مقالات رأي

اليمن محور مهرجان لأفلام حقوق الإنسان

في البداية، نشاهد مجموعة من الأطفال يلعبون كرة القدم على أحد السطوح، بينما تنسحب الكاميرا بعيدًا، ندرك أن السقف مائل، ويقف بزاوية شديدة الانحدار فوق مبنى مُدمّر في تعز في اليمن. إنها صورة للدمار والفرح وجمالٍ غريبٍ من نوعه.

يقول الراوي في الفيلم القصير كيرم الذي يعرض هذا المشهد، “لقد خسرنا الكثير لكننا الآن نحاول ألا نخسر المزيد.”

تم عرض هذا الفيلم كجزء من مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان الذي استمر من 7 إلى 12 كانون الأول/ ديسمبر في عمّان. تنظم المهرجان جمعية معمل 612 الثقافية الأردنية بدعم من وزارة الثقافة الأردنية والأمم المتحدة والعديد من السفارات الأوروبية وغيرها.

احتفل المهرجان – الذي يعرض أفلامًا قصيرة وروائية وخيالية ورسوم متحركة من جميع أنحاء المنطقة – بدورته السنوية العاشرة هذا العام. في الكلمة الافتتاحية، قالت سوسن دروزة، مديرة المهرجان، إن الأفلام تسمح لنا “بالإطلاع على حياة إخواننا من البشر” وأن “نشهد وجهات نظر بعضنا البعض ونشعر بألم بعضنا البعض”، وهذا يمكن أن يمثّل قوة للتغيير الاجتماعي الإيجابي.

في وقت سابق من هذا العام، نُظمت نسخة من المهرجان لأول مرة في اليمن، بالتعاون مع مجموعة اليمن ستنتصر غير الحكومية. تم التخطيط لنسخة أخرى هناك في عام 2020، وشمل الحدث الذي أقيم في عمّان عرضًا للأفلام اليمنية ومناقشات مع بعض المخرجين.

في الفيلم الوثائقي اليمني اللجوء الأخير، يحصل بطل الفيلم على شهادة طبية مزيفة وينطلق في رحلة بالحافلة لمدة يومين إلى المطار الوحيد العامل في البلاد، على أمل السفر وإجراء مقابلة عمل – لكن جواز سفره يعتبر غير نافذ. كما يتخيّل فيلم روائي قصير مخترعًا يمنيًا شابًا قادرًا على نقل نفسه بعيدًا عن وجوده المرتبط بالحرب. وشملت الأفلام الأخرى الاحتفال بالحب والحرية بين الأطفال، وقصة حرب مجرّدة يظهر فيها رجلين مفقودين في الصحراء؛ وتجربة شابة تعيش خارج اليمن وتفكر بقلق في وطنها؛ والتفكير في كيفية رؤية اليمن واليمنيين من قبل العالم اليوم، بعنوان مثير للشفقة.

وضّح لي محمّد موسى، مخرج هذا الفيلم، أن التصوير في اليمن يتطلب تدريب الممثلين وطواقم الأفلام أولاً. وقال إنه ليست هناك مدارس أفلام في البلاد، لكن هناك الكثير من المواهب. لا توجد دور سينما أيضًا، لكن يمكن عرض الأفلام في قاعات خاصة، على الرغم من الانقطاع المتكرر للكهرباء الذي يمثل تحديًا للعروض.

ويمكن أن يكون التصوير نفسه خطيرًا وصعبًا. حيث قال بأن الناس يستجيبون لوجود طاقم تصوير فيلم بإحدى طريقتين. “بعض الناس يشعرون بالخوف: من أنتم، ما الذي تصورونه؟ قد تتسببون لنا بمشكلة أخرى جديدة. أمّا المجموعة الأخرى فستضحك وتتساءل فحسب، “لماذا تصنع فيلمًا في اليمن؟ هل أنت منتج أميركي كبير؟ لا فائدة من القيام بذلك هنا.”

المخرجون اليمنيون خلال جلسة نقاشية مع جمهور المهرجان. (الصورة:مهرجان كرامة).
المخرجون اليمنيون خلال جلسة نقاشية مع جمهور المهرجان. (الصورة:مهرجان كرامة).

قدر ناصر المنج، رئيس اليمن ستنتصر، أن منظمته دربت حوالي 70 من المخرجين الطموحين في السنوات الثلاث الماضية.

قال “نحن نشجع صناع الأفلام والفنانين اليمنيين على مواصلة عملهم على الرغم من محدودية الموارد والمعدات، لإيصال صوتهم.”

كما تدعم المجموعة صناع الأفلام الذين يخرجون فيلم للمرة الأولى بمنح صغيرة. يركز المانحون الدوليون بشكل مفهوم على الأزمة الإنسانية في اليمن، بحسب المنج، لكن منظمته تقول إن “الفن والثقافة مهمان حقًا. نحن بحاجة لمنح هؤلاء الشباب الأمل.”

في نهاية العروض السينمائية اليمنية في عمّان، كان هناك نقاش حيوي تناول ما إذا كانت من مسؤلية صانعي الأفلام نقل صورة أكثر إيجابية وأقل بؤسًا عن بلدهم أو ما إذا كان ينبغي أن تهدف أفلامهم إلى تعبئة الجماهير.

تباينت الآراء بخصوص ذلك، لكن أحد المخرجين الشباب أجاب، “المشكلة أن الناس لا يعرفون شيئا عن الحرب في اليمن. لا يمكن أن توقف أفلامنا الحرب. الخدمة التي تقدمها لليمن هي سرد بعض قصصه – قصص سعيدة أو حزينة. لكن مهمتي تنتهي بانتهاء الفيلم.”

كان عرض اليمن مجرد جزء صغير من مهرجان كرامة، الذي قدّم بمجموعة واسعة من الأعمال تضمنت، على سبيل المثال، أفلامًا وثائقية عن فريق لكرة القدم للنساء في الخرطوم وصالة رياضية للملاكمة في مخيم البقعة للاجئين في الأردن؛ وأخرى عن نساء مغربيات يناضلن من أجل حقهن في امتلاك الأرض وعن جهادي سابق يربّي ثلاث بنات بمفرده في تونس.

وفي الوقت ذاته، استكشفت الأفلام الروائية قضايا مثل الهجرة والإعاقة والحق في الرعاية الصحية والعنصرية والسجن. إذ يتألف فيلم مالستروم – غضب عارم من مئات الساعات من لقطات الهواة التي صورها السوريون. في حين مثّل مشروع “أردتُ أن أعيش” تصورًا سينمائيًا ونصب تذكاري لـ 35,597 من المهاجرين واللاجئين المعروف أنهم ماتوا في أوروبا أو على حدودها منذ العام 1993.

من الصعب مشاهدة بعض الأعمال، لكن الجو العام للمهرجان كان إيجابيًا، بل بهيجًا ومليئا بالتضامن والتشجيع.

يرتبط المهرجان بمبادرات أخرى مثل الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان، ويقوم بتنفيذ أنشطة توعية مختلفة. حيث أقيمت جولة لعرض مجموعة مختارة من الأفلام التي عُرضت في عمّان في عشر مدن أردنية هذا العام، وسيتم عرضها في العديد من جامعات البلاد.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى