يكتب المؤرخ العراقي مهيار كاظم عن فترة من تاريخ العراق في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. وبالتركيز على النمو السريع للمنظمات غير الحكومية في البلاد، يقول إنها قد تحوّلت إلى “منصات للمصالح السياسية” مستخدمة ذلك النوع من خطاب المجتمع المدني حول الاستقلالية الذي تحب الجهات المانحة الغربية سماعه.
وجد كاظم أن المنظمات غير الحكومية في العراق بعد عام 2003 انتشرت بشكل كبير في أعقاب الفوضى التي أعقبت الغزو والإطاحة بالدكتاتور صدام حسين وتدمير مؤسسات الدولة في البلاد والخطوات الأولى المتعثرة التي اتخذت نحو إعادة بناء البلاد.
في الوقت الراهن، يقول كاظم إن المنظمات غير الحكومية أصبحت جزءً لا يتجزأ من نسيج المجتمع العراقي. لقد نجوا، كما يقول، على الطريقة الداروينية في التكيّف باستمرار مع بيئتهم. يصف عمله، الذي ظهر بالفعل في بعض المقالات العلمية وسيظهر في نهاية المطاف في كتاب، باعتباره “إثنوغرافيا المؤسسات”.
فتح الأبواب
كاظم باحث في التاريخ في مرحلة ما بعد الدكتوراه في كلية لندن الجامعية والمنسق لشبكة نهرين، التي تدعم إجراء البحوث في العلوم الإنسانية في العراق.
يعتقد كاظم إن فتح أبواب البلاد أمام المنظمات غير الحكومية الأجنبية والمحلية كان من بين التدابير التي اتخذتها سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة، في محاولتها لتحويل العراق إلى نوع من الديمقراطية الليبرالية في أسرع وقت ممكن.
في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2003، أصدر بول بريمر، الدبلوماسي الأميركي الذي شغل منصب مدير السلطة والحاكم المدني للبلاد في الواقع، الأمر رقم 45، لإضفاء الطابع الرسمي على الدور الذي ستلعبه المنظمات غير الحكومية بصفتها بناة للمجتمع المدني في العراق.
في عهد صدام حسين، كان يتعين على أي نوع من المنظمات – الأندية الرياضية والنقابات العمالية والجمعيات النسائية – أن تكون مرتبطة بالدولة ولكونها فروع تابعة للدولة لم يكن في الإمكان اعتبارها منظمات مجتمع مدني.
استجابةً للأمر رقم 45، احتشد المتقدمون في قصر المؤتمرات ببغداد داخل المنطقة الخضراء، عاصمة سلطة الائتلاف المؤقتة في العاصمة العراقية، لتسجيل منظماتهم غير الحكومية.
في عام 2011، أفادت لجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق، ومقرها جنيف، أنه “بين عامي 2003 و2010، ارتفع عدد المنظمات غير الحكومية العراقية بشكل كبير وأن العدد يتراوح ما بين 8,000 إلى 12,000 منظمة.”