نصائح ومصادر

طبيب لبناني: إيقاف هجرة العقول ممكن

ملاحظة المحرر: يأتي التقرير أدناه كجزء ضمن مجموعة من خمسة تقارير حول العقبات التي يواجهها الباحثون في الدول العربية. يمكن للقراء الوصول إلى جميع التقارير في هذه الصفحة.

على الرغم من رغبة الغالبية العظمى من الباحثين في البلدان العربية في الهجرة، إلا أن الجامعات والمعاهد البحثية العربية تمتلك فرصاً أخرى لهم، على حد قول أحد مسؤولي الأبحاث. إذ طور قسم الطب في الجامعة الأميركية في بيروت استراتيجية لجذب أعضاء هيئة التدريس اللبنانيين الذين يعيشون في الخارج للعودة إلى لبنان.

قال كمال بدر، أستاذ الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، “إذا ما خلقت الأجواء المناسبة، فسيعود الناس.”

شارك بدر في مبادرة تهدف إلى إقناع الأطباء والعلماء اللبنانيين الذين عاشوا في الخارج بالعودة إلى لبنان للعمل في الجامعة. ونشر النتائج التي توصل إليها في فصل في أحد الكتب، والذي يقول إن في الإمكان استخدامها كنقطة انطلاق للجامعات الأخرى أو حتى الحكومات التي ترغب في إعادة ذو الخبرات من الشتات.

قال “الأمر ممكن إذا كنت تريد القيام به حقًا. لكن لا أحد يقول بأن المسألة سهلة أو غير مكلفة.”

وجد استطلاع أجرته الفنار للإعلام أن 91 بالمئة من الباحثين الذين يعملون في الدول العربية يرغبون في الهجرة، مع تصدّر أوروبا أو أمريكا الشمالية لقائمة أكثر الأماكن المرغوبة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: استطلاع جديد: الهجرة حلم الباحثين العرب).

في محاولة لحث المغتربين في الشتات على العودة، يعتقد بدر أن الخطوة الأولى تتمثل في دراسة المشكلة. قال “أنت بحاجة إلى إجراء تحليل ومعرفة موقع أهدافك وما الذي سيحتاجون إليه للعودة”. قام بدر وزملاؤه باستطلاع آراء 286 من الأطباء اللبنانيين الذين تدربوا في لبنان ويعيشون في الولايات المتحدة، وطرح أسئلة حول استعدادهم للعودة والعمل في لبنان. وقد كان أكثر من 60 في المئة منفتحين على الفكرة.

يقول كمال بدر من الجامعة الأميركية في بيروت إن لبنان يمتلك ثروة من الموارد البشرية، لكن يحتاج إلى توظيفها  بشكل صحيح (الصورة: كمال بدر).
يقول كمال بدر من الجامعة الأميركية في بيروت إن لبنان يمتلك ثروة من الموارد البشرية، لكن يحتاج إلى توظيفها بشكل صحيح (الصورة: كمال بدر).

تبين أن جنسية الزوجة واحدة من أهم العوامل التي تدفع المهاجرين لعودة محتملة إلى الوطن – إذ كان الطبيب اللبناني المتزوج من لبنانية مولودة في لبنان أكثر احتمالية في أن يفكر في العودة والعمل في لبنان.

لا تستطيع الحكومات أو الجامعات فعل الكثير فيما يتعلق بجنسية الشريك. لكن بإمكانهم العمل على العامل التالي الأكثر أهمية – وهو تحسين البيئة التي قد يعود إليها الباحث، بحسب بدر. مثل العديد من المهنيين الآخرين، يريد الباحثون أن يشعروا بأنهم يطورون وضعهم في العالم أو على الأقل يظلون على ما هم عليه. إنهم لا يرغبون في خفض مستوى المؤسسة التي يعملون فيها.

قال بدر “يجب أن يكون هناك استثمار. . في النهاية يحتاج شخص ما لأن ينفق المال.”

قامت الجامعة الأميركية في بيروت بتطوير مركزها الطبي على مدار السنوات القليلة الماضية، كما وفرت المزيد من فرص العمل ليشغلها المغتربين في الشتات. ونتيجة لذلك، أعاد المركز أكثر من 200 طبيب لبناني. بما في ذلك رئيس الجامعة نفسه، فضلو خوري، وهو طبيب أورام.

ومن بين الأطباء الآخرين العائدين الدكتورة رنا شرارة شامي – وكانت قد غادرت لبنان مع زوجها، وهو طبيب أيضًا، إلى بوسطن عام 2000. قالت “كنت في هارفارد وزوجي في جامعة بوسطن. كانت لدينا وظائف رائعة وأجرينا أبحاثًا رائعة ولكننا مُرهقين ونشعر بالوحدة. كان السفر إلى الوطن مكلفاً للغاية.”

لذلك، عندما جاءت فرصة للعودة إلى لبنان، كانت وزوجها متحمسين لاستغلال الفرصة. على الرغم من أن ذلك كان يعني أن شرارة شامي اضطرت إلى تغيير تركيزها من العلوم الأساسية إلى أبحاث التعليم الطبي.

قالت “عدنا لأننا حصلنا على وظائف في الجامعة الأميركية في بيروت ولدينا عائلة هنا، وكذلك الطقس! كنا نتجمد في بوسطن.”

يقول بدر إن هذا دليل على وجود مغتربين لبنانيين يبحثون عن ذريعة للعودة إلى الوطن.

ويعتقد بأنه، وعلى مدار السنوات العشر الماضية في قسم الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، “قد خلقنا جوًا حيث يرغب المغتربون في العودة إليه.”

قال “إنه رقم مذهل بالنسبة لقسم واحد داخل مؤسسة. لكنه مجرد نموذج وهناك الكثير من الباحثين والخبراء اللبنانيين في جميع أنحاء العالم ممّن يتمتعون بالذكاء والتعليم. إذا ما تجمعت هذه القدرات في هذه الدولة معًا وتوقفت هجرة الأدمغة وتمّ عكسها، فقد تكون منجم ذهب للتكنولوجيا والابتكار.”

لا يمكن تحقيق هذه الأهداف بثمن بخس، فهي تتطلب جهدا منسقا من الأوساط الأكاديمية والحكومة وقطاع الأعمال للقيام بالاستثمارات في البنية التحتية، وخلق الوظائف ذات الأجر المرتفع لجذب الناس إلى العودة.

لكن لبنان مثقل بثالث أعلى ديون داخلية في العالم. إذ تعتبر العديد من الدول العربية الأخرى خارج دول مجلس التعاون الخليجي مثقلة بالأعباء، مما يعوق قدرتها على القيام بأنواع من الاستثمارات المؤسسية التي يدعو إليها بدر.

يدعو باحثون آخرون الحكومات إلى استثمار الأموال على البحوث والباحثين. قال عبد الحميد نشاد، الاقتصادي في المدرسة العليا للتجارة والتسيير في الدار البيضاء، والذي كتب سابقًا عن هجرة الأدمغة في المغرب وأسبابها،إنه يتوجّب على المغرب زيادة رواتب الباحثين وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية لهم. قال “سيبقى معظم الباحثين في المغرب، إنه بلد جميل للغاية. لا يريد الناس المغادرة بدون أسباب، إنهم مضطرون للبحث عن فرص أخرى فحسب.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى