي في المدرسة العليا للتجارة والتسيير في الدار البيضاء، الذي كتب عن هجرة الأدمغة في المغرب، “تحتاج المنطقة إلى رأس مال بشري لتحسين مواطن الضعف لدينا والتغلب عليها في مجالات الصحة والتعليم والتكنولوجيا.”

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

 التمويل ليس كل شئ

إلى جانب مشاكل التمويل، يواجه الباحثون العديد من العوائق اللوجستية. إذ يحتاج علماء الاجتماع، على سبيل المثال، للحصول على موافقات لإجراء استطلاعات أو بحوث ميدانية معتمدة من قبل الحكومات الأمر الذي يستغرق شهوراً أو سنوات، هذا إذا ما تمت الموافقة عليها في الأصل.

something didnt work here

كما يواجه العاملون في المنطقة العربية في صعوبة الحصول على إذن مؤسسي وحكومي لإجراء البحوث وصعوبة السفر لحضور المؤتمرات الدولية والعمل مع باحثين دوليين.

تعمل نجوى البدري أستاذة للعلوم الطبية الحيوية في مركز التميز للخلايا الجذعية والطب التجديدي في مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وهو معهد أبحاث مستقل في ضواحي القاهرة أسسه الكيميائي المصري الأميركي أحمد زويل – أول عربي والمصري الوحيد الذي يفوز بجائزة نوبل في هذا المجال.

تعتقد البدري التي تبحث في نماذج مرضية لـ “الطب الشخصي” إن الضغط من أجل النقود يجعل التقدم أبطأ من المعتاد في مجال سريع التقدم مثل هندسة الأنسجة. لكنها تقول إنها تعاني أيضًا من نقص عام في الدعم الإداري وتأخير دائم في الحصول على لوازم المختبرات وفي صرف الأموال المتاحة.

على سبيل المثال، قد تكون الأنشطة الروتينية مثل تبادل الطلاب صعبة في مصر، كما أن التعاون مع الباحثين الدوليين “مثقل في مجال الطب الحيوي [في مصر] بسبب القيود المفروضة على تبادل الأنسجة، وخاصة خارج مصر، والقوانين صارمة للغاية فيما يتعلق بإرسال الخلايا إلى الخارج، بحسب البدري.

يبدو أن القيود المتعلقة بتدفق العينات أو معدات المختبر عبر الحدود مشكلة شائعة في المنطقة. فحتى الباحثين الذين يعملون في مؤسسات متميزة نسبيًا ذات جداول رواتب جيدة، وإمكانية وصول قوي إلى الإنترنت، وسهولة الوصول إلى المجلات الأكاديمية، يعبرون أحيانًا عن احباطهم.

قال باترا ديجامبارا، الأستاذ المشارك في الكيمياء في الجامعة الأميركية في بيروت، “تجعلنا البيروقراطية والعادات اللبنانية في بعض الأحيان نشعر بالتعثر. من الصعب الحصول على مواد كيميائية أو عينات بيولوجية من المتعاونين من الخارج، [و] في كثير من الأحيان تتلف العينات بسبب غياب الرعاية المناسبة أثناء التخزين.”

https://www.bue.edu.eg/

يقول ديجامبارا إن العينات قد تتأخر لعدة أيام أو أسابيع في انتظار النقل، مما قد يجعل من المستحيل على الباحثين اللبنانيين المواكبة مع الباحثين الدوليين.

“العمل الإداري يستنزف وقت الأكاديمي ويأخذه بعيدًا عن عمله البحثي، خاصةً العمل ذي الطبيعة المعقدة، وسط نقص الموارد البشرية المؤهلة بشكل كاف.”

ملفي الرشيدي
الأستاذ المساعد في إدارة الأعمال بجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية

أما الباحثين من لبنان ومصر والجزائر فيقولون إن الضرائب المرتفعة والرسوم الجمركية تعني أن معدات البحث يمكن أن تكلفهم مرتين أو ثلاث مرات أكثر من الأسعار التي يفرضها المصنعون الأصليون – ويمثل هذا ضغط على ميزانيات الأبحاث المتواضعة بالفعل.

 الحاجة لثقافة البحث 

تقول رنا الدجاني، عالمة الأحياء الجزيئية والأستاذة المشاركة في الجامعة الهاشمية في الأردن وزميلة رادكليف في جامعة هارفارد، “برأيي، لا يمثل التمويل التحدي الرئيسي للباحثين العرب. يتمثل جذر المشكلة في البيئة التي لا تدعم ممارسة العلوم.”

يبدو أن الفساد والافتقار إلى الحماس الإداري للبحث فضلاً عن البيروقراطية – وهو مصطلح جامع يشمل كل شيء من الخطوط الحمراء وحتى الميل الهرمي الضار لتفضيل الرضا عن النفس وممارسة الرقابة على التفكير الإبداعي – يصيب غالبية المؤسسات العربية، بحسب المستطلعة آراؤهم والباحثين الذين التقتهم الفنار للإعلام بشكل منفصل.

كتب أحد المستطلعة آراؤهم في الدراسة، والذي طلب عدم استخدام اسمه، يشكو من التمييز ضد الباحثين المبتدئين، “التسلسل الهرمي يقتل البحث. يجب أن يمنع النظام الأساتذة من إساءة استخدام مساعديهم. يجب أن تمنح الحرية للباحثين.”

قال 37  في المئة ممّن شملهم الاستطلاع على المستوى الإقليمي إن السبب في رغبتهم في مغادرة المنطقة يتمثل في الهروب من الفساد والبيروقراطية. وكانت هذه النسبة أعلى في العديد من البلدان، بما في ذلك الجزائر ومصر والعراق والأردن.

يشكو بعض الباحثين من كون ربط المكافآت والترقيات بتدريس المواد الهامة وعدد الدراسات المنشورة بدلاً من جودة البحوث قد خلق مناخًا يقوّض الأبحاث الرائدة بشكل كبير.

قالت الدجاني “الكثير منهم عالقون داخل حلقة من الرغبة في الترقية والحصول على راتب أفضل، وهذا كل شيء. الترقية هي الهدف، وليس القيام بالعلوم، لذا فهم يقومون بالحد الأدنى للحصول على الترقية.”

something didnt work here

قال 55 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أن النساء يمكن أن يواجهن صعوبة بالغة في محاولة النجاح مقارنة بالباحثين من الذكور في الدول العربية.

تقول وفاق عدنان، الأستاذة المساعدة في الاقتصاد بجامعة نيويورك أبوظبي، إن مفهوم الجامعة البحثية- نموذج شائع في الغرب – لا يزال جديدًا في العالم العربي. وترى عدنان، التي بدأت حياتها المهنية في إحدى الجامعات الاتحادية في الإمارات العربية المتحدة، إنها كانت تشعر بالقلق إزاء بطء وتيرة إنتاج البحوث في الجامعة الحكومية، مما دفعها إلى الانتقال إلى حرم جامعة نيويورك.

قال مالوري سترايدر روبرتس، الأستاذ المساعد في الفيزياء في جامعة نيويورك أبو ظبي، “في الوقت الحالي، تؤكد معظم الجامعات هنا على التدريس أكثر من البحوث، وهو ما يمثل تحديًا للأكاديميين الذين يحاولون التنافس مع أفضل الجامعات في البلدان الأخرى حيث يكون البحث محورًا رئيسيًا للكلية.”

على الرغم من أن الإشارات إلى “العصر الذهبي” للإسلام في الماضي غالبًا ما يتم الاحتجاج بها، يرى غسان عنتر، أستاذ الفيزياء في الجامعة الأميركية في بيروت، إن الشرق الأوسط المعاصر لم يتوجّه أبدًا نحو البحث.

يقول يامين بودهان، باحث المعلومات والتكنولوجيا في الجزائر، إن مسؤولي الجامعة لا يبالون كثيراً بدعم البحوث في بلده. قال”ليس هناك دعم جدي.” وأضاف أن الأبحاث الجيدة غالبًا ما يتم أرشفتها ونسيانها.

تقول عدنان في أبو ظبي أن انتشار الجامعات في العالم العربي “ليس مفاجأة لأي شخص يعرف أن الغرض من معظم الجامعات العربية هو توفير التعليم العالي لمواطنيها.”

 واقع متغير 

وفقًا لعدنان، فإن هذا الواقع آخذ في التغير، حيث بدأت المؤسسات القائمة على أساس إقليمي على غرار الجامعات الأميركية في تبني سياسات مختلفة. على سبيل المثال، في جامعة نيويورك أبوظبي ، تقول، “يمثل البحث أولوية رئيسية ولجميع أعضاء هيئة التدريس تمويل أساسي للبحث مُدمج في عقود عملهم.”

قالت عدنان إن هذا يخلق بيئة بحثية بوجود ضغط مستمر للنشر في المجلات عالية الجودة ومواكبة نظرائهم الدوليين.

قال نضال قسوم، أستاذ الفيزياء الفلكية في الجامعة الأميركية بالشارقة في الإمارات العربية المتحدة، “أدرك المسؤولون أن التصنيف الجامعي يتطلب إنتاج البحوث. لذلك، أصبحت الأموال متوفرة أكثر من ذي قبل، وأصبح البحث غير مشجع فحسب بل مطلوب أيضًا.”

“يجب أن يكون لكل جامعة قسم موارد منح خاص بها لتدريب الباحثين على كتابة طلبات المنح وإدارة التمويل عند وصوله.”

رنا الدجاني
 عالمة الأحياء الجزيئية والأستاذة المشاركة في الجامعة الهاشمية في الأردن

تقول عدنان إن بعض الجامعات التي تتخذ من الخليج مقرًا لها تقدم الآن الدعم لكتابة مقترحات المنح وإدارة ميزانيات المنح، وهو نوع من الهيكل الإداري الذي تعتقد الدجاني، من الأردن، أنه يجب على كل جامعة عربية اعتماده.

قالت الدجاني “يجب أن يكون لكل جامعة قسم موارد منح خاص بها لتدريب الباحثين على كتابة طلبات المنح وإدارة التمويل عند وصوله.”

قال ملفي الرشيدي، الأستاذ المساعد في إدارة الأعمال بجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية، “العمل الإداري يستنزف وقت الأكاديمي ويأخذه بعيدًا عن عمله البحثي، خاصةً العمل ذي الطبيعة المعقدة، وسط نقص الموارد البشرية المؤهلة بشكل كاف.”

بينما يمكن العثور على اتجاهات مشتركة، تظل المنطقة منقسمة حول حجم الأبحاث التي يتم دعمها.

في بلدان مجلس التعاون الخليجي، أدى طموحهم في التنافس مع المؤسسات الأوروبية والأميركية ذات الثقل إلى زيادة الاستثمار في الأبحاث.

تعد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية هذا العام المعهد البحثي العربي الأول والوحيد الذي يظهر ضمن أفضل 100 مؤسسة عالمية لمؤشر نيتشر Nature، وهو مؤشر سنوي يسلط الضوء على المؤسسات التي تهيمن على البحوث في العلوم الطبيعية. وقد أقام مركز العلوم غزير الإنتاج أيضًا تعاونًا مع بعض من أفضل الجامعات في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.

يقول غسان عنتر، عالم فيزياء في الجامعة الأميركية في بيروت، إنه من السهل إلقاء اللوم على النزاع المسلح، لكن الفساد الداخلي والاختلاس يلحقان أضرارًا أكبر بالبحوث (الصورة: غسان عنتر).
يقول غسان عنتر، عالم فيزياء في الجامعة الأميركية في بيروت، إنه من السهل إلقاء اللوم على النزاع المسلح، لكن الفساد الداخلي والاختلاس يلحقان أضرارًا أكبر بالبحوث (الصورة: غسان عنتر).

في دولة الإمارات العربية المتحدة، أدى إصلاح مماثل في البنية التحتية للأبحاث إلى إفساح المجال أمام التطلعات البحثية الجديدة، مثل أبحاث الفضاء التي تتضمن مشاريع ذات صلة بملايين الدولارات على كوكب المريخ، مثل خطة طموحة لإرسال مسبار إلى الكوكب الأحمر.

قالت لولوة الكندي، مساعدة الباحث في جامعة نيويورك أبوظبي، التي تبحث في مواضيع مثل وميض أشعة غاما الأرضية، ورشقات من الإشعاع الكهرومغناطيسي العالي الكثافة في الغلاف الجوي للأرض، “إجراء البحوث في الفضاء أمر جديد نسبيًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتالي لا يوجد الكثير من المساهمين، لكن الحكومة تشجع طلاب الجامعات على ممارسة مهنة في مجال الفضاء.”

 جذب المهاجرين للعودة

كما نجحت بعض المؤسسات العربية في إقناع العلماء العرب الذين غادروا المنطقة على العودة. إذ عاد طارق عبدون، أستاذ الهندسة المدنية، من الولايات المتحدة الأميركية لبناء مختبر حديث في أبو ظبي  بعد أن ظل بعيدًا عن المنطقة لأكثر من 23 عامًا. قال عبدون “كنت أبحث دائمًا عن فرصة للعودة”، ويصر على أن العديد من الباحثين العرب الذين غادروا ما زالوا يحلمون بفرصة للعودة وخدمة بلدانهم الأصلية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: طبيب لبناني: إيقاف هجرة العقول ممكن).

يقرّ ليث جمال أبو رداد، أستاذ سياسة الرعاية الصحية والأبحاث في كلية وايل كورنيل للطب في قطر، بأن العديد من الدول في المنطقة، مثل قطر ودول الخليج الأخرى، قد بنت “عمليات علمية ذات معنى” وحصلت على موارد سخية للبحث، ولاسيما في مجال العلوم التطبيقية.

حذر أبو رداد قائلا “يجب أن يكون هذا الالتزام ثابتًا ودائما مع مرور الوقت. لا يمكن أن ينمو العلم في بيئة من عدم اليقين.”

يود العلماء العاملون في العلوم الأساسية تذكير المسؤولين بأنه من غير الكافي إجراء عمليات شراء معدات باهظة الثمن لمرة واحدة أو نشر بيانات صحفية تعلن عن أهداف مبهرجة. إذ أن النجاح في البحث عملية دائمة، كما يقولون، تتطلب المثابرة والصبر والاستثمار طويل الأجل للسفر وصيانة المعدات ودعم الموظفين.

من بين المشكلات التي تعترض طريق العديد من الباحثين المقيمين في الخليج قيود التأشيرة والعقود قصيرة الأجل.

قال بانسي نعوموف، الأستاذ المشارك في الكيمياء وقائد فريق بحث بجامعة نيويورك أبو ظبي، “لدينا الكثير من الأفكار الأصلية، والكثير من التنوع في مخرجات البحوث وخلفيات الباحثين. تمثل مخرجات بحوث الفريق 67 في المئة من إجمالي منشورات الكيمياء في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2016، وفقا لمؤشر نيتشر.

“لدى العديد من دول العالم مراكز للتجارب السريرية تستخدمها شركات الأدوية والأجهزة لتجنيد المرضى. لكن، لا يمكننا القيام بذلك في العديد من البلدان في العالم العربي.”

محمد الشاذلي  
طبيب القلب والأستاذ المساعد في الطب في كلية وايل كورنيل في قطر

يبحث فريق نعوموف في مواد ذكية وجمع تمويل يتجاور الـ 3.6 مليون دولار. لكنه يقول إنه يواجه تحديات تتعلق بالتأشيرات والتصاريح الأمنية، وهي قضية شائعة في دول الخليج، وفي أماكن أخرى في المنطقة العربية، حيث يقول نعوموف، “تتأثر مجموعة الباحثين التي نوظف منها بهذه القيود.”

يقول العلماء إن عدم وجود وكالات تنظيمية يمكنها الإشراف على التجارب السريرية وفقًا للمعايير الدولية يجعل من المستحيل إجراء أبحاث حول تطوير الدواء.

قال محمد الشاذلي، طبيب القلب والأستاذ المساعد في الطب في كلية وايل كورنيل في قطر، “لدى العديد من دول العالم مراكز للتجارب السريرية تستخدمها شركات الأدوية والأجهزة لتجنيد المرضى. لكن، لا يمكننا القيام بذلك في العديد من البلدان في العالم العربي. إنهم لا يسمحون بتجارب تدرس العقاقير أو الأجهزة التجريبية. هذا هو السبب في عدم قدرتنا على المساهمة بشكل حقيقي في اكتشاف العقاقير أو تطوير أجهزة بطرق مبتكرة.”

 البحث في بلدان الصراع

في البلدان المتورطة بعمق في نزاعات عسكرية مثل سوريا وليبيا واليمن، أو في العراق الذي يتعافى من سنوات الصراع، أصبح وضع الباحثين أكثر يأسًا. قالت إقبال دعقان، عالمة الكيمياء الحيوية اليمنية، “لقد أثرت الحرب في اليمن بشكل سيء على حياتنا كبشر وباحثين. يجعل الافتقار إلى الأمن ونقص الأموال وانقطاع الكهرباء وندرة المياه إجراء البحوث مستحيلاً”. انتقلت الباحثة بسبب ذلك إلى جامعة أغدر في النرويج.

تتجه بلدان مثل لبنان، التي كانت مستقرة نسبيًا ، إلى حالة من عدم اليقين.

قال عماد باتريك سعود، أستاذ تربية الأحياء المائية في الجامعة الأميركية في بيروت، “في لبنان، نحتاج إلى الاستقرار السياسي، والإعفاءات الضريبية من أجل البحث، والتواصل مع الجامعات التي تمولها الحكومات، وتقليل المحسوبية والفساد. بخلاف ذلك، سوف يذهب أي شخص لديه فكرة جيدة إلى الغرب.”

كان الاضطراب السياسي بمثابة فكرة لاحقة للباحثين الآخرين. من السهل إلقاء اللوم على النزاع المسلح، كما يقول عنتر، الفيزيائي في الجامعة الأميركية في بيروت، لكن الفساد الداخلي والاختلاس يلحقان المزيد من الضرر بالبحوث.

في المقابلات، شدد الباحثون أيضًا على أن الدول العربية بحاجة إلى استيعاب المعرفة الناتجة عن البحث. قال أبو رداد في تعليقه على مناخ الأبحاث في الشرق الأوسط، “نحتاج لاستخدام البحوث لإحداث تأثير في المجتمع. غالبًا ما يكون القطاع العام في المنطقة، مثل الحكومات، غير قادرًا على استيعاب الناتج العلمي واستخدامه بشكل فعال.”

يقول عبدون، من أبو ظبي، إنه لا ينبغي على الباحثين العرب الذين يمتلكون اتصال بالإنترنت بالضرورة المضي في الشكوى من قلة الوصول إلى المعرفة، أو ندرة المؤتمرات في المنطقة العربية. وأخبرنا وهو يضحك عن تطوير أدوات بالتعاون مع شخص لمدة أربع سنوات دون أن يتقابلا وجهاً لوجه على الإطلاق. قال، “التقيته للمرة الأولى في الميدان عندما كنا نختبر الأداة. لن يمنعك وجودك في المنطقة من معرفة ما يحدث في مجالك، لا يحدث هذا في الوقت الراهن.”

يعمل عبدون وزملاؤه على تطوير بوابة تعليمية على شبكة الإنترنت للمهندسين الجيوتقنيين الجامعيين الموجودين في الجامعات البعيدة – وهو أمر يسعى لجلبه إلى العالم العربي.

يعتقد عبدون، الذي يعمل أيضًا أستاذًا في معهد رينسيلار للفنون التطبيقية في نيويورك، أن بيئة البحث أفضل الآن عما كانت عليه قبل 20 عامًا عندما بدأ بالعمل. ويعتقد أن في إمكان الباحثين العرب الحصول على تمويل دولي.

قال عبدون “تتطلع معظم وكالات التمويل لتمويل البحوث التطبيقية، على سبيل المثال.”

وأضاف “من أجل إجراء بحث ذي مغزى ومفيد، عليك أن ترى ما تحتاجه صناعتك،” مضيفًا أن البحث الجيد يمكن أن يكون له تأثير كبير على اقتصاد البلد. يتوجب على الباحث السعي وراء بحوث ذات الصلة بالمجال، وهو أمر سيستفيد منه الشارع، ويلي ذلك السعي وراء المال والاعتراف.”

ساهم بنجامين بلاكيت و طارق عبد الجليل في كتابة هذا التقرير.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى